بنوك رقمية في الجزائر.. ما أهمتيها لاقتصاد البلاد؟
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
الجزائر- رخصت السلطات الجزائرية بتأسيس واعتماد وممارسة نشاط البنوك الرقميّة، وفق شروط خاصة، حددها "النظام 24-04″، الموقع من محافظ بنك الجزائر بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
شروط عمل البنوك الرقميةوبحسب العدد 77 من الجريدة الرسمية -الذي اطلعت عليه الجزيرة نت- يخضع تأسيس البنوك الرقمية للمعايير نفسها التي تخضع لها المؤسسات المالية -باستثناء إنشاء بنك رقمي في شكل فرع لبنك أجنبي -حيث:
يشترط القانون أن يكون ضمن مساهمي البنك الرقمي بنك خاضع للقانون الجزائري، يتمتع بخبرة في مجال الخدمات البنكية عبر الإنترنت، على أن يملك ما لا يقل عن 30% من رأس المال، ومن دون أن تبلغ هذه النسبة الحصة الفردية لكل مساهم من الآخرين والأطراف المرتبطة بهم.ويُلزم القانون البنك الرقمي بفتح مقرّ اجتماعي في الجزائر لأغراض إدارية، مع إمكانيّة استغلاله لمعالجة شكاوى العملاء. ولا يُسمح للبنك الرقمي بفتح وكالات من غير تلك المسماة بـ"الرقمية"، المشتغلة "آليا" بصفة كلية، حسب النظام نفسه. ويُمنع البنك الرقمي أيضا من منح قروض للمؤسسات الكبرى باستثناء القروض المستحقة على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أصبحت مؤسسات كبرى. 12.5 مليون حساب بنكي جاري في الجزائر برصيد 28 مليار دولار (الجزيرة) يتيح النظام لهذه البنوك حرية ممارسة كل العمليات المنصوص عليها في القانون النقدي والمصرفي، لا سيما تلقي الأموال من الجمهور وعمليات القرض والعمليات المصرفية المتعلقة بالصيرفة الإسلامية وكذا وضع جميع وسائل الدفع تحت تصرف الزبائن وإدارتها. أهمية البنوك الرقمية للاقتصاد الجزائري
ووصف خبير السياسات النقدية، عمر هارون، الترخيص للبنوك الرقمية بكونها خطوة أساسية في عملية تطوير النظام البنكي والمصرفي، نظرا لأثرها على التعاملات النقدية الورقية وعلى الاقتصاد برمته.
وأوضح في تصريح للجزيرة نت أن البنوك الرقمية تشجع استخدام وسائل الدفع الإلكترونية بمختلف أنواعها، مما يجعل الطلب على النقود الورقية في أقل مستوياته، خاصة في ممارسات مثل شراء السيارات والعقارات.
وقال هارون إن أهم ما يميز المعاملات الرقمية هو السهولة واليسر في الحصول على مختلف السلع والخدمات بشكل سريع، مع تجنب أزمة السيولة التي كثيرا ما تميز الاقتصاديات التي لم تتوسع في مجال الاقتصاد الرقمي.
وأضاف أن البنوك الرقمية ستقلل التكاليف، مؤكدا على ضرورة الرفع من مستوى تأمين عملياتها ضدّ الاحتيال.
وستساهم البنوك الرقميّة في تطوير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة التي تعتمد على منتجات خاصة بالابتكار المالي، مع إنعاش عمليات البورصة التي لا تقبل شراء وبيع الأسهم والسندات من خلال السيولة، وفق المتحدث ذاته.
وأشار عمر هارون إلى أثرها الإيجابي على تمويل المالية العامة، من خلال طرح سندات خزينة لسد عجز الموازنة اتي بلغت هذه السنة 62 مليار دولار.
شركات التصدير ستكون مطالبة بتحصيل العملة الصعبة عن طريق الدفع الإلكتروني (الجزيرة) تداولات السوق الموازيةويبقى أكبر تحدي أمام هذه المصارف الرقميّة هو الآليات المقترحة من أجل تحويل أموال السوق الموازية، والمقدرة رسميا بحوالي 90 مليار دولار، إلى القنوات الرسمية، في ظل ثقافة مالية تعتمد بشكل كبير على النقود الورقية.
وعبر عن اعتقاده بأن البنوك الرقمية ستمنح المزيد من الشفافية للاقتصاد المحلي، بالتقليل من تدفق الأموال إلى السوق الموازية، كما ستسهم في تعبئة أكبر للادخار وتعزيز الحوكمة المالية للسوق الجزائرية.
ولفت هارون إلى أن عدد الحسابات البنكية الجارية في الجزائر بلغ 12.5 مليون حساب، برصيد حوالي 3700 مليار دينار جزائري (قرابة 28 مليار دولار)، وفي حال احتساب الودائع يمكن أن يصل المبلغ إلى 7600 مليار دينار (57 مليار دولار)، وتوقع أن يؤدي النظام المالي الرقمي إلى مضاعفة عدد الحسابات.
من جهته قال عبد الرحمن عيّة، مدير مختبر تطوير المؤسسة الاقتصادية الجزائرية بجامعة ابن خلدون إنه رغم وجود إرادة سياسية، فإنّ البيروقراطية التي تطبع القطاع المالي حاليا في الجزائر تُصعب تسهيل إنشاء بنوك رقمية.
وشدد الخبير عيّة للجزيرة نت على ضرورة معالجة تحدي تحويل رؤوس الأموال من وإلى الخارج عند تطبيق نظام البنوك الرقمية.
وبيّن الخبير المالي أن دور البنوك الرقمية لن يقتصر على تمويل السلع استرادا وتصديرا، بل سيتجاوزها إلى تمويل دراسات الجدوى، ودراسات السوق، وتمويل تكاليف التعليم وغيرها من الخدمات الأخرى.
وقال إن التحصيل بأدوات الدفع الرقمي سيساهم حتما في رفع قيمة الصادرات خارج قطاع المحروقات.
وبلغت صادرات الجزائر 55.6 مليار دولار عام 2023 بينما وصلت الواردات إلى 42.5 مليار دولار، منها 4.78 مليارات دولار واردات خدمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البنوک الرقمیة البنوک الرقمی ملیار دولار فی الجزائر
إقرأ أيضاً:
توتر في علاقات الجزائر بسوريا ومالي.. ما هي الأسباب؟
تعيش الديبلوماسية الجزائرية هذه الأيام على وقع هزات عنيفة بسبب التغيرات الدرامتيكية التس شهدتها المنطقتان العربية والإفريقية.
فعلى خلفية السقوط المدوي لنظام بشار الأسد في سوريا يوم الثامن من كانون أول / ديسمبر من العام الماضي، الذي كانت تربطه علاقات ود قوية مع النظام الجزائري، تخلف النظام الجزائري في تهنئة حكام سوريا الجدد على خلاف غالبية الدول العربية.
ومعلوم أن النظام الجزائري على مدى سنوات الثورة السورية عارض تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية عام 2011 ولم يسحب سفيره من دمشق. وقد أثار هذا الموقف علامات استفهام كبرى لدى المراقبين لتطورات السياسات العربية.
ويوم الإثنين الماضي وفي أول تعليق على التطورات السياسية الكبرى التي تشهدها سوريا، أوضح وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، أن بلاده تتبنى موقفا واضحا من الملف السوري يرتكز على ثلاث ركائز أساسية وهي وحدة التراب السوري، شمولية الحل لجميع السوريين دون إقصاء وضرورة إشراف الأمم المتحدة على أي حوار سياسي للحفاظ على مستقبل سوريا.
وأكد عطاف أن السفارة الجزائرية في دمشق تواصل عملها بشكل طبيعي، مشيرا إلى أن الجزائر تعترف بالدول وليس بالحكومات، "وهو نهج يعزز مرونة الموقف الدبلوماسي الجزائري عبر التاريخ".
