على مدى 60 يوماً وتحديداً منذ 23 أيلول الماضي ولغاية 27 تشرين الثاني الحالي، بقيت الممرضة اللبنانية ريان اسماعيل بثياب العمل في مستشفى حيرام - صور من دون أن تغادر الصرح الطبي نهائيا رغم القصف الإسرائيلي الذي طال محيطه.   منذ إعلان سريان وقف إطلاق النار يوم الأربعاء الماضي، تنفّست إسماعيل الصعداء، فخرجت من قلب الحرب مُنتصرة لأجل الإنسانية، لكنها قررت في الوقت نفسه أن تسرد لحظاتٍ صعبة عاشتها مع الجرحى والشهداء الذين سقطوا بفعل الضربات الإسرائيلية على مدينة صور والجنوب.

  في حديثٍ عبر "لبنان24"، تقول ريان اسماعيل (24 عاماً) إنها "رأت غزة ثانية أمام أعينها، وذلك من خلال مشاهد نقل الجرحى والشهداء إلى المستشفى بينما المخاطر كانت كبيرة بسبب اشتداد القصف"، وتقول: "كنت أضمّد جراح المصابين وأحاول بذل كل الجهود لكي يكونوا بأمن وأمان".   وتضيف: "المشهد المُبكي هو حينما كانت أمهات شهداء يسألن عن أبنائهن بطريقة تقشعر لها الأبدان وتُدمي القلوب.. إحدى الأمهات قالت لي إن ابني جميل وذو شعر أشقر اللون.. أخرى قالت لي إن ابني صاحب بنية رياضية.. أين هو؟ أريد أن أراه".   وتُكمل: "كل هذه المشاهد لن تزول من ذاكرتي، فستبقى محفورة في قلبي لكنها ستزيدني إصرارا على رسالتي الإنسانية التي عشتها في الحرب بكل معانيها وتجلياتها".   ويقع مستشفى حيرام على مقربة من منطقة العباسية في الجنوب.   ومرارا، تعرّض محيط المستشفى لعمليات قصف، إلا أنه لم يتوقف عن العمل على الإطلاق، بل ظل يستقبل المرضى والمصابين والشهداء.   تقول اسماعيل إن المستشفى منحت لها ولزملائها كافة الإحتياجات ولم تتركهم أبدا، مشيرة إلى أن عملهم كان على مدار 24 ساعة، وتكمل: "حينما نستيقظ كل صباح، كنا نعانق بعضنا البعض لأننا ما زلنا على قيد الحياة، لأننا كنا نتوقع أن الموت يقترب منا في أي لحظة بسبب القصف".   بعد الأيام العصيبة، قررت اسماعيل شدّ رحالها إلى منطقة برعشيت علما أن هذه المنطقة مشمولة بالتهديدات الإسرائيليّة التي أطلقها العدو فور وقف إطلاق النار وشملت سلسلة من البلدات الحدودية في الجنوب.   رغم ذلك، فإن اسماعيل ذهبت إلى برعشيت لتفقد منزلها وعادت، مشيرة إلى أن "المستشفى بانتظارها لاستكمال رسالتها الإنسانية".             مستشفى السان تيريز "الصامد الأبرز"   ومن صور إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، كان مستشفى السان تيريز الصامد الأبرز، فهو لم يتوقف عن العمل نهائياً رغم القصف الذي طال محيطه.   بسبب القصف والضربات القريبة، آثرت إدارة المستشفى وضع أكياسٍ من الرمل على بعض النوافذ في إطار إجراءات وقائية من القصف، لكن هذه الأكياس أزيلت بعد انتهاء الحرب.   يقول الدكتور فادي الهاشم لـ"لبنان24" إنّ "المستشفى بقيت على رسالتها ولم تتراجع رغم بعض الأضرار الطفيفة التي لحقت بها"، مثنيا على أداء الطاقم التمريضي والطبي الذي ظل يحضر إلى المستشفى من دون أي توقف طيلة فترة الحرب، ويضيف: "بقينا مستمرين بجهود الجميع وسنبقى كذلك والمستشفى الجامعي لن يترك مرضاه وهذه رسالتنا الإنسانية المقدسة".                 المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تحجب مشاهد الدمار بالشمال وتتكتم على حجم الخسائر

القدس المحتلة- في الوقت الذي تسلط فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على مشاهد الدمار الذي خلفه عدوان جيش الاحتلال على جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت لتأطير صورة انتصار، تتعمد تل أبيب حجب مشاهد الدمار في مستوطنات الشمال وتتكتم على حجم الخسائر والأضرار التي تكبدتها جبهتها الداخلية.

