أتابع بانزعاج شديد وألم فى الصدر والروح ما يجرى فى السودان.. شارعى الذى أسكن فيه منذ عشرين سنة تغيرت ملامحه بعشرات الأسر من الأشقاء فى السودان.. الأمان والهدوء فى ملامحهم وهم يتسوقون من محلاتنا تقابله حالات فزع تنط من بين سطور التقارير الصادرة من الأمم المتحدة خلال اليومين الأخيرين.. أمس الأول أفادت هذه التقارير الدولية بأن الوضع فى السودان الحبيب أصبح خارج السيطرة.

. يا لها من سطور لعينة جافة.. حادة.. ميتة مثل قلوب الذين أشعلوا الحرب هناك منذ أربعة أشهر وما زالوا يزيدونها اشتعالًا.

أربعة أشهر فقط خلّفت أربعة آلاف قتيل وعددًا لا يمكن حصره من الجرحى ودمرت ما كان موجودًا من بنية تحتية متعبة فى الأصل.. تلك التقارير تحذر من أمراض خريفية قادمة مثل الملاريا والكوليرا لن تستطيع المستشفيات هناك التعامل معها، ليس لعدم القدرة على جلب الأمصال فقط، ولكن لعدم جاهزية هذه المستشفيات للعمل من أصله.. التقارير ذاتها تشير إلى فرار مليون سودانى إلى دول الجوار ونزوح أربعة ملايين آخرين بالداخل.. أما الأمر الأصعب فهو خطر نقص الغذاء للعديد من الأسر.. وعدم قدرة الفلاحين فى أماكن متعددة على زراعة أراضيهم لارتفاع أسعار المواد البترولية من ناحية ولغرق آلاف الأفدنة بعد تهدم الجسور من ناحية أخرى.. السودان الحبيب الذى يملك ملايين الأفدنة من الأراضى الخصبة أهله تهددهم مجاعة قادمة.. بدلًا من أن يصبح سلة غذاء العرب والعالم أهله يتعرضون للمجاعة والألعن أن إمدادات الإغاثة تعانى من عدم قدرتها على الوصول إلى من تستهدفهم فى الأماكن المنكوبة وبخاصة فى جنوب وغرب كردفان.

الوضع خارج السيطرة.. الجميع فى ذلك العالم البارد يعرف ذلك.. مثلما يعرف من أشعل الصراع، لكنهم لا يتحركون لوقف الأزمة.. الخروج من هذا النفق المظلم لن يحدث دون فعل سياسى جاد ولن تحسمه رصاصات البنادق.. لكن يبدو أن هناك من يريد أن يخرج الوضع عن السيطرة دون أى اعتبار لحياة هذه الملايين من الأرواح الجريحة.

بعين الغضب أنظر إلى الجنوب.. بعين المودة أشاطر الأصدقاء هناك أحزانهم.. وأشد على يد كل مصرى طبطب على القادمين من هناك إلى أهلهم فى أزقة فيصل والهرم وأكتوبر وعابدين.. أتابع ضحكاتهم البسيطة على المقهى وقد حفظوا نكات وقفشات المصريين وصاروا يتبادلونها معنا.. نادل المقهى يتهمهم بأنهم غلوا علينا السكن والسجاير فيضحك الشاب السودانى الذى يسامره ثم يقول «بس إحنا ما بنشربش سجاير».. فيضحك الجالسون لذكاء الشاب السودانى ولطفه وهو يقول إنهم سيشتركون فى الدورى بفريق أسمر وسيحصلون على المركز الثالث وعلى الزمالك أن يبحث له عن موقع آخر.. صار أهل السودان جزءًا من حياة إخوتهم فى مصر، لكنهم ينظرون إلى هناك.. يسمعون ويفتشون عن الأخبار.. الجملة البائسة التى صدرها تقرير الأمم المتحدة الذى أذاعته إحدى القنوات العربية أدمعت عين الفتى الذى كان يمزح منذ قليل.. فحاول الهروب من ظلالها بأن قال الوضع خارج السيطرة.. ابعتوله بوليس الآداب.. ثم وقف ليحاسب على المشاريب ويمضى وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة.. نعم هو وضع غير مفهوم.. الأمم المتحدة تدرك مثلما يدرك الجميع أن السودان الطيب يقترب من بوابة الجحيم.. نزوح جماعى ونقص غذاء وأمراض قاتلة تهاجم العجزة والأطفال فماذا فعلوا؟.. أو بالأحرى ماذا سيفعلون؟.. لن يفعل أحدهم شيئًا.. فالعراق واليمن وغيرهما من بلدان العالم التى تعرضت لنكبات مماثلة تعانى منذ سنوات ولم تفعل تلك المؤسسات التى تدّعى الرحمة والحكمة شيئًا.. السودان لن ينجو إلا بعقل الذين يعيشونه ويعيشون فيه.. فهل يدركون؟.. أتمنى.

