أكد الدكتور خالد حنفي، امين عام اتحاد الغرف العربية، أن التنويع الاقتصادي أصبح هدفًا استراتيجيًا ملحًا للدول العربية، نظرًا للتحديات المتزايدة التي تواجه اقتصاداتها المعتمدة بشكل كبير على قطاعات محدودة، وعلى رأسها النفط والموارد الطبيعية. 


وأضاف حنفي، خلال مشاركته في أعمال المؤتمر العلمي الثامن عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، تحت عنوان "مستقبل الاقتصادات العربية: المربكات المفروضة و الاصلاحات المنشودة"، والذي عقد في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد – جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، الرباط - المملكة المغربية، خلال الفترة 28 – 29 نوفمبر 2024، أن التغيرات في الأسواق العالمية وتقلبات أسعار الطاقة، إلى جانب تسارع التطورات التكنولوجية، تفرض على دول المنطقة إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية وتبني استراتيجيات طويلة الأمد تهدف إلى بناء اقتصادات متنوعة ومستدامة، قادرة على الصمود أمام الأزمات وتلبية تطلعات الأجيال الحالية والمستقبلية.

وشدد على أن تحقيق التنويع الاقتصادي يتطلب منظومة متكاملة من السياسات تتناول التنمية البشرية، والتكامل المالي، والتحول الطاقي بشكل مترابط، حيث لا يمكن تحقيق نتائج مستدامة في مجال دون تكامل مع الآخر.
ونوه الأمين العام إلى أن التنمية البشرية تعتبر من أهم مقومات التنويع الاقتصادي، حيث يمثل رأس المال البشري العنصر الحاسم في دعم الابتكار ورفع الإنتاجية وتطوير القطاعات الاقتصادية الجديدة. ولتحقيق ذلك، يتعين على الدول الاستثمار في التعليم النوعي والتدريب المهني الذي يواكب احتياجات السوق ويؤهل القوى العاملة للتعامل مع تطورات الاقتصاد العالمي. فالكوادر المدربة تمتلك القدرة على قيادة المشاريع الجديدة في مجالات متعددة، مثل التكنولوجيا والبحث العلمي وريادة الأعمال، مما يعزز دور الموارد البشرية كأحد المحركات الأساسية للتنويع الاقتصادي.
وأوضح أن القطاع المالي يمثل وسيلة حيوية لدفع عجلة التنويع الاقتصادي من خلال توفير التمويل اللازم للمشاريع التنموية والابتكارية. ومن هذا المنطلق فإن تطوير الأسواق المالية وتوفير بيئة استثمارية مستقرة يسهمان في تعزيز قدرة القطاع الخاص على النمو والاستثمار في القطاعات غير التقليدية. كما أن التكامل المالي، من خلال التعاون بين البنوك، أسواق المال، وصناديق التمويل، يعزز من استقرار النظام الاقتصادي ويخلق فرص تمويلية أوسع للشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تلعب دورًا هامًا في تنمية الاقتصادات المحلية وتوسيع قاعدة التنويع.
ورأى أن التحول في مجال الطاقة يشكل محورًا استراتيجيًا في تحقيق التنويع الاقتصادي واستدامته، حيث تسعى الدول العربية إلى تقليل اعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية وتوجيه استثماراتها نحو الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ويعتبر هذا التحول فرصة واعدة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتخفيض البصمة الكربونية في المنطقة، مما يعزز من قدرة الدول على جذب الاستثمارات الأجنبية والشركات متعددة الجنسيات المهتمة بالاستدامة البيئية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتحول الطاقي أن يسهم في خفض التكاليف التشغيلية وتوفير فرص عمل جديدة في قطاعات الطاقة النظيفة. 
ولفت إلى أهمية التكامل بين التنمية البشرية، والتكامل المالي، والتحول الطاقي كعناصر مترابطة تدعم بعضها البعض لتحقيق رؤية شاملة للتنويع الاقتصادي. فاستثمار الدول في رأس المال البشري يخلق قوى عاملة مؤهلة تقود عمليات الابتكار وتطوير المشاريع في مجال الطاقة المتجددة، والتي تحتاج بدورها إلى أسواق مالية مرنة ومستقرة توفر التمويل اللازم للمشاريع الكبيرة والصغيرة على حد سواء. في هذا السياق، تسعى هذه الجلسة إلى مناقشة الأبعاد المختلفة للتنويع الاقتصادي من خلال دراسات ونماذج واقعية، وتقديم توصيات حول السياسات والتدابير العملية التي يمكن للدول العربية تبنيها لتعزيز مسيرتها نحو اقتصاد أكثر تنوعًا ومرونة.
حيث تشير النتائج إلى أن التنمية المالية تدعم التنويع الاقتصادي ولكن بشكل غير خطي، حيث تبدأ الفوائد الكبيرة في الظهور بعد تجاوز مستويات معينة من النضج المالي. كما يُعزز الإنفاق الحكومي التأثير الإيجابي للتنمية المالية. وخلصت الدراسة إلى أن الإصلاحات المالية يجب أن تكون مستدامة وموجهة، خصوصاً في الدول ذات الأنظمة المالية الأقل تطوراً، لتعزيز التنويع على المدى الطويل.
ودعا إلى وجوب تقليل الاعتماد على النفط وبناء اقتصادات أكثر مرونة من خلال استراتيجيات تتضمن تحسين البنية التحتية المالية، وتشجيع الابتكار، وتوسيع الوصول إلى الخدمات المالية، مما يدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاعات غير النفطية.
ونوه إلى وجوب تحسين الوصول إلى الطاقة النظيفة، وتحفيز الأسر على الانتقال من الوقود التقليدي إلى الطاقة النظيفة، فضلا عن تعزيز الخدمات الصحية المتكاملة، وتعزيز الاستعداد لمواجهة الكوارث، إلى جانب التعاون الإقليمي وطلب الدعم الدولي.
وأكد أن الإصلاح التعليمي ضرورة تبني طرق تعليمية حديثة تعزز التفكير النقدي وتواكب احتياجات الاقتصاد المتنوع. كما أن تعزيز الحوكمة يساهم في تحسين مؤشرات الحوكمة والحد من الفساد، حيث ثبت أن الحوكمة الجيدة تزيد من فرص نجاح التنويع. في حين أن اعتماد سياسات تشجع على تنمية القطاعات غير النفطية مثل التكنولوجيا والسياحة والصناعات التحويلية، يؤدي إلى ضمان استدامة النمو الاقتصادي.

شارك في المؤتمر شخصيات اقتصادية ورسمية بارزة وفي مقدمهم المدير التنفيذي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد كريم العيناوي، الوزير المغربي المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية محمود محي الدين ، مدير عام المعهد العربي للتخطيط عبد الله فهد الشامي، الأمين العام للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، والمنسق العام للمؤتمر الدكتور أشرف العربي، الدكتورة جيهان صالح مستشارة رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتورة سارة الجزار المستشارة الاقتصادية في اتحاد الغرف العربية، الدكتور جود عبد الخالق وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق في جمهورية مصر العربية، الدكتورة نجلاء الاهواني وزير التعاون الدولي الأسبق في جمهورية مصر العربية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النفط مستقبل الاقتصادات للدول العربية والموارد الطبيعية المزيد المزيد التنویع الاقتصادی من خلال

إقرأ أيضاً:

دعم جديد للاستقرار الاقتصادي.. مصر تحصل على الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد

يشهد الاقتصاد المصري تطورات إيجابية في ظل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تدعمه المؤسسات المالية الدولية. 

وفي هذا السياق، وافق صندوق النقد الدولي، خلال اجتماعه التنفيذي يوم الإثنين، على صرف الشريحة الرابعة من القرض الممنوح لمصر، والتي تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار، وذلك في إطار برنامج التمويل المتفق عليه بين الجانبين لدعم الاستقرار الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية.

صرف الشريحة الرابعة

كشف أحمد كجوك، وزير المالية المصري، أن صندوق النقد الدولي وافق رسميًا على صرف الشريحة الرابعة من القرض، وهو ما يعزز جهود الحكومة المصرية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المخطط لها.

ويأتي هذا بعد إعلان الصندوق، قبل عدة أسابيع، عن التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع السلطات المصرية بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممتد، ما مهد الطريق لاعتمادها من المجلس التنفيذي.

وأكد مصدر حكومي رفيع المستوى أن مصر ستتسلم هذه الشريحة خلال الأيام القليلة المقبلة، ما سيساهم في دعم احتياطي النقد الأجنبي وتمويل المشروعات التنموية.

