خلال اجتماع انتخابي لحملة دونالد ترامب في ولاية ميتشيجان، نهاية أكتوبر الماضى، وقبل أيام قليلة من يوم الحسم في الانتخابات الأمريكية، اعتلى منصة المتحدثين عدد من ممثلى العرب والمسلمين في الولاية، ليفجروا مفاجأة لم يتوقعها أغلب المراقبين السياسيين، وهي، «العرب يساندون ترامب» و«مسلمون مع ترامب»، كانت هذه بعض الشعارات التي رفعها الحاضرون بقوة في ذلك الاجتماع الانتخابي، الذي أنهى احتكار الحزب الديمقراطي لأصوات الأمريكيين من أصول عربية.

ويعود هذا التحول الكبير إلى الاتفاق في المواقف السياسية، بين العرب الأمريكيين من جهة، وجمهور المحافظين الأمريكيين من جهة أخرى، حول دعم قيم الأسرة، وحماية الأطفال في المدارس، والمحافظة على فطرتهم وبنيتهم النفسية.

ومن هنا بدأ فريق الرئيس الأمريكي المنتخب يتوجه للاعتماد على أمريكيين من عائلات عربية مهاجرة، وحسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، هناك ترشيحات لاختيار رجل الأعمال الأمريكي من أصل مصرى إيميل مايكل لتولي منصب وزير النقل، ما يعكس مكانته كأحد أبرز الشخصيات في مجال الأعمال، والذي لعب دورًا مفصلياً في حشد أصوات الأمريكيين من أصول عربية ومصرية على وجه الخصوص في مدينة ديربورن لصالح ترامب.

ولعب «مايكل» دورًا محورياً في جمع حوالى 15 مليار دولار من التمويل، وساعد في تحويل «أوبر» إلى الشركة الخاصة الأكثر قيمة في العالم بحلول عام 2018.

وفي العام 2021، شارك مايكل في تمويل Checkstop، وهو برنامج ذكاء اصطناعي لإدارة المحتوى على المنصات الرقمية.

ومايكل هو الأمريكي الثاني من أصل عربي الذي يتولى منصباً قيادياً في إدارة ترامب، بعد اللبنانى مسعد بولس «وهو صهر ترامب» الذي سيتولى ملف التفاوض مع الجانب اللبناني للوصول إلى اتفاق تهدئة في الشرق الأوسط، والثالث ماركو روبيو وهو أول أمريكي من أصول لاتينية يتولى وزارة الخارجية.

وقد دعَّمت ولاية ميتشيجان الرئيس دونالد ترامب، والفارق الذى فاز به ترامب أو تسبب بفوزه بلغ 80 ألف صوت، وهذا يعني أن أصوات العرب والمسلمين في ميتشيجان أتت جميعها في صالح ترامب واستفاد بها، وتم حصد هذه الأصوات بعد أن تحالف معهم ووعدهم بأنه سيحقق لهم كافة مطالبهم بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وفي لبنان.

كما كُلف الملياردير إيلون ماسك، مالك منصة «إكس» وشركتى «تسلا» و«سبايس إكس» بقيادة عملية تدقيق في الإنفاق العام بهدف خفضه إلى جانب رجل الأعمال فيفيك راماسوامى.

ويُعرف «ماسك» المساهم مالياً بشكل واسع في حملة الجمهوريين، بأسلوبه الإداري «المتشدد» وبكونه لا يتردد في تنفيذ عمليات تسريح سريعة واسعة النطاق، فيما رشح ترامب سكوت بيسنت، مؤسس «مجموعة كي سكوير» (Key Square Group)، لمنصب وزير الخزانة، باعتباره أحد أبرز المستثمرين الدوليين والخبراء الاستراتيجيين الجيوسياسيين والاقتصاديين في العالم، ويعتبر «ترامب» أن «قصة سكوت هي قصة الحلم الأمريكي».

