مع عودة ترامب وإضعاف حزب الله.. تتبنى إيران لهجة تصالحية
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفية فرناز فصيحي تناولت فيه سياسة إيران المستقبلية في ظل المتغيرات الأخيرة.
وقالت فصيحي إن إيران أرسلت مسؤولا رفيع المستوى إلى بيروت في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر لحث حزب الله على قبول وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وفي نفس الوقت تقريبا، التقى سفير إيران لدى الأمم المتحدة بإيلون ماسك، في محاولة للتقارب مع الدائرة الداخلية للرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وذكرت كاتبة التقرير ن كل هذه الدبلوماسية الأخيرة تمثل تغييرا حادا في اللهجة منذ أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، عندما كانت إيران تستعد لشن هجوم انتقامي كبير على إسرائيل، حيث حذر نائب قائد الحرس الثوري الإسلامي، "لم نترك عدوانا دون رد في 40 عاما".
وأضاف التقرير، أن التحول الإيراني من الكلام القاسي إلى نبرة أكثر تصالحية في غضون أسابيع قليلة له جذوره في التطورات في الداخل والخارج.
وقال خمسة مسؤولين إيرانيين، أحدهم عضو في الحرس الثوري، ومسؤولان سابقان، إن قرار إعادة ضبط السياسة كان مدفوعا بفوز ترامب في انتخابات 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، مع مخاوف بشأن زعيم لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، والذي سعى في ولايته الأولى إلى سياسة "الضغط الأقصى" على إيران.
وبينت التقرير أن القرار كان مدفوعا أيضا بضرب إسرائيل لحزب الله في لبنان - أقرب وأهم حلفاء إيران المتشددين - والأزمات الاقتصادية في الداخل، حيث انخفضت العملة بشكل مطرد مقابل الدولار ويلوح نقص الطاقة في الأفق مع اقتراب الشتاء.
وقال المسؤولون الإيرانيون الحاليون المطلعون على التخطيط إن هذه التحديات مجتمعة أجبرت إيران على إعادة ضبط نهجها، إلى نهج نزع فتيل التوترات. واشترط المسؤولون عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالتحدث علنا، مما قد يعرضهم للخطر.
وأضاف المسؤولون، أن إيران علقت خططها لضرب إسرائيل بعد انتخاب ترامب لأنها لا تريد تفاقم التوترات مع الإدارة القادمة، التي كانت بالفعل تصطف مع مرشحين للوزراء معادين لإيران وداعمين قويين لإسرائيل، ومع ذلك، قال المسؤولون إن خطط ترامب المعلنة لإنهاء الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا نالت استحسان إيران، وفقا للصحيفة.
وقبل إجراء الانتخابات الأمريكية، أرسلت إيران رسالة إلى إدارة بايدن مفادها أنها، على عكس ادعاءات بعض مسؤولي الاستخبارات الأمريكية، لا تخطط لاغتيال ترامب.
من جانبه قال وزير الخارجية عباس عراقجي يوم الأربعاء إن إيران ترحب بالهدنة بين حزب الله وإسرائيل، مضيفا أن "طهران تحتفظ بحقها في الرد على الضربات الجوية الإسرائيلية على إيران الشهر الماضي، لكنها ستأخذ في الاعتبار التطورات الإقليمية مثل وقف إطلاق النار في لبنان".
وفق رأي سنام وكيل، مديرة قسم الشرق الأوسط في تشاتام هاوس، وهي مجموعة بحثية بريطانية، يبدو من الواضح أن إيران تستجيب للتغيرات القادمة في واشنطن، فضلا عن المشهد الجيوسياسي المحلي والإقليمي المتغير الذي تواجهه الآن.
وقالت وكيل: "لقد جاء كل شيء معا، والتحول في اللهجة يتعلق بحماية مصالح إيران".
وأشار التقرير إلى أن النظام الإيراني الغامض، والحكم المليء بالتنافسات الفئوية، يمكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى رسائل مختلطة للجمهور الخارجي واختلافات داخلية حادة، على الرغم من أن المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، لديه دائما الكلمة الأخيرة.
وتوفي الرئيس إبراهيم رئيسي هذا العام وانتخب المعتدل مسعود بيزيشكيان في تموز/ يوليو ليحل محله، بتفويض لإحداث بعض الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والتعامل مع الغرب. يتمتع بيزيشكيان بقدر كبير من السلطة على السياسة الداخلية وبعض النفوذ في الشؤون الخارجية.
وبعد أيام قليلة من الانتخابات الأمريكية، التقى سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرفاني، بماسك، رجل الأعمال الملياردير الذي يحظى باهتمام ترامب، في مقر إقامة السفير في نيويورك لمناقشة تخفيف التوترات مع إدارة ترامب القادمة. ووصف مسؤولان إيرانيان الاجتماع بأنه واعد. وفي إيران، ابتهجت الفصائل الإصلاحية والوسطية بهذه الأخبار.
