رئيس «الرعاية الصحية»: توظيف الذكاء الاصطناعي لتحقيق أفضل الممارسات العالمية
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
التقى الدكتور أحمد السبكي رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، مع الدكتور رونالد لافاتار، الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للمستشفيات، وذلك في مقر الهيئة بالعاصمة الإدارية الجديدة، على هامش فعاليات الملتقى السنوي الخامس للهيئة الذي انعقد تحت شعار «نحو العالمية في تقديم خدمات الرعاية الصحية»، احتفاءً بمرور خمس سنوات على الإطلاق الرسمي لمنظومة التأمين الصحي الشامل.
وناقش الدكتور السبكي مع الدكتور لافاتار، سبل تعزيز التعاون لدعم تطوير نظم الرعاية الصحية في إفريقيا وإقليم شرق المتوسط، بما يتماشى مع توجهات القيادة السياسية في مصر.
وسلم الدكتور لافاتار، الدكتور السبكي شهادة الجائزة الذهبية في الاستدامة الصحية والتوعية والمسؤولية المجتمعية، بعد فوز الهيئة بها تقديرًا لجهودها المتميزة في مجالات الاستدامة والرعاية الصحية.
توظيف التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعيجرى التطرق إلى استعدادات الاجتماعات المقبلة للاتحاد الدولي للمستشفيات، االتي من المقرر أن تُعقد في الهند نهاية فبراير 2025، وأعرب السبكي عن تطلعه لاستضافة المنتدى الـ49 للاتحاد في مصر عام 2026، مؤكدًا أن مصر أصبحت وجهة رائدة في مجالات الرعاية الصحية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وفي سياق التعاون المستقبلي، أكد أهمية تعزيز التعاون مع الاتحاد لاستمرار تطوير الخدمات العلاجية، ونقل الخبرات المتقدمة، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لتحقيق أفضل الممارسات العالمية، مشيرًا إلى تعزيز التعاون مع الاتحاد ومركز جنيف للاستدامة في سويسرا لدعم مبادرات الاستدامة في الرعاية الصحية وتعزيز الابتكار، مع تأكيد حرص الهيئة على الشراكة مع المؤسسات الصحية العالمية لتطوير النظام الصحي.
من جهته، أعرب الدكتور رونالد لافاتار عن سعادته بالمشاركة في الملتقى السنوي الخامس للهيئة، مؤكدًا تطلعه للعديد من الزيارات لمصر والمنشآت الصحية التابعة للهيئة في الفترات القادمة لتعميق التعاون المشترك، مشيدًا بالتطور السريع الذي تشهده الرعاية الصحية في مصر، مؤكدًا أن الهيئة العامة للرعاية الصحية قدمت نموذجًا يحتذى به في إدارة وتشغيل المنشآت الصحية وفقًا لأعلى المعايير العالمية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الرعاية الصحية المنشات الصحية الذكاء الاصطناعي الرعایة الصحیة
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي والترجمة
انتهيت في مقالي السابق إلى أن الذكاء الاصطناعي- الذي يمثل ذروة التكنولوجيا في يومنا هذا- أصبح فتنة تُبهر العامة وتشغل اهتمام المتخصصين، وهي ما يجعلنا نبالغ في أهمية هذا الذكاء وقدراته في كل مجال، بما في ذلك مجالات الترجمة والتأليف والإبداع الفني. وحيث إنني ليس في وسعي إلقاء الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في كل هذه المجالات أو بعضها في مقال واحد، فسوف اكتفي هنا بتناول دوره في مجال الترجمة.
لقد اطلعت على برامج الترجمة من خلال الذكاء الاصطناعي بهدف التحقق من قدراتها على الترجمة الدقيقة والأمينة على الأقل، أي التي ينبغي أن تتحقق فيها أبسط شروط الترجمة، وليس كل متطلباتها؛ ولكني فوجئت بأن هذه الترجمات لا تتحقق فيها هذه الشروط الأساسية: فلا هي دقيقة ولا هي أمينة، وتقع في الأخطاء نفسها التي يرتكبها المترجم الرديء. وفيما يلي أمثلة على أنماط عديدة من هذه الأخطاء:
من الأمثلة على هذه الأخطاء: ترجمة كلمة أو عبارة في نص قديم بناء على دلالتها في سياق عصر المترجم، من دون تمحيص لدلالتها في عصر المؤلف، أو- على العكس من ذلك- ترجمة كلمة ما ترجمة حَرفية أو صوتية كما هي مستخدمة في عصرها من دون ترجمة، ومن ثم من دون فهم لمعناها، وبالتالي من دون قدرة على رفع معنى الكلمة إلى حالة حضور، بحيث يبقى معناها مكافئًا لدلالتها المستخدمة في عصرنا، أعني عصر المترجم (سواء أكان هو المترجم البشري أو المترجم الآلي). والحقيقة أن هذا الشرط يعني أن الترجمة تقتضي عملية رفع النص إلى حالة حضور أو «تعاصر»، وهو ما يُعرف «بعصرنة النص».
