كيف أصبح الفوز بمسابقة معاداة السامية لهذا العام نيشان تكريم؟
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" مقالا للصحفي عمر أحمد قال فيه إن جائزة "معاداة السامية للعام"، التي تمنحها سنويا منظمة StopAntisemitism - وهي منظمة أمريكية تحارب معاداة السامية – أصبحت مرة أخرى مشهدا للسخرية مع التصويت عبر الإنترنت الجاري حاليا، مما يكشف عن التطرف السخيف الذي تم به توسيع مصطلح "معاداة السامية" واستخدامه كسلاح.
ما كان ذات يوم تسمية تهدف إلى مكافحة التمييز ضد الشعب اليهودي بشكل حقيقي أصبح الآن اتهاما فارغا، يُستخدم لأغراض سياسية، وخاصة لإسكات المنتقدين المتزايدين لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
يعكس مرشحو هذا العام مدى انفصال المصطلح عن معناه الأصلي، وذلك بفضل سنوات من خلط انتقاد إسرائيل والصهيونية مع معاداة السامية، مما جعل المصطلح في النهاية بلا معنى تقريبا، بينما يعمل كشارة شرف لأولئك الناشطين الشجعان الذين يختارون التحدث بصراحة، على الرغم من المخاطر والتكاليف التي تهدد حياتهم وسبل عيشهم.
في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أعلنت منظمة " أوقفوا معاداة السامية" على منصة إكس:" لقد حان ذلك الوقت من العام مرة أخرى! صوتوا وساعدونا في تتويج معادٍ للسامية لعام 2024! قد يفخر بعض المرشحين بدخولهم هذه القائمة المشينة".
وأضاف الإعلان: "اكتسحت رشيدة طليب الأصوات، العام الماضي. هذا العام، يتنافس 10 من كارهي اليهود الجدد على العار. ساعدونا في اختيار أفضل 3، وسيتم الإعلان عنهم في 15 كانون الأول/ديسمبر القادم، مع تتويج كاره اليهود النهائي في 6 كانون الثاني/ يناير 2025".
المرشحون يسخرون من أنفسهم
لا يمكن لأحد أن يفوت المفارقة في ترشيحات هذا العام. ومن بين المرشحين العشرة شخصيات مثل باسم يوسف، الممثل الكوميدي المصري الأميركي الذي هو سامي بنفسه، ولاعب البوكر المشهورة على الإنترنت، دان بيلزيريان، المعروف بنمط حياته المترف، والذي لا تربطه بالقضية الفلسطينية أو انتقاداته لإسرائيل صلة، بل إنه اضطر إلى التحدث ضد الاستعلاء اليهودي والإبادة الجماعية في غزة.
وقد ظهر الاثنان في برنامج الإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورغان٬ حيث ناقشا وجهات نظرهما بشأن الاحتلال الإسرائيلي. وقد انتشر ظهور بيلزيريان مؤخرا على نطاق واسع بسبب إدانته الشديدة، ليس فقط لدولة الاحتلال، بل وأيضا انتقاده لجوانب من اليهودية بما في ذلك التلمود وما يقوله عن غير اليهود ويسوع.
انضم إلى هذه الأسماء آخرون مثل المعلق السياسي التركي الأمريكي حسن بيكر، وعضوة الكونغرس الأمريكي كوري بوش، والممثل الهوليوودي جون كوزاك، والناشطة المناخية غريتا ثونبرغ، والاعب القتالي المختلط جيك شيلدز، ومنشئة المحتوى جيس ناتالي، والمؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي والمعلق السياسي جاكسون هينكل، والمعلقة المحافظة كانديس أوينز - مجموعة متنوعة من الأفراد الذين يكشفون عن عدم وجود معايير متماسكة لما يجعل شخصا ما "معاديا للسامية" وفقا لمنظمة " أوقفوا معاداة السامية".
واستخدم يوسف، المعروف على نطاق واسع بسخريته، وسائل التواصل الاجتماعي للسخرية من إدراجه في القائمة. غرد لمتابعيه البالغ عددهم 11.7 مليونا، "من فضلكم صوتوا لي. لا يمكنني أن أخسر هذا"، وفي منشور آخر قال: "يجب أن يفوز عربي بهذا"، مضيفا مازحا "إذا فازت كانديس ودان فلن أقبل النتائج وسأقتحم مقر إكس.
