دخلت فصائل من المعارضة المسلحة في شمال سوريا، خلال الساعات الماضية، عدة أحياء في مدينة حلب، التي تعتبر ثاني أكبر المدن السورية، وتوصف بالعاصمة الاقتصادية للبلاد منذ عقود.

الأحياء التي دخلتها الفصائل هي: الحمدانية وحلب الجديدة و3000 شقة والجميلية وصلاح الدين، وفقاً لمصدرين إعلاميين تحدثا لموقع "الحرة"، وتقرير نشره "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

وجاء دخول الفصائل بعد هجوم أطلقته قبل يومين، واستهدف أولاً قرى وبلدات تقع في الريف الغربي لحلب، وريفها الجنوبي أيضاً.

الفصائل المسلحة المعارضة للنظام سيطرت على أجزاء من الطريق بين حلب ودمشق. (AFP)

وفتحت الفصائل المسلحة محوراً هجومياً ثالثاً، صباح الجمعة، سيطرت فيه على مدينة سراقب، الواقعة على الأوتوستراد الدولي بريف إدلب، والمعروف باسم (إم فور)، وما تزال تتقدم بحسب بياناتها الرسمية.

من تضم الفصائل المسلحة؟

هوية الفصائل المشاركة في الهجوم على حلب وريفها، الخاضع لسيطرة النظام السوري وميليشيات تابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني تسير في إطارين، الأول تتصدره "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) ويشمل الثاني فصائل مدعومة من تركيا، وجماعات أخرى تنشط عسكرياً في شمال غرب سوريا منذ سنوات بشكل منفرد.

وتقول هذه الفصائل إن هجومها يهدف إلى "إبعاد خطر قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، وتأمين المناطق التي تسيطر عليها".

سيطرت مجموعات من الفصائل المعارضة على عدة مواقع لقوات النظام السوري.(AFP)

وأضافت في بيانها الأول، الأربعاء، أن هجومها يأتي كرد فعل على حملة التصعيد الأخيرة التي بدأتها قوات الرئيس بشار الأسد، مستهدفة مناطق مأهولة بالسكان، بالمدفعية والصواريخ والطائرات المسيرة، ما أسفر عن مقتل مدنيين.

كيف رد النظام السوري؟

حتى مساء يوم الجمعة أصدرت وزارة الدفاع السورية بيانين، الأول أعلنت فيه تعرضها للهجوم وأنها تعمل على صده.

وقالت في الثاني إنها "تواصل التصدي للهجوم الكبير الذي تشنه التنظيمات الإرهابية المسلحة، المنضوية تحت ما يسمى (جبهة النصرة الإرهابية) على ريفي حلب وإدلب".

وأشارت وزارة دفاع النظام السوري إلى أن هجوم الفصائل المسلحة، يتخلله استخدام مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إضافة إلى الطيران المسير.

ماذا عن "الأطراف الضامنة"؟

ويحكم مشهد مناطق شمال غرب سوريا، التي تشمل إدلب وأجزاء من ريف حلب واللاذقية، منذ سنوات سلسلة اتفاقيات وتفاهمات، أبرمت ما بين تركيا وروسيا من جهة، وإيران من جهة أخرى ضمن ما يعرف بمسار "أستانة".

الفصائل المسلحة استولت على مناطق كانت تسيطر عليها قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية. (AFP)

وفي البيان الأول لوزارة الخارجية التركية قال الناطق باسمها، أونجو كيتشيلي، إن "الحفاظ على الهدوء في إدلب والمنطقة المجاورة، التي تقع عند نقطة الصفر على حدودنا، يشكِّل أولوية لتركيا".

وأضاف أنه "منذ عام 2017، جرى التوصل إلى عدة اتفاقيات بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب. وتلتزم تركيا بجدية بمتطلبات جميع الاتفاقيات التي هي طرف فيها".

كما أشار الناطق باسم الخارجية التركية إلى أن بلاده حذرت "منصات دولية مختلفة، من أن الهجمات الأخيرة على إدلب وصلت إلى مستوى يقوِّض روح وتنفيذ اتفاقيات أستانة، وأن هناك خسائر كبيرة في صفوف المدنيين. وأكدنا ضرورة وضع حد لهذه الهجمات".

في المقابل وصف الكرملين الروسي الوضع في حلب، بأنه "تعدي على سيادة سوريا".

وقال في بيان، الجمعة، إن "روسيا الاتحادية تدعم استعادة النظام في المنطقة".

وأضاف: "فيما يتعلق بالوضع حول حلب، فهذا بالطبع تعدي على سيادة سوريا في هذه المنطقة، وندعو السلطات السورية إلى استعادة النظام بسرعة في هذه المنطقة، واستعادة النظام الدستوري".

أما إيران فقد قال المتحدث باسم وزارة خارجيتها، إسماعيل بقائي، الخميس، إن "حلب وإدلب وريفيهما جزء من مناطق خفض التصعيد بموجب اتفاقية أستانة"، وإن "عملية الجماعات المسلحة خرق للاتفاق".

واعتبر المسؤول الإيراني أن التحركات الأخيرة "تأتي ضمن مخطط أميركي إسرائيلي لزعزعة استقرار المنطقة"، على حد وصفه.

ماذا يعني الهجوم؟

ما وصلت إليه الفصائل المسلحة المعارضة داخل حلب، وفي ريفها، يكسر الخرائط التي رسمها اتفاق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، مارس 2020.

كما يكسر الحدود التي ثبتها مسار "أستانة" في عام 2019، بحضور زعماء إيران وتركيا وروسيا.

