اتفقت قوى سياسية وشخصيات سودانية، اجتمعت في حوار غير رسمي في جنيف بسويسرا من (25 إلى 27 نوفمبر)، على مبادئ لحل الأزمة في البلاد، على أن تعرض لبقية القوى السياسية بغية التوافق عليها وتطويرها، وتقول الوثيقة التي حصلت "الشرق" على نسخة منها، إن المجتمعين، ومن بينهم قادة سياسيون من أحزاب منتمية لـ"تقدم" وأخرى منتمية لـ"الكتلة الديمقراطية" وحركات مسلحة، شددوا على ضرورة الوصول إلى "وقف نار فوري في السودان لأغراض إنسانية وخلق بيئة لإطلاق عملية سياسية"، كما شددوا على "جيش مهني واحد وموحد بمنأى عن التأثيرات السياسية والحزبية".



وأكدت الوثيقة على وحدة السودان وسيادته الكاملة على أراضيه كافة وعلى دولة مدنية ديمقراطية "محايدة" على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات، ودعت إلى تأسيس حكم فيدرالي يعترف بحق الأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية والثقافية.

عملية سلام شاملة
كما اقترحت "وثيقة جنيف" عملية شاملة للعدالة، والعدالة الانتقالية لضمان المساءلة عن الجرائم منذ 30 يونيو 1989، ودعت إلى عملية سلام شاملة وموحدة تخاطب المسارات الإنسانية والعسكرية والأمنية والسياسية.

وطالبت "وثيقة جنيف" بالبدء في المسار السياسي في أقرب وقت ممكن، ودعت إلى اتفاق على التنسيق بين القوى السياسية لعقد مؤتمر "مائدة مستديرة" ودعوة القوى السياسية والمدنية في جبهة عريضة تعمل على وضع نهاية للحرب.

وقال المجتمعون إنهم سيتجهون إلى تشكيل لجنة سياسية مدنية لإجراء مشاورات لعقد مؤتمر واعتماد مبادئ عملية السلام. واعتمدت الوثيقة ميثاق شرف لإدارة حواراتها بالامتناع عن لغة التحريض والاستقطاب وتعزيز ثقافة السلام وإدانة خطاب الكراهية، كما دعت كل الدول للامتناع عن أي عمل يسهم في إطالة أمد الحرب.

وعلمت "الشرق" أن اجتماعات جنيف التي دعت لها وزارة الخارجية السويسرية ومنظمة "برو ميدييشن" الفرنسية، ضمت رئيس حزب الأمة، مبارك الفاضل، ونائبة رئيس ومساعد رئيس حزب الأمة القومي، مريم الصادق وصديق الصادق، ونائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، جعفر الميرغني.

كما ضمت رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، وممثل حزب البعث القومي، كمال بولاد، وممثلة الحركة الشعبية– شمال، سلوى آدم بنية، وإبراهيم آدم ممثل حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور، وبابكر فيصل عن التجمع الاتحادي، والهادي إدريس رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي، ومبارك أردول عن تحالف الجبهة الديمقراطية، إضافة إلى شخصيات وطنية مثل القانوني نبيل أديب، والسياسي الشفيع خضر، والسفير السابق نور الدين ساتي، وبكري الجاك، وسالي زكي.

وتستعرض "الشرق" في السطور التالية، النص الكامل لـ"وثيقة جنيف":

مقترح مبادئ وأسس وآليات الحل السياسي الشّامل للأزمة الوطنية
نحن ممثلو القوى السياسية والمدنية السودانية المجتمعين في إطار الحوار غير الرسمي المسمى بعملية نيون في سويسرا، في الفترة 25-27 نوفمبر 2024، نقر ونؤكد على الرؤية والمبادئ التالية لحل شامل للأزمة الوطنية.

تمثّل هذه المقترحات وثيقة أوليّة في مرحلة التطوير والإضافة، وتظل مقترحات يتم عرضها على جميع القوى السياسية والمدنية والمجتمعية، بما في ذلك تلك التى لم تحضر هذا الاجتماع، للنظر فيها، وهى مفتوحة للتطوير والمساهمات من قبل الآخرين.

1. ديباجة
أولاً، الازمة السودانية أزمة معقدة ولها جذور تاريخية عميقة ولا يمكن أن تعالج بالحرب.
ثانياً، إن للحرب آثاراً كارثية على بلادنا وشعبنا.
ثالثا، إن تقديم المساعدات الإنسانية لشعبنا وحماية حقه في الحياة يجب أن يكون على رأس أولويات جميع الأطراف
السودانية والإقليمية والدولية.
رابعاً: إن وقف إطلاق النار الفوري (وقف الأعمال العدائية)، ضروري للأغراض الإنسانية وتوفير البيئة المواتية للعملية السياسية.
خامساً: إن وقف الحرب والحفاظ على وحدة الدولة السودانية يجب أن يستند إلى حل سياسي شامل يتم التفاوض عليه من خلال حوار سوداني- سوداني شامل.
سادساً، إن الحل السياسي الشامل يجب أن يرتكز على أسس تُحقق مصالح السودانيين والسودانيات لبناء مشروع وطبي تتفق عليه كل مكونات المجتمع السوداني.

2. مبادئ الحلّ السياسي
1. وحدة السودان وسيادته الكاملة على كافة أراضيه.
2. تأسيس دولة مدنية ديمقراطية محايدة تقف على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات، وتعترف بالتنوع وتعبر عن كل مكوناته بالمساواة والعدالة وفق إطار دستوري وسيادة حكم القانون.
3. المواطنة المتساوية هي أساس الحقوق والواجبات.
4. اعتراف الدولة السودانية بالتنوع التاريخي والمعاصر، على أن تكون الهوية السودانية هوية شاملة لا تميز بين السودانيين على أساس العرق أو الدين أو اللون أو اللغة أو الجهة.
5. نحن نؤمن بجيش وطني واحد وموحد ومهي، بمنأى عن التأثيرات السياسية والحزبية.
6. تأسيس نظام حكم فيدرالي حقيقي يرتكز على الاعتراف بالحق الأصيل لكل الأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية والثقافية.
7. إدراج قضايا المرأة في العملية السياسية وعمليات صنع السلام لضمان المشاركة العادلة للمرأة في بناء المؤسسات التي تحقق العدالة النوعية والمساواة في الحقوق والمواطنة.
8. إطلاق عملية شاملة للعدالة والعدالة الانتقالية لضمان المساءلة عن الجرائم المرتكية منذ انقلاب 30 يونيو 1989، بما في ذلك تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، والجرائم المرتكبة في حرب 15 أبريل 2023، حتى تحقق هذه العملية العدالة والإنصاف للمتضررين وتفتح عقل البلاد وقلبها نحو المستقبل.
9. تفكيك تمكين نظام الثلاثين من يونيو لإنهاء حالة اختطاف الدولة بما في ذلك استرداد الأموال والمقدرات العامة المتهوبة، والانتقال من دولة الحزب إلى دولة الوطن.
10- تبنّي سياسة خارجية متوازنة تقوم على المصالح الوطنية وتحقيق التعاون الإقليمي والدولي في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، حيث تقوم الدولة السودانية على مبدأ حسن الجوار في الحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود.
11. تبنّي عمليات شاملة لإعادة الإعمار والبناء والإصلاح المؤسسي لكل مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجهاز العدلي والخدمة المدنية، آخذين في الاعتبار مبدأ التمييز الإيجابي.
12- تعزيز مشاركة الشباب في مؤسسات الدولة وفي الحياة العامة دون تمييز.
13. تكُونُ الرعاية الاجتماعية من ضمن مسؤوليات الدولة خصوصاً فيما يتعلق بحماية حقوق الأطفال.
14. تضمينُ حقوق الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة في كافة مشروعات الدولة وخططها التنموية وفقاً للمعايير الدولية.
15. تطرح الدولة برامج شاملة لرتق النسيج الاجتماعي والتعافي الوطني لمعالجة آثار الحرب الاجتماعية.

3. تصميم العملية السياسية
نحن تقترح الآتي:
- عملية سلام شاملة وموحدة ومتزامنة تخاطب المسارات الإنسانية والعسكرية والأمنية والسياسية وغيرها.
- تشكيل هيكل تنسيقي لضمان انسجام وتناسق وفعالية جميع المسارات المختلفة.
- إنّ المسار السياسي ينبغي أن يبدأ في أقرب وقت ممكن ولا ينبغي أن يتوقّف التقدم في العملية السياسية على النتائج التي تتحقق في المسارات الأخرى.
- يجب أن يفضي الحوار السوداني-السوداني إلى عملية سياسية تخاطب جذور الأزمة الوطنية، وأن يكون بإرادة سودانية.
ويمكن أن تتولى الجهات الإقليمية والدولية دور المسهل والميسّر.

4. دور القوى السياسية:
ستعمل القوي السياسية والمدنية على تحقيق ما يلي:
1. التنسيق بين القوى السياسية لقيام مؤتمر المائدة المستديرة لإدارة العملية السياسية
- جمعُ القوى السياسية والمدنية في جبهة عريضة تعمل على وضع نهاية للحرب تحت رؤية موحدة وأن تتحدث بصوت واحد فيما يتعلق بالمسار السياسي.
- تشكيل لجنة مشتركة من قيادات القوى السياسية والمدنية لإجراء المشاورات مع القوى السياسية والتحضير لمؤتمر رسمي للقوى السياسية بهدف إقرار/ اعتماد إعلان مبادئ وتبني أطروحات مشتركة لعملية السلام الشامل.
- تُجري اللجنة مشاورات واسعة وتعمل على خلق روابط مع المبادرات الأخرى التي تسعى إلى الوصول إلى المؤتمر الموسع، ويشمل هذا الطريق الأمثل لضمان تحقّق الإرادة السودانية والمشاركة الشاملة للاتفاق على الأجندة ودور الأطراف الخارجية.

2. المشاركة في المساعدات الإنسانية
- حث المجتمع الإقليمي والدولي على تقديم المساعدات الإنسانية والمساعدة للوصول إلى وقف إطلاق النار.
- مطالبة أطراف الصراع بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين، وزيادة المساعدات الإنسانية ووصولها إلى السودانيين المتضررين من الحرب في كل مكان، ولا ينبغي أن يعتمد تسليم المساعدات الإنسانية على وقف إطلاق النار.

3. الاسهام في وقف إطلاق النار
- تسعى كافة الأطراف السياسية والمدنية وفق آلية يُتفق عليها إلى حثّ الأطراف المتحاربة ودفعها إلى استئناف المحادثات بسرعة والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار (وقف الأعمال العدائية) وتنفيذ الالتزامات التي تم التوصل إليها في جدة.
- تدعو الآلية كل الدول إلى الامتناع عن أي عمل يُسهم فى إطالة أمد الحرب.
- تقوم الآلية بلعب دور فعال في المراقبة والرصد والإبلاغ ودعم الترتيبات الرسمية لوقف إطلاق النار.

4. اعتماد ميثاق شرف للعمل المشترك
- تعتمدُ القوى السياسية والمدنية ميثاق شرف لإدارة حواراتها بهدف تجنب الاستقطاب والانقسامات وتعزيز ثقافة
السلام والتسامح بين أبناء الشعب السوداني.
- تلتزم القوى السياسية والمدنية بالامتناع عن استخدام أي لغة تحريضية واستقطابية وتُدين خطاب الكراهية الذي يفرّق الشعب السوداني.
- تجنّب الاستهداف الشخصي وشخصنة القضايا العامة والدعوة الى الاستخدام المسؤول لوسائل الإعلام، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي على أن يتم السعي إلى الترويج المشترك لثقافة السلام بين السودانيين بدلاً من ذلك.

بورتسودان- الشرق  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة والمدنیة المساعدات الإنسانیة العملیة السیاسیة عملیة سلام شاملة وقف إطلاق النار بما فی ذلک یجب أن

إقرأ أيضاً:

غوتيريش: الأزمة الإنسانية في غزة أمر مروع لا يمكن تبريره

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن التضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف في العيش بسلام وأمن وكرامة سيتواصل، مشيرا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل يومي، و"هذا أمر مروع لا يمكن تبريره".