إن رد فعله الساخر، الذي شاركه فيه مرشحون آخرون، يكشف عن عبثية المسعى بأكمله - جائزة سخيفة للغاية لدرجة أن أولئك الذين تم إدراجهم الآن فخورون بالحصول عليها، مما يجعلها وسام شرف وليس علامة عار كما تعتقد المجموعة الصهيونية.
على سبيل المثال، أضاف بيلزيريان إلى الكوميديا في الموقف بتغيير سيرته الذاتية على إكس للتفاخر، "تم ترشيحه لجائزة معاداة السامية لهذا العام". كما حث أتباعه على التصويت له، قائلا: "يا رفاق، أنا لا أطلب منكم عادة القيام بأشياء، لكن هذا مهم، يرجى التصويت لي".
وأضاف بيلزيريان، واثقا من فرص فوزه بالجائزة، أنه يجب استبعاد يوسف "لأنه ربما يكون السامي الحقيقي الوحيد في القائمة"، قبل أن يقر بأنه "إذا كان نيك فوينتس في القائمة، فسوف أضطر إلى التنازل احتراما له لأنه رجل العصابات الأصلي"، في إشارة إلى المعلق اليميني المتطرف المثير للجدل.
كما استخف مرشحون آخرون مثل جاكسون هينكل وجيك شيلدز بترشيحاتهم، وشجعوا أتباعهم على تحويل الجائزة إلى مهزلة.
تاريخ من الدفاع عن الصهيونية
تتمتع منظمة المراقبة المزعومة وراء الجائزة، منظمة " أوقفوا معاداة السامية"، بتاريخ طويل في الدفاع عن الأجندات الصهيونية، وغالبا ما تساوي بين أي انتقاد للاحتلال الإسرائيلي ومعاداة السامية.
وكان نهجها استهداف الأفراد والجماعات التي تتحدث ضد العدوان الإسرائيلي المستمر في غزة وتقوم بنشر تفاصيلهم الشخصية، وتعمل بدلا من ذلك ككلب هجومي لدولة الاحتلال.
إن قائمة الترشيحات المتنوعة بشكل سخيف لهذا العام تظهر أن المنظمة لا تهتم بمعاداة السامية الحقيقية، بل تهدف إلى إسكات منتقدي السياسة الإسرائيلية بأي وسيلة ضرورية.
ومن الجدير بالذكر أن الفائزة بالجائزة العام الماضي، الفلسطينية الأمريكية وعضوة الكونغرس، رشيدة طليب، تم تصنيفها على أنها "معادية السامية لذلك العام" لدعمها لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، ووصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري والدفاع عن حقوق الفلسطينيين - وهي أفعال تلقى صدى لدى أعداد متزايدة من الناس في جميع أنحاء العالم باعتبارها نقدا مشروعا لأفعال إسرائيل.
ومع عدم وجود وقف إطلاق نار في غزة في الأفق، حيث قُتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين ودُمرت أحياء بأكملها، فليس من المستغرب أن تدين الشخصيات العامة التي لم تكن لها أي مشاركة سابقة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الآن علنا الأفعال الإسرائيلية، بغض النظر عن العواقب.
إن شخصيات مثل بيلزيريان، التي لم تكن لها مصلحة واضحة في هذه القضية من قبل، تتبنى الآن وصف "معاداة السامية" - ليس لأنهم يحملون بالضرورة الكراهية تجاه الشعب اليهودي، ولكن لأن هذا الوصف نفسه أصبح مهزلة، ومنفصل عن الواقع.
لقد تم استخدام هذا المصطلح ذات يوم لتسليط الضوء على الكراهية والتمييز، وقد تم تخفيض قيمته إلى الحد الذي أصبح فيه لقب "معاداة السامية لهذا العام" يُنظر إليه الآن باعتباره وساما من قبل أولئك الذين يرغبون في التحدث ضد جرائم إسرائيل العديدة ضد الإنسانية.
