أكد سموّ الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، أن إحياء دولة الإمارات لذكرى أبطالها الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة بكل شرف وأمانة للذود عن الحق ونصرة أهله، وهم يؤدون أدوارهم بشجاعة وإقدام، ما هو إلا تعبير عن مدى التقدير الذي تحمله الإمارات قيادةً وشعباً، لنماذج ستظل خالدة في ضمير الأمة وذاكرة التاريخ، بما قدموه من أروع نماذج التضحية والفداء في سبيل أن تبقى راية الإمارات عالية خفّاقة في سماء العزة والإباء.


وقال سموّه في كلمة له بمناسبة يوم الشهيد الذي يوافق 30 نوفمبر من كل عام : “يوم الشهيد هو مناسبة تمتزج فيها مشاعر الفخر والوفاء.. بينما نصطف لتحية ذكرى أبطال جسّدوا أسمى معاني الوطنية والانتماء. ويوم الشهيد ليس مجرد مناسبة نتأمل فيها عطاء أبطال سطروا بدمائهم الزكية أروع قصص البطولة، بل هو يوم يجدّد فيه أبناء الإمارات العهد الذي قطعوه على أنفسهم بأن تبقى هذه الذكرى العطرة حافزاً لهم تحث خطاهم نحو ترسيخ مقومات رفعة هذا الوطن وتوفير كل المعطيات التي تضمن إعلاء شأنه وصون مكتسباته، وحماية مقدراته، لتواصل الإمارات مسيرتها الطموحة نحو المستقبل، مطمئنة أن هناك من يسهرون على درء الخطر وقهر التحديات وإعلاء رايتها في كل وقت وحين رمزاً لكرامتها وعزة شعبها المعطاء”.
وأضاف سموّه: “شهداؤنا الأبرار قدّموا أغلى ما يملكون ليبقى هذا الوطن منيعاً في وجه كل التحديات، وكتبوا في سجل التاريخ قصة فداء عنوانها أن الوطن أغلى ما نملك، مؤكدين أن الحفاظ على عزته وكرامته أمانة في أعناقنا جميعاً. لقد رسم أبناء الوطن الأوفياء بتضحياتهم الغالية درباً نسير عليه متسلّحين بالعزيمة والإصرار على أن تظل الإمارات على الدوام حصينة قوية شامخة، فالأوطان لا تُبنى إلا بسواعد أبنائها المخلصين وتضحيات أبطال لا يهابون التحديات مهما كان حجمها ومهما بلغ مداها”.
وقال: “لا يفوتنا في هذه المناسبة أن نتوّجه بتحية إجلال وتقدير إلى أُسر الشهداء وذويهم الذين قدموا أروع صور الانتماء، بما أبدوه من مشاعر الفخر والاعتزاز بملحمة الكرامة والعزة التي خاضها أبطال لم يبخلوا بأرواحهم في سبيل رفعة الوطن، مؤكدين أن شرف الشهادة الذي ناله أبناؤهم لن يزيد شعب الإمارات إلا عزيمةً وإصراراً وقوة وتلاحماً، ملتفين حول قيادتهم الرشيدة وتحت رايتهم الموحدة التي ستظل على الدوام عالية بعلو هامات أبنائها المخلصين”.
كما وجّه سموّ الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، التحية إلى ضباط وجنود ومنتسبي القوات المسلحة الإماراتية، وقال سموّه: “ستظل القوات المسلحة الباسلة صمام الأمان والدرع والسيف الذي يصون على الإمارات مقدراتها، ويؤكد سيادتها ويكفل لها أمنها وسلامة أراضيها، ويؤكد منعتها في عالم يموج بالتحديات.. كل التحية والتقدير للأبطال المرابطين في ميادين الكرامة والساهرين على أمن هذا الوطن وسلامة أهله وكل من يقيم على أرضه ومن يقصده ضيفاً مكرماً. ستظل الإمارات بسواعدكم وعطائكم شريكاً في إرساء أسس السلام ونشر مقومات الاستقرار والازدهار في ربوع الأرض.. دامت الإمارات كريمة أبيّة، ودامت ذكرى شهدائنا تروي حكاية عزٍّ لا تنتهي”.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

بين نواح حسين خوجلي وعويل الأمهات: من الذي فقد الوطن؟

ذات نحيب، لا ناي فيه ولا وتر، كتب حسين خوجلي مرثية باذخة بمداد الدموع، لا بمداد الضمير الذي مات، يرثي فيها بيته الذي دمرته الحرب.

كتب، كمن دخل عليه الشاعر العباسي بشار بن برد فقال له: قمْ فابكِ بيتكم يا فتى، فقد نُهبت حيطانه كما نُهبت أعصابك. غير أن الفارق أنّ بشار كان ضريرًا لا يرى الخراب، بينما حسين يراه في بيت أسرته ولا يراه في ميدان القيادة.
يا لتعاسة البصيرة حين تقرر أن ترى ما يخصّك فقط، وتدير ظهرها لنداءات من بقوا تحت الركام.

يا حسين، إن كان منزلك يبكي، فقد بكته فقط كاميراتك، أما نحن، فنبكي منازلًا بلا جدران، مات فيها الأمل مرتين: مرة حين أتت عليه قذائفكم، ومرة حين جئتم تبكون على أطلالٍ لا تعني لغيركم سوى رماد ممتد فوق ذاكرة منسية، بينما أمهات الشهداء يمسحن صور أبنائهن من على جدران القيادة المحترقة.

ما قيمة مكتبة حيدر خوجلي أمام دماء محمد عبد السلام؟ ما قيمة وثائقكم العائلية أمام بقايا جمجمة البندقية عند بوابة الوطن؟
هل أصبح تاريخ الوطن أرشيفًا خاصًا تخزنونه في متحف الذات المنتفخة، المحروس بعسس الحنين الكاذب، لا ليبقى في ذاكرة الناس، بل ليستعرضه الحنين الأرستقراطي تحت إضاءة أستوديو لا يعرض سوى العداء لأحلامنا؟
وما هذا الذي تردده كختام؟ أهو رثاءٌ أم نشيد تمجيد طبقي؟
“لك يا منازلُ في القلوبِ منازلُ…”
دعنا نُكملها لك:
“لكنّ في صدورنا قبورًا
قبورٌ لم يزرها خطابك، ولم يجرؤ حبرك المدجّن أن يلامسها،
لأنك لا تكتب إلا حين تُسرق خزائنك، لا حين يُسفك الدم ويُغسل بالصمت الرسمي.”

أيها الباكي على “ديكور” وصور وتحف، أما رأيت دماءً على الجدران التي طلّيتَها بألوان الإنقاذ؟ أما رأيت وجوه الرفاق الذين قضوا تحت البوت؟ أم أنّك لا ترى إلا ما يصيب امتيازك الموروث؟
يا حسين، حين تُبكي البيوت، تُبكى معها أشياء الناس: ألعاب الأطفال، دفاتر المدارس، ثياب العيد التي لم تُلبس. أما بيتك، فقد كان رمزًا لامتيازٍ أعمى، لسلطة متغطرسة، لصفقة مع جهاز الأمن، لا لبيتٍ يُبكى عليه.
وما نحسبك إلا كما قال نيتشه: من بكوا على موت الأشياء، كانوا في الحقيقة يبكون على موت سلطتهم عليها.

أتعرف ما الفرق بين نواحك وعويل الأمهات؟
أنك تنوح على ذاكرة نُهبت من بيتٍ، بينما هن يصرخن من فراغٍ تمّ تجويفه بآلة التجاهل، فراغٌ لا يشبه الغياب بل يشبه القسوة وقد لبست قناع الأبدية.
أنت تبكي الصور، وهن يبكين من خرج من الصورة.
أنت تبكي الورق، وهن يُرضعن الحداد، يُسقين الحياة بالحليب الممزوج بالخذلان.
أنت تكتب، وهن يقرأن الصمت الذي لا يُرد، لأن من كتبوا الإجابة ماتوا.

