أعلن جيش النظام السوري، السبت، مقتل العشرات من قواته إثر الهجوم الذي نفذته فصائل مسلحة معارضة في حلب وإدلب خلال الأيام الماضية، مضيفًا أن انسحابه من بعض المناطق يعد "إعادة انتشار" من أجل التجهيز لـ"هجوم مضاد".

وقال في بيان، إن "الأعداد الكبيرة للإرهابيين وتعدد جبهات الاشتباك دفعت بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع بغية امتصاص الهجوم، والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود، والتحضير لهجوم مضاد"، مشيرا إلى أن هذا التحرك "إجراء مؤقت" قبل مواصلة استعادة السيطرة على حلب وريفها.

كما اعترف البيان بدخول الفصائل المسلحة "أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب"، لكنه أشار إلى أنها "لم تتمكن من تثبيت نقاط تمركز لها بفعل استمرار توجيه قواتنا المسلحة لضربات مركزة وقوية".

خريطة انتشار "الفصائل" ومساعي "تثبيت السيطرة".. التطورات على الأرض في حلب السورية مع الانتشار السريع لفصائل من المعارضة السورية المسلحة في "غالبية" حلب، كشف مصدران لـ"الحرة" آخر التطورات التي تجري في المدينة الاستراتيجية، السبت، وأوضحا أن "الواقع على الأرض يذهب الآن باتجاه تثبيت السيطرة" من قبل تلك الفصائل.

وكان مصدران قد كشفا لـ"الحرة"، بوقت سابق السبت، أن "الواقع على الأرض يذهب الآن باتجاه تثبيت السيطرة" من قبل تلك الفصائل.

وقال صحفيان يتواجدان في حلب، لموقع "الحرة"، إن فصائل المعارضة المسلحة "دخلت غالبية أحياء مدينة حلب خلال الساعات الماضية ولا تزال فيها"، وإن "الواقع على الأرض يذهب الآن باتجاه سعي هذه الجهات لتثبيت السيطرة وتأمين الإنجاز العسكري الذي حققته بسرعة".

وأوضح الصحفي السوري عدنان الإمام، أن "الفصائل سيطرت منذ ليلة الأمس على أكثر من 3 أرباع أحياء المدينة، وبينها ضاحية الأسد وحلب الجديدة والفرقان وصلاح الدين وسيف الدولة والأعظمية والجميلية".

فصائل مسلحة تسيطر على "غالبية" حلب.. وغارات على المدينة لأول مرة منذ 2016 ارتفع عدد قتلى المعارك بين المجموعات المسلحة المعارضة وقوات النظام السوري إلى أكثر من 300 شخص، فيما شنت مقاتلات حربية لأول مرة منذ حوالي 8 سنوات غارات على مناطق في حلب التي توغلت المجموعات المسلحة على غالبية المدينة.

وقال الإمام، وهو الذي يتواجد هناك، إن مسلحي الفصائل "ينتشرون الآن في ساحة سعد الله الجابري وأمام المقار الحكومية التابعة للنظام السوري، بينها قيادة الشرطة ومبنى محافظة حلب وجامعتها".

ولم يتبق أي تواجد لقوات النظام السوري داخل أحياء المدينة، حسب الصحفي السوري.

تزيين قلعة حلب بعلم البلاد
يليق بك الأخضر pic.twitter.com/gNeoTkzxrA

— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) November 30, 2024

وأظهرت مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي إسقاط المسلحين المعارضين لتماثيل لرموز النظام السوري، بجانب رفع علم "الثورة السورية" على قلعة حلب التاريخية بعد السيطرة عليها.

دوار الحرية والتحرير في حلب والأسد إلى زوال
إسقاط تماثيل الأسد ورموزه في حلب#ردع_العدوان_تنتصر pic.twitter.com/kxvVNxmmCT

— شبكة شام الإخبارية (@ShaamNetwork) November 30, 2024

يذكر أن هوية الفصائل المشاركة في الهجوم على حلب وريفها، الخاضع لسيطرة النظام السوري وميليشيات تابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني، تسير في إطارين.

الأول تتصدره "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، فيما يشمل الثاني فصائل مدعومة من تركيا، وجماعات أخرى تنشط عسكرياً في شمال غرب سوريا منذ سنوات، بشكل منفرد.

