ناقد فني: كامل الشناوي علامة مميزة في الشعر.. وكان يمتلك طاقة إنسانية
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
قال طارق الشناوي، الناقد الفني، إن الكاتب الكبير كامل الشناوي، علامة مميزة في الشعر، وكان يمتلك طاقة إنسانية كبيرة فاضت على جميع الأدباء، مؤكدا أنه كان رمزا في الثقافة الأدبية، وأحد أهم كُتاب القرن 21، ولم يكتب الشعر ليغنى لكن بعض كتاباته كانت يشعر بها البعض بالتأثير.
الأجواء الدينية والقانونية والشريعةوأوضح «الشناوي» خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «صباح الخير يامصر»، المذاع عبر القناة الأولى المصرية، أنه «في مطلع العشرينات بدأ كامل الشناوي يستشعر تلك الأجواء الأدبية، خاصة أنه كان من أسرة دينية، ووالده كان رئيس المحكمة الشرعية».
وتابع: «وسط الأجواء الدينية والقانونية والشريعة، كان الشناوي يهوى قراءة الكتب، وتتفتح موهبة الشعر لديه، والمناخ والحالة ووجود طه حسين وأحمد شوقي، جعلت مواهبه تتفتح على كل الأصعدة».
«الشناوي» كان لديه جزء من الكتابة الساخرةوأشار الناقد الفني، إلى أن «الشناوي» كان لديه جزء من الكتابة الساخرة، وكان يتميز بانتقاد الحالة الساخرة من رحم المواقف، منوها إلى أن بعض كتابات تلاميذه كانت غير صحيحة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: طارق الشناوي الناقد الفني كامل الشناوي
إقرأ أيضاً:
في مجموعتها القصصية أمهليني صيفا آخر للفلسطينية شيخة حليوي: فن الكتابة
قصص من نوع خاص مثيرة فكريا ونفسيا، تدفع القارئ نحو التفكير، فتراه يعيد قراءة أكثر القصص، خصوصا نهايات جزء منها؛ حين ينتابه أنه لربما كان قاصرا عن فهم مضمونها، فيكتشف أن ثمة قصدية واضحة في عدم حسم النهاية، وتركها لمنطلقات القارئ. وما يثير الاهتمام هنا أن روافع المضامين عالية المستوى من لغة وتقنية كتابة، متقنة الأسلوب، ومسيطرة على المضمون بدلالاته الملتبسة أحيانا.
من كان يبحث عن تيمة، فالكاتبة امرأة، جعلت النساء شخصياتها، منطلقة من خبراتها الإنسانية، فامتلكت مصداقية بعيدا عن التكلف، وعبرت عن تمكن النساء؛ فصورت النساء الممكنات لأنفسهن، بما اكتسبن من جلد ذاتي وموضوعي معا، حين جاء ذلك من البيئة الاجتماعية.
وتيمة المرأة وأدوارها الجندرية هنا، جاء من كونها إنسانة، أكثر من كون ذلك مصطنعا ومتكلفا، وهو كشف لما هو موجود في حياتنا العربية، حتى في البيئة الريفية لا الحضرية، حيث نكتشف أن الصورة النمطية عن النساء ليست مطلقة، هذا من جانب، وأن المرأة اكتسبت عوامل القوة من عصرها، من جانب آخر. وهنا يمكن لمن أراد الجدل في الموضوع أن يستكشف النص من هذا المنطلق، ليحكم على اتجاهات أدوار النساء.
بتفحص القصص بعد الانتهاء، فإن 9 من أصل 12، كانت المرأة هي بطلة القصص، وهي ليست بطلة، من حيث كونها شخصية رئيسية فقط، بل من كونها ذات ظهور خاص. وتفوق هذا الحضور من حيث الندية، والاكتشاف لنقسها ولنفسه. أما الأربع الأخرى، فاثنتان منها عن المشاعر الوطنية من خلال قصة رمزية وواقعية، والتحولات السياسية، والثالثة، فهي قصة عن الأمل الإنساني، والرابعة عن شعور الوحدة.
لقد تجلت الندية، (بمعنى المرأة إنسانة، لا مجرد أنثى فقط) في عدة قصص؛ أبرزها قصة "كش بنت"، التي يكون لها دور اجتماعي، تجلى من خلال رمزية وجودها مكان الشاغر في لعبة "ورق الشدة"، بحيث يهرب منها زوجها ليلة الدخلة، خشية منها، كونها تستطيع ملء مكان الرجال في اللعبة، هكذا برر هربه، كأنه يخاف ممارسة صبحة لدورها العادي والطبيعيّ.