إن المشهد المحيط بجائزة "معاداة السامية لهذا العام" يتحدث عن عدم أهمية الحملة التي تشنها منظمة " أوقفوا معاداة السامية "على الإنترنت. في نهاية المطاف، تكشف جوائز هذا العام عن انهيار أي حوار له معنى حول "معاداة السامية"، والصهيونية، وحقوق الفلسطينيين.
إن الاستجابة الجماعية للمرشحين - والتي حولت الجائزة إلى نكتة - هي دليل آخر على الشعور المتزايد بأن هذه الاتهامات لا أساس لها، وتستخدم لتحقيق مكاسب سياسية أكثر من حماية المجتمعات اليهودية.
إذا كان للمصطلح أي معنى، فيجب فصله عن الأجندات السياسية وإعادته إلى غرضه الأصلي: مكافحة الكراهية والتمييز، وليس حماية الدولة من المساءلة.
ومع ذلك، في حين أن منظمة " أوقفوا معاداة السامية " تقوم بذلك، كان ينبغي لها أن تدرج المحكمة الجنائية الدولية في قائمتها، بعد القرار التاريخي الأسبوع الماضي بإصدار مذكرات اعتقال دولية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب، مما أدى إلى تأجيج الميم بأن أي شيء ينتقد إسرائيل عن بعد هو معادٍ للسامية، وصف نتنياهو كما كان متوقعا ودون درجة من السخرية الحكم بأنه "معادٍ للسامية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية معاداة السامية اليهودي الإسرائيلي رشيدة طليب باسم يوسف إسرائيل باسم يوسف اليهود معاداة السامية رشيدة طليب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا العام
إقرأ أيضاً:
الأزمة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي
منذ بداية العدوان على غزة بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ولمدة طويلة كان هناك خلاف علني في أروقة دولة الاحتلال الإسرائيلي على شكل اليوم التالي في قطاع غزة، حتى إن وزير الدفاع المقال يوآف غالانت قبل إقالته انتقد في مايو/ أيار الماضي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل واضح متهمًا إياه بالمماطلة باتخاذ قرارات مهمة حول حكم غزة بعد الحرب.
وكان موقف غالانت يمثل الطرف الرسمي المناوئ لفكرة العديد من وزراء الحكومة الذين كانوا ينظّرون لفكرة الحكم العسكري، وقد أكد غالانت من موقعه كوزير دفاع أن كل الخطط العسكرية تتضمن إيجاد بديل لحكم غزة مدنيًا، وطالب غالانت، نتنياهو حينها بالإعلان أن إسرائيل لن تحكم غزة عسكريًا.
ووصف غالانت الحكم العسكري الإسرائيلي لغزة بأنه "دموي ومكلف"، وكان تقدير موقف غالانت أنه بدون إيجاد بديل محلي لحماس، فإن هناك خيارين سيئين من وجهة نظره، وهما: حكم عسكري إسرائيلي، أو عودة حركة حماس.
آنذاك دعم زعيم حزب المعسكر الوطني بيني غانتس والوزير في كابينت الحرب تصريحات غالانت، وقال حينها إن وزير الدفاع غالانت يقول الحقيقة، وكان رد نتنياهو، أن الحديث عن اليوم التالي غير واقعي ما لم يتم تحقيق حسم عسكري.
واليوم لم يعد غالانت وزيرًا للدفاع ولم يعد غانتس عضوًا في كابينت الحرب، حيث استقال غانتس واستبدل نتنياهو عبر خطة لئيمة التوقيت غالانت بالوزير يسرائيل كاتس الذي يعتبر وفق قناعة كثيرين وزيرًا يفتقد للصلاحيات المهنية لفهم الوضع العسكري، ويعجز عن مواجهة الحكومة بثبات.
وفي هذا السياق، قال اللواء احتياط تال روسو، وهو قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي سابقًا، إن كاتس سيكون مجرد دمية لنتنياهو، "وهو عديم المسؤولية لأنه قبل المنصب ولا مهارات لديه". بل إن بعض الكتاب مثل رون بن يشاي في يديعوت أحرونوت ذهب إلى القول إن وزير الدفاع الآن هو نتنياهو.