إن كان لك بيتٌ، فقد كان لنا وطن.
وإن سرقوا أرشيفك، فقد سرقوا أكبادنا الغضة، أحلامنا الغضة، أسماءً لم تكتمل بعد في أفواه أمهاتها.
وإن أحرقت نيران الحرب خزانة كتبك، فقد أحرقت أعصاب الأمهات، وجفّ لبن المرضعات، وخجل التاريخ من نفسه.

إنها العدالة إذن، حين تُنهب بيوتكم وتُحرق. لا لأننا نريد لكم الأذى، بل لأنكم ما شعرتم قط بأذى الآخرين. لأنكم ورثتم بيتًا من الخراب وسمّيتموه مجدًا. بينما نحن، ورثنا الخراب نفسه وسمّيناه وطنًا.

ثم أأنت من يتغنى بسودان ٥٦؟ ذلك السودان الذي دفنتموه بأيديكم؟
أأنت من يبشر بالوسطية والاعتدال بعد أن تحوّلت قناتك إلى منبر تعوي فيه ضباع السلطان تحت إضاءة خشبة المسرح العسكري؟
أحقًا تريد أن تمزق أكذوبة المدني والعسكري، وأنت الذي كنت تسوّقها على أنها توازن العقلاء، بينما هي في حقيقتها تواطؤ الجبناء؟
النائحة ليست الأم الثكلى، بل من ينوح على سلطته وهو يتنكر لدم من ماتوا ليكتب اسمه.

وأخيرًا، لا تقل لنا إن المنازل تحس، لأنها لو كانت تحس لكتبت على جدرانها:
هنا سكن الكذب، وهنا بكى الفساد على نفسه.
ولو كانت تنطق، لقالت لك:
أخرس يا من جئت متأخرًا لتندب أثاثك، ونسيت أن تقرأ الفاتحة على الوطن.

حسين خوجلي يقول: “من كان يصدق أن حي ود نوباوي يُنهب؟”
ونحن نسأله: ومن كان يصدق أن الوطن كله يُغتصب تحت ظلكم الثقيل يا حسين؟
من كان يصدق أن تُعدم الخطى نحو المساجد، وأنتم من ملأها بخطب السلطان؟
من كان يصدق أن تكتبوا عن الخراب الذي زار بيوتكم، ولم تكتبوا حرفًا عن الخراب الذي حصد أرواح الأطفال في كولمبيا؟

دعك من البيت يا حسين،
واقرأ الفاتحة على الوطن.
وابكِ كما تشاء على بيتك،
وسنواصل دفن موتانا على صمت القناة.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • بين نواح حسين خوجلي وعويل الأمهات: من الذي فقد الوطن؟
  • الرئيس السيسي: الدفاع عن سيناء وحماية كل شبر من أرض الوطن عهد لا رجعة فيه
  • مؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم تنظم سلسلة ورش عمل تربوية للمعلمين
  • رشاد عبد الغني: ذكرى تحرير سيناء تجسيد لأسمى معاني الانتماء والوفاء
  • برلماني: ذكرى تحرير سيناء ستظل روحًا يستلهم منها الأجيال أسمى معاني التضحية
  • مكتوم بن محمد يستعرض مع رئيس«إم جي إم ريزورتس» مستقبل السياحة والضيافة في الإمارات
  • القومي للمرأة: ذكرى تحرير سيناء ستظل علامة فارقة جسدت كل معاني البطولة
  • القومى للمرأة: ذكرى تحرير سيناء ستظل علامة فارقة في مسيرة الوطن
  • مكتوم بن محمد يعزي في وفاة جمعة محمد المهيري
  • مكتوم بن محمد يقدم واجب العزاء في وفاة جمعة محمد الفجير المهيري