الحرة:
2025-02-02@11:06:42 GMT

نقطة تحوّل.. ماذا تعني سيطرة فصائل المعارضة على حلب؟

تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT

نقطة تحوّل.. ماذا تعني سيطرة فصائل المعارضة على حلب؟

بدخولها إلى مدينة حلب، لا تغيّر فصائل المعارضة السورية المسلحة خرائط السيطرة على الأرض فحسب، بل تُحدث نقطة تحول ما قبلها لن يكون كما بعدها، على صعيد مشهد سوريا السياسي والعسكري والاقتصادي، كما يوضح خبراء وباحثون لموقع "الحرة".

وتمكنت هذه الفصائل حتى الآن من إتمام السيطرة على غالبية أحياء المدينة، التي خضعت بالكامل لسيطرة النظام السوري بعد عام 2017.

وجاء ذلك إثر هجوم مفاجئ أطلقت عليه الفصائل اسم "ردع العدوان".

ولا يعرف حتى الآن ما ستؤول إليه الأوضاع في المدينة خلال الأيام المقبلة، وما إذا كانت الفصائل المسلحة ستنجح بعملية تثبيت السيطرة وتأمين محيط نفوذها الجديد من الخارج، الذي يضم ثكنات عسكرية.

وبدا لافتا خلال الأيام الثلاثة الماضية، أن تقدم مسلحي هذه الفصائل إلى وسط حلب جاء بصورة متسارعة، فيما لم تسجل أية مقاومة فعلية من جانب قوات النظام والميليشيات الإيرانية التي كانت تنتشر هناك.

والسبت، أقر النظام السوري بدخول الفصائل المسلحة معظم أحياء حلب وسقوط عشرات القتلى من قواته، لكنه اعتبر أن انسحاب القوات هو "إعادة انتشار" تمهيدا لـ"هجوم مضاد" لاستعادة المدينة التي تعتبر ثاني أكبر المدن السورية، وطالما وُصفت بأنها العاصمة الاقتصادية لسوريا.

"نقطة تحوّل"

ما حدث في حلب "يُمثل انتصارا كبيرا لقوى المعارضة السورية على الأصعدة العسكرية والسياسية والمعنوية"، كما يعتبر مدير وحدة تحليل السياسات في مركز "حرمون" للدراسات المعاصرة، سمير العبد الله.

ويوضح في حديثه لموقع "الحرة"، أن استعادة السيطرة على مدينة كبيرة مثل حلب، تُعد "عاملا حاسما سيؤثر بشكل كبير على مجريات الأحداث في سوريا، خاصة في ظل تحرير المناطق بسهولة وسرعة، وانهيار قوات النظام السوري وهروبها".

وعلى الصعيد السياسي، تعيد سيطرة الفصائل على حلب "الزخم للقضية السورية، وتقوي موقف المعارضة والدول الداعمة لها في أي مفاوضات مقبلة، مما يعزز فرص تحقيق مكاسب سياسية"، حسب العبد الله.

أما على الصعيد العسكري، فيضيف الباحث أنه "لضمان احتفاظ الفصائل بمكاسبها، يتعين عليها السيطرة على المواقع الاستراتيجية المتبقية، مثل مطار حلب، ومطار كويرس، ومعامل الدفاع، التي قد يتحصن فيها النظام".

وفي حال لم تتم السيطرة على هذه المواقع، "فقد يعود النظام إلى استهداف الأحياء المدنية بالقصف العشوائي، كما فعل في السابق"، وفقا للعبد الله.

فصائل مسلحة تسيطر على "غالبية" حلب.. وغارات على المدينة لأول مرة منذ 2016 ارتفع عدد قتلى المعارك بين المجموعات المسلحة المعارضة وقوات النظام السوري إلى أكثر من 300 شخص، فيما شنت مقاتلات حربية لأول مرة منذ حوالي 8 سنوات غارات على مناطق في حلب التي توغلت المجموعات المسلحة على غالبية المدينة.

وتضم حلب أكبر كتلة سكانية تهجرت من سوريا، سواء نزحت أو لجأت خارج البلاد، كما يشير الباحث السوري في مركز "جسور للدراسات"، عبد الوهاب عاصي.