ورشح أيضاً الملياردير هوارد لوتنيك، المدير التنفيذي لشركة كانتور فيتزجيرالد، وزيراً للتجارة في إدارة ترامب الجديدة.

وقال الكاتب ويل دان في مقال نشرته مجلة «نيو ستيتسمان» البريطانية، إن القوة السياسية والاقتصادية في العالم اليوم أصبحت بيد شخصيات مثل ماسك، حيث استطاع باستخدام ثروته الطائلة التأثير على الانتخابات الأمريكية ولعب دوراً محورياً في دعم حملة دونالد ترامب الانتخابية وفوزه بالرئاسة.

وأضاف أن من بين 7 شركات كبرى تسيطر على أسواق الأسهم الأمريكية، وتمثل مجتمعة ما يقرب من ربع قيمة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» لأكبر 500 شركة أمريكية متداولة في البورصة، توجد شركة تسلا للسيارات الكهربائية، والتى تأتى منها معظم ثروة ماسك.

إن موهبة «ماسك» وزملائه المليارديرات في وادي السيليكون ليست في الهندسة أو التصميم، بل في قدرتهم على جذب المستثمرين في أسواق المال وبيع المخاطر والإغراء بالأرباح بالمكافأة، ومع فوز «ترامب» بدأ المليارديرات وقادة الأعمال من مختلف القطاعات التفاعل مع المستجدات السياسية.

ورجّحت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن يعين الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رجل الأعمال ترا ستيفنز، أو المستثمر الملياردير ستيفن فاينبرغ نائباً لوزير الدفاع، لأن ستيفنز هو أحد مؤسسي شركة Anduril Industries لتكنولوجيا الدفاع، أما فاينبرغ فقد أسس أحد أكبر صناديق الأسهم الخاصة في العالم، وهو Cerberus Capital Management، وتعيين أحدهما سيكون علامة جيدة للشركات الناشئة التي ظهرت في قطاع الدفاع في السنوات الأخيرة.

وهذا يظهر اعتماد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على الأمريكيين العرب الذين كان لهم الدور الأبرز في نجاحه في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وكذلك فئة رجال الأعمال الذين يستعين بهم لينهض على أيديهم الاقتصاد الأمريكي.

* رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الانتخابات الأمريكية دونالد ترامب أسواق الأسهم الأمريكية لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب الأمریکیین من دونالد ترامب فی العالم

إقرأ أيضاً:

ما هي انعكاسات الدور المتنامي لإيلون ماسك على الدبلوماسية الأمريكية؟

تناول أستاذ العلوم السياسية "فيفيك إن. دي" النفوذ المتزايد لإيلون ماسك على السياسة الخارجية الأمريكية، في ضوء دوره القيادي المحتمل في وزارة الكفاءة الحكومية المقترحة، في ظل إدارة دونالد ترامب.

نهج ماسك المتمركز حول التكنولوجيا قد يبسّط بشكل مفرط العوامل الثقافية والسياسية




وقال فيفيك في مقاله بموقع موقع "جيوبوليتيكال مونيتور" الكندية إن بوسع الابتكارات التكنولوجية لإيلون ماسك، خاصة شركة أبحاث وسفن الفضاء "سبيس إكس" SpaceX وخدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية "ستارلينك"Starlink ، أن تشكل بشكل كبير الدبلوماسية الأمريكية والعلاقات الدولية. رؤية ماسك

وأضاف الكاتب أن  تعيين ماسك في وزارة حكومية ركز على الكفاءة، ربما إلى جانب رجل الأعمال السياسي فيفيك راماسوامي، يمكن أن يضع نهجاً جديداً قائماً على التكنولوجيا للحوكمة والسياسة الخارجية الأمريكية. وتهدف الوزارة إلى القضاء على عدم الكفاءة في النظام الفيدرالي مع الاستفادة من التقنيات المتطورة لدعم المصالح الاستراتيجية الأمريكية.
وأظهر مشروع ستارلينك التابع لماسك بالفعل إمكاناته كأداة للقوة الناعمة، حيث يوفر اتصالاً موثوقاً بالإنترنت في المناطق ذات البنية التحتية الضعيفة، مثل أوكرانيا التي مزقتها الحرب.