هاليفي في مواجهة نتنياهو
ومن المعروف أن القرار العسكري في دولة الاحتلال يؤثر فيه بدرجة أساسية 3 مواقف، هي: موقف رئيس الوزراء وله الكلمة العليا، وموقف وزير الدفاع، وموقف رئيس الأركان، ومع إبعاد غالانت عن وزارة الدفاع وتعيين كاتس بات موقف نتنياهو أكثر قوة، وبقي رئيس الأركان هرتسي هاليفي المغطى بعار 7 أكتوبر/ تشرين، الأول في مواجهة نتنياهو.
مع تزايد الحديث عن الحكم العسكري من وزراء الائتلاف ومن قادة في أحزابهم، ومنهم على سبيل المثال أوهاد تال، البرلماني الإسرائيلي عن حزب "الصهيونية الدينية" عضو لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، الذي طالب ببقاء الحكم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة لسنوات عديدة، ترفض المعارضة الإسرائيلية وعدد من الشخصيات في الجيش فكرة الحكم العسكري لغزة.
وعليه تعوّل كافة هذه الأطراف التي ترفض فكرة الحكم العسكري لغزة على موقف رئيس الأركان هرتسي هاليفي في مواجهة الحكومة التي يتصدر فيها أشخاص، مثل: وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش اللذين يدعمان فكرة الحكم العسكري لقطاع غزة، بل يدعمان الاقتطاع منه لبناء مستوطنات جديدة.
ويعتقد الرافضون لفكرة الحكم العسكري أن هاليفي يمكنه رؤية الصورة بوضوح، بل إنه الشخص الوحيد، في ظل أن السياسيين الذين يقودون الحكومة تتعارض مصالحهم السياسية مع ما يسمى المصلحة العامة لدولة الاحتلال، وليس لديهم مشكلة أحيانًا في الانجرار إلى حرب ممتدة كبيرة التكاليف.
إن مشكلة المعولين على هاليفي أنهم متشككون في أنه يدرك أن مسؤوليته تتطلب منه الوقوف بحزم أمام دوائر صنع القرار السياسي، وأمام نتنياهو على وجه الخصوص. كما أن الواقع على الأرض يشير إلى أن الجيش يتصرف من جهة، وكأنه يتجاهل الأخطار الحقيقية، ومن جهة أخرى يبدو أنه تتنازعه قرارات متضاربة، وعلى رأس ذلك خُطة الجنرالات التي بدأ الجيش تطبيقها في شمال قطاع غزة دون تبنّيها رسميًا.
أزمة الجيش
لا شك أن الجيش سيكون الجهة الأساسية المسؤولة عن أي سيناريو لفكرة الحكم العسكري في غزة، ولكن من الواضح أن الجيش الذي ما زال يعاني وصمة 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وما تبع ذلك من جرائم، يعيش أزمات متعددة، منها أن هناك حديثًا عن أنّ الانضباط في مؤسسة الجيش، لم يعد كالسابق.
وقد ذكرت شهادات لمؤسسات دولية أن كل مسؤول بالجيش يتصرف بشكل مختلف عن غيره من الضباط عند مرور شاحنات المساعدات من منطقته، كما أن هناك مؤشرات أخرى حصلت في جنوب لبنان وفي غزة، تؤكد ذلك.
يتحدث كتّاب إسرائيليون مثل عوفر شيلح نقلًا عن مصادر في الجيش عن أن هناك عصابات في الجيش تتصرف بشكل منفصل، وأن الانصياع للأوامر بات ضعيفًا، وأنه لا يوجد محاسبة، وأن الضباط يرتكبون المجازر دون أي رادع، وأن هناك مشكلة أكبر تتمثل في آثار 7 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث يصعب على الضباط الذين فشلوا في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ولم يتعرضوا للمساءلة أو المحاسبة، أن يفرضوا أنفسهم أو يحاسبوا جنودًا أقل رتبة منهم. وفي هذا السياق، يتوقع أن حالة عدم الالتزام هذه ستزداد وتتعمق في حال ذهب الجيش نحو خيار الحكم العسكري.