وتقول هذه الفصائل إن هجومها يهدف إلى "إبعاد خطر قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، وتأمين المناطق التي تسيطر عليها".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: النظام السوری تثبیت السیطرة على الأرض فی حلب

إقرأ أيضاً:

مجازر الساحل السوري.. إبادة طائفية

 

 

د. هيثم مزاحم **

 

سقط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024، وتسلّم أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) السلطة الانتقالية في سوريا منذ ثلاثة أشهر، وشكّل حكومة من نواة حكومته الجهادية في إدلب مع بعض التطعيمات من هيئة تحرير الشام والفصائل الجهادية، وجَمَعَ معظم قادة الفصائل العسكرية ليعينوه رئيسًا انتقاليًا للبلاد، مُصرِّحًا بأن الفترة الانتقالية ستدوم 4 سنوات، مُكرِّسًا حكمه خلال هذه الفترة من دون أي منافس ودون أي انتخابات أو استفتاء شعبي.

كما قام بحل مجلس الشعب والجيش وأجهزة الأمن وقام بتسريح مئات آلاف الضباط والجنود والعسكريين، وبدأ بتشكيل جيش جديد وأجهزة أمنية جديدة من أنصاره والفصائل المسلحة ومعظمها جهادية، بعدما طالب هذه الفصائل بالاندماج في الجيش، وهو ما رفضه عدد كبير منها وخاصة الجيش الوطني الموالي لتركيا، وقوات أحمد العودة في درعا، وقوات سوريا الديمقراطية الكردية في شمال شرق سوريا، والقوات الدرزية في السويداء.

وعلى الرغم من حلاوة لسان الشرع وكلامه عن التسامح والتنوع في سوريا وقيام دولة مؤسسات وقانون وتطبيق العدالة والمساواة وعدم الانتقام من أنصار النظام السابق وموظفي الدولة، ودعوته إلى مؤتمر حوار وطني، إلّا أن سلوك حكومته وقواته وأنصاره كانت تختلف جذريًا عن التصريحات الصحافية والخطب الرنانة الموجهة إلى الدول الغربية والعربية لنيل اعترافها بالنظام الجديد ورفع العقوبات عن سوريا.

فقد تم تسريح مئات آلاف من الموظفين معظمهم من العلويين والعلويات من دون تعويضات فأصبحوا بلا رواتب ولا وظائف، في ظل وضع اقتصادي سيء جدًا نتيجة تداعيات الحرب والعقوبات الأمريكية والغربية والأممية التي فُرضت على النظام البائد.

وتعرض الكثير من رجال ونساء العلويين خلال الأشهر الثلاثة الماضية لاعتداءات يومية من اعتقالات تعسفية وخطف وتصفيات وتعذيب وإهانات وإجبارهم على النباح وشتم ديانتهم، وطرد البعض من منازلهم وقراهم واحتلالها من قبل سكان موالين للسلطة فقط لأسباب طائفية. وكانت السلطة الجديدة تتنصل من مسؤوليتها وتقول إنها أحداث فردية من دون أن تقوم بوقفها ومحاسبة أحد من المسؤولين عنها.

وجاءت الدعوة لمؤتمر الحوار الوطني ولم يُمثَّل العلويون فيه، كما تم تجاهل تمثيل المكوّنات السورية في الحكومة أو التعيينات الحكومية، بحيث غلب تعيين أعضاء هيئة تحرير الشام وحلفائها في المناصب المهمة، وتوظيف القادمين من محافظة إدلب بشكل خاص والسنة الإسلاميين بشكل عام في أجهزة الأمن والشرطة والجيش.

اعترض الكثير من الفصائل المعارضة على التهميش في التعيينات الحكومية والإدارية، وشعرت الأقليات- كالأكراد والدروز وحتى ثوار درعا الذين كانوا أول من دخل دمشق بعد هروب الأسد- بخطورة هذا التوجّه الإقصائي؛ فرفضوا الاندماج في جيش الشرع وتسليم أسلحتهم ومناطقهم، فيما سلّم معظم العلويين أسلحتهم ومناطقهم منذ الأيام الأولى لسقوط النظام، في محاولة لتجنّب الصدام مع النظام الجديد واعترافًا به ورغبة بمصالحة وطنية تحفظ الوطن والشعب والطائفة.

