تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 منيت عوائد السندات الصينية طويلة الأجل بتراجع حاد لتسجل أقل من نظيرتها اليابانية، وذلك لأول مرة في تاريخها، ما حدا بمستثمرين أن يراهنوا على أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الصين، "سينزلق إلى حالة ركود تضاهي في أعراضها تلك التي سقطت فيها اليابان لعقود طويلة".
وأوضحت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن الصعود المتواصل الذي سجلته أسعار السندات الحكومية الصينية لأجل 30 عامًا دفعت عوائدها إلى أقل من 4 % منذ 2020 لتسجل 2.

21 في المائة في ختام تعاملات الأسبوع، أمس الجمعة، متأثرة بخفض بكين لأسعار الفائدة الرئيسية لتعزيز اقتصادها، فيما لجأ مستثمرون صينيون إلى ملاذ الأصول المعروف أن أسعار السندات تسير عكس مسيرة عوائدها.
في المقابل، فإن عوائد السندات الحكومية اليابانية طويلة الأجل، التي بقيت لسنوات طويلة أدنى من 1 %، حققت ارتفاعًا لتتجاوز مثيلتها الصينية، لتصل إلى 2.27 % في الجمعة، بفضل تهيئة طوكيو لسياستها النقدية للعودة إلى طبيعتها بعد عقود من الركود والانكماش.
يأتي التحول في مسيرة عوائد السندات الحكومية الصينية، في وقت تصارع فيه سلطات بكين من أجل محاولة دعم العوائد، محذرة من أن أي اتجاه عكسي مفاجئ في السوق قد يهدد الاستقرار المالي على نطاق واسع.
لكن بعض المستثمرين باتوا على يقين بأن الركود أصبح "متجذرًا للغاية" في الاقتصاد الصيني وليس من السهل علاجه عبر السياسة المالية والنقدية، بما يعني أن العوائد لازال أمامها مزيد من الهبوط.
بدوره، يقول مسؤول الاستثمارات الآسيوية الأول في بنك "لومبارد أودير"، جون وودز، "إن الاتجاه الذي يتعذر تغييره لسندات الحكومية الصينية هو أن عوائدها تتجه صوب التراجع."، معربًا عن تشككه في قدرة السلطات الصينية على وقف السقوط في دائرة الركود بقوله "لست متأكدًا تمامًا" من ذلك.
وقال "إن الصين مهيأة لأن تصبح- وربما تبقى- ذات بيئة عوائد منخفضة".
يرى مستثمرون أن بعض أحوال الاقتصاد الصيني تعكس نفس الأصداء التي لوحظت في اليابان خلال تسعينيات القرن الماضي، حينما انفجرت فقاعة العقارات هناك، ما قاد البلاد إلى السقوط لعقود طويلة في دوامة ركود.
سجل التضخم الحقيقي في الصين، بعد استبعاد أسعار الوقود والغذاء، على أساس سنوي 0.2 في المائة في أكتوبر الماضي. أما في اليابان، فقد قفز التضخم الحقيقي لأعلى مستوى منذ ستة أشهر مسجلًا 2.3 في المائة، بما يقوي احتمالات أن تتجه المعدلات إلى الصعود لمستويات أكبر.
وينظر مستثمرون إلى أن وعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الصادرات الصينية إلى أسواق الولايات المتحدة بنسبة 10 في المائة، باعتبارها تهديدًا للنمو الاقتصادي في الصين.
ويرى الخبير الاستراتيجي لأسواق السندات السيادية البازغة في مؤسسة "أر بي سي بلو باي" لإدارة الأصول، تسينبو هو، أن السياسة النقدية للصين من المرجح لها "أن تبقى أكثر تساهلًا لفترات مقبلة"، حتى إذا ساهمت بعض المعايير الرامية لتقوية أسواق الإسكان والأوراق المالية في تقديم بعض الدعم المؤقت للعوائد (السندات الحكومية)." 
وأضاف "أن يابان التسعينيات لازالت تصبغ قواعد اللعبة".
كافحت بكين لسنوات طويلة السقوط في مصير "صبغة اليابان الركودية" في اقتصادها، وقامت بضخ استثمارات هائلة في مجالات التكنولوجيات المتفوقة، والبيئة، وقطاعات المركبات الكهربائية بهدف تعزيز النمو على الأجل البعيد.
كما تدخلت السلطات الصينية أخيرًا في أسواق السندات السيادية في محاولة منها لدفع عوائد السندات ذات الآجال الأطول، وحذرت البنوك من أن حدوث "فقاعة" في الديون طويلة الأجل، قد تقود إلى أزمة سيولة في النظام المالي.
وذكر محللون في جولدمان ساكس في تحليل سابق لهم صدر في يوليو الماضي "يبدو أن بعض صناع القرار (الصينيين) ينظرون إلى تدني عوائد السندات طويلة الأجل باعتبارها علامة على انخفاض التوقعات بالنسبة للنمو الداخلي وتوقعات التضخم، ويرغبون في التحرك لدفع تلك المشاعر التشاؤمية." 