برنامج القرض وأداء الاقتصاد المصري

يدعم صندوق النقد الدولي برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري بقرض إجمالي قيمته 8 مليارات دولار، حصلت مصر منه حتى الآن على نحو ملياري دولار، ومن المتوقع أن تحقق الموازنة العامة لمصر فائضًا أوليًا بنسبة 4% خلال العام المالي 2025-2026، مع ارتفاعه إلى 5% في 2026-2027. ويُعرف الفائض الأولي بأنه الفرق بين الإيرادات والمصروفات العامة بعد استبعاد فوائد الديون.

ورغم التحديات الإقليمية التي أثرت على الاقتصاد المصري، بما في ذلك انخفاض عائدات قناة السويس، أكد صندوق النقد الدولي في بيان سابق أن الحكومة المصرية تواصل تنفيذ سياسات اقتصادية تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي. وأحد أبرز الإنجازات الاقتصادية هو نجاح مصر في استقطاب نحو 46 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2024، نتيجة لحزمة من الإصلاحات التي شملت:

•    توحيد سعر الصرف.

•    منح حوافز ضريبية.

•    التوسع في إصدار "الرخص الذهبية" لجذب المستثمرين.

أداء التجارة الخارجية واحتياطي النقد الأجنبي

تبلغ قيمة واردات مصر حوالي 7 مليارات دولار شهريًا، بإجمالي سنوي يتجاوز 70 مليار دولار. ويغطي احتياطي النقد الأجنبي الحالي ما يعادل 8 أشهر من الواردات السلعية، وهو مستوى يتجاوز المتوسط العالمي البالغ 3 أشهر، ما يعزز استقرار توفر السلع الأساسية والاستراتيجية في السوق المحلي.

وتُسهم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل. فارتفاع معدل النمو الاقتصادي من 4% إلى 7% يساهم في تحسين الإنتاجية وزيادة الإيرادات العامة، مما يسمح بتوجيه جزء كبير منها لدعم قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم.

 وقد تم بالفعل تخصيص نحو 1.5 تريليون جنيه لهذين القطاعين في الموازنة العامة الحالية.

وشهد الاقتصاد المصري تحسنًا في تدفقات الدولار خلال الأشهر الماضية، مدعومًا بالإصلاحات الاقتصادية، وعلى رأسها قرار 6 مارس الخاص بتوحيد سعر الصرف.

 وقد عزز هذا القرار من جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة تحويلات المصريين بالخارج، مما ساهم في استقرار سوق الصرف وتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري.

وتمثل الموافقة على صرف الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد الدولي خطوة إيجابية نحو تعزيز استقرار الاقتصاد المصري، خاصة في ظل الإصلاحات المستمرة التي تنفذها الحكومة. ومع استمرار تحسن تدفقات النقد الأجنبي وزيادة الاستثمارات، يبدو أن الاقتصاد المصري يسير في اتجاه أكثر استقرارًا، رغم التحديات الإقليمية والدولية التي قد تؤثر على الأسواق العالمية.

مقالات مشابهة

  • بقرار تاريخي من صالح سليم.. كيف أصبح سمير كمونة في الفئة الأولى؟
  • وكيل الاقتصاد في حوار لـ عمان: التنويع الاقتصادي ركيزة للاستدامة والازدهار .. وسياسات عُمان منفتحة ومرنة لتحفيز الاستثمار
  • مُحدِّدات التنويع الاقتصادي في دول الخليج .. عُمان نموذجًا
  • الهيئة الوطنية للاستثمار تعقد اجتماعاً تحضيرياً لمبادرة المدن الاقتصادية المتخصصة لخدمات الطاقة.
  • الاستثمار: المدن الاقتصادية ستخلق فرص العمل وتطور الصناعات الداعمة للطاقة
  • المشاط: قطاع الكهرباء والطاقة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية
  • دعم جديد للاستقرار الاقتصادي.. مصر تحصل على الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد
  • "أوكسفورد": عُمان وجهة جاذبة للمستثمرين الدوليين في قطاعات التنويع الاقتصادي والحياد الكربوني
  • "تقرير أوكسفورد": عُمان وجهة جاذبة للمستثمرين الدوليين في قطاعات التنويع الاقتصادي والحياد الكربوني
  • وزير المالية: نستهدف مخصصات لبرامج ومبادرات تحفيز القطاعات الاقتصادية خلال العام المقبل