ورغم ذلك، أخذت تتكشف تقديرات أولية لحجم الخسائر مع بدء عودة عشرات آلاف الإسرائيليين الذي تم إجلاؤهم من 42 مستوطنة في الشمال مع اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

عكس هذا التكتم أزمة الثقة بين الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو وسكان ورؤساء هذه المستوطنات الذين وجهوا انتقادات شديدة اللهجة إلى الوزارات واتهموها بإهمالهم خلال الحرب، وشككوا في جدية الخطة الحكومية لإعادة إعمار مستوطنات الشمال والتي قد تستغرق سنوات.

خسائر فادحة

ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان حيز التنفيذ، أظهرت البيانات الأولية التي أفصحت عنها سلطة الضريبة والأملاك قائمة بحجم الدمار الذي تتكتم عليه إسرائيل، حيث تم تسجيل نحو 9 آلاف حالة تلف وضرر في المباني السكنية والمنازل، وتضرر أكثر من 7 آلاف مركبة خاصة، وتضرر قرابة 343 مزرعة خاصة تمتد على عشرات آلاف الدونمات، وتدمير 1070 منشأة اقتصادية وتجارية صغيرة.

وقدرت هذه البيانات أن إجمالي الخسائر بلغ قرابة مليارين ونصف مليار شيكل (675 مليون دولار)، دُفع منها 140 مليون شيكل (38 مليون دولار).

وبحسب صحيفة "كلكليست"، فإن هذه الإحصاءات أولية ومرحلية، فقد قُدمت رسميا خلال الحرب إلى سلطة الضريبة والأملاك 17 ألفا و276 دعوى تعويضات، ويتوقع أن تتضاعف الدعاوى مع وقف إطلاق النار والتمكن من الوصول إلى جميع الأماكن المتضررة والتي تعذر الوصول إليها بسبب القتال.

مع بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تم إجلاء حوالي 22 ألفا من سكان مستوطنة كريات شمونة البالغ عددهم 24 ألفا من منازلهم، وتبدو شوارع المدينة مهجورة ومعرضة لإطلاق نار يومي من لبنان، وتوقف النشاط التجاري والصناعي فيها، واضطر معظم أصحاب المصالح التجارية التي تقدر بالآلاف إلى إغلاقها أو نقلها إلى أماكن نائية وأكثر أمانا.

ووصف رئيس بلدية كريات شمونة أفيحاي شتيرن الاتفاق مع لبنان بأنه "اتفاق استسلام"، وقال في حديثه لـ"كلكليست" إنه سيعرض سكان الشمال لهجوم كبير مماثل لذلك الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الجنوب يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويضيف "لا أفهم كيف انتقلنا من النصر المطلق إلى الاستسلام الكامل، ولماذا لم يكمل الجيش الإسرائيلي العلمية العسكرية في جنوب لبنان، خصوصا بعد توجيه ضربات قاسية لحزب الله الذي سيستغل الاتفاق لإعادة ترتيب صفوفه وقدراته، بينما سيعود سكان كريات شمونة إلى مدينة مدمرة، بلا أمن وبلا أفق".

وبحسب بيانات مؤسسة التأمين الوطني، فإن 70% من المصالح الصناعية والتجارية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في كريات شمونة أغلقت أبوابها مع بدء الحرب، كما أن 68% من سكانها الذين سيعودون يوما ما إلى المدينة لن يجدوا وظائف وأماكن عمل.

تداعيات الحرب

هذا الواقع الذي تكشف في المستوطنات الحدودية مع لبنان استعرضه الصحفي ناتي توكر، في تقرير له بصحيفة "دي ماركر"، تناول فيه الخسائر والأضرار التي خلفتها الحرب على الاقتصاد وسوق العمل في الشمال.