لكن الضغوط الانكماشية تفاقمت فقط خلال العام الجاري، وقادت بيانات الأداء الضعيف للاقتصاد إلى دعوات بضرورة تقديم حزمة تحفيز ضخمة لإقالة الاقتصاد من عثرته.
تشير "فاينانشيال تايمز" إلى أنه برغم إطلاق حزمة تحفيز نقدي ضخمة منذ جائحة كورونا بقية 10 تريليونات رينيميبمي (يوان)، بما يعادل نحو 1.4 تريليون دولار كحزمة دعم نقدي، فإن عوائد السندات واصلت هبوطها بفعل اهتمام المستثمر المحلي بالنظر إلى بدائل أخرى واتجهوا نحو الأوراق المالية المتراجعة أسعارها أو أسواق العقارات.
يقول كبير الخبراء الاستراتيجيين لأسواق التداول في الصين في بنك "بي إن بي باريباس"، جو وانج، "الأمر يتسق مع الواقع الجديد في أسواق المال العالمية، ويرجع ذلك لحالة فك الارتباط الأمريكي- الصيني، ومخاطر الانكماش في الصين."، لافتًا إلى أن "بقية العالم يعايش حالة مخاطر تضخمية... وفي الصين ليس هناك طلب كاف للسعة (الانتاجية) الفائضة." 
ويعتقد بعض المستثمرين أن الحكومة الصينية ستحتاج للعمل بصورة أكبر على تغيير السردية في سوق السندات.
ويرى رئيس الاستثمارات الاستراتيجية في مؤسسة "روسيل" للاستثمارات، أندرو بيزي، أنه "من الصعوبة بمكان الهروب من الضغوط الانكماشية ما لم يعزز الاستهلاك ويتم تقليص الاستثمارات"، معتبرًا أنه "تحول سياسي كبير" بالنسبة لبكين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أسواق العقارات الصين السندات الصينية اليابان السندات الحکومیة عوائد السندات طویلة الأجل فی المائة فی الصین

إقرأ أيضاً:

السندات اللبنانيّة تقفز وإقبال على شرائها: مغامرة مضاربين أم بداية تعافي؟

منذ ثلاثة أشهر، بدأت السندات اللبنانية أو ما يعرف باليوروبوندز تأخذ منحىً تصاعديًّا، لتسجّل أكبر مكاسبها بعد انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية، فارتفعت "السندات المستحقّة في عام 2035 من حوالي 6 سنت على الدولار إلى 17 سنتًا" وفقاً لوكالة "بلومبرغ". هل يؤشّر ارتفاع السندات اللبنانيّة وهي المصنّفة في قائمة الأدنى عالميًا، إلى بدء مسار التعافي، أم أنّه ارتفاع موقّت ربطًا بمغامرة المضاربين؟
ارتفاع السندات أتى على وقع التفاؤل بأن يؤدّي الانفراج السياسي في لبنان إلى تنفيذ إصلاحات اقتصاديّة وماليّة، تمهّد لإعادة هيكلة السندات الدوليّة في نهاية المطاف. لكن في الوقت الراهن يعكس تصاعد السندات ارتفاعًا في المضاربة، وليس تحسّنًا جوهريًّا في الوضع المالي للبنان، بالنظر إلى واقع الفساد الراسخ، والحوكمة المتصدّعة، والقطاع المصرفي المشلول، والأزمة الإنسانيّة بأبعادها الصادمة، وفق رؤية خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد الدكتور محمد فحيلي في حديث لـ "لبنان 24" لافتًا إلى أنّ ارتفاع السندات اللبنانيّة مدفوع بشهيّة المستثمرين المضاربين للأصول عالية المخاطر، من دون أن يعكس إحراز تقدّم حقيقي في الإصلاحات.
المعطى السياسي خلف ارتفاع أسعار السندات
في الشق السياسي تحرّكت السندات صعودًا، ومعها تقديرات المستثمرين الإيجابيّة على وقع تطورين، انتخاب جوزاف عون رئيساً، وإضعاف حزب الله. لكن هناك إفراط في التركيز على التحوّلات السياسية وفق فحيلي "إذ لا يمكن الجزم بأنّ رئاسة جوزاف عون ستجلب الوحدة السياسيّة اللازمة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، لاسيّما وأنّ التجارب أثبتت أنّ الإنقسامات الطائفيّة العميقة واستمرار الفساد المنهجي والمصالح الخاصة بين النخبة السياسية أعاق جهود الإصلاح. وليس هناك ما يضمن أنّ قيادة عون ستغيّر هذه الديناميكية. كما أنّ الفكرة القائلة بإضعاف قبضة حزب الله هي فكرة تخمينية، إذ لا يزال الحزب قوّة مهيمنة، وله تأثير كبير على مؤسسات الدولة الرئيسيّة،وحضوره السياسي والاجتماعي يجعله لاعبًا حاسمًا في أيّ مناقشات لإعادة الهيكلة".
