المايسترو جيل دوفير يرحل مرتاح الضمير (بورتريه)
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
يعتبر "المايسترو" أحد أكبر رجال القانون الأخلاقي، وأكبر المدافعين عن القضية الفلسطينية في المحاكم الدولية، وأكبر المساهمين في إصدار مذكرات الاعتقال ضد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه المقال، يوآف غالانت.
وفي يوم صدور المذكرات باعتقال نتنياهو وغالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطع غزة، احتفى بالمناسبة والتي اعتبره " عيدا" سعى لتحقيقه منذ سنوات، قال لابنه "الآن يمكنني أن أموت وأنا مرتاح"، ورغم ألم المرض الذي لم يفارقه حتى الرمق الأخير، أصر على التحدث عن هذا الانتصار القانوني الاستثنائي لوسائل الإعلام.
ولد جيل دوفير في فرنسا في عام 1956. وحصل على شهادة الدكتوراه في القانون، وعمل محاضرا في جامعة "ليون 3"، وأشرف على العديد من الأبحاث الأكاديمية في المجال القانوني وقدم دراسات حول التحديات التي تواجه المسلمين في فرنسا والعالم.
وقد مكنته خبرته كممرض من الحصول على شهادة من جامعة "ليون 3" عام 2007، مما مكنه من الإشراف على الأبحاث في مجال "القانون الطبي".
بدأ دوفر حياته المهنية كممرض قبل أن يقرر التحول إلى القانون.
كما شغل منصب رئيس تحرير مجلة القانون "الأخلاق والرعاية" وقام بتأليف عدد من الكتب القانونية، وعمل في ثلاثة مجالات رئيسية: القطاع الصحي والاجتماعي، والدفاع عن الحريات، وقضايا القانون الدولي خاصة في سياق فلسطين.
كما عمل دوفر محاميا لمنظمة تعمل على حماية حقوق المسلمين ومكافحة التمييز العنصري ضدهم والإسلاموفوبيا. وقام بتقديم الاستشارات القانونية وتمثيل التنظيمات الإسلامية، بما في ذلك "المسجد الكبير في ليون"، بعد أن صنفته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) على أنه "موقع تجنيد مزعوم للتنظيمات الإرهابية".
وقدم عدة شكاوى ضد دولة الاحتلال لدى المحكمة الجنائية الدولية، بشأن ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة، وأسس فيما بعد "اللجنة الدولية للمحامين"، وهي شبكة عالمية تضم أكثر من 500 محامٍ وخبير قانوني ملتزمين بمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب التي ساعدت في إقناع المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال في تشرين الثاني/نوفمبر بحق نتنياهو وغالانت.
عاش من أجل المبادئ ومن أجل القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية حيث كان يسعى لإصدار مذكرات اعتقال ضد مجرمي الحرب في أي مكان . في 2009 كان أول من أدخل القضية الفلسطينية إلى محكمة الجنايات الدولية.
وقد أثمرت جهوده عندما اعترفت المحكمة الجنائية الدولية، في عام 2021، بفلسطين كدولة ذات سيادة كاملة ولها ولاية قضائية على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.
بعد هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، رفع دوفر مع 300 محامٍ دعوى قضائية ضد الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة.
وقال دوفر: "إن نقص المياه والغذاء والرعاية الطبية والكهرباء، فضلاً عن النقل القسري للسكان تحت تهديد السلاح، المصحوب بخطاب التجريد من الإنسانية، يشكل تعريف الإبادة الجماعية"، وأوضح دوفر أن الفريق القانوني طالب المحكمة الجنائية الدولية بتركيز جهودها على جرائم الإبادة الجماعية في غزة، مؤكدا أن المحكمة ستفقد مصداقيتها للأبد إذا لم تتحرك.
على مدار حياته المهنية التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، قام دوفر بتأليف ما يقرب من 260 مقالة حول القانون الطبي، ونشرها في المجلات الأكاديمية، وقام بتأليف عدد من الكتب، بما في ذلك:"حقوق الرعاية"، "المسؤولية الطبية والحق في الرعاية الطبية"، "مسؤولية الممرضة"، "الشريعة الإسلامية والدين"، "القانون والإسلام في فرنسا"، "كود فيشي"، "رسالة من محامٍ إلى صديقته الممرضة"، و"ستكون القدس الشرقية تحت حماية القانون الدولي في عام 2022".