وقبل أسابيع قليلة، انتقد سياسيون ليبيون مسعى الجزائر للتدخل في الشؤون الداخلية الليبية من خلال لقاءات أجراها سفيرها في طرابلس بعدد من شيوخ ووجهاء بعض القبائل الليبية، في إطار حراك جزائري للوساطة بين الليبيين.
ومساء أمس الأربعاء أصدرت الخارجية المالية بلاغا شديد اللهجة تستغرب فيه تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف وتندد بالتدخل الجزائري في الشؤون الداخلية لمالي.
وأعربت الحكومة المالية عن استيائها الشديد من تصرفات بعض رجالات السلطات الجزائرية، التي تواصل التدخل في الشؤون الداخلية لمالي.
جاء هذا البيان على خلفية تصريحات أحمد عطاف، وزير الشؤون الخارجية الجزائري، والذي علق مجددًا على استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تعتمدها مالي.
في تفاصيل البيان، أعربت خارجية مالي عن دهشتها ورد فعلها القوي تجاه ما جاء في تصريح الوزير الجزائري، والذي يتقاطع مع محتوى البيان رقم 064 الصادر عن الحكومة الانتقالية المالية في 25 يناير 2024.
وقد انتقدت الحكومة المالية في هذا البيان العلاقة المشبوهة بين الجزائر وبعض الجماعات الإرهابية التي تهدد استقرار مالي، والتي تلقت الدعم المادي واللوجستي في ظل السيطرة على أنشطتها الإجرامية ضد المدنيين.
وأعربت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي عن قلقها البالغ إزاء استمرار ممارسات التدخل من بعض السلطات الجزائرية، والتي يُنظر إليها على أنها تعبير عن نزعة أبوية وتعالي.
وأدانت الوزارة بشدة ما اعتبرته تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية، مُشيرة إلى أن سياسة مكافحة الجماعات الإرهابية هي حق سيادي بحت يعود لجمهورية مالي، ويتوجَّب أن تُعتمد على أساس التعاون بين تحالف دول الساحل.
كما ذكرت وزارة الخارجية المالية، بأنه لا يُطلب منها تقديم الدروس في مكافحة الإرهاب، حيث إن مالي تتبنى استراتيجيتها الخاصة التي تتماشى مع احتياجاتها الوطنية.
وأكدت على عدم الحاجة إلى توجيهات من الجزائر، التي سبق وأن خاضت حرباً ضد الإرهاب بسيادة كاملة، داعية الجزائر إلى إعادة تركيز جهودها على معالجة أزماتها الداخلية، بما في ذلك قضايا القبائل، وعدم استخدام مالي كأداة لتحقيق أهداف سياسية خارجية.
وجددت مالي التأكيد على رفضها الشديد لأي تدخل جزائري، مبدية تصميمها على عدم السماح لأي جهة خارجية بالتأثير على استراتيجيات البلاد في مواجهة الإرهاب.
كما أكدت مجددًا التزام مالي، بالشراكة مع بوركينا فاسو وجمهورية النيجر في كنفدرالية دول الساحل، بالقضاء على الإرهاب بجميع أشكاله، والحفاظ على سيادة البلاد وأمنها الوطني.
Communiqué du Ministère des Affaires étrangères et de la Coopération internationale de la République du Mali dénonçant la persistance de certaines Autorités algériennes à poursuivre des actes d’ingérence dans les affaires intérieures du Mali.
Bureau de l’Information et de la… pic.twitter.com/J7jkJ4xrmb
وفي لندن رأى القيادي في حركة "رشاد" الجزائرية المعارضة، محمد العربي زيتوت في حديث مع "عربي21"، أن "الارتباك الذي تعيشه الديبلوماسية الجزائرية، يعكس ليس فقط هشاشة النظام وضعف دراته السياسية في فهم التحولات المتسارعة التي تعيشها المنطقة والعالم، وإنما يترجم طبيعة النظام الذي يحكمه الجنرالات والعساكر".
