د. عصام محمد عبد القادر يكتب: التربية الرقمية وتعزيز الوعي القيمي
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
إذا ما أردنا أن نضبط ما يصدر عن الإنسان من قول وفعل ومشاعر عبر البيئة الافتراضية فإن النسق القيمي يعد عاملًا رئيسًا في تحقيق هذه الغاية المنشودة، بل ويساعد بقوة في بناء أهم ما يمتلكه، وهو فكره الذي يعد موجهًا له في كل ما يؤديه وما ينتوي القيام به، ومن ثم يصبح مشاركًا إيجابيًا في وضع خططه المستقبلية ومتابعة وتنفيذ مهامه الآنية.
والتربية الرقمية تعمل على أمر ليس بالهين؛ ألا وهو تعديل سلوك الفرد وتحسين تعاملاته مع الآخرين ويعزز اتجاهاته نحو ما هو نافع ومفيد، وتجعل الفرد قادرًا على إيجاد أطر من التعاون البناء مع أصحاب الخبرة ومن لديهم تاريخ غائر في المجال النوعي، كما تصقل التربية الرقمية خبرات الفرد لتجعله قادرًا على حل مزيد من المشكلات والقضايا التي تشغل المجتمع وتقع في حيز تخصصه واهتمامه.
وقيام التربية الرقمية على القيم يؤكد على ماهية الوجدان الراقي الذي يحض الإنسان على أن يشعر بالآخرين ويمد للمحتاج يد العون والمساعدة، وبالتواصل مع من ينبغي الاستفادة منهم بغية تحقيق التعاون والتشارك والمحبة بغض النظر عن مدى الإفادة الذاتية؛ فالأمر تقوم فلسفته على غايات كبرى.
وتعضد التربية الرقمية المسار الصحيح لدى الفرد عن توظيف كافة أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وتجنبه أن يقع في فخاخ الضلال أو كل ما قد يؤدي إلى التشتيت وما يحض على الخطأ، وهذا يعد من مقومات تعزيز الوعي القيمي في صورة وظيفية، ومن ثم تعضد التربية الرقمية ماهية الرأي العام في الأذهان؛ فلا يتقبل الفرد منا أن يخالفه، ولا يرتضي الفرد منا أن يتوافق ويتطبع مع ما يعارض الرأي العام الجمعي خاصة إذا ما كان يقوم على مجموعة من القيم النبيلة والأخلاق الحميدة التي تكون في خضمها.
ويتوجب أن نوقن بأن التربية الرقمية تساعد في ترسيخ النسق القيمي لدى الإنسان وتجعله يدافع عنه بقوة وثبات، وتمكنه من أن يفرز الغث من الثمين وأن يستحسن ويستقبح في ضوء محكات دقيقة، وأن يمتنع عن دعم أو تأييد أو مؤازرة كل من يعارض قيمه أو يستهدف النيل منها بأي وسيلة كانت، ما يجعله يحافظ على ثوابته، ويدعم كافة المنابر التي تعزز النسق القيمي النبيل، بل ويشارك في ذلك من خلال مساهمته الفعالة في تنمية الوعي القيمي عبر المنابر الرقمية المختلفة.
وتتسق غايات كل من التربية الرقمية والوعي القيمي في الوصول إلى بناء فرد يمتلك المقدرة من خلال توظيف مهاراته وأدواته في أن يصنع ويتخذ القرار الصائب الذي يدافع عنه ويتحمل مسئوليته بعد قناعة تأتت من تفكير استراتيجي مستلهم من معرفة علمية صحيحة تمخضت عن نظريات قامت فلسفاتها على مبادئ وفرضيات استندت لمستخلصات نتائج بحوث ودراسات رصينة قامت على منهجيات علمية أصيلة.
وتتفق كل من التربية الرقمية والوعي القيمي في مستهدف نبيل ألا وهو صقل الأذهان وقدحها بما يعزز السلوك الذي يقبله المجتمع وكذلك يتفقان في غرس قيم المحبة والإيثار والإتقان والإخلاص في القول والعمل والسعي لتحقيق المصلحة العامة وتفضيلها على المصلحة الخاصة، ما يدفع الإنسان لأن يقدم أفضل ما لديه من أجل الآخرين، ويمنعه من أن يتسبب في مزاولة ما من شأنه يضير أو يؤذي الغير.
والتربية الرقمية تستهدف توجيه طاقات الفرد سواءً أكانت فكرية أم بدنية في كل ما هو نافع ومفيد، ويتسق هذا مع فلسفة الاستثمار الجيد للطاقات البشرية، وهذا بالطبع يقوم على تفاصيل أنشطة تتضمن المزيد من المهام المركبة والمعقدة التي من شأنها تجعل الفرد ينشغل في تحقيق الغايات المرسومة له وفق إطار من الزمن محدد وفي ضوء استراتيجية واضحة المعالم والمراحل والأدوار التي يتشارك فيها من يخططون ويتابعون تحقيق غايات التربية الرقمية.
إن فلسفة التربية الرقمية تؤكد على صورة الوعي القيمي الذي يسهم في تنقيح ما لدى الفرد من معارف والتي تتأتى من مصادر متعددة عبر الفضاء الذي أضحى منفتحًا، وهذا يؤكد في قناعتنا بأن الوعي القيمي بات بمثابة المصفاة التي تعمل على فلترة، أو غربلة غير المجدي، أو غير الصحيح، أو ما به لبس وملتبس، أو ما يشوبه مغلوط، أو المشوه في أصله.
وفي هذا الإطار يمكننا القول بأن التربية الرقمية تعمل على تعزيز الوعي القيمي لدى الإنسان؛ حيث إنه الدعامة الرئيسة في تحقيق غاياتها والحصن الذي يحفظ على الفرد فكره ويضبط سلوكه ويجعل طريقه مستنيرًا وأداءه صائبًا، وهنا ندعي بكل ثبات أن التربية الرقمية التي تقوم على ماهية الوعي القيمي تؤدي مساراتها وممارساتها ومضمونها إلى الفهم العميق سواءً لمجريات الأحداث، أو ما يتعرض له الإنسان من متلون بيان، أو فكر، أو خطاب، أو مكتوب، أو مسموع، أو مقروء، أو مشاهد، أو مختلط من ذلك كله.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جامعة الأزهر التربية السليمة التربية الإيجابية المزيد المزيد التربیة الرقمیة
إقرأ أيضاً:
عصام كاريكا.. رحلة فنية بدأت بعشق محمد منير
أكد المطرب والملحن عصام كاريكا أن عشقه الأول كان الكينج محمد منير، خاصة حينما كان يعيش في أسوان.
أوضح كاريكا قائلاً:“كنت بسمع محمد منير زي شباب أسوان، وهو عشقنا الأول. أخذت من أسوان الشجن اللي بيبقى في الغنوة، وكنت بسمع منير”.
هذا الإعجاب لم يكن مجرد استماع، بل كان بداية لعلاقة وجدانية مع الفن أثرت في مسيرته.
وأضاف كاريكا، خلال حلقة من بودكاست “كلام في الفن” على قناة الوثائقية، أنه لم يتخيل يوماً أن يلحن لمحمد منير. منذ طفولته، كان يحتفظ بآلة العود ليدندن عليها، معتبراً أن منير بمثابة “هرم”.
وتابع: انتقلت أسرته من أسوان إلى القاهرة بسبب ظروف عمل والده، وكانت هذه النقلة بداية حقيقية لمشواره الفني، الذي بدأ في عام 1991.
كشف كاريكا عن شغفه بكرة القدم منذ أيام الطفولة في أسوان، حيث اعتاد اللعب مع أصدقائه أمام المنازل.
وأشار إلى أنه زملكاوي الهوى، قائلاً:“أنا زملكاوي، واطّلب مني أغاني للكرة والرياضة”.
رغم ذلك، لم يحبذ تقديم أغاني ذات ميول رياضية لأنه يرى أنها لحظية ولن تستمر بعد انتهاء المباريات.
أما عن بداية مسيرته الفنية، فقد أوضح كاريكا أن أول أجر تقاضاه كان 500 جنيه عن أغنية “بيني وبينك خطوة ونص”. ومن هنا، بدأ في رفع أجره تدريجياً مع الوقت، لتصبح هذه الأغنية نقطة انطلاق مهمة في حياته المهنية.
عصام كاريكا
ما بين عشق محمد منير، وانتمائه الكروي، وحبه للفن منذ الصغر، استطاع عصام كاريكا أن يصنع لنفسه مكانة مميزة في عالم الغناء والتلحين، مستفيداً من إرث أسواني أصيل وشغف استمراره.