ووفقا للصحيفة فإن المحافظين انتقدوا السفير ووصفوه بالخائن، في إشارة إلى نوع الصراع الداخلي الذي تواجهه الحكومة بشأن التعامل مع أي شخص في فلك ترامب، الذي خرج من الاتفاق النووي مع إيران في عام 2018، وفرض عقوبات صارمة على البلاد وأمر بقتل الجنرال البارز قاسم سليماني في عام 2020.
وفي مواجهة ردود الفعل العنيفة بشأن الاجتماع مع ماسك، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية نفيا بعد ثلاثة أيام من حدوثه. وفي الأسبوع الماضي، بعد أن انتقدت وكالة تابعة للأمم المتحدة إيران لمنعها المراقبة الدولية لبرنامجها النووي، ردت طهران بتحدٍ قائلة إنها تعمل على تسريع البرنامج، بينما أصرت أيضا على أنها "مستعدة للمشاركة المثمرة".
وقال العديد من كبار المسؤولين الإيرانيين علنا إن إيران منفتحة على المفاوضات مع إدارة ترامب لحل القضايا النووية والإقليمية. وهذا في حد ذاته تحول عن موقف إيران خلال إدارة ترامب الأولى بأنها لن تتفاوض مع واشنطن وأن سياساتها الإقليمية وتطوير الأسلحة هي عملها الخاص تماما.
وقال سيد حسين موسويان، الدبلوماسي الإيراني السابق والمفاوض النووي الذي يعمل الآن باحثا في شؤون الشرق الأوسط والنووي في جامعة برينستون، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي: "تطبق إيران الآن ضبط النفس لإعطاء ترامب فرصة لمعرفة ما إذا كان بإمكانه إنهاء حرب غزة واحتواء نتنياهو. إذا حدث هذا، فسوف يفتح الطريق أمام مفاوضات أكثر شمولا بين طهران وواشنطن".
وأوضح التقرير، أنه "لمدة تزيد عن 13 شهرا بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على إسرائيل، أصرت إيران والقوات المتحالفة معها في لبنان وسوريا واليمن والعراق على أنها لن توقف الهجمات على إسرائيل طالما كانت إسرائيل في حالة حرب في غزة".
وأشارت إلى أن الخسائر المدمرة التي تكبدها حزب الله كانت تقلق إيران، التي تمارس نفوذا كبيرا على الجماعة اللبنانية. كما أفادت وسائل الإعلام الإيرانية بارتفاع الاستياء بين أكثر من مليون نازح شيعي لبناني، الذين نظروا إلى إيران باعتبارها حاميتهم وراعيتهم.
وفي تقييم غير عادي وجريء، قال مهدي أفرا، المدير المحافظ لمركز أبحاث في جامعة باقر العلوم، وهي مؤسسة إسلامية، إن إيران قللت من تقدير القوة العسكرية لإسرائيل وأن الحرب مع إسرائيل ليست "لعبة على بلاي ستيشن".
وقال خلال حلقة نقاشية في الجامعة: "اتصل بنا أصدقاؤنا من سوريا وقالوا إن اللاجئين الشيعة اللبنانيين الذين يدعمون حزب الله يشتموننا من أعلى إلى أسفل، أولا إيران، ثم الآخرين. نحن نتعامل مع الحرب على أنها مزحة".
وأرسل خامنئي، الذي أظهر درجة من البراغماتية عندما بدا بقاء النظام الإيراني في خطر، مستشارا كبيرا، علي لاريجاني، وهو سياسي وسطي مخضرم، إلى بيروت في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر.
ونقل لاريجاني رسالة من آية الله إلى قادة حزب الله، وفقا لمسؤولين إيرانيين: لقد حان الوقت لقبول وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وستساعد إيران حزب الله في إعادة البناء وإعادة التسليح، بحسب التقرير.
وبعد أقل من 48 ساعة، أعلن لبنان عن اختراق في المفاوضات: حيث وافق حزب الله على إبقاء قواته بعيدا عن الحدود الإسرائيلية، وهو الشرط الذي رفضه في السابق باعتباره غير مقبول.
وفي الوقت نفسه، واجه المسؤولون الإيرانيون أزمات متصاعدة في الاقتصاد والطاقة. وأعلنت الحكومة عن انقطاع التيار الكهربائي لمدة ساعتين يوميا، مما أثار غضب الرأي العام واتهامات من المنتقدين بأن صراعاتها الإقليمية مكلفة للغاية بالنسبة للإيرانيين العاديين.
وقال الرئيس بيزشكيان، الذي وعد بالانخراط مع العالم لرفع العقوبات وتحسين الاقتصاد، في اجتماع مع مسؤولين في قطاع الطاقة الأسبوع الماضي إنه يحتاج إلى "إخبار الجمهور بصراحة عن وضع الطاقة". وقال إن البنية الأساسية للطاقة في إيران لا تستطيع تلبية احتياجاتها من الطاقة.
وأضافت طهران أنها سترسل الدبلوماسي المخضرم والمفاوض النووي السابق ماجد تخت رافانجي للقاء يوم الجمعة مع مسؤولين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهي الدول التي رعت، إلى جانب الولايات المتحدة، الانتقادات الموجهة إلى البرنامج النووي الإيراني.
وفي مقابلة هاتفية من طهران، قال ناصر إيماني، وهو محلل مقرب من الحكومة: "لا شك أن هناك رغبة حقيقية بين كبار المسؤولين والمواطنين العاديين في إيران في إنهاء التوترات مع الغرب والتوصل إلى اتفاق. ولا يُنظَر إلى التعاون مع الغرب باعتباره هزيمة، بل يُنظَر إليه باعتباره دبلوماسية معاملاتية ويمكن القيام بذلك من موقع قوة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية إيران حزب الله لبنان إيران لبنان حزب الله الاحتلال سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله إن إیران
إقرأ أيضاً:
إيران المفاوض الخفي في ملف لبنان .. ما هو “لغز” تصريح أسامه حمدان الذي “ينعى” وحدة الساحات؟
سرايا - رجحت أوساط غربية مطلعة جدا على الكواليس أن يكون الجزء الأهم من إتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة مساء الثلاثاء بين لبنان و "إسرائيل" خضع إلى “فلترة” دقيقة من مسئولين إيرانيين من وزن رفيع طوال الأيام الثلاثة الماضية.
وكشف النقاب عن جلوس مبعوث إيراني رفيع المستوى طوال 3 أيام بالقرب من المفاوض الرئيسي بإسم حزب إلله الرئيس نبيه بري وتردد ان ذلك المسئول تواجد في إطار عملية التفاوض في سياق ترتيب خاص بين الأمريكيين والإيرانيين عبر وسيط ثالث، الأمر الذي يجعل طهران بصورة مرجعية بتفاصيل المفاوضات الدقيقة قبل أي إعلان عن قبول حزب إلله اللبناني.
عمليا لم تتغيب طهران عن تلك المفاوضات.
بل ذكر مسئول دبلوماسي غربي في العاصمة الأردنية عمان لمجموعة شخصيات أردنية مساء الأحد بان إيران”طرف ثالثة وأساسي في عملية التفاوض”.
ويؤشر ذلك سياسيا على أن إيران تقف بهذه الحال وراء ضغوط عليها وعبرها لإنجاز إتفاق قبل إنتهاء ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن.
لكن لم تعرف بعد طبيعة الدور الإيراني في إدارة هذه المفاوضات وإن كان المراقبون يرجحون بأن موافقة إيران أساسية جدا حتى يقبل حزب إلله بالصفقة المفروضة خصوصا وأنها تضمنت تنازلين أساسيين أدبيات حزب ألله المألوفة كانت دوما ترفضهما وهما “الإنسحاب إلى ما بعد الليطاني” عسكريا، والقبول بفكرة ان تتمكن "إسرائيل" من العودة للعمل العسكري في حال حصول “أي خرق”.
والمرجح حسب معطيات إطلعت عليها قبل يومين مؤسسات أردنية أن طهران هي التي تقف وراء ضغوط وترتيبات مع حزب إلله لقبول العرض الأمريكي وخلفية الأسباب لا تزال غامضة في الوقت الذي ابلغ فيه مسئول الساحة اللبنانية في بيروت قياديين في حركة حماس بأن إيران تضمن بأن لا يؤثر ألإتفاق الهش المنوي عقده على مبدأ ودور “وحدة الساحات” في التعاطي مع ملف العدوان في غزة حيث عرض الأمريكيون على المفاوض الثالث المخفي في غرفة التفاوض وهو الإيراني ما ألمح له وزير الخارجية الأمريكي بلينكن مساء الثلاثاء عندما قال بأن الإتفاق في لبنان يسمح بالتفكير بوقف الحرب في غزة.
التطمينات الإيرانية هي التي دفعت القيادي الحمساوي أسامه حمدان وهو من المقربين جدا لطهران لإصد ار تصريح صباح الثلاثاء”ينعى فيه عمليا” مبدأ وحدة الساحات وغرفة العمليات المشتركة عسكريا مع حزب إلله.
حمدان صرح علنا بان المساندة التي قدمها حزب ألله سيذكرها الشعب الفلسطيني واعلن عمليا ان حماس لا تعترض على “الضفقة الجانبية” التي برمجها حزب إلله دون أي إشارة ل”وحدة الساحات” وتعليقات حمدان برمجت مع الإيرانيين حسب مصارد في حركة حماس.
الضمانات الإيرانية تضمنت إبلاغات ضمنية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي بأن الجمهورية لن تتخلى عن مقاومة الشعب الفلسطيني ولن تترك أهل غزة مع الإشارة إلى ان ما سيدخل فيه حزب ألله خلال ساعات هو”إستراحة محارب” تتطلبها الظروف والإعتبارات الأعمق فيما وحدة الساحات ستظهر أكثر خلال الأيام المقبلة مع إيران وسورية واليمن.
رأي اليوم
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #عمان#إيران#لبنان#اليوم#بايدن#غزة#الشعب#الرئيس
طباعة المشاهدات: 1783
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 27-11-2024 01:44 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...