انتقد الكاتب والصحفي اليمني البريطاني أنور العنسي بشدة الطريقة التي تعامل بها الإعلام الغربي مع العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، واصفًا إياه بأنه كشف بشكل فج عن سلبيات عميقة كانت موجودة مسبقًا، لكنها ظهرت بوضوح خلال هذه الأحداث.

 

جاء ذلك في مقابلة مع الأناضول في إسطنبول، تناول فيها العنسي تحليله لأداء الإعلام الغربي في تغطية المجازر الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مستندًا إلى خبرته الطويلة في العمل بالإعلام البريطاني.

 

العنسي تطرق إلى تحيز الإعلام الغربي وازدواجية معاييره بالقول "لا أرى أن الإعلام في الغرب مثالي أو محايد كما يحاول أن يدعي دائما، فقط لاحظنا تحيزا في تغطيته".

 

وأضاف "مثلا لما جرى في غزة أو لبنان كان منحازا بشكل فاضح وواضح إلى جانب إسرائيل تحت شعار أنها تدافع عن نفسها، ولا يتحدث بنفس الطريقة عن حق الفلسطينيين واللبنانيين في الدفاع عن أنفسهم".

 

وأكد "هناك طبعا مؤيدون كثر في الإعلام الغربي لإسرائيل وليس في بريطانيا فقط، لكن في معظم دول أوروبا والولايات المتحدة على وجه التحديد، لدي الكثير من الملاحظات والتحفظات على ما شاهدته وتابعته كصحفي وكمراقب".

 

وأوضح "لا يتسع المجال لذكرها كاملا ولكن أستطيع أن أقول بضمير مطمئن وصريح العبارة أن الإعلام الغربي لم يكن محايدا حتى وإن حاول الادعاء بذلك".

 

وفيما يخص القيود المفروضة على الصحفيين قال الكاتب "كانت هناك قيود فرضت من قبل بعض المؤسسات الإعلامية الغربية وليس كلها وطلبت من الصحفيين بالذات وبقية الموظفين لديها سواء كانوا عربا مسلمين أو يهودا ضبط النفس وعدم محاولة استفزاز بعضهما البعض".

 

وأردف "عملت ذلك من أجل أن تتمكن هذه المؤسسات من أداء رسالتها يعني في الحدود التي تراها جيدة وفيها متابعة، لكن مع ذلك كانت تحدث أحيانا مماحكات بين الزملاء العرب والمسلمين من جانب، واليهود وغير اليهود المؤيدين لإسرائيل من جانب آخر".

 

ومع ذلك، أشار إلى أن التحيز أحيانًا كان يؤثر على التغطية، ويحد من قدرة الصحفيين على التعبير بشكل مهني ومتوازن.

 

وأشار إلى أن هذه القيود "كشفت عن جوانب سلبية عديدة في الإعلام الغربي كانت موجودة منذ زمن، لكنها ظهرت بشكل فج ومكشوف خلال حرب غزة ولبنان".

 

ولفت أن تحيز وسائل الإعلام تلك "كان يؤثر على التغطية، وعلى طريقة استقاء المعلومة والتعبير عنها بشكل مهني واحترافي ينسجم مع المبادئ التي تقول هذه المؤسسات أنها تلتزم بها".

 

وشدد "أعود وأقول الحرب التي جرت في غزة كشفت عن جوانب سلبية عديدة في الإعلام الغربي كانت موجودة منذ زمن، لكنها ظهرت بشكل فج ومكشوف خلال حرب غزة ولبنان".

 

وعن القيود المفروضة على الإعلام أوضح العنسي "الإعلام الغربي ولا أتكلم عن كل الإعلام، أنا أتكلم عن الإعلام الذي تعاملت معه، يعاني من قيود على الحركة".

 

وأكمل "في حالات الحروب أو حتى غير الحروب لا يتاح للصحافة أن تصل إلى مسرح الجريمة إلا بعد أن يكون قد تم تنظيفه، هذا إن سمحت، ولكنها في الغالب لا تسمح".

 

وأوضح "رأيت مثلا كيف أقدمت إسرائيل على إغلاق مكاتب قناة الجزيرة واستهداف الطواقم الصحفية في غزة وفي جنوب لبنان، وفي رأيي أن ردة فعل هذه المؤسسات الغربية على ما كنا نشاهده من فظائع، وحتى من استهداف الصحفيين والمسعفين ورجال الإغاثة لم تكن متناسبة مع ما يحدث".

 

وفي مايو / أيار الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على منصة إكس، إن حكومته قررت بالإجماع إغلاق مكاتب الجزيرة التي وصفها بقناة التحريض، وهو ما أثار انتقادات واسعة من مؤسسات أممية وحقوقية.

 

كما أدت الاستهدافات الإسرائيلية المباشرة ضد الصحفيين في غزة ولبنان إلى مقتل ما لا يقل عن 195 صحفيا، منهم 190 في غزة لوحدها.

 

وانتقد العنسي بعض المؤسسات الإعلامية العربية، واصفًا إياها بأنها تقلد الإعلام الغربي بشكل أعمى ودون دراسة واعية، مشيرًا إلى أن ذلك يؤدي أحيانًا إلى تطرف في الطرح ومبالغة في الاتهامية.

 

وختم بالقول "كصحفي أو كمراقب عربي أستفيد من التباين الذي يحدث بين وسائل الإعلام الغربية، ووسائل الإعلام الممولة من روسيا أو من إيران أو من الصين أو غيرها، لأنها تعمل نوع من التوازن مع الرواية الغربية".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: غزة اسرائيل امريكا اعلام الإعلام الغربی غزة ولبنان فی غزة

إقرأ أيضاً:

فهم لخطاب حي على الفلاح

مشكلتنا مع اللغة أننا أصبحنا في أحيانٍ كثيرة نمارس ما يسمى بالعمى المألوف، وهو أننا نرى الأشياء ولا نراها، نعرفها ولا نؤمن بها، نؤمن بها ولا نمارسها، فمثلاً، نحن نسمع يومياً خمس مرات المنادي ينادي «حي على الفلاح»، ولكن القليل جداً منا يعي معنى الفلاح، فالفلاح في اللغة يعني العمل المثمر، الصالح، والصائب، والناجح، وهو قرين للصلاة ومعطوف عليها.

ولقد ربط الإسلام العبادة بالإيمان والعمل الصالح والبعد عن الظلم في كثير من المواضع في الآيات القرآنية:

(الذين آمنو وعملوا الصالحات..)

(الذين آمنوا وكانوا يتقون …)

(الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم..)

يقول المثل “ثبت العرش ثم انقش“.. ونسمع كثرة الاستدلال بهذا المثل مقالا وعدم العمل به حالاََ.

فالفلاح وهو عكس القول والخطابة بل هو عمل ومضمون وليس شكل فقط.

وهذا تماماً ما يخلص إليه كتاب نزل مؤخراً في الغرب للكاتب اين مورس عنوانه: (؟ Why the West Rules لماذا يحكم الغرب؟ أو لماذا الغرب مسيطر؟)، يحلل الكاتب العوامل التي جعلت الغرب يسيطر مثل التقنية والمال والجغرافيا… وغيرها.. ولكنه أيضا يخلص الكاتب إلى أن الأشياء في الغرب تحدث حقيقةً، وليس فقط شكلاً وقولاً، فمثلاً عندما يتحدث الغرب عن حقوق الانسان أو عن حقوق الحيوان، فإنك فعلاً تجد هذه الحقوق على الأرض، وهذا ما أسماه: القدرة على حدوث الأشياء The capacity of making things happen.

طبعا هذا ليس بالمطلق فلدى الغرب من الخلل في القيم ما تشيب له الولدان ولكن الفرق ربما أنهم لا يخفونه ويصلحونه أحيانا.. بينما عندنا نحن أهل الشرق في كثير من الأحيان القول لا يوازي الفعل، فتجد من يتحدّث عن حقوق المرأة وزوجته وابنته لا تعملان، ونجد خطيب مسجد ولكنه لا يتحدث مع جاره، وأحياناً يعيش في قطيعة مع أخيه، وتجد شيخ دين يحض على القتل بين المسلمين بدل من الدعوة للحفاظ على دماء المسلمين والسلم الاجتماعي، بل نعرف عائلات معروفة بأنها متدينة، ولكنها لا تورث المرأة، وتجد موظفاً ملتحياً ويطلب رشوة، وتاجرًا يستغل حاجة الناس ويرفع الأسعار، ناهيك عن الكذب والخلف في الوعود وأكل مال الناس بالباطل.

لن نتحدث عن السياسية وألاعيبها فهي أصبحت رديف للفساد والنفاق، والفرق بين الموقر والجدير بالتوقير، فالسياسي موقر ولكنه ليس جدير بالتوقير.

ناهيك عن الإسلام السياسي ولبس المدنس على المقدس وفتاوي القتل من قبل بعض شيوخ دين بدلا من إصلاح ذات البين وأمر بالصدقة وإلا فلا خير في كثير من نجواهم كما أبلغنا القرآن الكريم، بل وسنوا حتى فقه يسمى (التقية) وهو شرعنة الكذب والنفاق في بعض المذاهب.

من موضع آخر.. يقول رئيس تحرير صحيفة «النهار» اللبنانية الكاتب غسان تويني في أول زيارة له لبيت محمد حسنين هيكل – منظر الاشتراكية في عهد عبد الناصر – في القاهرة (وهي فيلا ديلكس) على النيل، يقول: إن الرجل يعيش حياة ارستقراطية بمعنى الكلمة، وخصوصاً بحجم الخدم لديه رغم تنظيره للاشتراكية فهو يعيش النقيض.

والعديد من الأمثلة الأخرى لعل آخرها هذا المثل (المضحك) وهو أن قرار منع التدخين بالمكاتب الحكومية وقعه رئيس وزراء عربي وكان السيجار في فمه!!.

وهذا فلسفيا ما يقال عنه الفرق بين الدال والمدلول والفرق بين الماهية وما صدق.

فالمعرفة بالشيء لا تعني اكتسابه.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ).

لقد تحولت مجتمعاتنا ودولنا إلى ما يمكن أن نطلق عليه (مجتمع البطيخ) فهو من الداخل أحمر لون الدم والقتل ومن الخارج أخضر لون التدين.

أغلب الناس تعرف الحق ولكنه مستفيدة من الحالة الراهنة (Status quo)، وتعارض التغير.

كما يقول المثل الشعبي الليبي: “اللي فرحان بهباله.. العقل ما عنده ما يدير به”.

الخلاصة، أقول إن الفلاح هو تطابق القول مع العمل والفعل، وكما يقول المتصوفة: عرفت فالزم (ويقال إنه حديث شريف رغم ضعفه).. فلا معنى للقول إذا لم يرافقه عمل وإلا فسوف يكون كلامنا وعملنا مثل قول الشاعر: “كلامك يا هذا كفارغ فستق ليس به نوى… ولكنه طقش“، أو كما قال الفيلسوف الألماني نيتشة: “قد تكون كثرة الكلام عن شيء، وسيلة لإخفاء شيء”.

ومن جانب آخر، وليس ببعيد يعد القول بعيدا عن العمل في حياتنا هو انحراف البوصلة وتحول الإسلام العظيم إلى طقوس فقط لا تختلف عن العادات والتقاليد التي يجرى التعارف عليها في أي مجتمع ويصبح الدين كلامات فقط دون النظر في فحواها ومعناها.. لقد نسينا أن الدين المعاملة، وأنه لا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وأن المسلمين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد.. نسينا كل ذلك، وعندما تنحرف البوصلة بهذا القدر لا يمكن أن تكون عبارة “حي على الفلاح” أكثر من ثلاث كلمات جوفاء بلا معنى، بل وتصبح مشكلة قيم وأخلاق وليس مشكلة لغة كما أشرت في بداية المقال.

كم نحن في حاجة لفهم هذه الرسالة البسيطة العميقة وهي خطاب «حي على الفلاح»، في مناخ الحرية، لأن إذا فهمنا أمنا، وإذا أمنا عملنا، وإذا عملنا يحصل الفلاح، فالفلاح نتيجة العمل وتوظيف العلم.

فـ”حي على الفلاح” ليست دعوةً إلى الصلاة فحسب، بل هي صيحةٌ لتجديد الحياة، وكما قال الإمام علي بن أبي طالب: «لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل»، فلنكن ممن يُصلحون أنفسهم قبل غيرهم، فبصلاح القلوب تصلح الأوطان.

(حيّ على الفلاح) هي دعوة مستدامة للعمل المثمر الصالح والمخلص المتطابق مع القول الصادق.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • أنور الرويلي يحتفل بفوز فريقه بتقبيل رأس والدته.. فيديو
  • وزير الرياضة ينعى الكاتب الصحفي محمد منير بجريدة المساء
  • فهم لخطاب حي على الفلاح
  • مواجهة الشائعات في الإسلام.. كيف تعامل النبي مع الفتن؟.. المفتي يجيب
  • دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب
  • رئيس تنسيقية المحاميد: القوات المسلحة مؤسسة وطنية
  • مكتب إعلام الأسرى: عشرات الفلسطينيين يتعرضون لعمليات تحقيق ميداني في طمون بشكل يومي
  • قرقاش: بات التعاون بين الدول العربية أكثر أهمية للحفاظ على استقرار المنطقة
  • الكاتب مايكل يوسف يحقق نجاحا بمعرض الكتاب 2025 برواية إيمونت
  • مسلسلات رمضان 2025.. watch it تروج لشخصية خالد أنور في «شهادة معاملة أطفال» |صورة