وبحسب توكر، فإن توقف الهجمات على شمال البلاد ووسطها وانخفاض التهديدات الأمنية القادمة من الجنوب على جبهة غزة يعيد إسرائيل إلى روتين الحياة الذي من شأنه أن يسمح بعودة النشاط الاقتصادي دون انقطاع.

ويضيف "قد تتبخر بعض آثار القتال وتداعياته بسرعة، لكن بعض عواقب الحرب وسلوك الحكومة لن يختفي بهذه السرعة. لقد خلقت الأشهر الـ14 من القتال فجوات عميقة غرقت فيها إسرائيل واقتصادها، وسيستغرق سدّها والخروج منها وقتا طويلا".

وعن سبب عمق الأزمة الاقتصادية والخسائر الأولية التي تكبدتها الجبهة الداخلية الإسرائيلية، يقول "لقد تم تخصيص 19 مليار شيكل (5 مليارات دولار) لإعادة إعمار غلاف غزة والنقب الغربي بعد وقت قصير من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

ويتابع "إن ميزانية إعادة الإعمار في الشمال أقل بكثير وغير واضحة، ولا يزال السجال بين رؤساء المستوطنات والحكومة بشأن قيمتها في بداياته، إذ تقدر السلطات المحلية في المنطقة الأضرار بعشرات مليارات الشيكلات، بينما تتجه الحكومة لتخصيص 15 مليار شيكل فقط".

لا عودة

"جولة مثيرة للقلق في الجليل الأعلى وفي تخوم المستوطنات الحدودية"، هكذا وصفت صحيفة يديعوت أحرونوت -في تقرير لها- الواقع في الشمال مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، فدخول هذه المستوطنات بحاجة إلى تصريح خاص من الجيش الإسرائيلي، ويشمل ذلك أيضا السكان الذين نزحوا من المكان قبل نحو 14 شهرا.

هذا الواقع عبرت عنه عنبال شيني من كيبوتس (تجمع استيطاني) "مسغاف عام" وشككت في إمكانية صمود الاتفاق مدة طويلة، قائلة "من الواضح أن حزب الله سيفعل كل شيء للتغلب علينا. الغالبية العظمى من المنازل في المستوطنات الحدودية مدمرة، ليس من السهل العودة هكذا".

تعيش شيني في الكيبوتس منذ 35 عاما، ولم تتخيل أنه منذ أكثر من عام، حتى بعد مصادقة المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) ​​على وقف إطلاق النار في الشمال، ستكون زيارة المكان خطيرة وستتطلب تصريح دخول خاص.

ولا تنوي هذه المستوطِنة العودة قريبا إلى منزلها في الكيبوتس، وتوضح "ما عدت أثق في الحكومة ولن أستجيب لنداء الجيش إذا قال إن كل شيء آمن ويمكن أن تعود الحياة إلى طبيعتها. فحزب الله سيسعى إلى استعادة قدراته من جديد والعودة إلى جنوب لبنان ليهزمنا".

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء مستشفى بولاق أبو العلا العام الجديد.. صور
  • مدبولي يتفقد مشروع إنشاء مستشفى بولاق أبوالعلا العام الجديد
  • رئيس الوزراء يوجه بزيادة عدد طوابق مستشفى بولاق أبو العلا الجديد
  • وضع حجر الأساس لـ "مستشفى الفلاح" بجنوب الشرقية.. الإثنين
  • حبس شخص لاتهامه بسرقة هاتف طبيبة من داخل مستشفى بالنزهة
  • إسرائيل تحجب مشاهد الدمار بالشمال وتتكتم على حجم الخسائر
  • مستشفى العودة: الاحتلال استهدف طواقم الإسعاف أثناء إجلائهم عائلات محاصرة شمال النصيرات
  • افتتاح قسم حضانة في مستشفى الأحد الريفي بوصاب السافل
  • للعام الثاني على التوالي.. شفاء الأورمان تفوز بالجائزة الذهبية في القيادة المناخية