وقد صبر العلويون على هذه الاعتداءات اليومية من عمليات الخطف والتصفيات والاعتقالات والإهانات والسرقات لرجالهم وشيوخهم ونسائهم لمدة ثلاثة أشهر، وكان مجلسهم الديني وشيوخهم ووجهاؤهم يوجهون رسائل ودعوات إلى الشرع والحكومة ومسؤولي الأمن العام والشرطة والمحافظين الجدد لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة، من دون أية استجابة سوى بالكلام الإعلامي المعسول عن أن النظام الجديد لن ينتقم من العلويين وأنه سيفرض حكم القانون وسيحاسب فقط المجرمين من مسؤولي النظام السابق أمام القضاء. ولم يعد أحد يصدق مقولة أنها تجاوزات فردية وعمليات ثأر شخصية ومذهبية ينفذها ضحايا النظام السابق.

وهكذا خرجت مجموعة من الضباط والجنود العلوييين السابقين، الذين يطلق عليهم نظام الشرع وصف "فلول النظام"، وشكلوا ما أسموه "المجلس العسكري لتحرير سوريا"، بقيادة عميد سابق في الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس السابق. وبدأت هذه المجموعات بتنفيذ كمائن ضد قوات الأمن العام ووزارة الدفاع وهيئة تحرير الشام وسيطرت على عدد من المناطق والقرى في محافظات الساحل ذات الأغلبية العلوية، وأسفرت هذه الكمائن والاشتباكات عن مقتل نحو 200 من قوات الشرع.

سارعت حكومة الشرع والإعلام الموالي لها وبعض القنوات الداعمة له، مرة إلى اتهام إيران وحزب الله بتمويل هذه المجموعات وتحريضها على الانقلاب ضد حكم الشرع، ومرة باتهام الروس بالتآمر مع المتمردين العلويين واستقبال بعضهم بعد فرارهم في قاعدة حميميم الروسية قرب اللاذقية، ومرة ثالثة باتهام قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بتأمين إمداد لوجستي لهذا التمرد العسكري.

وإنْ كُنا لا نملك معطيات لتأكيد أو نفي هذه الاتهامات، لكن بعضها غير منطقي، خاصة أن روسيا قد تخلت عن نظام الأسد عندما كان يسيطر وجيشه على معظم سوريا، فلماذا ستدعم مجموعات لا يتجاوز عددها المئات في وقت تجري مفاوضات مع حكومة الشرع من أجل تواجدها العسكري في قاعدتي طرطوس وحميميم واستمرار التعاون الاقتصادي والعسكري الثنائي. أما إيران فهي خرجت وحزب الله وحلفاؤهما من سوريا من مناطق تحت سيطرتهم الكاملة دون قتال قبولًا بالتغيرات الجديدة، وبضمانات تركية وقطرية بحفظ المقامات الدينية الشيعية وعدم التعرض بالانتقام للأقليات الدينية. فإيران مشغولة بمواجهة الحملة الإسرائيلية الأميركية عليها وبالعقوبات الأميركية الجديدة لتصفير تصدير نفطها، بينما حزب الله غارق في ترميم بنيته التنظيمية والعسكرية وتأمين التمويل لإعادة الإعمار في لبنان وفك الحصار المالي عنه، والإعداد لسبل مواجهة استمرار الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته اليومية، فماذا سيفيده تمرد مئات العسكريين السابقين وسيطرتهم على بعض القرى والمدن لساعات أو أيام؟

إلّا أن هذا التمرد العسكري لضباط النظام السابق أو "فلوله" إذا صحّت التسمية لا يبرر المجازر الوحشية الواسعة التي طالت مدن وقرى الساحل من قبل قوات الأمن العام ووزارة الدفاع والفصائل الجهادية التكفيرية، وبينهم مقاتلون عرب من مصر والمغرب العربي وأجانب من شيشان وأوزبك وإيجور وغيرهم؛ حيث وصلت أعداد الضحايا إلى أكثر من 2000 قتيل معظمهم من المدنيين، رجالًا ونساء وأطفالًا وشيوخًا، ذنبهم الوحيد أنهم من العلويين.

ولا تزال المجازر مستمرة حتى يوم الاثنين، فيما هرب بعض أهالي البلدات والقرى في الساحل إلى الجبال والوديان في ظل البرد القارس ومن دون طعام ولا ماء ولا دواء، من الإبادة الدينية الجماعية، التي لا تختلف عن الإبادة الصهيونية للفلسطينيين في قطاع غزة، إلّا من حيث الأسلوب والعدد؛ فإسرائيل كانت تقتل المدنيين بصواريخ طائراتها وقذائف دباباتها ومدفعيتها بمعدل 150-250 يوميًا، بينما مدّعو الإسلام قتلوا خلال يومين نحو ألفي مدني سوري وبعضهم يزعم ويفتخر أن العدد وصل إلى 9 آلاف علوي، تم قتلهم بالرشاشات والذبح بالسكاكين. وتمت سرقة منازلهم وسياراتهم ومتاجرهم ثم أحرق الكثير من المباني والمتاجر والمنازل.