ومن أبرز المناطق التي سيطرت عليها الفصائل صباح الجمعة، منطقة الحاضر التي كانت خسرتها في عام 2015 على يد قوات النظام السوري، والميليشيات الإيرانية التي ساندته آنذاك.

ويضاف إلى هذه المنطقة الفوج 47 الواقع غرب حلب، ومبنى البحوث العلمية، الذي شكل أولى محطات الدخول إلى الأحياء التي سيطرت عليها الفصائل ليلة الجمعة.

المعطيات حتى الآن تشير إلى أن الفصائل تسعى لإحكام السيطرة على كامل مدينة حلب. وفي حال فعلت ذلك ستكون هذه الخطوة الأكبر من نوعها على الصعيد العسكري، منذ عام 2011.

ولم يصدر أي تعليق من جانب النظام السوري، عن المعلومات التي تأكد منها موقع "الحرة"، ونشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، بخصوص دخول الفصائل المسلحة إلى أحياء حلب.

ونشر ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سلسلة من التسجيلات المصورة، وثقت دخول سيارات مصفحة ومقاتلين يتبعون للمعارضة إلى حي الحمدانية وحلب الجديدة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قوات النظام السوری الفصائل المسلحة

إقرأ أيضاً:

من فصائل إلى أحزاب: تحليل لإعادة تشكيل النظام السياسي العراقي

1 يناير، 2025

بغداد/المسلة:  في مشهد يعكس التحولات العميقة التي يشهدها النظام السياسي العراقي، تحدثت تقارير عن طلب بعض الفصائل المسلحة ، تسجيل كياناتها كأحزاب سياسية في خطوة دالة على مرونة الديمقراطية العراقية وقدرتها على استيعاب الجميع، بما في ذلك الأطراف التي كانت في السابق على هامش العملية السياسية أو خارجها تمامًا.

هذا التحول، وإن بدا مفاجئًا للبعض، يأتي في سياق محلي وإقليمي يعيد ترتيب أولوياته، حيث تتصاعد الدعوات لتقوية الدولة ومؤسساتها، مقابل إنهاء ظاهرة السلاح خارج الإطار الرسمي. الفصائل التي كانت تمثل طرفًا عسكريًا فاعلًا خلال سنوات طويلة، بدأت تدرك أن السلاح وحده لا يمكن أن يكون أداة مستدامة لتحقيق النفوذ، خصوصًا مع التوجهات الجادة بحصر السلاح بيد الدولة.

التحول نحو السياسة لم يكن قرارًا فرديًا أو عفويًا، بل جاء نتيجة سلسلة من المتغيرات، منها تعزيز دور مفوضية الانتخابات العراقية التي وضعت إطارًا يتيح للجميع الانخراط في العملية السياسية شريطة الالتزام بالقواعد الديمقراطية.

الفصائل التي تقدمت بطلبات لتأسيس أحزاب سياسية اختارت أسماء وهويات بعيدة عن ارتباطاتها العسكرية، في محاولة واضحة لتقديم نفسها ككيانات مدنية ذات رؤية سياسية، لا عسكرية.

مع ذلك، يثير هذا التحول أسئلة عن مدى واقعية هذه الخطوة ونتائجها المحتملة. فمن جهة، قد يساهم دمج الفصائل المسلحة في النظام السياسي في تقليل التوترات الأمنية، وتحويل التنافس من ساحة القتال إلى قاعات البرلمان. ومن جهة أخرى، يظل التحدي الأكبر في ضمان الالتزام بالقوانين الدستورية التي تمنع ازدواجية العمل العسكري والسياسي.

الحكومة العراقية تجد نفسها في موقف لا يخلو من التعقيد. فمن ناحية، هي مطالبة بإدارة هذا الملف بحكمة لضمان عدم تقويض الاستقرار السياسي، ومن ناحية أخرى، عليها التعامل مع مخاوف المواطنين والقوى السياسية الأخرى التي قد ترى في دخول هذه الفصائل للعمل الحزبي تهديدًا للمشهد الديمقراطي.

في ذات السياق، يشير مراقبون إلى أن هذا التحول يمثل فرصة لتأكيد نضج العملية الديمقراطية في العراق، حيث يمكن أن تكون السياسة فضاءً جامعًا للأطياف كافة، شرط أن يترافق ذلك مع التزام واضح بترك العمل المسلح والتركيز على الوسائل الديمقراطية.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • بكري: الجولاني أكد أكثر من مرة تمسكه بالفكر المتطرف.. وعين مقاتلين اجانب بالجيش السوري
  • مصطفى بكري: حكومة الجولاني تبدأ خطة ممنهجة لطمس هوية الشعب السوري
  • المعاملة بالمثل.. هل سيخضع ملف حل الفصائل الكردية لـالمساومة؟
  • المعاملة بالمثل.. هل سيخضع ملف حل الفصائل الكردية لـالمساومة؟ - عاجل
  • ماذا وراء منع السويداء دخول فصائل المعارضة المسلحة؟
  • مادورو يحذر من "إرهاب رقمي" شلّ المجتمع السوري
  • إعادة بناء الجيش السوري.. مهمة معقدة في مرحلة ما بعد الأسد
  • خفايا هجوم 7 أكتوبر.. التحقيقات أظهرت حقائق جديدة
  • من فصائل إلى أحزاب: تحليل لإعادة تشكيل النظام السياسي العراقي
  • الجيش السوري ينفذ ضربات قوية على مواقع داعش