حكم الصلاة خلف صغير السن الحافظ للقرآن
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، برئاسة الدكتور نظير عياد، عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، جاء مضمونه كالتالي: ما حكم الصلاة خلف صغير السن الحافظ للقرآن؟ فهناك شاب يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا، ويحفظ القرآن الكريم بأكمله، ويتقدم للصلاة؛ حيث يقوم بإمامة الناس في الصلاة، مع العلم أنه أكثر الموجدين حفظًا للقرآن الكريم، ولكن اختلف الناس لصغر سنه.
وقالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال، إن الصلاة عماد الدين؛ من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين، وحث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته على التزام الجماعة في كل شيءٍ عامةً؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَة» رواه الترمذي، وحث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين على الاعتناء بالجماعة في الصلاة خاصةً، وبَيَّن سيدنا رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وآله فضلَ صلاة الجماعة؛ فقال في حديثه: «صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» رواه البخاري.
وأوضحت الإفتاء أن الشرع الشريف قد بين الشروط الواجب توافرها فيمن يؤم المسلمين في صلاتهم؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَلْيَؤمُكُمْ أَقْرَؤَكُمْ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَكُمْ» رواه البزار في "المسند". فأولى الناس بالإمامة أكثرهم حفظًا للقرآن وإتقانًا لأحكامه.
وأضافت الإفتاء قائلة: وفي واقعة السؤال: بما أنه لا يوجد غير الصبي المنوه عنه في السؤال مساويًا له في حفظه وإتقانه وأكبر منه سنًا فإن الصلاة خلفه جائزةٌ بل ومندوبةٌ؛ حتى لا تتعطل شعائر الدين، بل ويجوز أن يكون خطيبًا للجمعة والعيدين، وأن يكون إمامًا فيهما كذلك، ولأن جماعة من الفقهاء ذهبوا إلى أن صلاة الجماعة واجبةٌ وجوبًا عينيًّا في حق الرجال، وندعو الله جل في علاه أن يكثر من أمثال هذا الصبي الحافظ للقرآن المتقن لأحكامه.
شروط صحة الصَّلاة: وهي خمسة شروطٍ لابُد من توافرها وهي:
دخول الوقت والذي يبدأ من الأذان ويسّتمرّ حتى أذان الصَّلاة التَّالية.
ستر العورة: والعورة في الشّرع هي كلُّ ما يجب تغطيته، ويقبح ظهوره ويُستحَى منه.
النَّجاسة: فعلى المُصلِّي اجتناب النَّجاسة في البدن والثَّوب والبقعة التي يقف عليها للصَّلاة، ومن الأشياء التي تُسبب النَّجاسة: الميتة، والدَّم، والخمر، والبول، والغائط.
استقبال القِبلة: والقِبلة هي الكعبة المُشرّفة؛ فعلى جميع المُصلِّين من كافّة أرجاء الأرض التَّوجه نحو الكعبة في صلاتهم الفريضة والنَّافلة.
النِّية: يُقصد بالنِّية شرعًا هي العزم والقّصد على فِعل أمرٍ تقربًا وإرضاءً لله تعالى وامتثالًا لأوامره، ومحلّ النِّية هو القلب؛ فلا حاجة للتّلفظ بها عند فعل العبادة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصلاة الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم
إقرأ أيضاً:
حكم قراءة القرآن في العزاء وأخذ الأجرة على ذلك
قالت دار الإفتاء المصرية إن قراءة القُرَّاءِ لكتاب الله تعالى في المناسبات والمآتم وسرادقات العزاء وأخذهم على ذلك أجرًا، مِن الأمور المشروعة التي جَرَت عليها عادَةُ المسلمين مِن غيرِ نَكِير، بسرط ألَّا يكون الغرض من ذلك هو المباهاة والتفاخر، بل إقامة سُنَّة العزاء، وحصول أجر قراءة القرآن وثوابه للميت.
قراءة القرآن الكريم من أجلِّ القربات إلى الله تعالى
وأوضحت الإفتاء أن السنة النبوية المطهرة بينت أن القرآن الكريم يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه؛ وذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" والإمام مسلم في "صحيحه".
حكم إقامة السرادقات لتلقي العزاء.
وأضافت الإفتاء أن إقامة السرادقات في دور المناسبات لتلقي العزاء أمرٌ مشروعٌ وهو ما دلت عليه السنة النبوية المطهرة؛ حيث ثبت جلوسُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم للعزاء؛ فيما روته أمُّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "لَمّا جاء النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قتلُ ابنِ حارثة، وجعفرٍ، وابنِ رواحةَ رضي الله عنهم، جلس يُعرف فيه الحزن" متفقٌ عليه، وبوَّب عليه الإمام البخاري بقوله: (باب: من جلس عند المصيبة يُعرف فيه الحزن)، والقصد منها بحسب العرف: استيعاب أعداد المعزين الذين لا تسعهم البيوت والدور.
وقد نص جماعة من فقهاء المذاهب على مشروعية الجلوس للتعزية وتلقي العزاء؛ استدلالًا بهذا الحديث الشريف، بينما ذهب الجمهور إلى أنه مكروه أو خلاف الأولى دون تحريم.
فضل التعزية
وقالت الإفتاء إن التعزية لها فضلٌ كبيرٌ وأجرٌ عظيمٌ؛ فقد بشَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم المعزي بثواب عظيم فقال: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» رواه الترمذي وابن ماجه في "سننيهما".
وقال صلوات الله عليه وتسليماته: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَّا كَسَاهُ اللهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه ابن ماجه في "السنن".
ومقتضى هذه النصوص أن إقامة السرادقات لتلقي العزاء أمرٌ جائزٌ؛ لأنه هيئة من هيئات الجلوس للتعزية المنصوص على إباحته.
أما قراءة القرآن على مسامع المعزين الجالسين في سرادقات العزاء فأمرٌ مشروع؛ حيث ورد الأمر الشرعي بقراءة القرآن الكريم على جهة الإطلاق، وقد قرر علماءُ الأصول أن إطلاق الأمر يقتضي العموم سواء عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال؛ ينظر: "البحر المحيط في أصول الفقه" للزركشي (4/ 174، ط. دار الكتبي)، و"الأشباه والنظائر" للسبكي (2/121، ط. دار الكتب العلمية)؛ ولا يجوز تقييد هذا الإطلاق إلا بدليل، وإلا كان ذلك ابتداعًا في الدِّين بتضييق ما وسَّعه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
بل يُستحبُّ جمع الناس على سماع تلاوة القرآن الكريم، وبخاصة إن كان القارئ ماهرًا في تلاوته؛ فقد صح أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ وَهُوَ شَدِيدٌ عَلَيْهِ -قال شعبة: وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ- فَلَهُ أَجْرَانِ» متفقٌ عليه.
وقراءة القرآن الكريم والاجتماع عليها من أعظم القربات وأفضل الطاعات عند الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى أن استماعه والإنصات إليه مأمورٌ به شرعًا؛ كما قال الله في كتابه العزيز: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204].
حكم أخذ الأجرة على قراءة القرآن
وأما بالنسبة لأخذ الأجرة على القراءة فهو أمر جائزٌ شرعًا ولا شيء فيه، فإعطاء القارئ أجرًا يكون مقابل انقطاعه للقراءة وانشغاله بها عن مَصَالِحِهِ ومَعِيشَتِهِ، وقد وردت السنة النبوية الشريفة بجواز أخذ الأجرة على تلاوة كتاب الله تعالى للأغراض المشروعة؛ تعليمًا، ورقيةً، ونحو ذلك مِن وجوه الاحتباس للمشتغلين بكتاب الله تعالى قراءةً وإقراءً.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ نفرًا مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَرُّوا بماءٍ، فيهم لَدِيغٌ أو سَلِيمٌ، فعَرَضَ لهم رجلٌ مِن أهل الماء، فقال: هل فيكم مِن راقٍ؟ إنَّ في الماء رجلًا لديغًا أو سليمًا، فانطلق رجلٌ منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاءٍ، فبَرَأَ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذتَ على كتاب الله أجرًا، حتى قَدِموا المدينةَ، فقالوا: يا رسول الله، أَخَذَ على كتاب الله أجرًا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ» رواه البخاري.