الوقائع الاقتصاديّة والماليّة: تخلف عن السداد وقطاع مصرفي مشلول
الارتفاع المرحلي الحاصل في السندات لا يلغي حقيقة الواقع الاقتصادي والمالي في البلد المتخلّف عن سداد ديونه منذ عام 2020، والبالغة 30 مليار دولار. يضاف إلى ذلك، الشلل الحاصل في القطاع المصرفي، وفقدان العملة الوطنية أكثر من 90٪ من قيمتها يلفت فحيلي "أمّا عملية الهيكلة فستكون طويلة ومحفوفة بالمخاطر سياسيًّا، ولن تؤدي إلى نتائج مستدامة من دون معالجة الأزمة المصرفيّة واستعادة الثقة. كما أنّ القضايا الحرجة، مثل خفض العجز المالي، وإصلاح الشركات المملوكة للدولة كقطاع الكهرباء، ومكافحة الفساد، مستمرة من دون معالجة. يضاف إلى ذلك، أنّ الاقتصاد اللبناني يعتمد بشكل كبير على التحويلات المالية والمساعدات المحتملة من صندوق النقد الدولي. وفي غياب خارطة طريق واضحة وذات صدقية للإصلاح، فإنّ تأمين هذا الدعم الخارجي سيكون أمرًا صعبًا، مما يترك حاملي السندات عرضة لمخاطر أكبر. كل ذلك يجعل التفاؤل الحالي سابقًا لأوانه".
يخلُص فحيلي إلى وضع الارتفاع الأخير في السندات اللبنانية في إطار النظرة التفاؤلية للمضاربين، لتبدو السندات بمثابة "تذكرة يانصيب" للمستثمرين الذين يراهنون على تغلّب النظام السياسي اللبناني على الفساد الراسخ وتنفيذ إصلاحات مؤلمة، ولكنّه احتمال غير مؤكد. بالتالي يتوقف نجاح الرهان على التغييرات الهيكليّة العميقة، التي فشلت البلاد حتى الآن في تحقيقها، ومن دون معالجة المشكلات الأساسية، يخاطر الارتفاع بأن يكون قصير الأجل، ما يترك المستثمرين عرضة لخسائر كبيرة.
الاتجاه لحلّ رضائي مع الدائنين
بالتوازي مع ارتفاع أسعار السندات، أعلن وزير الماليّة في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، التزام لبنان بالتّوصّل إلى حلّ رضائي ومنصف بخصوص إعادة هيكلة سندات اليوروبوندز، مشيرًا إلى أنّه "بتمديد مهل مرور الزّمن، لن يُضطرّ حاملو هذه السّندات إلى اتخاذ إجراءات قانونيّة بسبب نفاذ المهل، ريثما يشاركون في إعادة هيكلة منظّمة وتوافقيّة لهذه السّندات". تعليقًا على تصريح الخليل، لفت فحيلي إلى أنّ حكومة تصريف الأعمال ليس لديها تفويض كامل لاتخاذ قرارات مصيريّة تتعلق بإعادة هيكلة الديون السيادية، ورغم تفويض وزير المالية، يبقى هناك تساؤل حول شرعيّة أي اتفاقيات تُبرم دون وجود حكومة مكتملة الصلاحيات. كما لم يقدّم الوزير تفاصيل كافية عن كيفية تنفيذ إعادة الهيكلة أو الخطوات المتوقّعة، لجهة المدى الزمني لإعادة الهيكلة، وكيفية ضمان "العدالة" التي تحدث عنها الوزير. أمّا تعليق حق الدولة في الاعتراض على دعاوى قانونية فيمثّل خطوة استراتيجيّة، إلا أنه قد يُفسَّر كاعتراف ضمني بالمسؤولية عن تعثر السداد، مما قد يُضعف موقف الدولة التفاوضي في المستقبل.
بالمحصّلة، هناك تحديات كبيرة أمام لبنان في مسيرة التعافي، تتداخل فيها العوامل السياسّية والاقتصاديّة والماليّة، من دون إغفال تأثير المعطيّات الإقليميّة والدوليّة على الداخل اللبناني، في توقيت تشهد فيه المنطقة تحولّات جيوسياسية، لا بدّ أن تلقي بظلالها على بلاد الأرز. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • الصين تصدر سندات بـ 10 تريليون دولار في عام 2024
  • السندات اللبنانيّة تقفز وإقبال على شرائها: مغامرة مضاربين أم بداية تعافي؟
  • عاجل| نيويورك تايمز: إدارة ترامب تخطط لمراجعة دقيقة لعملاء في إف بي آي تمهيدا لفصلهم
  • “ذا تايمز”: مواقف الدول الأوروبية متضاربة بخصوص إرسال “بعثة لحفظ السلام” إلى أوكرانيا
  • نيويورك تايمز: إدارة ترامب تبحث إرسال 24 ألف بندقية هجومية لإسرائيل
  • اطلقوا ولا لسه؟ .. زوج نانسي عجرم يرد برسالة طويلة
  • آبل تحقق أرباحاً قياسية رغم تراجع مبيعاتها في الصين
  • ماذا تعرف عن أقدم خريطة في العالم؟.. يرجع تاريخها إلى 3 آلاف عام
  • اتطلقوا ولا لأ ؟ زوج نانسي عجرم يرد برسالة طويلة
  • قبل شهر رمضان.. حيل بسيطة لتخزين البطاطس لفترات طويلة