“الاستفتاءات السنوية بين المهنية والترويج .. دعوة لتصحيح المسار”
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
بقلم : سمير السعد ..
مع اقتراب نهاية كل عام، تتحول الأنظار نحو الاستفتاءات التي تنظمها بعض المنظمات والمؤسسات الإعلامية والمواقع الإلكترونية لاختيار الأفضل في مختلف المجالات. وفيما تبدو هذه المبادرات ظاهريًا فرصة لتكريم المبدعين والاحتفاء بالإنجازات، إلا أن الشفافية والحيادية في كثير منها أصبحت محل شك وتساؤل.
السؤال الذي يطرح نفسه: وفق أي آلية يتم الاختيار؟ وهل كانت المعايير المتبعة مهنية وعادلة؟ أم أن هناك تدخلًا للأهواء الشخصية والمجاملات والضغوط المالية التي قد تحوّل هذه الاستفتاءات إلى وسيلة للترويج والدعاية أكثر من كونها احتفاءً حقيقيًا بالمبدعين؟
ما نراه ونسمعه في بعض الأحيان يثير القلق، حيث تتحول هذه الاستفتاءات إلى سوق للمزايدات، تُمنح فيها الألقاب والجوائز لمن يدفع أكثر أو لمن يملك علاقات أقوى، وليس لمن قدم عطاءً ملموسًا أو إنجازًا يستحق التقدير. هذه الممارسات لا تظلم المبدعين فحسب، بل تُضعف أيضًا ثقة الجمهور في مصداقية المؤسسات التي تنظم هذه الفعاليات.
لذا، حان الوقت للتوقف عن هذه الأساليب غير المهنية، والعمل على وضع معايير واضحة وشفافة تُشرف عليها لجان متخصصة من أهل الخبرة والاختصاص. لجان تتمتع بالنزاهة والموضوعية بعيدًا عن أي ضغوط أو مغريات، لتكون قراراتها مرآة حقيقية للجهد والعطاء.
المجتمعات تحتاج إلى تكريم حقيقي يكرس القيم النبيلة ويشجع على الإبداع والإتقان، لا إلى ألقاب زائفة لا تخدم إلا مصالح ضيقة. دعونا نعيد الهيبة لهذه الفعاليات من خلال اختيار الأفضل بناءً على الإنجازات الحقيقية، وليس على المصالح الشخصية أو الدعائية.
بهذا النهج، يمكن أن تصبح الاستفتاءات فرصة حقيقية لدعم الإبداع وتحفيز المبدعين، بدلًا من أن تكون أداة للتلاعب والترويج.
إن استمرار الاستفتاءات غير المهنية يهدد قيمة التقدير الحقيقي ويشوه صورة الإنجاز. عندما يصبح التقييم قائمًا على العلاقات والمصالح، فإننا نُهدر فرصة ثمينة لبناء مجتمع يقدر الكفاءة والعمل الجاد.
كما أن غياب الشفافية لا يضر فقط بمصداقية المؤسسات المنظمة، بل يترك أثرًا سلبيًا على الموهوبين الذين يشعرون بالتجاهل والتهميش لصالح من يتم اختيارهم دون وجه حق. وهذا يُضعف الروح التنافسية النزيهة ويثبط عزيمة من يسعون إلى تقديم الأفضل.
لذلك، ندعو جميع الأطراف، من مؤسسات إعلامية وتنظيمية ومجتمعات مهنية، إلى تحمل مسؤوليتها في تصحيح المسار. يجب أن تُبنى معايير التقييم على ركائز صلبة من الإنجاز الفعلي، الأثر المجتمعي، والجودة المهنية.
إذا أردنا أن نرتقي بهذه الفعاليات ونحوّلها إلى منصة لتكريم الإبداع بحق، فعلينا أن نبدأ بإعادة النظر في أسسها. لا يمكن للإبداع أن يُكرّم إلا عندما يُقيم بعدالة، ولا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر دون تكريس قيم النزاهة والشفافية في كل مجالاته.
إن الوقت قد حان للتغيير ، ولنبدأ بتكريم من يستحق، وفق معايير عادلة تعكس العطاء الحقيقي بعيدًا عن الأهواء والمجاملات. سمير السعد
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
محمد الطويان.. شيخ الدراما السعودية ومسيرة نصف قرن من الإبداع
في سجل الدراما السعودية، يبرز اسم محمد الطويان كأحد أعمدتها الراسخة وفنان شكّل وجدان المشاهدين لعقود من خلال مسيرة فنية امتدت لأكثر من 50 عاما.
واستطاع الطويان خلالها أن يكون ممثلا ومؤلفا ومنتجا، إضافة إلى كونه فنانا تشكيليا، مما جعله أحد رموز الفن والإبداع ولقب بشيخ الدراما السعودية.
البدايات والتكوين الفنيمحمد الطويان المولود في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي بالعاصمة الأردنية عمّان، لكنه ينتمي إلى مدينة بريدة في منطقة القصيم بالسعودية، كان مهتما بالفنون منذ صغره، وأثر في تكوينه عدة عوامل أبرزها نشأته في بيئة اجتماعية ميسورة الحال، فوالده كان يعمل في التجارة بين الشام وشمال السعودية هذا التنقل جعله يتأثر ببيئات ثقافية متعددة أسهمت في تشكيل شخصيته الفنية لاحقا.
إلى جانب ذلك دراسته للمسرح في الولايات المتحدة الأميركية كان لها أيضا تأثير بالغ في مسيرته، التي بدأها من خلال الإبداع المسرحي والتلفزيوني فلم يلبث أن أثبت موهبته ولفت الأنظار إليه سريعا ووضع بصمة في الساحة الفنية السعودية والخليجية.
5 عقود من الإبداعمسيرة ممتدة لـ5 عقود بدأها الطويان في سبعينيات القرن الماضي بمشاركته في العديد من السهرات التلفزيونية والمسلسلات، ومنها "فرج الله والزمان" و"أحلام سعيدة"، إلا أن الدور الأبرز الذي منحه شهرة واسعة كان تجسيده لشخصية "حظيظ" في مسلسل "السعد وعد" عام 1982.
إعلانكما قدم أحد أهم أدواره في مسلسل "عودة عصويد" عام 1985، الذي أظهر نضجه الفني وقدرته على تقديم شخصيات متنوعة حيث جسّد شخصية الأب والابن في المسلسل نفسه.
لم يقتصر تألقه على الأعمال المنفردة، بل شارك في 10 مواسم متتالية من المسلسل الأشهر "طاش ما طاش"، كما كان له حضور مميز في مسلسلات مثل "كلنا عيال قرية"، "سيلفي"، "غشمشم"، "لعبة الكبار"، و"مكان في القلب".
اكتشاف المواهبإلى جانب كونه ممثلا موهوبا، كان الطويان صاحب رؤية ثقافية وفنية واسعة، ما جعله أحد الأسماء المؤثرة في الوسط الدرامي الخليجي. ولم يكن تأثيره مقتصرًا على أدائه الشخصي، بل امتد ليشمل دعم واكتشاف العديد من المواهب التي أصبحت فيما بعد رموزًا للدراما العربية، ومن بينهم الممثلون ناصر القصبي، وعبد الله السدحان، وأيمن زيدان، إضافة إلى المخرج السوري نجدت أنزور.
التوقف والعودةعاش شيخ الدراما السعودية حياة أسرية هادئة في الرياض التي استقر بها مع عائلته وأبنائه الأربعة فراس، ووليد، ووائل وراكان.
قبل أن يتعرض لصدمة كبيرة في عام 2002 فقرر الابتعاد عن الساحة الفنية بعد وفاة صديقه المقرب الفنان محمد العلي، وظل مبتعدا 6 سنوات، غير أنه عاد بقوة عام 2007 من خلال مسلسل "تسونامي".
واستمر الطويان في تقديم أعمال متميزة حتى سنواته الأخيرة، حيث كان آخر ظهور له على الشاشة من خلال مسلسل "طاش العودة" 2023، وفي العام نفسه شارك في الفيلم السعودي "مندوب الليل".
جوائز وتقديرحظي الطويان بتقدير كبير داخل المملكة وخارجها، حيث تم تكريمه بعدة جوائز، كان آخرها جائزة "المسرح والفنون الأدائية" من مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية في دورتها الرابعة عام 2024، وذلك تقديرًا لمسيرته الطويلة وعطائه الفني المستمر، كما كان من الأسماء التي تم تكريمها في حفل الـ"جوي أوورد" إلا أنه لم يتمكن من الحضور بسبب معاناته في الفترة الأخيرة من أمراض الشيخوخة.
إعلان إرث في الدراما السعوديةبرحيل محمد الطويان في 31 يناير/كانون الثاني 2025 عن عمر يناهز 80 عاما ودّعت الساحة الفنية السعودية والخليجية واحدًا من أبرز رموزها. غير أن أعماله وشخصياته التي قدمها ستبقى خالدة، شاهدة على موهبته وإبداعه الذي أسهم في رسم ملامح الدراما السعودية على مدى نصف قرن.
كان الطويان نموذجًا للفنان الذي لا يقتصر دوره على الأداء، بل يمتد إلى التأثير وصناعة جيل جديد من الفنانين، وهو إرث سيظل مصدر إلهام للأجيال المقبلة.