عربي21:
2025-04-25@09:14:28 GMT

آخر الرجال المحترمين

تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT

كلما هممنا برثاء شخصية ما ودعت عالمنا وتحسرنا على فقدها إلا واستحضرنا عبارة "آخر الرجال المحترمين" المرتبطة في الذاكرة والوجدان بأحد أفلام الراحل المبدع نور الشريف من تأليف وحيد حامد وإخراج سمير سيف، وأبصر النور سنة 1984. طبعا الفيلم ليس موضوعنا الرئيسي، لكن العنوان مثير للاهتمام ويحيلنا على معاني ودلالات متعددة وبالأخص في أيامنا الحالية.



المدقق في الواقع السياسي ليس فقط في الوطن العربي المكتنز بالخيبات وإنما العالم بأسره سيجد أننا حقا أمام "أزمة مريرة"؛ ليست فقط في الكفاءات والكوادر القيادية وإنما غياب الوازع الأخلاقي أيضا المتهالك لدى الكثيرين من هؤلاء، مما يجعل عنوان الفيلم ضرورة ملحة لتوضيح عمق وحجم المأساة التي نحياها.

المدقق في الواقع السياسي ليس فقط في الوطن العربي المكتنز بالخيبات وإنما العالم بأسره سيجد أننا حقا أمام "أزمة مريرة"؛ ليست فقط في الكفاءات والكوادر القيادية وإنما غياب الوازع الأخلاقي أيضا المتهالك لدى الكثيرين من هؤلاء، مما يجعل عنوان الفيلم ضرورة ملحة لتوضيح عمق وحجم المأساة التي نحياها
نشرح أكثر ونبتعد عن العموميات ونستحضر على سبيل المثال "الماما أمريكا" وما تعيشه في السنوات الأخيرة من تخبط تختصره الانتخابات الأخيرة بجلاء؛ فبعد تسلق شخصية مثل "أبو إيفانكا ترامب" للمشهد في ولايته الأولى قبل أن ينقاد للهزيمة أمام "المأفول" الحالي جو بايدن، وما صاحب تلك المرحلة من توتر وتهديدات ومحاكمات جعلت العناوين الأولى للإعلام هناك أن نهاية ترامب السياسية قد حانت ومستقبله تم وأده إلى الأبد. وحتى في ذروة حكم بايدن شاهدنا عشرات الزلات أمام عدسات الكاميرا وإصرارا مريبا على الترشح عن الحزب الديمقراطي، قبل أن يستسلم للأمر الواقع في نهاية المطاف وتخرج كاملا هاريس من القمقم وتتجرع الهزيمة أمام المرشح الجمهوري الآخر المثخن بالفضائح والكوارث؛ لتكون المحصلة: هل أضحى حزبا الفيل والحمار عاقرين عن إنجاب قيادات جديدة تمحي شطحات الاثنين، وبالتالي تكريس هذه النماذج بكل ما تنضح به من سوء؟

الجواب يكمن في عودة ترامب للبيت الأبيض مجددا رغما عن كل ما قيل ضاربا بعرض الحائط سجله المتشح بالعار؛ وذات الأمر ينطبق على الكيان الغاصب الذي يتلاعب نتنياهو بمصيره بمنتهى الحقارة قافزا على كل المطبات وحواجز التحقيقات وفضائح الفساد التي تزكم الأنوف، ومع كل هذا تعجز المعارضة عن الإطاحة به رغم كل تحذيرات رؤساء الحكومات السابقين ونواب الكنيست الغاضبين.

ومن الكيان الصهيوني إلى ألمانيا على سبيل المثال التي عادت لتعانق مصطلح "رجل أوروبا المريض" اقتصاديا بعد توالي النكسات منذ رحيل أنجيلا ميركل التي أنقذت البلاد بحنكتها وحكمتها، وأعادها أولاف شولتس إلى الحضيض منذرا بمستقبل قاتم السواد لشخصية تفتقر لأدنى مقومات السياسي المحنك.

كل هذا وصولا للأسماء التي باتت تحتل الفضاء والهواء في وطننا العربي وتضطلع بمسؤوليات مصيرية، وتكفي جولة مصغرة عبر محطات التلفزيون لرؤية مداخلات هؤلاء السياسيين الجدد ممن طفوا على السطح فجأة كي تدرك حجم الفراغ المهول الذي أصبحنا نعيشه على مستوى القيادات والكفاءات اليوم، مما يجعلنا أمام فقر مدقع يهدد بقادم حالك السواد في شتى المجالات.

أتذكر أنني قبل سنوات وتحديدا يوم رحيل أحد أهم السياسيين في المغرب والوطن العربي، وأعني المناضل الأصيل عبد الرحمن اليوسفي، استعنت حينها بعبارة "ورحل آخر الرجال المحترمين". آنذاك كانت فئات لا بأس بها "متحفظة" على الوصف؛ لكنني كنت أشد الاقتناع بأنه الأدق والأكثر تعبيرا على الوضع السياسي في المغرب، وبالملموس أضحى الكثير من هؤلاء يشاطرونني الرأي اليوم وهم يعانون مع المستويات المتردية والكارثية للنماذج الحالية التي لا تمت بصلة لإرث ولا مصداقية ولا أصالة ونضال الاسم السالف الذكر. وكي نقرب الصورة أكثر نذكر على سبيل المثال لا الحصر أحد اللقاءات الإعلامية التي أطل فيها وزير العدل المغربي الحالي مؤخرا، والأسلوب المستفز الذي خاطب به الصحفي المحاور وأيضا الموجه لقطاعات واسعة من الشعب؛ وهذا ليس سوى غيض من فيض لأن الأمثلة كثيرة.

ومن المغرب نتوجه صوب تونس الخضراء التي أحكم فيها قيس سعيد القبضة على كل مفاصل الدولة، ولا يكاد يمر عام حتى يقرر إعفاء الحكومة وتشكيل أخرى مع الإصرار على الزج بكل ما ينبس ببنت شفة وراء القبضان كي يسرح ويمرح بنتائج الانتخابات الأخيرة، ويواصل إظهار مهاراته الخطابية وتصويرها وإظهار الجميع في مظهر التلاميذ النجباء في حضرة الأستاذ/الداهية الذي يجيد اللعب على كل الحبال، وعلى رأسها "الادعاء" بكون فلسطين القضية الأولى والمركزية لكنه في الخفاء عاجز عن الكشف عن مصير قضية اغتيال المهندس القسامي التونسي محمد الزواري أمام منزله في مدينة صفاقس، وأيضا منح أرملته الجنسية التونسية كحق أصيل من حقوقها.

ولن يتسع المجال بالطبع لسرد نماذج أخرى تكشف حجم "العقم" المستبد بعالم السياسة اليوم، مما فتح المجال لأشباه "المناضلين" وشذاذ الآفاق المعاصرين للنهب والسلب تحت مسميات جديدة.

فأي مستقبل ينتظر العالم إذن في ظل الشح والعجز القاتل الذي نراه؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات شخصية الواقع العربي الأخلاقي العرب أخلاق واقع شخصية مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فقط فی

إقرأ أيضاً:

أنصار الله في اليمن وأولياء الله في غزة.. الرجولة والمجد والشموخ

 

لا يعترف أنصار الله في اليمن بالبيانات شديدة اللهجة، أو الاستنكار والشجب الفارغ، بل هي التي تفرغ كلّ يوم حممها القتالية من صواريخ وطائرات مسيّرة إسنادا للمقاومة في غزة، أو لأولياء الله في القطاع، فالرجولة تكمن فقط في غزة واليمن، حيث الرجال الرجال الذين عاهدوا الله وعاهدوا كلّ الشرفاء على المضيّ قدما في مسيرة الشرف والكرامة، وهم أهل لها حتما.

أنصار الله اختاروا مساندة غزة بالفعل وليس الكلام، إسناد بالقوة، بالنار، بالسلاح، بالصواريخ التي مازالت تدكّ العديد من المواقع داخل فلسطين المحتلة، ورغم القصف الأمريكي البريطاني المتوحش، إلّا أنّ أنصار الله مستمرّون في دعم غزة مهما كانت التضحيات.

هذا ليس مقالا أبدا؛ إنّها رسالة شكر وتقدير لرجال اليمن، رجال أنصار الله، خير رجال الأرض مع إخوانهم المقاومين في غزة، هؤلاء هم الأشاوس البواسل، الذين لا يرتضون الذلّ ولا المهانة، كأولئك من عربان الردّة المتصهينين، الذين اختاروا الخندق الصهيوني، وهم الذين مازالوا يدعمون كيان الاحتلال بكلّ وقاحة، فغاب الشرف وماتت الشهامة، عربان استمرأوا الخيانة والعمالة، فغاصوا فيها حتى أذنيهم.

أنصار الله، يا عزّنا وفخرنا، يا مجدا لا يفارقكم، يا عنفوانا وبهاء وشموخا يعانق العلياء.. أنتم الأوفياء، أنتم رسل السماء لأهل غزة ومقاومتها.. أنتم الأنصار وهم الأولياء، ولا أولياء غير شعبك يا غزة، ولا بطولة ولا فداء غير تلك التي نراها اليوم ممتدة من اليمن إلى غزة.

المجد لشهداء أنصار الله في اليمن وأولياء الله في غزة، والخزي والعار لكلّ المتخاذلين الجبناء الذين يدعون لنزع سلاح المقاومة.

كاتب فلسطيني

 

 

 

مقالات مشابهة

  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [172]
  • لكل هذه الأسباب مجتمعة أنا عائد
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • سفيرة الجامعة العربية أمام جثمان البابا فرانسيس: «تأثرت بشدة وذكرت اللحظة التي تحدثت فيها عن معاناة الفلسطينيين»
  • في ذكرى رحيله.. محمود مرسي "عتريس" الذي خجل أمام الكاميرا وكتب نعيه بيده
  • أنصار الله في اليمن وأولياء الله في غزة.. الرجولة والمجد والشموخ
  • بتشويه «فوضى الذكاء الاصطناعي» للواقع يمضي العالم إلى كارثة
  • منال الشرقاوي تكتب: مسلسل «Adolescence» دراما تحاكم المجتمع
  • نص قسم الولاء الذي ردده أئمة الأوقاف أمام الرئيس السيسي
  • ما هو القسم الجديد الذي أداه أئمة الأوقاف أمام السيسي في الأكاديمية العسكرية؟