كشفت مصادر من موانئ الجزيرة الخضراء وقرطاجنة، أن 3 سفن تجارية مرتبطة بتجارة الأسلحة مع إسرائيل ستصل تباعا إلى الموانئ الإسبانية خلال هذه الأيام، وتحديدا في 28 و29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، و1 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

ولا يعتبر ميناء الجزيرة الخضراء الواقع جنوبي البلاد على البحر الأبيض المتوسط المعنيّ الوحيد بهذه القضية، إذ تعد موانئ فالنسيا وبرشلونة من طرق العبور المنتظمة للسفن، التي تربط الولايات المتحدة بإسرائيل كجزء من برنامجها الأمني ​​العسكري.

وعلى الرغم من التصريحات الحكومية المتكررة بعدم السماح بعبور هذه السفن من موانئها، فإن نشطاء إسبانيين يوجهون انتقادات للحكومة للضغط عليها من أجل فرض حظر شامل على تجارة الأسلحة مع الاحتلال، وتطبيق بروتوكول تفتيش صارم على السفن المتجهة أو القادمة من إسرائيل.

موقف ضعيف

وفي تصريحات له اليوم الجمعة، أكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن بلاده لا تبيع الأسلحة لجيش الاحتلال ولا تسمح للسفن المحملة بالأسلحة بالرسو في موانئها.

وتابع "لم يتم إصدار تراخيص جديدة لتصدير الأسلحة لإسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023″، موضحا "نحن لا نبيع أسلحة لإسرائيل، والشرق الأوسط لا يحتاج إلى أسلحة، بل إلى السلام".

في المقابل، اعتبر الباحث في مركز ديلاس لدراسات السلام أليخاندرو بوزو ما يحدث اليوم في إسبانيا أنه "يقتصر على منع مرور السفن إذا كانت هناك احتجاجات بسبب مؤشرات تكشف قدوم سفينة ما، ومنذ أكثر من عام، نطالب بتغيير هذا الوضع لأنه يُتوقع وصول سفينة واحدة على الأقل كل أسبوع".

وأضاف بوزو، في حديث للجزيرة نت، أن "إسبانيا رفضت سفينة واحدة في مايو/أيار الماضي، وسفينتين الشهر الماضي، لكن هذا التحرك الحكومي جاء في أعقاب احتجاج بعض الجماعات في إسبانيا، مما يعني أن الحكومة لن تحظر العبور إلا بسبب التفاعل مع العامل الاجتماعي، المتمثل في المظاهرات التي يقوم بها المجتمع المدني أو المنظمات".

من جانبها، وصفت الناشطة الداعمة لفلسطين آنا سانشيز ميرا ردود الفعل من الحكومة الإسبانية بـ"الضعيفة"، وتوضح "لأنهم يقولون إنهم لم يوافقوا على أي ترخيص لهذا العبور، ولكن الحقيقة هي أن هذه السفن استطاعت العبور والوصول إلى وجهتها النهائية، وهي إسرائيل".

وفي حديث للجزيرة نت، أوضحت ميرا أن الحكومة لم تقدم بيانا أو موقفا رسميا بهذا الشأن، واقتصرت وزارة الخارجية على تقديم تصريحات للصحفي الإسباني أوليفر رودريغيز، تؤكد فيها أنها لم توافق على أي تراخيص لهذه السفن، واعترفت أيضا أنها لا تمتلك القدرة على معرفة حمولة جميع السفن التي تمر عبر الموانئ الإسبانية.

كما أعلن وزير النقل الإسباني أوسكار بونتي أن الحكومة لا تعطي أي تراخيص للسفن العابرة للموانئ الإسبانية والتي تحمل أسلحة إلى إسرائيل كوجهة نهائية، وفق تعبيره.

الناشطون يطالبون بتطبيق آلية مراقبة واضحة تضمن تنفيذ منع وصول الأسلحة إلى إسرائيل عبر الموانئ الإسبانية (شترستوك) بروتوكول تفتيش

وقد دعت عدة نقابات عمالية كبرى في إسبانيا إلى تعديل قانون 53/2007 الخاص بالتحكم في تجارة الأسلحة والمعدات ذات الاستخدام المزدوج، لتشمل حظرا قانونيا على بيع وشراء ونقل الأسلحة إلى إسرائيل، فضلا عن فرض حظر شامل على تجارة الأسلحة معها.

وفي ظل التطورات المتسارعة بشأن الصراع المستمر في قطاع غزة، والمطالب المتزايدة بمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي عسكريا، أشارت الناشطة الإسبانية ميرا إلى أن حكومة بلادها "لم تتخذ أي تدابير ملموسة ومباشرة لفرض حظر عسكري على إسرائيل أو لضمان عدم استخدام الموانئ الإسبانية كمنطقة عبور، على الرغم من التحقيقات الجارية مع إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، وإصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين".