ومن شأن فرض الاستقرار في المدينة أن "يحفز الدول الأوروبية والأمم المتحدة للتعامل مع السلطة التي ستمسك بزمام أمورها، لدعم التعافي في أسرع وقت ممكن، ولإعادة اللاجئين مما يخفف الأزمة المرتبطة بهم"، وفق حديثه.

ويعتقد عاصي في تصريحات لموقع "الحرة"، أن "الأهمية الكبرى للسيطرة على حلب تكمن في تخفيف أزمة اللاجئين"، مشيرا إلى حجمها الكبير، وقدرتها على استيعاب السوريين من شتى المحافظات نظرا لكثرة الكتل السكنية المنتشرة فيها.

"سيطرة تغيّر الموازين"

ولا تزال الكثير من الضبابية تحيط بالأسباب التي تقف وراء سرعة انهيار قوات النظام السوري أمام فصائل المعارضة المسلحة. وتحيط الضبابية أيضا بالسلوك الروسي، الذي لم يتضح فعليا على الأرض حتى الآن.

النظام السوري يقر بدخول المعارضة المسلحة حلب ويتحدث عن "استعدادات لهجوم مضاد" أعلن جيش النظام السوري، السبت، مقتل العشرات من قواته إثر الهجوم الذي نفذته فصائل مسلحة معارضة في حلب وإدلب خلال الأيام الماضية، مضيفًا أن انسحابه من بعض المناطق يعد "إعادة انتشار" من أجل التجهيز لهجوم مضاد.

وكان النظام السوري قد أكمل سيطرته على حلب بعد عام 2017، ومنذ ذلك الحين أطلقت تركيا وروسيا وإيران مسار أستانة، الذي قسّم البلاد إلى "مناطق خفض تصعيد".

وإدلب وأجزاء من ريف حلب واللاذقية وضعت بين هذه المناطق الخاصة بـ"خفض التصعيد"، مع أن النظام وحلفاءه لم يتوقفوا عن قصفها بالأسلحة، مما أسفر عن مقتل مدنيين.

ويلفت الباحث السوري عاصي إلى أن "هذه المرة الأولى التي تسيطر فيها فصائل المعارضة على مدينة كبيرة وبشكل كامل بعد الرقة"، في إشارة إلى حلب.

ويوضح أن "النظام السوري فقد السيطرة لأول مرة على مدينة سورية اقتصادية"، معتبرا أن ما يجري "يغيّر خارطة السيطرة والموازين أيضا".

وتكمن أهمية حلب أولا كمدينة صناعية، إذ تضم مدنا كاملة وضخمة، بينها العرقوب، والكلاسة، والشيخ نجار.

ويرى عاصي أنه يمكن لهذه المنشآت أن "تشتغل وتستفيد منها كل مناطق سيطرة فصائل المعارضة في شمال سوريا".

هجوم حلب السورية.. ما الذي يعنيه بالنسبة لإيران؟ المناطق التي يستهدفها هجوم فصائل المعارضة في ريف مدينة حلب تعرف منذ سنوات بأنها ذات أهمية كبيرة بالنسبة لإيران عسكريا، وهو ما عكسته السنوات التي سبقت عام 2020 عندما زج "الحرس الثوري" بالكثير من الميليشيات هناك على الأرض أو على صعيد الحادثة التي أسفرت الخميس عن مقتل جنرال كبير يدعى كيومارس بورهاشمي.

علاوة على ذلك، ففي حال وسّعت الفصائل المسلحة سيطرتها في محيط المدينة خلال الأيام المقبلة، "سيكون بيدها مطار مدني وعسكري". وهذه الخطوة لو حصلت فإنها تُعتبر "استثنائية وذات أهمية كبيرة"، حسب قول عاصي.

ويشير الباحث السوري كذلك إلى أن سيناريو السيطرة على حلب كاملة والتثبيت فيها "سيعود على المعارضة بالكثير من المكاسب، وقد تتحول هذه المدينة إلى عاصمة سياسية واقتصادية لها في آن واحد".

هل من توقعات للمستقبل؟

منذ بدء اليوم الأول للهجوم على حلب وريفها، عرفّت الفصائل نفسها ضمن نطاق ما يعرف بـ"إدارة العمليات العسكرية".