وقال غوتيريش الجمعة، في رسالة تضامن بمناسبة "اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني": إنه بعد مرور أكثر من عام، أصبحت غزة بحالة خراب، وتزداد الأزمة الإنسانية سوءا يوميا، وهذا أمر مروع".

وتعد هذه المرة الثانية التي تتجدد فيها المناسبة مع استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد قطاع غزة دون رادع دولي، وهي التي تنظمها الأمم المتحدة منذ عام 1977، ونص عليها القرار 181 الصادر عن جمعيتها العمومية في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947.


وأشار الأمين العام إلى أن "العمليات العسكرية الإسرائيلية بالضفة الغربية المستمرة منذ أكثر من عام أيضا، إلى جانب التوسع الاستيطاني، وعمليات الإخلاء والهدم وعنف المستوطنين والتهديدات بضم الأراضي تتسبب بمزيد من الألم".

وأكد أنه "آن الأوان لوقف فوري لإطلاق النار بقطاع غزة، وإنهاء الاحتلال غير القانوني للأرض الفلسطينية، بحسب ما أكدته محكمة العدل الدولية والجمعية العامة"، قائلا "في هذا اليوم من كل عام، يقف المجتمع الدولي متضامنا مع كرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه وعدالة قضيته وتقرير مصيره، إلا أن إحياء الذكرى هذا العام مؤلم لأن تلك الأهداف الأساسية أصبحت بعيدة المنال عما كانت عليه في أي وقت مضى".

ونوه إلى ضرورة "إحراز تقدم لا رجعة فيه نحو تحقيق حل الدولتين، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة - حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنبا إلى جنب في سلام وأمن، والقدس عاصمة للدولتين.. لا شيء يبرر العقاب الجماعي الذي يُمارَسُ على الشعب الفلسطيني".


وبدعم أمريكي ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 149 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وبموازاة الإبادة بقطاع غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية بما فيها القدس، ما أسفر إجمالا عن استشهاد 797 فلسطينيا، وإصابة نحو 6 آلاف و600، وفق معطيات رسمية فلسطينية.

في تشرين الأول/ اكتوبر الماضي أعلنت الخارجية الإسرائيلية منع غوتيريش من دخول البلاد على خلفية عدم "الإدانة الصريحة"  للهجوم الصاروخي الكبير  الذي شنته إيران على "إسرائيل".

وقال  وزير الخارجية الإسرائيلي السابق  يسرائيل كاتس: إن "أي شخص لا يمكنه إدانة الهجوم الإيراني  الشنيع على إسرائيل لا يستحق أن يُسمح بأن تطأ قدماه التراب الإسرائيلي. هذا أمين عام معاد لإسرائيل يدعم الإرهابيين والمغتصبين والقتلة".

وأضاف "هذا هو الأمين العام الذي لم يندد بعد بالمذبحة والفظائع الجنسية التي ارتكبها قتلة حماس في السابع من أكتوبر، ولم يقم بأي جهود لإعلانهم منظمة إرهابية".

مقالات مشابهة

  • نفطال: حوالي 42 ألف عملية دفع إلكتروني شهريا وإطلاق برنامج “ولاء” قريبا
  • السودان.. “وثيقة جنيف” تدعو إلى وقف نار فوري وإطلاق عملية سلام شاملة
  • ماذا دهى قوانا السياسية؟!
  • غوتيريش: الأزمة الإنسانية في غزة أمر مروع لا يمكن تبريره
  • من قلب جنيف.. ممثل الحراك يكشف المتورطين الحقيقيين في الأزمة اليمنية!
  • اتصالات مصرية بقادة القوى السياسية اللبنانية لبناء “مرحلة جديدة”
  • أول تعليق تركي رسمي على عملية “ردع العدوان”
  • “مجلس أمازيغ ليبيا” يؤكد للقائم بالأعمال الأمريكي ضرورة إدارة النفط بشفافية وحل الأزمة السياسية
  • على الطاولة “وثيقة غاية في الأهمية”.. أستانا تستضيف قمة “معاهدة الأمن الجماعي” بمشاركة بوتين