وحول الموقف من الثورة السورية، قال زيتوت: "إن تردد النظام الجزائري في التعاطي مع الواقع السياسي الجديد في سوريا بعد نجاح الثوار في إنهاء عهد الأسد ونظامه الطغياني يعبر عن خوف شديد من أن ينسج الجزائريون على ذات منوال السوريين مع انتشار دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للعودة إلى الحراك السلمي مع مطلع العام الجديد بالنظر إلى استمرار انسداد الأفق السياسي للبلاد، والأزمة الاقتصادية المستحكمة".
وأضاف: "العصابة التي تحكم في الجزائر في وضع حرج للغاية، فقبل سقوط بشار بيوم أو يومين، أصدرت الخارجية بيانا يندد بالإرهاب ويدعم نظام الأسد، وممثل الجزائر في مجلس الأمن هاجم الثوار ونعتهم بالإرهابيين، وهذه المواقف تنم عن عداء مستحكم للشعوب ولحقها في تقرير مصيرها ومن جهة أخرى عن نقص فادح للمعلومات لديهم عما كان يجري في سوريا".
ورأى أن "حديث وزير الخارجية الجزائري عن أن التقاليد الديبلوماسية الجزائرية تعترف بالدولة وليس بالحكومات، وهذا مناقض لتاريخ الجزائر نفسه، فقد اعتُرف بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية عام 1958 قبل استقلال الجزائر.. وحديث وزير الخارجية يناقض هذا.. ويمكن أيضا الإشارة إلى اعتراف النظام الجزائري باما يسمى لجمهورية العربية الصحراوية الموجودة في الواقع في تندوف، وليست لها دولة، فبماذا يعترفون، في حين أنهم يرفضون الاعتراف بدولة كوسوفو المستقلة والمعترف بها دوليا؟".
وأكد زيتوت أن السبب في هذا التحليل المتناقض، هو التبرير لعدم التواصل مع السلطات الجديدة في سوريا وعدم تهنئة الحكام الجدد لدمشق وهو أمر فعلته كل الأنظمة العربية مع سوريا.
وقال: "على الصعيد العربي هناك ثلاثة مواقف دول تدعم وتساعد ودول تريد احتواء الثورة السورية ودول تعادي الثورة، لكنهم جميعا ذهبوا إلى دمشق، وظلت الجزائر وحدها معزولة، والسبب في ذلك أن من يدير الديبلوماسية الجزائرية هم الجنرالات وليس ديبلوماسيين.. الجنرالات هم الذين أعادت عطاف إلى الديبلوماسية بعد طرده قبل عقدين من الزمن وهم الذين يملون عليه ما يقول".
وأضاف: "لقد شرب النظام الجزائري كؤوسا من المرارة، وهو يتابع كيف فتح الثوار السوريون دمشق وعصابات الأسد تتهاوى بعد أن تخلى عنها الإيرانيون والروس".
وحول الموقف في مالي قال زيتوت: "آخر من يمكنه أن يقدم نصائح في مكافحة الإرهاب هو النظام الجزائري، الذي يعتبر فعليا رأس الإرهاب في المنطقة، وهو المسؤول الأول عن عشرية الدماء التي أودت بحياة نصف مليون جزائري وهجرت عشرات الآلاف منهم في تسعينيات القرن الماضي حين انقلب على نتائج الانتخابات، وفي مالي نفسها، التي تعاون أولا مع الفرنسيين فيها لمكافحة ما يسميه بالإرهاب، قبل أن يسمح لعصابات فاغنر الإرهابية بالدخول إلى مالي".
وأضاف: "لقد انقلبت فاغنر على النظام الجزائري، وأصبحت تعمل وفقا لأجندة إماراتية في دول الساحل الإفريقي، على نحو أفقد النظام في الجزائر ورقة السيطرة على توجهات السياسة المالية، التي تحكمها طغمة عسكرية أمست اليوم تتحدى النظام في الجزائر وتلقنه الدروس"، على حد تعبيره.