وأكدت ميرا "بلدنا يستقبل قوارب بشكل منتظم تمر عبر الموانئ الإسبانية، ربما دون علم الحكومة، وهذا ما دفعنا إلى تقديم طلب أيدته أكثر من 20 نقابة عمالية، وأرسلنا رسالة إلى الحكومة لفرض بروتوكول تفتيش منهجي على جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل، لأن هذا قد يكون السبيل الوحيد لضمان عدم تورط موانئنا في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني".

وفي سياق مشابه، وصف أليخاندرو بوزو تصريحات الوزراء بـ"الإعلان الخاطئ"، مفسرا ذلك بالقول "ما نحتاجه في الواقع هو حظر إداري مكتوب ورسمي، بالإضافة إلى آلية مراقبة واضحة تضمن تنفيذ التشريعات وتحدد نوع العقوبات في حالة عدم الامتثال".

بيانات الشحن

وتشير البيانات التي تمكن النشطاء الإسبان من الحصول عليها إلى أن شركة "ميرسك" متورطة في هذا الموضوع، وهي شركة دانماركية للنقل البحري تواجه اتهامات دولية بتورطها في نقل الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل.

وفي هذا الإطار، أكدت الناشطة ميرا أن سفن هذه الشركة تأتي ضمن 25 سفينة أخرى، نقلت نحو 13 ألف طن من المعدات العسكرية إلى إسرائيل عبر ميناء الجزيرة الخضراء، بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول الماضيين، بما في ذلك المركبات والصواريخ وغيرها من الولايات المتحدة إلى إسرائيل.

وفي تقرير نشرته صحيفة "إلدياريو" (elDiario) الإسبانية، كشفت أن السفن المحملة بالأسلحة إلى إسرائيل يجب بالضرورة أن تعبر من مضيق جبل طارق، بدل أن تلتفّ حول أفريقيا للوصول عبر البحر الأحمر، وهو طريق أطول وأكثر تكلفة وخطورة.

ويتمثل السبب الثاني في الهجمات على مدخل البحر الأحمر التي أثرت على حركة المرور عبر قناة السويس، ما دفع العديد من الصادرات من الدول الآسيوية إلى التنقل حول القارة الأفريقية، وقد سجلت إحصائيات صندوق النقد الدولي وموانئ إسبانيا تغيرا واضحا في الطرق وزيادة حركة المرور في الموانئ الإسبانية.

وعند سؤال الباحث الإسباني في مركز ديلاس عن كيفية معرفة النشطاء بمحتويات السفن، قال "قد يكون الأمر صادما للبعض لكن المعلومات بشأن السفن علنية ومتاحة، لأنه يتم التبليغ عن كل سفينة تغادر الولايات المتحدة وميناء النزول والوجهة النهائية من خلال قواعد بيانات معينة، ويمكن الوصول إليها مجانا، لكن المعلومات حول محتويات السفن غالبا ما تتطلب اشتراكا باهظ التكلفة، لا يقل عن 200 دولار شهريا".

وعلى النقيض من موانئ فالنسيا وبرشلونة، يكون من السهل اكتشاف السفن التي تصل إلى ميناء الجزيرة الخضراء ومعرفة محتوياتها، لأنه يتم تنزيل الحاويات في هذا الميناء قبل تحميلها في سفينة مختلفة، كما أن الخط التجاري الذي يربط بين الولايات المتحدة وإسرائيل يمر عبر الجزيرة الخضراء، وفق المتحدث.

وأضاف بوزو "هذا ليس تجارة سرية إذ يمكن الحصول على كل المعلومات بقليل من البحث وعمليات التفتيش في الموانئ، ولا تعد إسبانيا البلد الوحيد الذي يسمح بعبور هذه السفن، فهناك إيطاليا واليونان ودول عربية، لكن ربما ليس إلى الحد الذي يحدث فيه في الجزيرة الخضراء الواقعة جنوب البلاد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة الجزیرة الخضراء تجارة الأسلحة إلى إسرائیل هذه السفن

إقرأ أيضاً:

أسلحة الفتك .. إسرائيل تحوّل غزة ساحة لتجربة أسلحتها المحرمة

 

الثورة / متابعات

منذ أكثر من عام ونصف، يعيش سكان قطاع غزة في جحيم يومي تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يتردد في استخدام أسلحة ذات فتكٍ غير مسبوق.

وفي وقت يلتزم فيه العالم الصمت المطبق، يُسحق المدنيون الفلسطينيون تحت أطنان من المتفجرات المحرّمة دوليًا، ليشكلوا ضحايا حرب تُرتكب على مرأى ومسمع من الجميع.

في هذا الشريط الساحلي الصغير والمكتظ بالسكان، تحوّلت الحياة إلى سلسلة من المجازر المتنقلة، حيث يتعرض الأهالي لموت متنوع الأشكال: حرقًا، وقصفًا، وتجويعًا، ومرضًا، وبردًا، وأمام الاستخدام المتكرر لأسلحة توصف بأنها “غير تقليدية”، تُسجل حالات فريدة من نوعها، مثل تبخر الأجساد أو تحولها إلى رماد لا يترك أثرًا، وهو ما يؤكد – وفق مختصين – استعمال أسلحة حرارية وكيميائية.