 

Good time to bring this gem back since Trump is Back on X

Elon Musk was/is the DoD’s Biggest contractor. Meaning…. The government paid no one more money than they did Elon Musk.

Elons purchase of Twitter was essentially from money acquired through military spending, all… pic.twitter.com/87A64QgAAO

— MJTruthUltra (@MJTruthUltra) August 12, 2024


وأشار الكاتب إلى أن هذه القدرة تضع ستارلينك كأصل محوري في السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة في إطار تعزيز الأهداف الاستراتيجية في مناطق مثل منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث ما تزال هناك تحديات تواجه سبل الاتصال.
ومن خلال الترويج للحلول التكنولوجية في هذه المجالات، يمكن لماسك المساعدة في إعادة تشكيل استراتيجيات المشاركة الأمريكية، مع التركيز على الابتكار في مجال الدبلوماسية التقليدية القائمة على البنية التحتية.

الدور الدبلوماسي

وسلط الكاتب الضوء على الدور المتطور لماسك كشخصية عالمية، مشيراً إلى اجتماعه المزعوم، الذي نفته طهران، مع سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرفاني، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2024.
ويقال إن هذا الاجتماع استكشف كيف يمكن لستارلينك معالجة قضايا الاتصال في المناطق المتضررة من العقوبات. من خلال التحايل على القنوات الدبلوماسية التقليدية، يمكن أن يقدم نهج ماسك القائم على التكنولوجيا حلولاً مبتكرة لتعزيز الاتصالات في مناطق مثل الشرق الأوسط، والحد من التوترات مع تجاوز فن الحكم التقليدي.

 

Our cover story this week is on Elon Musk. I contributed to the briefing, specifically looking at Mr Musk's space-related leverage over the Pentagon and intelligence community—considerable, but not necessarily as severe as sometimes assumed. https://t.co/jMV8OYrwSC pic.twitter.com/L1UmjwuizO

— Shashank Joshi (@shashj) November 21, 2024


ومع ذلك، تثير هذه الاستراتيجية مخاوف بشأن استعداد ماسك للتعامل مع الأنظمة المعادية، وهو ما يبتعد عن النهج الأمريكي التقليدي الذي يؤكد على العقوبات والدبلوماسية الحكومية.
وفي حين قد تتوافق تدخلات ماسك مع الأهداف الأمريكية الأوسع نطاقاً - تعزيز التحالفات وتعزيز التنمية - فإن طبيعتها غير التقليدية تتحدى المعايير الراسخة في السياسة الخارجية.


التداعيات على منطقة المحيطين الهندي والهادئ


وأوضح الكاتب أن تأثير ماسك على منطقة المحيطين الهندي والهادئ قد يشكل نقطة تحول لصالح أمريكا في مواجهة هيمنة بكين. وتتميز هذه المنطقة بالتنافسات الجيوسياسية الشديدة و"مبادرة الحزام والطريق الصينية".
وقال الكاتب إن تكنولوجيا ستارلينك يمكن أن تكون بمنزلة بديل استراتيجي لاستثمارات البنية التحتية الصينية، مما يوفر الوصول إلى الإنترنت للسكان المحرومين وتمكين التكامل الرقمي في جميع أنحاء المنطقة.
ويتضح الدور المزدوج الذي يلعبه ماسك كمبتكر تقني ودبلوماسي عالمي من خلال علاقته بالصين. ورغم الاستثمارات الكبيرة لشركة تيسلا في شنغهاي واتصالات ماسك مع المسؤولين الصينيين، فإن قدرته على التعامل مع التوترات بين الولايات المتحدة والصين تعكس عملية موازنة معقدة.
وفي حين يزعم المنتقدون أن نهجه يخاطر بالتكيف المفرط مع بكين، فإن خبرته في الحفاظ على العلاقات مع القوى المتنافسة قد تكون مفيدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث يتعين على الولايات المتحدة موازنة المنافسة مع الصين والشراكات مع حلفاء مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا.