محمد العسيري – صحيفة الدستور

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

إنديانا تنفذ أول حكم إعدام منذ 15 عامًا بحق مدان بقتل أربعة أشخاص

تمّ تنفيذ حكم الإعدام بحق جوزيف كوركوران (49 عامًا) في سجن ولاية إنديانا، مساء الثلاثاء، لإدانته بارتكاب جريمة قتل أربعة أشخاص، وهي أول عملية إعدام تشهدها الولاية منذ خمسة عشر عامًا.

اعلان

وقد أعلنت إدارة السجون في الولاية أنّ كوركوران لفظ أنفاسه الأخيرة في حدود الساعة 12 و 44 دقيقة بالتوقيت المركزي، بعد محاولات متعددة من محاميه لوقف تنفيذ الحكم، وكانت كلماته الأخيرة موجزة: "دعونا ننهي هذا الأمر".

التفاصيل القضائية للجريمة تعود إلى يوليو/تموز 1997، حيث أدين كوركوران بقتل أربعة ضحايا، هم شقيقه جيمس (30 عامًا)، وخطيب أخته روبرت سكوت تيرنر (32 عامًا)، وكذلك تيموثي بريكر ودوغلاس ستيلويل (30 عامًا لكل منهما).

جوزيف كوركوران يُقتاد إلى سجن المدينة-المقاطعة في 26 أغسطس 1999، في فورت واين، إندونيسيا، بعد الحكم عليه بالإعدام في قتل أربعة أشخاص في يوليو 1997. Matt Sullivan/AP

وقد كشفت التحقيقات أن الدافع وراء الجريمة كان مرتبطًا بالضغوط النفسية التي واجهها المتهم، فزواج أخته كان سيتطلب منه مغادرة المنزل الذي كان يشاركه مع شقيقه وأخته في مدينة فورت واين بولاية إنديانا.

حاول محامو كوركوران منع تنفيذ حكم الإعدام على مدار سنوات، مستندين إلى ادعاءات بوجود اضطرابات عقلية تؤثر على قدرته على اتخاذ القرارات، وقدموا طعونًا متعددة أمام المحاكم المختلفة، بما في ذلك المحكمة العليا الأمريكية، التي رفضت جميع طلبات وقف التنفيذ.

يقف أحد الحراس في برج في سجن ولاية إنديانا يوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 في ميشيغان سيتي، إنديانا، حيث من المقرر أن يتم إعدام جوزيف كوركوران، 49 عامًاErin Hooley/2024 AP

فيما أكد الحاكم إريك هولكومب في بيان رسمي أن القضية خضعت لمراجعات قضائية معمقة، حيث تمت مراجعتها سبع مرات من قبل المحكمة العليا في إنديانا، وثلاث مرات من قبل المحكمة العليا الأمريكية.

وقد شهدت الواقعة احتجاجات من قبل مجموعات حقوقية ودينية معارضة لعقوبة الإعدام، كما نظم النشطاء وقفة احتجاجية أمام السجن، حاملين الشموع ولافتات تدعو إلى وقف تنفيذ الحكم.

ضباط الشرطة يسيرون خارج سجن ولاية إنديانا يوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 في ميشيغان سيتي، إنديانا، حيث من المقرر أن يتم إعدام جوزيف كوركورانErin Hooley/Copyright 2024 The AP. All rights reserved.

قال الأسقف روبرت ماكلوري من أبرشية غاري: "يمكننا بناء مجتمع لا يمنح السلطات الحكومية حق إعدام مواطنيها"، كما عبر آخرون عن معارضتهم للإعدام، مؤكدين أنه "ليس حلاّ".

زوجة كوركوران، تاهينا، التي التقت به قبل ساعات من التنفيذ، أكدت أنه "مصاب باضطرابات عقلية خطيرة" وأنه لا يدرك تمامًا ما يحدث، وقد وصفته بأنه "في حالة صدمة" وغير قادر على فهم أبعاد الموقف.