صور مأساوية بلا رد فعل

في أحد أبرز المشاهد، اشتعل جسد الصحفي أحمد منصور على الهواء مباشرة إثر استهدافه بصواريخ إسرائيلية، وبقي يصرخ من الألم حتى أسلم الروح في اليوم التالي.

وفي حادثة مشابهة، تمزقت أجساد عشرات المدنيين وتحولت إلى أشلاء متناثرة بعد استهداف مركز إيواء شرقي غزة، دون أن يتحرك ضمير المجتمع الدولي.

مدير وحدة الإسعاف في الخدمات الطبية فارس عفانة، أوضح أن الأسلحة المستخدمة تحمل شظايا عالية الاختراق، تسبب تشوهات كبيرة وتحول الضحايا إلى أشلاء، في مشاهد تفوق الوصف.

وأشار إلى وجود حالات شهداء بلا رؤوس وأجساد متفحمة بالكامل، نتيجة صواريخ تملك تأثيرًا حراريًا وتفاعليًا على الجلد والأنسجة.

قنابل فراغية وانفجارات مدمرة

من بين الأسلحة التي تشير التقارير إلى استخدامها، القنابل الفراغية، التي تُعد من أشد المتفجرات فتكًا.

وتعمل هذه القنابل عبر إطلاق سحابة من جزيئات الوقود في الهواء ثم إشعالها، ما ينتج موجة ضغط وحرارة تصل إلى 3000 درجة مئوية.

وتسبب انفجارًا قاتلًا في أماكن مغلقة، ما يجعلها محرّمة بموجب القانون الدولي الإنساني.

وكشفت تحقيقات صحفية، منها ما نشره الكاتب “توماس نيوديك” في موقع The War Zone، عن صور لطائرات أباتشي إسرائيلية محملة بذخائر ذات شرائط حمراء، ما يشير إلى كونها صواريخ “هيلفاير” من الطراز الفراغي “AGM-114N”، أثارت هذه الصور موجة من الانتقادات، ما دفع جيش الاحتلال لاحقًا إلى حذفها.

تقنيات فتاكة جديدة

كما تفيد تقارير أخرى باستخدام جيش الاحتلال ما يُعرف بـ”المتفجرات المعدنية الخاملة الكثيفة”، وهي متفجرات ذات طابع تدميري عالٍ داخل نطاق محدود، لكنها قاتلة للغاية، خاصة عند استخدامها في الأحياء السكنية المكتظة.

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في الأسلحة المستخدمة في غزة، مع التركيز على الأسلحة الحرارية التي قد تكون وراء ظواهر تبخّر الجثث.

وأشار إلى شهادات موثقة ومعلومات جمعها ميدانيًا، تكشف عن مجازر تُرتكب بأسلحة تصنف ضمن المحظورات الدولية.

وبينما يتواصل القصف الإسرائيلي المكثف، تبقى التساؤلات مفتوحة حول دور المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية في حماية المدنيين، وإخضاع مرتكبي جرائم الحرب للمحاسبة بموجب القانون الدولي.

انتهاك صارخ للقانون الدولي

ويحظر القانون الدولي استخدام الأسلحة الحرارية ضد المدنيين، خاصة في المناطق السكنية.

وتنص كل من اتفاقيتي لاهاي لعامي 1899 و1907م، واتفاقيات جنيف لعام 1949م، على ضرورة حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة.

كما يُعد استخدام هذه الأسلحة ضد الأبرياء جريمة حرب وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ورغم كل ذلك، لا تزال غزة تدفع الثمن يوميًا، بينما العالم يتفرج، والأسلحة المحرّمة تحصد أرواحًا بريئة في صمتٍ مخجل.

مقالات مشابهة

  • اولويات لبنان: الانسحاب الإسرائيلي من التلال والأسرى والتفاوض على النقاط ال 13 المختلف عليها
  • أسلحة الفتك .. إسرائيل تحوّل غزة ساحة لتجربة أسلحتها المحرمة
  • عشرات النواب البريطانيين يطالبون بفتح تحقيق حول دور حكومتهم في حرب غزة
  • عشرات النواب البريطانيين يطالبون بفتح تحقيق حول دور حكومتهم بحرب غزة
  • عشران النواب البريطانيين يطالبون بفتح تحقيق حول دور حكومتهم بحرب غزة
  • قريباً.. العراق يعتمد مشروعاً متطوراً لـ”ترميز الأسلحة” وحصرها بيد الدولة
  • احتجاج بـ «أكفان الأطفال».. نشطاء بريطانيون يُطالبون بوقف تسليح إسرائيل
  • تركيا تنفي التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي لإنشاء آلية لمنع الاشتباك بينهما
  • رشيدة طليب تدعو إدارة ترامب لوقف تصدير الأسلحة إلى الاحتلال الإسرائيلي
  • مسئول روسي كبير: نزع السلاح النووي أمر مستحيل في العقود المقبلة