المخاطر والخلافات


ولفت الكاتب النظر إلى أن نفوذ ماسك المتزايد على السياسة الخارجية الأمريكية يأتي مع مخاطر كبيرة رغم الفوائد المحتملة؛ فتعامله مع القضايا الحساسة - مثل استجابته المثيرة للجدل لمعاداة السامية على X (تويتر سابقاً) أثناء زيارته لإسرائيل - يثير تساؤلات حول حكمه وقدرته على التنقل عبر ديناميكيات عالمية معقدة.
ويقول المنتقدون أن نهج ماسك المتمركز حول التكنولوجيا قد يبسّط بشكل مفرط العوامل الثقافية والسياسية والتاريخية الدقيقة المطلوبة للدبلوماسية الفعالة.
وأشار الكاتب إلى مخاطر إعطاء الأولوية للمصالح التجارية على الأهداف الاستراتيجية. فعلاقات ماسك مع الصين، رغم كونها مفيدة اقتصادياً، قد تقوض الجهود الأمريكية لمواجهة نفوذ بكين. وبالمثل، فإن تركيزه على الحلول التكنولوجية يخاطر بإهمال المشاركة الدبلوماسية الأوسع اللازمة لمعالجة التحديات الجيوسياسية في مناطق مثل المحيطين الهندي والهادئ والشرق الأوسط.


الخلاصة


ورأى الكاتب أن قيادة ماسك في إدارة ترامب المحتملة قد تعيد تعريف السياسة الخارجية الأمريكية ولكن ليس من دون تحديات. وفي حين تقدم ابتكارات ماسك التكنولوجية إمكانيات مثيرة، فإن أساليبه غير التقليدية وتركيزه على الكفاءة قد يؤدي إلى تبسيط القضايا الجيوسياسية المعقدة بشكل مفرط.
وقال الكاتب إن شخصيته العامة غير المتوقعة وتركيزه على المصالح التجارية من الممكن أن يقوض الأهداف الأمريكية، خاصة في مناطق مثل المحيطين الهندي والهادئ والشرق الأوسط، حيث تتطلب الفروق الثقافية والتاريخية مشاركة دبلوماسية حذرة.
ومع ذلك، فإن دور ماسك كدبلوماسي مدفوع بالتكنولوجيا يسلط الضوء على تحول محتمل في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع التحديات العالمية، مما يشير إلى مستقبل يتقارب فيه الإبداع والاستراتيجية، وفق الكاتب.

مقالات مشابهة

  • "ترامب سياسي ذكي ومحنك".. كيف تحدث بوتين عن الرئيس الأمريكي ومما حذره؟
  • بوتين يفجر مفاجأة.. حياة الرئيس الأمريكي ترامب ربما تكون في خطر
  • العالم تغير.. تحديات تنتظر الرئيس الأمريكي المنتخب في مشهد عالمي جديد
  • عودة للماضي| ترامب يتجه إلى تشكيل فريق للتحقيق في هزيمته عام 2020
  • فريق ترمب يتلقى تهديدات
  • النائب علاء عابد: وقف إطلاق النار على لبنان يمثل انتصارا للجهود الدبلوماسية لمصر لتهدئة الأوضاع في المنطقة
  • ترامب يتجه إلى تشكيل فريق للتحقيق في هزيمته عام 2020
  • علاء عابد: وقف إطلاق النار على لبنان انتصار لجهود مصر لتهدئة الأوضاع بالمنطقة
  • ما هي انعكاسات الدور المتنامي لإيلون ماسك على الدبلوماسية الأمريكية؟