وتشمل هذه "الإدارة" عدة فصائل، بينها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا)، وأخرى تتبع لـ"الجيش الوطني السوري" الذي تدعمه تركيا، فضلا عن تشكيلات تنشط عسكريا في شمال سوريا بشكل منفرد، كانت تنضوي سابقا في "الجيش السوري الحر".

ويعتقد العبد الله أنه لتحقيق النتائج الكاملة للسيطرة على حلب "فسيتعين على المعارضة مواصلة التقدم" والسيطرة على "جميع المواقع العسكرية وصولا إلى مدينة الطبقة، لضمان عدم قدرة النظام على استجماع قواه مجددا".

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الباحث أن "الانتصار يعد فرصة كبيرة لتركيا لتوسيع المنطقة الآمنة لتشمل محافظة حلب بأكملها، مما قد يتيح عودة أكثر من مليون لاجئ سوري إلى ديارهم، ويساهم في تحقيق استقرار أكبر على المستويين المحلي والإقليمي"، مؤكدا أن ما يجري في حلب بمثابة "نقطة تحول مهمة".

من جانبه، يشير عاصي إلى أن السيطرة على حلب "تؤهل فصائل المعارضة للتحول إلى جيش نظامي مع تشكيل وزارة دفاع حقيقية". ويربط هذا الأمر بالثكنات العسكرية الموجودة في محيطها والمنشآت، من كليات وأكاديميات كبيرة ومعسكرات تدريب.

وفي في حال سيطرت الفصائل على المطار العسكري وطردت ميليشيات إيران من معامل الدفاع الموجودة هناك، فسيكون بيدها "أهم منشآت عسكرية في سوريا"، حسب عاصي.

إجمالي القتلى و"مواقع السيطرة".. حصيلة 3 أيام من الاشتباكات في سوريا ارتفعت حصيلة القتلى من المعارك الدائرة في حلب بين قوات النظام السوري والفصائل المسلحة المعارضة، إلى 287 شخصا من بنيهم مدنيين، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ويوضح أن إيران "كانت قد ساهمت في إنشاء معامل الدفاع منذ سنوات، والتي تحتوي على مخازن أسلحة هائلة ومنشآت تصنيع كبيرة، ومراكز انطلاق لتوزيع الذخائر على جميع الثكنات المنتشرة في البلاد".

ولا يزال المشهد المتعلق بحلب حتى صباح السبت، يحكمه مشهد عسكري أكثر منه سياسي.

وكانت "حكومة الإنقاذ السورية" في إدلب، المتهمة بالارتباط بـ"تحرير الشام"، وجهت بيانا، الجمعة، للجانب الروسي، وكان لافتا فيه دعوتها لموسكو إلى عدم "ربط مصالحها بالنظام السوري".

وقالت في المقابل، إن "الشعب السوري يسعى لبناء علاقات إيجابية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع كل دول العالم، بما في ذلك روسيا التي نعتبرها شريكا محتملا في بناء مستقبل مشرق لسوريا الحرة".

وستفرض السيطرة على حلب على المعارضة السياسية الحقيقة أن تبدأ بالعمل على الصعيدين السياسي والحكومي داخلها، وفق الباحث في مركز "جسور للدراسات".

ويقول عاصي إنه "في حال رفضت المعارضة الخارجية تولي هذا العمل، فقد تكون هناك معارضة تنبثق من الداخل. وحلب ستفرض هذا السيناريو".

كما يشير إلى تصريحات سابقة لرئيس هيئة التفاوض السورية، بدر جاموس، في إحدى النقاشات، قال فيها إنهم وضعوا أعينهم على ضرورة أن تكون اجتماعات اللجنة الدستورية، في حال كانت هناك جدية ورغبة دولية لاستئنافها، داخل حلب وليس عمان أو بغداد أو جنيف.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قوات النظام السوری الفصائل المسلحة فصائل المعارضة خلال الأیام السیطرة على ت الفصائل على حلب فی حال فی حلب

إقرأ أيضاً:

كيف تعاملت مخابرات الأسد مع انهيار النظام السريع؟.. وثائق تكشف تفاصيل مثيرة

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن انهيار نظام بشار الأسد بسرعة على وقع ضربات فصائل المعارضة قبل هروب رئيسه المخلوع في النهاية إلى روسيا، مشيرة إلى أن ذلك ما نصت عليه وثائق رسمية تم تركها على عجل وأظهرت كيف كافح جهاز الاستخبارات الضخم للحكومة المنهارة لفهم ووقف التقدم السريع للمعارضة. 