وهناك نوع آخر من الأخطاء وهو الترجمة الحرفية لدلالات الألفاظ والعبارات وتراكيب اللغة، من دون وعي باختلاف طبيعة اللغة المنقول عنها (في كل هذه المستويات) عن طبيعة اللغة المنقول إليها. فاللفظ لا يمكن ترجمته في ذاته وبمفرده ترجمة قاموسية؛ ببساطة لأن اللفظ في أية لغة ليس له معنى واحد مستقل بذاته، وإنما يتأسس معناه على علاقته بالكلمات الأخرى في سياق النص المنقول عنه، وهي علاقات تختلف في تراكيبها عندما يُراد صياغتها في اللغة المنقول إليها. ولكن هذا النمط وغيره من الأخطاء -للأسف- هو ما نجده في كثير من الترجمات العربية الشائعة والشهيرة.
وهناك نوع ثالث من الأخطاء التي لا تتوخى الدقة حينما لا تراعي السياق المتخصص للنص (إذا كان متخصصًا)؛ وبالتالي ترتكب أخطاءً فادحة. وعلى سبيل المثال: نجد أن كلمة truth، عادةً ما تتم ترجمتها إلى كلمة «الحقيقة»، دون مراعاة للمجال التخصصي الذي ترد فيه هذه الكلمة. فلا يكفي هنا مراعاة المجال التخصصي العام الذي ترد فيه هذه الكلمة، وإنما يجب أيضًا مراعاة الجانب التخصصي الدقيق: فالكلمة يمكن ترجمتها على النحو السابق إذا كانت تقع في مجال الميتافيزيقا أو الأنطولوجيا، ولكنها تصبح غير دقيقة إذا كان النص المنقول عنه يقع في مجال المنطق أو فلسفة تحليل اللغة؛ لأنها في هذه الحالة سوف تعني «الصدق» وليس «الحقيقة»؛ تمامًا مثلما أن كلمة true في هذا السياق أو المجال لا يجب ترجمتها إلى «صحيح»، وإنما إلى كلمة «صادق»؛ لأن الصدق يختلف عن الصحة في المنطق.
ناهيك عن شرط آخر للترجمة يتمثل فيما يمكن أن نسميه «جمال الترجمة»، وهو شرط لا يتحقق إلا في قدر ضئيل للغاية من الترجمات البشرية، وتفتقر إليه تمامًا برامج الذكاء الاصطناعي في الترجمة؛ ببساطة لأنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأساليب شخصية وإبداعية لدى المترجم (وهذا الطابع الشخصي يغيب عن البرامج الاصطناعية للمترجم الآلي). هذا الطابع الشخصي الإبداعي في الفهم والتأويل - ومن ثم في الأسلوب- يشهد عليه المثال التالي: يمكن أن نجد ترجمتين لنص واحد، وقد تكون كلاهما دقيقة وموثوقة، ومع ذلك فإننا نفضل إحداها على الأخرى، باعتبارها أكثر جمالًا منها، للسبب سابق الذكر. فالترجمة لا تخلو من طابع إبداعي بمعنى ما.
كل هذه الأخطاء التي قد يقع فيها المترجم البشري عادةً ما تقع فيها برامج الترجمة وفقًا للذكاء الاصطناعي، الذي نسميه على سبيل التبسيط: «المترجم الاصطناعي أو الآلي»؟ لماذا؟ يمكن القول ببساطة إن هذه الأنماط من أخطاء المترجم البشري ترجع إلى نقص أو قصور في قدرات معرفية خاصة، وهو قصور لا يمكن مداواته من خلال المترجم الاصطناعي؛ لأنه يفترض نوعًا من الخبرات المعرفية الخاصة، وقدرة على الترجمة في ضوء روح العصر والسياق الثقافي والاجتماعي السائد فيه. بل إنه قد يفترض معرفة وثيقة بخصوصية تفكير كاتب ما وأسلوبه في الكتابة والتعبير عن هذا الفكر، وهو أسلوب قد يتميز بالتجهم والجدية والصرامة أو بالرشاقة واللغة الموسيقية أو بالدعابة أو بالسخرية. بل قد يفترض معرفة مؤسسة على نوع من الألفة أو «الفهم المتعاطف» (إذا استخدمنا لغة هيدجر) مع كاتب النص، بل مع شخصيته ذاتها التي تنعكس في الكتابة.