هل الحب حرام في كل الأحوال؟ سؤال يكثر البحث عن جواب له، خاصة فيما يعرف بين الناس من ثقافات تجعل منه مسألة غير مرحب بها وأنها من أفعال غير المتدينين فـ هل الحب حرام في كل الأحوال؟

هل الحب حرام في كل الأحوال؟

يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الحب معنى نبيل جاء به الإسلام ودعا إليه، فقال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ﴾ [البقرة: 165]، وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة: 54].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلا ظِلِّي»، وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» رواهما مسلم.

لا تنزع إلا من شقي.. علي جمعة: الرحمة جوهر الحب وحقيقته رحمة الله فيها.. علي جمعة: هذه آيات الرجاء في القرآن الكريم

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ» رواه مالك في "الموطأ" بسند صحيح.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَحِبُّوا اللهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي» رواه الترمذي وصححه الحاكم.

وشدد على أن المسلم محب لكل خلق الله تعالى، يرى الجمال أينما كان، ويعمل على نشر الحب حيثما حلَّ، فهو رحمة للناس يحسن إليهم ويرفق بهم ويتمنى الخير لهم، متأسِّيًا في ذلك بالنبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الذي وصفه ربه سبحانه وتعالى بقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وَعَظَّمَهُ بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].

وأكد عضو هيئة كبار العلماء أنه ليس الحب حرامًا في أي حال من الأحوال، إلا أنه لا يجوز الخلط بين هذا المعنى السامي الرفيع وبين ما يجري بين الجنسين من العلاقة المحرمة والانقياد لداعي الشهوة واللهاث وراء لذة الجسد في الحرام بدعوى الحب؛ فإن في ذلك ظلمًا لهذا المعنى الشريف الذي قامت عليه السماوات والأرض: ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت: 11].

وقال: قد جعل الله تعالى الزواج هو باب الحلال في العلاقة والحب بين الجنسين، فمن ابتُلي بشيء من ذلك فليكتمه إن لم يستطع الزواج بمن يحب؛ لما ورد في الحديث: «مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ فَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا» أخرجه الخطيب البغدادي وغيره وقوَّاه الحافظ السيد أحمد بن الصديق الغماري في رسالة مفردة أسماها "درء الضعف عن حديث من عشق فعف".

متى يصبح الحب حراما؟

في حين، قال الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن الحب لا يمكن توصيفه بالحلال والحرام، ولكن ما يمكن توصيفه هو السلوك الناتج عن هذا الحب، مضيفا: "شاب بيحب واحدة تصرف بشكل محرم يبقى حرام، شخص بيحب واحدة التزم ولم يصدر منه ما هو غير لائق يبقى حلال".

وتابع أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، خلال لقاء تليفزيوني: "التعبير عن الحب لابد أن يكون وفق الضوابط الشرعية، ولا يؤدى إلى إحداث مشكلة وفتنة، فكلمة بحبك ووحشتني في أوقاتنا يؤدى إلى فتنة، حتى ولو خطيبته".

واستكمل: "الحب فطرة فطرنا الله عليها، ومكمنها القلب، ولا يمكن تصنيفه حلالا أو حراما، ولا حساب على الحب، وإنما ما تحاسب عليه هو السلوك الناتج عن هذا التصرف، لو تصرفت بشكل غير لائق هيبقى فى مشكلة وذنب، ولو تصرفت وفق الضوابط الشرعية فما تفعله حلال".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحب رضی الله عنه

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى يحذر الأمهات: الدعاء على الأبناء قد يستجاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد علمنا آداب الدعاء، وخصوصًا في ما يتعلق بدعائنا على أنفسنا أو أولادنا أو أموالنا.

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامي مهند السادات، بحلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أنه من الخطأ الكبير أن ندعو على أنفسنا أو على أولادنا أو على أي أحد آخر في وقت قد تصادف فيه ساعة استجابة، لأن الله قد يستجيب للدعاء في تلك اللحظة.

علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نكون حذرين في دعائنا

وقال: "علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نكون حذرين في دعائنا، ففي بعض الأحيان قد يصادف الدعاء لحظة استجابة من الله، وهذا ما حدث مع أحد الأشخاص الذين أخبروني عن حادثة مؤلمة، كان رجل يروي لي أنه في يوم من الأيام كان جالسًا مع زوجته، وكان ابنهما الصغير يعبث حولهما ويزعجهما، فغضبت الزوجة وقالت له: 'الله يكسر لك رجلك'، وفوجئوا بعد قليل بأن الابن سقط على السلم وكسر قدمه. سبحان الله! هذا هو ما حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم في أدب الدعاء."

النبي صلى الله عليه وسلم حثنا على الدعاء بالخير لأبنائنا وأسرنا

وأضاف: "دعونا نتذكر دائمًا أن النبي صلى الله عليه وسلم حثنا على الدعاء بالخير لأبنائنا وأسرنا، حتى في أحلك الظروف، في حادثة أخرى، أخبرني رجل وزوجته أنهما كانا يعانيان من عقوق ابنهما، الذي كان يعاملهما بقسوة ويضربهما بلا رحمة، وصل بهما الحال إلى أن يدعوا عليه، وقالا 'اللهم خذه'، وبعد أسبوع، توفي الابن، وعندما سمع الزوجان الخبر، قال الزوج: 'استرحنا بعدما مات'، ولكننا يجب أن ننتبه أن الدعاء بالهلاك أو الشر ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان دائمًا يدعو لأبنائه ولأمته بالهداية والصلاح."

وأردف: "ما حدث في هذه الحادثة هو قدر الله، ولكن كان يمكن لهما أن يدعوا له بالهداية بدلًا من الدعاء عليه بالهلاك. علينا أن نكون حذرين في دعائنا، خاصة عندما نواجه مشاكل مع أبنائنا أو مع أي شخص آخر، يجب أن ندعو لهم بالصلاح والهداية، لأن الدعاء بالهداية هو الذي يحمل الخير لنا ولهم، فحتى لو كان الابن عاقًا أو ارتكب فعلًا سيئًا، فإننا ندعو له بالهداية والتوبة، لأن الدعاء عليهم لا يفيد."

 

مقالات مشابهة

  • أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك .. واظب عليه
  • هل النبي محمد ولد في 22 أبريل؟.. اعرف القول الراجح عند العلماء
  • أمين الفتوى يحذر الأمهات: الدعاء على الأبناء قد يستجاب
  • دعاء السيدة عائشة.. واظب عليه كل يوم ييسر أمرك ويفرج همك
  • هل يجب الاستئذان قبل دخول البيوت للزيارة؟.. الإفتاء توضح
  • أسامة فخري: التصوف ليس مجرد موائد بل منهج تربوي
  • صيام العشر الأوائل من ذي الحجة فضل وثواب عظيم
  • تحذير للرجال.. هذا الفعل يجعلكم أبغض الناس عند الله
  • خمس أعمال قبل النوم أوصى بها رسول الله.. كم تعرف منها؟
  • دعاء مستجاب في نفس اللحظة بعد العشاء .. ردده وتجنب 5 أفعال