وبحسب تقرير الصحيفة الذي ترجمته "عربي21"، فبعد أيام من هزيمة المعارضة السورية لجيش النظام في مدينة رئيسية في الشمال، وصل تقرير من خمس صفحات إلى مكتب ضباط الاستخبارات العسكرية في دمشق بتشخيص مثير للقلق. 

أُرغِمت القوات النخبة التي أُرسِلت لتعزيز دفاعات حلب على التراجع مع انسحاب جيش النظام "بطريقة مجنونة وعفوية". فر الجنود "بطريقة هستيرية"، تاركين وراءهم الأسلحة والمركبات العسكرية، وفقا لتقرير من ضابط كبير في الاستخبارات العسكرية في المدينة بتاريخ 2 كانون الأول/ ديسمبر. 

بحلول ذلك الوقت، كان مقاتلو المعارضة قد وضعوا بالفعل مدينة ثانية في مرمى بصرهم. ومع اكتسابهم المزيد من الأرض في الأيام التالية، تدفقت التقارير إلى المقر الخرساني المكون من ثمانية طوابق للفرع 215، وهو جزء مخيف من جهاز الأمن الضخم للدكتاتور السوري بشار الأسد، في وسط دمشق. وقد أوضحت التقارير سرعة واتجاه تقدم الثوار - والخطط والأوامر المحمومة على نحو متزايد بهدف إبطاء تقدمهم. 


الآلاف من وثائق الاستخبارات السرية للغاية - التي اكتشفها مراسلو صحيفة "وول ستريت جورنال" في المبنى في كانون الأول/ ديسمبر، توثق الانهيار السريع بشكل ملحوظ للنظام الاستبدادي الذي حكم سوريا بقبضة من حديد لعقود من الزمان. 

مع تقدم  المعارضة بسرعة عبر سوريا، قلل النظام، في تصريحاته العامة، من مدى تقدم الثوار وسعى إلى إظهار جو من الثقة. ومع ذلك، تميزت الاتصالات الداخلية بين القوات التي تحاول حماية النظام بقلق متزايد. 

وفي النهاية، تخلى ضباط ورجال الفرع 215 عن مواقعهم أيضا، تاركين وراءهم كومة من الملابس العسكرية والأسلحة والذخيرة إلى جانب زجاجات الويسكي الفارغة والسجائر المطفأة ورزم من التقارير الاستخباراتية، بعضها مُعلق في ملفات، وبعضها الآخر مكدس في أكوام. وعندما زارت الصحيفة مكاتب الفرع 215، وجدت فسيفساء من صور الرئيس بشار الأسد وقد تم اقتلاع عينيه وفمه. 

وقال ننار حواش، المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية: "لقد استمروا في العمل حتى اللحظة الأخيرة. إنهم الركيزة الأساسية للنظام السوري السابق". 

كان النجاح المفاجئ لهجوم المعارضة، والانهيار المذهل لجيش النظام، يمثلان فشلا استخباراتيا ملحميا في سوريا وخارجها. حتى تلك اللحظة، كان يُعتقد على نطاق واسع أن الأسد قد ساد بعد 13 عاما من الحرب. وبدعم من روسيا وإيران، استعادت القوات الحكومية السورية السيطرة على معظم أنحاء البلاد، مع حصر المعارضين إلى حد كبير في جيب في الشمال الغربي. 

ولكن هذا تغير في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما لاحظ قادة "هيئة تحرير الشام "أن إيران وحزب الله وغيرهما من الجهات التي تساعد في الدفاع عن الأسد تواجه انتكاسات، وأن روسيا كانت منشغلة بشكل متزايد بحربها في أوكرانيا. فشنت هيئة تحرير الشام هجوما مفاجئا، وتقدمت بسرعة نحو حلب.
 
ومع اقتراب المعارضة من المدينة في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، أرسلت إحدى المقرات تعميما إلى جميع فروع أجهزة الاستخبارات هناك برفع الجاهزية القتالية إلى 100%، وتعليق العطلات حتى إشعار آخر. وبعد يومين، كان المقاتلون قد دخلوا المدينة. 

ويبدأ التقرير الذي يوثق انهيار الجيش بملاحظة وصول طائرة نقل عسكرية من طراز إليوشن من دمشق وعلى متنها 250 فردا من الاستخبارات العسكرية، بما في ذلك أعضاء الفرع 215، مسلحين بقذائف صاروخية ورشاشات ثقيلة في محاولة أخيرة للسيطرة على المدينة. وفي غضون ساعات من الانتشار في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، تعرضوا لهجوم من مسيّرات. 


وقال العميد نيكولاس موسى، ضابط الاستخبارات الذي كتب التقرير، إن الجهود المتكررة لحشد وحدات الجيش باءت بالفشل حيث فر الجنود، تاركين الأسلحة والمركبات العسكرية. وأضاف أن نقص الدعم الجوي والغطاء المدفعي زاد من حالة الذعر. 

وأضاف التقرير "كان الجرحى ممددين على الأرض ولم يكن هناك من يعالجهم أو يجليهم". 

وفي لغة صريحة غير معتادة، لفت التقرير الانتباه إلى الفساد داخل جيش الأسد. وقال التقرير إن فشل القيادة العسكرية أدى إلى "تراخي" في الصفوف وانتهاكات أمنية. وأضاف أن معلومات بالغة الأهمية حول مواقع القوات تسربت أثناء الهجوم. وقال التقرير إن "الضباط والأفراد انشغلوا بالمخاوف المادية والملذات". ولجأ أفراد الجيش إلى "أساليب غير قانونية" لإصلاح المعدات وتأمين سبل عيشهم، مشيرين إلى نقص الموارد والاقتصاد المتدهور. 

وكان التشخيص يعكس ما لاحظه المحللون لسنوات. فمع تدمير الاقتصاد بسبب الحرب والعقوبات، قام الأسد أيضا بتسريح بعض الجنود، وخفض حصص المجندين، وأصبح يعتمد بشكل كبير على الميليشيات المحلية والمقاتلين الأجانب الذين حشدتهم إيران. كما أدى التضخم إلى تآكل قيمة رواتب الجنود النظاميين، وكان الفساد منتشرا. 

وأوضح سقوط حلب أن هجوم المعارضة يشكل تحديا خطيرا لقبضة الأسد على السلطة. 
وفي 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، تقدمت المعارضة من الشمال والجنوب والجنوب الشرقي، وسيطروا على حماة وحمص، وقطعوا المعاقل الساحلية، واستولوا في النهاية على دمشق. 

وحذر تقرير في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر: "لقد تلقينا معلومات عن اتصالات وتنسيق بين الجماعات الإرهابية في شمال سوريا وخلايا نائمة إرهابية في المنطقة الجنوبية ومحيط دمشق" ودعا إلى تشديد المراقبة والتدابير الأمنية. 

وأمر الفرع 215 بنشر وحدات الرد السريع المسلحة على أبواب العاصمة. 

وبعد الاستيلاء على حلب، شن الثوار هجوما على مدينة حماة، مما هدد بالهجوم التالي في سلسلة من المدن التي كانت في قلب استراتيجية الأسد للاحتفاظ بالسلطة حتى مع تنازله عن السيطرة على أجزاء أخرى من البلاد. 

ومع تقدم الثوار، اقترح أحد تقارير الاستخبارات أن يشن الجيش السوري هجوما مفاجئا على مؤخرة قوات هيئة تحرير الشام، ويضرب قاعدتهم القريبة في إدلب، مستغلا دفاعاتها المتفرقة. وقال التقرير إن العملية قد تزرع الفوضى وتخفف الضغط على القوات السورية حول حماة. 

ولا يبدو أن مثل هذا الإجراء قد تم اتخاذه، حسب الصحيفة.

وحذرت التقارير من أن مقاتلي المعارضة سوف يتنكرون في هيئة قوات النظام من خلال حمل صور الأسد ورفع العلم السوري. وحذر آخرون من أن الثوار يقومون بتجهيز سيارات الإسعاف بالمتفجرات. وحذر أحد التقارير في الرابع من كانون الأول/ ديسمبر من أن الألوية الحمراء النخبوية التابعة لهيئة تحرير الشام سوف تتسلل إلى حماة في تلك الليلة. 

واستولت المعارضة على المدينة في اليوم التالي. وكان الانتصار نقطة تحول، حيث لم يتبق سوى مركز سكاني رئيسي واحد، حمص، بين الثوار والعاصمة. وفي الوقت نفسه، انضمت مجموعات ثوار أخرى في جميع أنحاء البلاد إلى القتال، حيث دفعت مجموعات المعارضة من الجنوب شمالا نحو دمشق. 

ومع استمرار المعارضة في الضغط، ركزت أجهزة الاستخبارات بشكل متزايد على الأمن في العاصمة، حتى أنها ركزت على ما بدا وكأنه تفاصيل دقيقة. 

وأفاد أحد فروع الاستخبارات أن العديد من الأفراد انتقلوا مؤخرا من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال الغربي إلى إحدى ضواحي دمشق، محذرين من أنهم قد يكونون خلايا نائمة. ووفقا لتقرير آخر، أصدرت هيئة تحرير الشام تعليمات لعملاء في ريف دمشق بأن يكونوا على استعداد للتفعيل. 

وفي وسط المدينة، تم الإبلاغ عن "نشاط غير عادي" بين رجال ملتحين يرتدون سترات جلدية سوداء في شارع شعلان الراقي. وقد أشار عملاء كانوا يراقبون ساحة عامة إلى مجموعة من ماسحي الأحذية باعتبارها مشبوهة، فضلا عن امرأة غير مألوفة تبيع الخضراوات وكانت ترتدي مكياجا ثقيلا تحت حجابها وتتحدث بلهجة تشير إلى أنها من شرق سوريا. 

وأوصت المذكرة بـ "طلب لقطات كاميرات المراقبة من أصحاب المحلات التجارية لمراجعة أي حركة مشبوهة". 

وحاول البعض في النظام حشد القوات للدفاع عن العاصمة. وطلب أمر صدر في منتصف ليل الخامس من كانون الأول/ ديسمبر باسم الرئيس من وحدة مدرعة بالعودة إلى دمشق من دير الزور في الشرق. 
وقال عبد الرحمن الشوينخ، وهو ضابط منخفض الرتبة في الوحدة أمضى شهرين في الخدمة العسكرية الإلزامية، في مقابلة إنه أدرك أن الثوار لن يتوقفوا. وقال: "قررت الفرار". 

ومع اقتراب المعارضة، قدم المخبرون طوفانا من المعلومات الاستخباراتية حول أماكن تواجدهم المفترضة. وأشار أحدهم إلى مزرعة دجاج حيث كان هناك 20 "إرهابيا" ودبابتان. وقال مصدر آخر إن كهفا في ريف إدلب يستخدم كمقر لهيئة تحرير الشام. 

ليس من الواضح ما إذا كانت المعلومات دقيقة أو ما إذا كان قد تم التصرف بناء عليها. 

ارتفعت المخاوف من التدخل الأجنبي مع ضعف قبضة النظام. حذر فرع فلسطين التابع لأجهزة المخابرات، والذي اشتهر بين السوريين بتعذيب المعتقلين، من أن "الإرهابيين" بالقرب من حدود سوريا مع إسرائيل يعتزمون شن هجوم "بدعم من العدو الصهيوني". 

وأبلغ مصدر من المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة والمتمركزة بالقرب من الحدود الأردنية الاستخبارات السورية أن الولايات المتحدة أصدرت لهم تعليمات بالتقدم نحو ريف درعا الشرقي ومدينة تدمر التاريخية، وفقا لتقرير أرسل في 5 ديسمبر. 

كانت القوات التركية ترافق شاحنات محملة بالمعدات والأسلحة الثقيلة عبر الحدود إلى قاعدة المقاتلين المعارضين السوريين في إدلب، وفقا لمصدر يحمل الاسم الرمزي BD2-01. 

ومع تقدم المعارضة من الشمال، اقتربت مجموعات معارضة مسلحة أخرى من الجنوب. وذكر تقرير أرسل إلى غرفة العمليات أن مجموعات صغيرة تركب دراجات نارية سيطرت على نقاط تفتيش عسكرية، واستولت على مركبة قتالية للمشاة ومركبتين محملتين برشاشات ثقيلة. 

وقال التقرير في 6 كانون الأول/ ديسمبر: "الوضع في محافظة درعا مضطرب". 