أما الأزمة الأخرى، فهي الاستنزاف والتحدي في القدرة على تأمين 4 فرق لحكم قطاع غزة، وهو ما سيضطر الجيش لفتح ملف التجنيد مجددًا والذي كان أحد أسباب إقالة وزير الدفاع غالانت، وسيؤدي فتح ذلك إلى أزمة داخلية مع التيار الحريدي، وحتى لو تم تجاوز ذلك بمسارات تجنيد أخرى فستكون لها آثار اجتماعية واقتصادية، ستدفع كثيرين للتهرب من الخدمة بشكل أكبر مما هو واقع حاليًا.
تحديات أخرى
إن فكرة الحكم العسكري في غزة، كما قال غالانت، ستكون مكلفة على مستوى الضحايا وعلى مستوى النفقات، وإن كانت تكلفة الموارد البشرية التي كلفت خلال العام الماضي أكثر من ربع الإنفاق الحربي، ستكلف أكثر في حال ذهب الاحتلال إلى خيار الحكم العسكري لغزة، وستكون على حساب تعويض الخسائر في الآليات والتطوير العسكري، فضلًا عن أنها ستكون على حساب التوظيف في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والنمو في كافة القطاعات الأخرى بشكل عام.
ومع أن آخر ما تفكر فيه الفئة الرافضة للحكم العسكري في دولة الاحتلال، هو البعد الأخلاقي لهذا المسار، فهي في أغلبها تدعم التدمير والقتل والحصار، وترى أن المهمة اللازمة في غزة هي استعادة الأسرى، ولا مانع لديها أنه لو قررت دولة الاحتلال عدم تغيير النظام في غزة فإنها يمكنها الانسحاب، ثم العودة إلى أي مكان في غزة في الوقت الذي تريده.
صعوبات مستقبلية
يرى الرافضون في دولة الاحتلال لفكرة الحكم العسكري في غزة بل ولفكرة إمكانية الحسم العسكري الكامل، أن التجربة التاريخية تشير إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي بقيت في السابق في غزة، وفي جنوب لبنان لأعوام طويلة، ولم تستطع القضاء على المقاومة.
ويستدلون أيضًا بواقع الضفة الغربية الحالي، حيث تستمر عمليات الجيش الإسرائيلي على مدار 20 عامًا مع حرية الحركة دون القضاء على المقاومة هناك، وبالتالي يعد من الخطأ المضي نحو هذا الخيار مرة أخرى في غزة بعد أن ثبت فشله، وفي ظل صعوبات وتحديات أكبر، ومقاومة قادرة على التكيف، وتكبيد الاحتلال الكثير من الخسائر.
تحاول دولة الاحتلال في ظل تكلفة الحكم العسكري أن تموّه خيار الحكم العسكري بغطاءات مختلفة، مثل شركات أمنية لتوزيع المساعدات، ولكن هذه الأفكار لن تؤسس لحكم عسكري ولن تستطيع أن تكون بديلًا لحركة حماس في غزة، ولهذا من غير المرجّح أن يكتب لها النجاح.
ختامًا:
يمكن القول إن الحديث عن الحكم العسكري لغزة يزداد في أوساط الاحتلال، وإن واقع الجيش ضعيف أمام أكثر الوزراء تطرفًا تحت قيادة نتنياهو، وحتى فكرة ربط الحكم العسكري بمدة مؤقتة تمهيدًا لوجود سلطة مثل تلك الموجودة في الضفة، لن توفر للاحتلال ما يريده، هذا في حال افترضنا نجاحه.
وفي ظل هذه الصعوبات والتكلفة الكبيرة لا يمكن أيضًا استبعاد أن تكون كثافة الحديث عن الحكم العسكري مع بعض التحركات الميدانية من الجيش مع العمل على فصل جبهة لبنان عن غزة، هي مناورة من نتنياهو للضغط على حركة حماس.
على كل حال، وكما قال غالانت، فإن مسار حكم عسكري إسرائيلي لغزة، والذي يروّج له وزراء نتنياهو، لن يكون سوى خطوة كارثية أخرى على دولة الاحتلال تعمّق مأزقها، وتسير بها إلى تدهور آخر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية