صحيفة الاتحاد:
2025-04-28@05:07:57 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: مصطلح الدارجة

تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT

يشيع القول بكلمة الدارجة وصفاً للهجات العامية، وهو وصف يتضمن نفي الدارجة عن الفصحى، وكأن اللغة الفصحى لغةٌ طبقية متعالية على الواقع اليومي، وهو توصيف غير منصف للغة، وقد طرحت قبل سنين مقولة (تعميم الفصحى وتفصيح العامي)، وهذا ليس مجرد أمنية حالمة بل هو وصف واقعي، فنحن نلحظ أن درجات تقارب الفصيح مع العامي تتصاعد منذ انتشار التعليم ومنذ تحول الأرياف إلى المدن، حيث تتوارد الجموع البشرية حاملةً لهجاتها المحلية، وتكتشف باستمرار أن لهجة كل فئة تتصادم مع اللهجات الأخرى مما يدفع الناس إلى تقريب لغتهم (لهجتهم) مع لغات غيرهم ليصلوا لدرجة من التآلف اللغوي، وأول عوامل التآلف اللغوي هو اللجوء للمفردات الفصيحة، وبهذا تتغذى اللغة العامة بمفردات وصيغ من المعجم الفصيح، وإن جرى توظيفها حسب النظام التعبيري للغة التي يصح أن نصفها بالدارجة أي تلك اللغة العامية المفصحة، بخليط ثري بين اللهجات والعاميات، ويتفوق الفصيح في هذا المزيج حتى ليجعلها تطبيقاً لمقولة تفصيح العامي وتعميم الفصيح، وحين انتشرت الفضائيات المتلفزة فإن هذه اللغة الدارجة أخذت بالتوسع على ألسنة المتحدثين والمتحدثات، ولم يعد أحدٌ يجد مشقةً في فهم اللسان الخليجي أو الشامي أو المصري، واقتربت لهجات المغاربة مع المشارقة، ونجحت الوسائل الإعلامية في نشر الأصوات واللهجات وسياقات الكلام العام حتى تذللت المصطلحات وتجاورت مع غالب المعاجم اللغوية، مما يجعلنا على مشهد حي من اللغة الشفاهية التداولية التي تنهل غالباً من الفصحى، بسبب رغبات عميقة وخفية في نفس كل متحدث ومتحدثة للاقتراب من الفصيح تحت الإحساس بأن الفصيح هو الشفيع للتعبير لكي يصل لأكبر قاعدة من الجماهير تبعاً للوعي بأن الحديث المتلفز يتجه لفضاءات لا حد ولا حصر لها من حيث المدى ومن حيث التنوع، ومن حيث تعدد المستويات الثقافية والاجتماعية، ولن ينجح أي حوار يلتزم باللهجة المحلية للمتحدث، وسيصعب على المتحاورين تمرير اللهجة المحلية، ولذا يجهد الجميع لتفصيح عاميتهم ولتعميم فصحاهم فتلتقي اللهجات عند تخوم الفصحى، كما تتهذب الفصحى وتتلامس مع اليومي والمحكي، وهذه حالة فريدة تمر بها ثقافتنا حيث سنكتشف أن الفضائيات التلفزيونية تحقق للغتنا فرصةً تاريخيةً لتمتحن قدرة اللغة العربية على التجاوب مع الزمن والظرف الثقافي، وتكسر حدود الانفصال وتندمج مع الواقع التفاعلي والحيوي، وهذا ضربٌ من الشجاعة اللغوية والعبقرية التعبيرية التي تميز لغتنا العظيمة التي ظلت تتحدى العقبات وتجترح دروبها من فوق التحديات.


كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: أيتها البساطة الجميلة كيف لم أكتشفك د. عبدالله الغذامي يكتب: اختراعان استعماريان باقيان

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: عبدالله الغذامي الغذامي

إقرأ أيضاً:

طلب إحاطة فى النواب لإضافة اللغة الأجنبية الثانية للمجموع في الثانوية العامة

أعلن النائب محمد عبد الله زين الدين عضو مجلس النواب تضامنه مع الدعوى القضائية التى تقدم بها بعض المعلمين ضد وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى محمد عبد اللطيف بسبب قرار استبعاد إضافة درجات اللغات الأجنبية الثانية للمجموع الكلى بالثانوية العامة.

برلماني: ذكرى تحرير سيناء تجسيد لبطولات لا تنسى وإرادة لا تقهربرلمانية: مصر لن تقبل التفريط في شبر واحد من أراضيهابرلماني: توجيهات الرئيس السيسي باستغلال المساجد في التعليم يعزز الوعي والانتماءبرلمانية: ذكرى تحرير سيناء ستظل ملحمة وطنية راسخة في قلوب المصريين


وطالب " زين الدين " فى طلب إحاطة تقدم به إلى المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب لتوجيهه إلى السيد محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير التربية والتعليم رقم 138 لسنة 2024 فيما تضمنه من استبعاد إضافة درجات مادة اللغة الأجنبية الثانية الفرنسية والالمانية والايطالية والاسبانية إلى المجموع الكلي للصفوف الثلاث بمرحلة التعليم الثانوي العام وإلغاء كافة الاثار المترتبة عليه والتي من أخصها إلزام وزارة التربية والتعليم بإعادة إدراج مادة اللغة الأجنبية الثانية إلي المواد الأساسية المضاف درجاتها للمجموع الكلي للصفوف الثلاثة بمرحلة التعليم الثانوي العام.


وتساءل النائب محمد عبد الله زين الدين عن الأسباب التى وراء اصدار الوزير لهذا القرار الذى سيجعل من مادة اللغة الثانية الفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية ليس لها أى قيمة لدى الطلاب لأنها لا تضاف الى المجموع ؟ ولماذا يصر الوزير الحالى على اتخاذ مثل هذه القرارات المفاجئة التى تضرب العملية التعليمية فى مقتل ؟ وهل يعلم الوزير أن عدم إضافة اللغة الثانية للمجموع سيؤدى إلى ضعف شديد لدى الطلاب فى تحصيل هذه المواد الأجنبية المهمة والتى تؤهلهم للدخول إلى الكليات الجامعية المتخصصة فى مثل هذه المواد المهمة مطالباً من رئيس مجلس النواب احاطة طلب الاحاطة إلى لجنة التعليم والبحث العلمى بالبرلمان واستدعاء وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى للرد على تساؤلاته

طباعة شارك محمد عبد الله زين الدين مجلس النواب النواب البرلمان اخبار البرلمان

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!
  • الماركات العالمية.. اللغة الصامتة
  • اللغويات وتجربة دراسة اللهجات في سلطنة عمان قصة عمرها أكثر ٤ عقود
  • تكريم 221 من الطلبة المتميزين في مسابقة اللغة الإنجليزية بالعوابي
  • د.حماد عبدالله يكتب: الحفاة، والجهل، والمرض !!
  • «التعليم» تُتيح النماذج الاسترشادية لمادة اللغة العربية للثانوية العامة 2025
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: المواطنة العالمية
  • طلب إحاطة فى النواب لإضافة اللغة الأجنبية الثانية للمجموع في الثانوية العامة
  • سامح قاسم يكتب | فتحي عبد السميع.. الكتابة من الجهة التي لا يلتفت إليها الضوء
  • خلافا لسلفه بايدن.. ترامب يمتنع عن مصطلح خاص بمأساة الأرمن