مسؤولون يلقون بيانًا خارج سجن ولاية إنديانا يوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 في ميشيغان سيتي، إنديانا، لإعدام جوزيف كوركوران، 49 عامًاErin Hooley/2024 APRelatedاحتجاجًا على حكم الإعدام الصادر بحق سويديين اثنين.. ستوكهولم تستدعي دبلوماسيًا عراقيًاألاباما تنفذ حكم الإعدام باستخدام غاز النيتروجين لرجل أدين بقتل ثلاثة أشخاصإيران: تأييد حكم الإعدام لعضو في الباسيج على خلفية مقتل رجل أثناء احتجاجات 2022

يُشار إلى أنّ آخر إعدام نفذته ولاية إنديانا كان في عام 2009، وقد توقفت العمليات لسنوات بسبب نقص في المواد المستخدمة في الحقن القاتل. يُذكر أن الشركات الدوائية رفضت بيع منتجاتها لهذا الغرض، مما دفع السلطات للجوء إلى صيدليات متخصصة في تصنيع الأدوية.

ويُعد كوركوران رابع وعشرين شخص يتم إعدامه في الولايات المتحدة هذا العام، في وقت تواصل فيه بعض الولايات تطبيق عقوبة الإعدام وسط جدل مستمر حول أخلاقياتها وجدواها.

المصادر الإضافية • أب

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية إيران: إلغاء حكم الإعدام بحق مغني الراب توماج صالحي حكم بالإعدام على قطب العقارات الفيتنامية ترونغ ماي لان في أكبر قضية احتيال مالي في تاريخ البلاد القضاء في تونس يصدر حكما بإعدام أربعة متهمين وسجن اثنين آخرين في قضية اغتيال السياسي شكري بلعيد إعدامقتلالولايات المتحدة الأمريكيةحكم إعداماعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسموتريتش يقول إن صفقة التبادل سيئة لإسرائيل يعرض الآن Next هل أرسل بوتين نجله للقتال في أوكرانيا؟ إليكم الحقيقة كاملة يعرض الآن Next مسؤول أمريكي: مقتل مئات الجنود الكوريين الشماليين أثناء مشاركتهم في الحرب إلى جانب روسيا يعرض الآن Next "لبنان لنا" .. إسرائيليون يدخلون لأول مرة جنوب لبنان وينصبون خيامًا مطالبين بإقامة مستوطنات يعرض الآن Next من ماهر الأسد إلى ماهر الشرع.. تعيين شقيق الجولاني وزيرا للصحة يثير انتقادات شديدة اعلانالاكثر قراءة الجولاني يدعو لرفع العقوبات عن سوريا ويؤكد بأنها لن تكون منصة لمحاربة إسرائيل أنقرة تعد العدّة لاجتياح بري في سوريا وجهود أمريكية لاحتواء الوضع أوكرانيا تعلن مسؤوليتها عن اغتيال قائد عسكري روسي بارز في موسكو أنا صهيوني والحاخامات وأصدقائي اليهود كانوا دوما إلى جانبي.. بايدن يحتفل بعيد حانوكا في البيت الأبيض مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومسورياإسرائيلدونالد ترامبروسياوسائل التواصل الاجتماعي غزةحركة حماسبشار الأسدالحرب في أوكرانيا بنيامين نتنياهوهيئة تحرير الشام الذكاء الاصطناعيالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: هناك محددات يجب الإتفاق عليها قبل الدخول في مفاوضات مع الإمارات
  • هناك 15% من المصريين يعانون من مرض السكر
  • عاجل - الرئيس السيسي: هناك توافق مصري إندونيسي بشأن قضايا المنطقة
  • إنديانا تنفذ أول حكم إعدام منذ 15 عامًا بحق مدان بقتل أربعة أشخاص
  • كيف يمكن لعادتك اليومية البسيطة تحسين الهضم وتقليل مشاكل الجهاز الهضمي؟
  • الوحدة التنسيقية المشتركة للأجهزة الرقابية ونيابة الأموال تناقش التقارير الرقابية للفرق الميدانية
  • مسؤول أممي يتأسف لعدم إدراك المجتمع الدولي خطورة الوضع في السودان
  • وزير دفاع إسرائيل: سنفرض السيطرة الأمنية على غزة مع حرية العمل هناك بعد هزيمة حماس
  • الأمم المتحدة: المجتمع الدولي لا يدرك خطورة الوضع في السودان
  • استشهاد 4 فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي شرق خان يونس