كما قتلوا بعض المسيحيين وأطلق بعض الجهاديين تهديدات لعموم المسيحيين يطالبونهم بدفع الجزية أو اعتناق الإسلام تحت طائلة القتل في حال رفضوا أحد الأمرين.

وقام الشرع وأنصاره وإعلامه بتبرير المجازر ضمنًا من خلال الحديث عن مطاردة فلول النظام وإفشال انقلابهم والوعد بتشكيل لجنة تحقيق في قتل المدنيين ومحاسبة المرتكبين، بينما استمرت المجازر التي بدأت يوم الخميس حتى اليوم الاثنين، ولم يوقفها انتشار قوات الأمن العام ووزارة الدفاع في مناطق الساحل، ولا إرسال التعزيزات العسكرية لمطاردة المتمردين في الجبال والوديان.

العميد أحمد العبد الله الضابط في الشرطة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع السورية قال إن هناك تجاوزات فردية حدثت في اللاذقية وستتم محاسبة مرتكبيها ضمن مؤسسة القضاء ووفقًا للقانون. تجاوزات؟! يا أخي هذه ليست تجاوزت، هذه مجازر على غرار مجازر صبرا وشاتيلا ومجازر الصرب في البوسنة وكوسوفو، هذه إبادة جماعية لطائفة تعتبر جرائم حرب وتحاسب عليها المحكمة الجنائية الدولية، على غرار جرائم بشار الأسد خلال الحرب السورية (من إلقاء براميل متفجرة أو أسلحة كيميائية على المدنيين) وجرائم والده حافظ وعمه رفعت في أحداث حماة في أوائل ثمانينات القرن العشرين. وكان آل الأسد يبررون جرائمهم بقمع التمرد العسكري المعارض.

لقد فشل حكم الشرع في أقل من 100 يوم في تلميع صورته، وهو الآتي من تنظيمي القاعدة وداعش، برغم انفصاله عنهما تدريجيًا، طمعًا بالسلطة والاعتراف الدولي. لكن ارتداء البدلة ورابطة العنق والحديث المهذب والمنمق لوسائل الإعلام عن الحرية والعدالة والمساواة ودولة المؤسسات والقانون، لا يكفيان للحصول على الاعتراف الشامل ولا رفع العقوبات الدولية ورفع اسمه من لائحة الإرهاب الأممية.

وجاءت مجازر الساحل لتظهر حقيقة النظام الجديد، وهي حقيقة معروفة من تاريخ الرجل وهذه الجماعات التكفيرية، لكن كنا نأمل أن يكون هناك تغيير فعلي في الخطاب والسلوك ورؤية براغماتية وواقعية لمستقبل سوريا، تقوم على قبول الآخر والتنوع والمشاركة والحريات، وحكم القانون ودولة المؤسسات والديمقراطية. ويلاحظ أن الشرع لم يذكر كلمة الديمقراطية منذ تولّيه الحكم بالغلبة.

** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية- لبنان

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • من أين يحصل فلول النظام على السلاح في الساحل السوري؟
  • بدء استعدادات امتحانات الثانوية العامة 2025 .. إجراء عاجل اليوم
  • انتشار دوريات الشرطة العسكرية في اللاذقية لضبط الأمن ومنع التجاوزات والحفاظ على استقرار المدينة
  • عودة الازدحام إلى أسواق مدينة اللاذقية بعد تحييد قوات الأمن العام ووزارة الدفاع لفلول النظام البائد وإعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة
  • صحف غربية تقدم قراءة في المشهد السوري الحالي
  • “العمشات والحمزات”.. فصائل متهمة بمجازر الساحل السوري!
  • مجازر الساحل السوري.. إبادة طائفية
  • إعادة افتتاح أفران حي القصور في مدينة بانياس بمحافظة طرطوس بعد إفشال هجمات فلول النظام البائد وتأمين المدينة
  • الجيش السوري يستعيد السيطرة على المناطق ويعزز الأمن والاستقرار في الغرب
  • تصريح قائد شرطة محافظة اللاذقية المقدم مصطفى صبوح لوكالة سانا حول الواقع الأمني في المدينة