أما في قصة "للكلاب ذاكرة جيدة" لا تستسلم الزوجة لقدرها، بعد أن زهد بها زوجه بعد إنجابها، وها هي حماتها تصارحها: "لقد أنجب وريثه أي حاجة له عندك؟" ثم لتكشف الزوجة أن شخصيته مسلوبة، حيث بالغت في ذلك بجرأة حين صورت أمه تخرج "القمل من شعر عانته والقمل لا ينتهي يتكاثر هناك".
في قصة "لا يعرف أن اليقين توأمه"؛ هو وهي، بسطوة هو، لكن بصمود هي وتعاملها النديّ. صورت الكاتبة تسارع امتلاكها لشخصيتها، التي تجعلها تساءل زوجها كما يسائلها.
أما في "شيء بهذا الحجم"، جرأة السيدة حِسن، ومفارقة "شيؤه بهذا الحجم"، وعجز صاحب هذا الشيء (الذكر)، بعد ثلاث زيجات فاشلة، يتزوج امرأة شقراء معها ثلاثة أطفال. هنا تقوم المرأة بتزويج الابن، لنكتشف عجزه، وارتباطه فيما بعد بامرأة شقراء معها ثلاثة أطفال.
وفي "فإنما اللذات في الدهر لقط"، فإن الكاتبة تعبر عن رغبة الأرملة، التي تصير أقوى حين تتصالح مع حاجتها.
ويبرز التعبير عن الرغبة أيضا في "جارات الهناء"؛ فسارة العاملة في دار مسنين، تخبئ حقيبة اشترتها عند رقية جارتها خشية لوم زوجها. تكتشف رقية أن الحقيبة المنتفخة بورق جرايد ومجلات، تحوي صورا جنسية، توقظ رغبتها، خصوصا مع زوجها شبه العاجز، الذي يبدو تدب به الحياة، وحتى يظل بهذه الحيوية تترك له بعض الصور تحت المخدة. ثم ليأتي الدور على صاحبة الحقيبة حين تأخذها، فيدبّ بها ما دبّ في الجارات الست اللواتي تبادلن الحقيبة، مكررة الكاتبة عبارة وصف شعار محل الملابس الذي اقتنت منه الحقيبة: "طفل شبه عار بجناحي ملاك وسهم يصوبه نحو المارة"، لما للإيراد العبارة وتكرارها من أثر في تصوير الإغراء.
أما اكتشافات النساء، لأنفسهن وللآخرين، ومن الرجل، فقد تجلى ذلك في نصين، الأول قصة "الحياة خارج نفسه"، حيث تكتشف الزوجة، حين تختفي ملابسها وترجع مرة أخرى، بأن زوجها يتخفى في زي امرأة في ملهى، يكون دوره تمثيل دور من تغني وهي ترتدي ملابس إغراء، حيث تتقبل الزوجة عمل زوجها، بل وتشجعه حين تلتقي به.
أما اكتشاف الرجال للنساء، فكان في قصة "حين ينجلي الغبار"، الذي صور صالون فادية للتجميل. يقوم الزوج بتخمين شخصيات النساء بعد التجميل، على ضوء ما عرفهن قبل ذلك. حين استضافت فادية مجموعة من السيدات العاملات في مجال التجميل، يقوم الزوج بتصويرهن وبعث الصور لزوجته، ولا يبقي إلا صورة واحدة يتأملها مع شعور بالذنب، كمن خان الزوجة. وتكون المفارقة حين يكتشف أن تلك الأربعينية الجميلة زوجته. "تعرف عليهن جميعا الا امرأة في الأربعين من عمرها التقط لها صورا أكثر من غيرها..ترن زوجته فتظهر صورة زوجته، "الصورة التي كان يتأملها خلسة وفوقها اسم المتصل كما يحتفظ به "زوجتي الحبيبة".
خارج تيمة المرأة وداخلها
الحق أن قصة للموت تغدو الوالدات سخالها"، قامت على شخصية المرأة، لكننا فصلناها شكليا، بسبب كون القصة ذات مضمون وطني، خلال القصة الرمزية والواقعية. هي قصة المرأة التي لا تتزوج خشية سطو الزوج على ميراثها، لكنها تضطر لذلك، من أجل ضمان تخصيب عنزاتها من خلال اختلاطهن بعنزات الزوج، لكن ذلك لا يتم ل "ثنية السعد". "ظلت تتزوج في موسم الشيق وتتطلق في موسم العفة"، ولم تيأس حتى بعدما صارت ثمانينية، من خلال حمل عنزتها الأخيرة للبحث لها عن تيس، لتلقي بقنبلتها ضد الذكور (رجال العرب): "عنزتي ما زال فيها الخير ولكن ما العمل إذا كان ذكوركم تيوسا". إنه نقد حاد يستحق التيوس!
أما في "فجوة لا تطاق" التي تجلت فيها التحولات سياسية، فلا نعرف منطلق الكاتبة في اختيار ذلك، وهي التي تعيش في فلسطين المحتلة عام 1948، تحت حكم كولنيالي ديمقراطي غربي. بيد أنها نجحت في التعبير عن هذا المضمون. تناولت تحولا اجتماعيا في الزهد بوظيفة المعلم للعمل كنحات يعمل منحوتات للقادة يزينون بها قصورهم، وتحولا سياسية مع قيام انقلاب سياسي طوح بالنخبة، لكن المفارقة في عودة تلك النخبة، وبالتالي الإفراج عن الفنان، الذي أصبح فنان الشعب.
ونختتم بقصتين الأولى "سوف تغزو العالم"، التي تصور فردة صندل ذات لمعة تثير الجار كلما نظر الى البيت المجاور، يكون مصيرها الطيران بعد تعليق البالونات بها. لعلها قصة الأمل الإنساني. "في الليالي التالية كنت أنظر الى السماء من المربعات الخشبية أبحث عن لمعة فضية".
أما في قصة "يأتي قبل أوانه دائما"، التي انتهت بعبارة "امهلني صيفا آخر"، عنوان المجموعة القصصية، للكاتبة شيخة حليوي، فقد أبدعت في التعبير عن الشعور بالوحدة والزمن.
وأخيرا فقد ظهر المجتمع الكولينيالي لمحا، كالإشارة الى المستوطنة في قصة "شيء بهذا الحجم"، وقصة "كش بنت"، في نقد تصرفات صاحب العمل زيف اليهودي. فثمة علاقة ربما بين الاسم والدلالة.
في الشكل الفني:
كانت لغة المجموعة من روافع النصوص، بما اختارته الكاتبة من لغة منسابة متدفقة، مبتكرة أحيانا كما في "الأصوات المزعجة تمر عبر حلقها"، تخلصت فيها من الثقل الجمالي، حيث استعاضت عن ذلك ببلاغة الموقف، حين لم تحسم ما التبس من دلالات ومقاصد خاصة في خواتم القصص، التي أعادتنا الرمزية السحرية الى القراءة من جديد. مثل خاتمة القصة بانتقاد الطفلة ابنة ال 14 عاما لأحلام أبويها، والطلب منهما بالاحتشام بالأحلام. ولنا مثلا يمكن تأويل التجسس على الأحلام في قصة "لا يعرف أن اليقين توأمه"، بالتجسس على السوشيال ميديا. أما في قصة "شيء بهذا الحجم"، ثمة منحى رمزي في تقييد حِسن ذراعيها خلف ظهرها، وكيف أن "يد تتأبط الكنة ويد مشنوقة بشال مطرزة الى عنقها"، في إشارة أنها ربما أصبحت بدون دور في ظل عجز الابن.
أما عنصر التشويق فظهر بشكل خاص في قصتي "الحياة خارج نفسه"، و"حين ينجلي الغبار". وهذا يدل على تمكن الكاتبة من السرد والتشويق، والذي يمكن أن نقول إنه ظهر بشكل متفاوت حسب مضامين ما تم سرده.
وفي مجال "نفس الكاتبة السرديّ"، فقد دلتنا قصة "فإنما اللذات في الدهر لقط"، على الإمكانيات الأدبية لدى الكاتبة في كتابة الروايات.
تميزت الكاتبة بعناوين القصص من خلال جمل خبرية، تمنح أفكارا ومشاعر، وهي تدفع القارئ للتفكير بها، لما لها من أثر تشويقيّ.
صدر للكاتبة "سيدات العتمة" 2015. و"خارج الفصول تعلمت الطيران" 2016 و"النوافذ كتب الرديئة" 2016
و"الطلبية C342" 2018.
*صدرت عن دار أثر للنشر والتوزيع، الدمام-المملكة العربية السعودية، ووقعت في 64 صفحة.