وقال ضابط استخبارات متمركز في درعا للصحيفة إن هناك حالة من الفوضى المتزايدة مع تدفق التقارير حول مكاسب الثوار. وقال إنه حتى قبل الهجوم، كانت سيطرة النظام على الجنوب هشة. كانت نقاط التفتيش والمنافذ العسكرية لا تزيد عن كونها بيانا رمزيا لوجود النظام ــ ومصدرا للدخل للأفراد الذين يمكنهم انتزاع الرشاوى لتكملة رواتبهم الضئيلة. 


كان معظم زملائه من معقل الموالين للنظام على طول الساحل السوري، وبدأوا في المغادرة قبل أيام من سقوط دمشق. وقال الضابط الذي بقي حتى اليوم السابق لهروب الأسد إلى موسكو: "كانوا جميعا يفكرون في بلداتهم ــ وليس هنا". 

على الأرض، استمر جيش النظام في الانهيار. وقال الضابط أحمد الرواشدة، الذي كانت وحدته تدير محطة تشويش روسية الصنع على خط المواجهة بالقرب من حمص: "كان الجميع يريدون الفرار ــ حتى الضباط". وبعد ست سنوات من الخدمة الإلزامية، قال إنه لم يكن مهتما كثيرا بإطاعة الأوامر بالقتال. 
وانتظر العسكري البالغ من العمر 37 عاما غروب الشمس ثم خلع زيه العسكري وبندقيته وانضم إلى مجموعة من الجنود الآخرين الذين ذهبوا للاختباء في قرية قريبة حتى انتهاء القتال. 

قبل أيام قليلة من سقوط دمشق في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، صدرت أوامر بنقل القوات والمعدات لمواصلة القتال. وكان من المقرر أن تَنقل فرقة الدبابات الثالثة 400 بندقية آلية و800 مخزن ذخيرة و24 ألف رصاصة إلى كتيبة في منطقة طرطوس على الساحل، موطن قاعدة بحرية روسية رئيسية ومعقل للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد.

وكان من المقرر أن تغادر التعزيزات لقاعدة الفرقة الرابعة عشرة للقوات الخاصة غربي دمشق في منتصف نهار السابع من كانون الأول/ ديسمبر. 

وعشية انهيار النظام، تناول تقرير مع إشارة إلى مصدره، ولكن تم التستر عليه، النهج المتوقع للمتمردين تجاه دمشق، وتوقع أن يصلوا إلى الضواحي في غضون يومين ويستولوا على سجن صيدنايا، حيث تم سجن وتعذيب المعارضين السياسيين. كان التوقيت خاطئا، لكن التنبؤ الأخير أثبت صحته. اقتحمت قوات الثوار السجن وأطلقت سراح المعتقلين بعد ساعات من فرار الأسد من البلاد. 
وانتهت الوثيقة بتوقيع استخدمه ضباط الاستخبارات في رسائلهم الأخيرة، وهو ما أظهر تصميمهم على إبقاء النظام قائما: "للإطلاع والقيام باللازم". 

مقالات مشابهة

  • مفوضية الانتخابات:الأحزاب التي لها فصائل جهادية لها الحق المشاركة في الانتخابات
  • ماذا تعني دلالات استعداد روسيا لإعادة إعمار سوريا؟
  • حساب المواطن.. ماذا تعني حالة الدفعة "مرفوضة"؟
  • الفصائل تبقي موقفها رماديا: سنعلن عن قراراتنا قريبا لا تلتفتوا لتكهنات التقارير الإعلامية
  • الفصائل تبقي موقفها رماديا: سنعلن عن قراراتنا قريبا لا تلتفتوا لتكهنات التقارير الإعلامية - عاجل
  • التلدين بالهيدروجين تسجل رقما قياسيا جديدا.. ماذا تعني هذه التقنية؟
  • فصائل تعيد النظر بـانسحاب القوات الأمريكية.. كيف ستتعامل الحكومة مع هذه المتغيرات؟
  • فصائل تعيد النظر بـانسحاب القوات الأمريكية.. كيف ستتعامل الحكومة مع هذه المتغيرات؟ - عاجل
  • كيف تعاملت مخابرات الأسد مع انهيار النظام السريع؟.. وثائق تكشف تفاصيل مثيرة
  • بالأسماء.. الفصائل المسلحة التي «حلّت نفسها» وشاركت بـ«مؤتمر النصر» في سوريا