توفي جيل دوفر عن عمر يناهز 68 عاما في منزله في ليون بسبب مضاعفات مرض السرطان، رحل المحامي الإنسان وصاحب المبادئ الذي كرس حياته للدفاع عن القضايا الإنسانية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ورغم العقبات التي واجهت الفريق القانوني، ورفض الطلبات التي تقدم بها في ملف الجنائية الدولية، فإن دوفير تميز بإصراره في الاستمرار وعدم الاستسلام، لاعتباره أن "نخوة الشعب الفلسطيني أهم من نخوة المحامين". بحسب قوله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه المايسترو الفلسطينية جيل دوفير فرنسا الجنائية الدولية فلسطين فرنسا الجنائية الدولية المايسترو جيل دوفير بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحکمة الجنائیة الدولیة القضیة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
الجنائية الدولية تدين التهديدات التي يتعرض لها قضاتها بعد مذكرة اعتقال نتنياهو
أدانت المحكمة الجنائية الدولية التهديدات التي يتعرض لها قضاتها، بعد إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو٬ ووزير حربه السابق يوآف غالانت لارتكابهما جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في غزة.
وقالت المحكمة في بيان عبر موقعها الرسمي: "تلاحظ رئاسة المحكمة بقلق بالغ صدور مذكرات اعتقال مؤخرا بهدف تهديد حرية ونزاهة قاضيين لمجرد أدائهما واجباتهما بموجب النظام الأساسي. وقد اتخذت هذه الإجراءات بالإضافة إلى تدابير مماثلة ضد مسؤولين منتخبين آخرين في المحكمة".
وأضافت: "وتدين رئاسة المحكمة بشدة أي أعمال تهدف إلى تهديد أو معاقبة المسؤولين المنتخبين في المحكمة وتقويض استقلالهم ومهمة المحكمة".
كما دعت "الدول الأطراف وأصحاب المصلحة الآخرين إلى حماية استقلال المسؤولين المنتخبين وموظفي المحكمة الجنائية الدولية ونزاهتهم الشخصية وسلامتهم وكذلك قدرتهم على تحقيق ولاية المحكمة، باستخدام جميع الوسائل المتاحة".
ولا يعد هذا هو التهديد الوحيد الذي يتعرض له من يلاحقون جرائم الاحتلال الإسرائيلي٬ ففي 21 آيار/مايو الماضي٬ كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، عن تلقيه تهديدات خلال تحقيقاته التي تستهدف مسؤولين إسرائيليين.
وأشار خان إلى أنه أُبلغ بأن المحكمة "أنشئت لاستهداف إفريقيا والبلطجية، وليس لمحاسبة الغرب وحلفائه".
جاء ذلك بعد إعلان خان، عزمه إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو، وغالانت، إلى جانب ثلاثة من قادة حركة حماس.
وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، كشف خان عن تعرضه لضغوط وتهديدات، مشيرًا إلى أن أحد القادة البارزين (لم يسمّه) قال له إن المحكمة "أنشئت لاستهداف إفريقيا وللبلطجية مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وليس لمحاسبة قادة الغرب وحلفائهم".
وأدان خان هذه التصريحات، مشددًا على أن المحكمة يجب أن تمثل انتصارًا للقانون على القوة الغاشمة، مؤكدًا: "لا يمكن السماح بأن يكون النهج هو أخذ ما تريد وفعل ما تشاء".
وأوضح خان أن التهم الموجهة لنتنياهو وغالانت تشمل الإبادة الجماعية، واستخدام التجويع كوسيلة حرب عبر منع إمدادات الإغاثة الإنسانية، واستهداف المدنيين عمدًا خلال النزاع.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياتها العسكرية في غزة، رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري للقتال، ومطالبة محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير عاجلة لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية" وتحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع.