تداعيات زيارة رئيس مجلس النواب الليبي إلى إيطاليا
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
طرابلس - وصل رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، يوم الخميس، إلى العاصمة الإيطالية روما، يرافقه وفد برلماني رفيع المستوى، وذلك بدعوة رسمية من مجلس النواب الإيطالي، بحسب سبوتنيك.
التقى صالح خلال الزيارة برئيس مجلس النواب الإيطالي، لورينزو فونتانا، حيث جرى مناقشة سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، التي تربطهما أواصر تاريخية وجغرافية وثقافية، إلى جانب المصالح التجارية المشتركة.
وخلال اللقاء، أكد صالح أهمية معاهدة الصداقة الليبية-الإيطالية، الموقعة في أغسطس/ آب 2008 بمدينة بنغازي، كإطار للتعاون المشترك، مشددًا على ضرورة تفعيل بنودها وتطويرها من خلال دور البرلمان الإيطالي على الصعيد السياسي والاقتصادي والتشريعي.
كما أوضح أن الجمود في العملية السياسية الليبية لا يعود إلى البرلمان، بل إلى ما وصفته المفوضية بالقوة القاهرة، مؤكدًا أن مجلس النواب قام بدوره كاملاً وأصدر بالتشاور مع مجلس الدولة القوانين المنظمة لانتخاب الرئيس والبرلمان وسلمها للمفوضية.
وأضاف صالح أن ليبيا بحاجة إلى حكومة موحدة جديدة تكون مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أسرع وقت.
في الجانب الإنساني، طالب صالح رئيس البرلمان الإيطالي بالتدخل أو إصدار العفو بشأن المسجونين الليبيين في إيطاليا، أو نقلهم إلى ليبيا لاستكمال عقوباتهم، مشيرًا إلى معاناة أهالي المساجين من عدم قدرتهم على زيارتهم. وقد وعد الجانب الإيطالي ببذل الجهود اللازمة لتحقيق هذا المطلب. كما دعا صالح إلى دعوة النائب العام الليبي للتشاور بشأن أوضاع المساجين الليبيين في إيطاليا، وهو ما تمت الموافقة عليه.
كما تناول اللقاء سبل تعزيز الشراكة الليبية-الإيطالية في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب، معبرًا عن أمله في رؤية ليبيا موحدة ومستقرة في المستقبل القريب.
أهمية وتحديات
اعتبر المحلل السياسي، حسام الدين العبدلي، أن زيارة رئيس مجلس النواب الليبي إلى روما تمثل خطوة مهمة، لكنها تثير تساؤلات حول النتائج المتوقعة منها، وأشار إلى أن العديد من الزيارات التي قام بها الساسة الليبيون للعواصم الغربية في السنوات الأخيرة لم تحقق نتائج ملموسة تخدم الشعب الليبي أو تدفع بالعملية السياسية إلى الأمام، وغالبًا ما تقتصر على تصريحات منمقة دون جدوى حقيقية.
وأوضح العبدلي، استنادًا إلى ما نشره المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي، أن الزيارة ركزت على تعزيز اتفاقية التعاون والصداقة الليبية الإيطالية الموقعة في عام 2008 ببنغازي، والتي تُعدّ إطارًا مهمًا للتعاون الثنائي، لكنها لم تُفعّل بالكامل بعد، خاصة في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية.
كما أشار إلى أن النقاشات شملت الأسباب والعراقيل التي تحول دون إجراء الانتخابات في ليبيا، وتحقيق توافق حول حكومة موحدة تقود البلاد نحو الاستقرار.
وأضاف أن رئيس مجلس النواب أوضح أن المجلس ليس المسؤول عن عرقلة العملية الانتخابية، وأرجع الجمود إلى "القوة القاهرة" التي تحدثت عنها المفوضية العليا للانتخابات، مشيرًا إلى أن المجلس قام بدوره عبر إصدار القوانين بالتعاون مع مجلس الدولة وإحالتها للمفوضية.
ومع ذلك، يرى العبدلي أن تصريحات صالح حول العرقلة غير واضحة ومبهمة، وأنها قد لا تقنع الجانب الإيطالي، الذي يُدرك جيدًا من هي الأطراف المعرقلة للعملية السياسية في ليبيا.
وفيما يتعلق بملف السجناء الليبيين في إيطاليا، شدد العبدلي على أهمية الإسراع في معالجة هذه القضية الإنسانية، خاصة فيما يتعلق بالإفراج عن السجناء الليبيين أو تسليمهم لليبيا لاستكمال محكوميتهم، من خلال إجراءات مثل تبادل السجناء.
واعتبر العبدلي أن النقاط الثلاث الرئيسية التي تم تناولها خلال اللقاء تعزيز الاتفاقية الثنائية، مناقشة الجمود السياسي، وملف السجناء تُعد جوهرية، لكنها تُظهر أن إيطاليا لا تملك نفوذًا كبيرًا في حل الأزمة الليبية، وأشار إلى أن دور إيطاليا يقتصر في الغالب على الاستثمار وتبادل المصالح مع الشعب الليبي، دون التوصل إلى خارطة طريق سياسية واضحة.
وختم العبدلي بالتأكيد على أن الحل السياسي في ليبيا يجب أن يكون أولوية، مطالبًا بتوحيد الجهود للوصول إلى انتخابات تقود البلاد نحو الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام السياسي.
يرى المحلل السياسي عبد الله الديباني، أن زيارة رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، إلى إيطاليا تأتي في إطار الزيارات الرسمية التي تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصًا وأنها زيارة برلمانية تتضمن لقاءً مع البرلمان الإيطالي، ما قد يسفر عن توقيع اتفاقيات تخدم المصالح المشتركة.
وأشار الديباني في تصريح خاص لـ"سبوتنيك" إلى أن صالح أثار خلال الزيارة ملف السجناء الرياضيين الليبيين في إيطاليا، الذي أصبح قضية رأي عام، مؤكدًا أن هذا الملف لاقى اهتمامًا واسعًا في الأوساط الإيطالية.
وأضاف أن الزيارة تأتي في توقيت مناسب لتعزيز العلاقات الليبية-الإيطالية، معربًا عن أمله في توسيع مثل هذه الزيارات لتشمل دولًا أخرى، بهدف تعزيز ارتباط ليبيا بالمجتمع الدولي.
كما أشار إلى أن العديد من الاتفاقيات الثنائية تحتاج إلى مصادقة الأجسام التشريعية، مما يبرز أهمية مثل هذه اللقاءات البرلمانية في تحقيق التعاون المشترك.
كما تناول اللقاء أيضًا الحديث عن ملف الهجرة غير الشرعية كأحد القضايا الرئيسية المطروحة، حيث أوضح رئيس مجلس النواب الليبي أن أسباب الهجرة تكمن في الجوع والفقر وانعدام الاستقرار والنزاعات في بلدان المصدر، وأشار إلى المآسي الإنسانية التي يواجهها المهاجرون، من الموت غرقًا في البحر أو عطشًا في الصحراء.
وأكد رئيس مجلس النواب أن الحل الجذري لهذه الأزمة يكمن في تحقيق التنمية والاستقرار في دولهم الأصلية، مشيرًا إلى أن ليبيا ليست مصدرًا للهجرة وإنما بلد عبور، كما شدد على أنه أصدر تعليماته للجهات المختصة بالتعاون مع السلطات الإيطالية لمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية بشكل فعّال.
Your browser does not support the video tag.المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: رئیس مجلس النواب اللیبی اللیبیین فی إیطالیا اللیبیة الإیطالیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
رئيس إيطاليا يستقبل الأمينَ العام لرابطة العالم الإسلامي
الرئيس ماتاريلا: التطرفُ أيًّا كان مصدرُه لا يمثِّل إلا نفسه ولا يمثِّل القيمَ الحضاريةَ التي تدعو لها الأديان
استقبل فخامةُ رئيس الجمهورية الإيطالية، السيد سيرجيو ماتاريلا، في القصر الرئاسي في روما، معاليَ الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى.
وجرى خلال اللقاءِ بحثُ عددٍ من الموضوعات ذات الصِّلة بأهمية فاعلية الإسهام الدينيّ من أجل دعْم جهود السِّلْم العالمي، وتعزيز الصداقة بين الشعوب، من منطلَق أنّ كثيرًا من الصراعات عبر التاريخ الإنساني تعتمد في جذورها على تأويلاتٍ دينية خاطئة.
اقرأ أيضاًالمملكة“الصناعة” تُنفذ 603 جولات رقابية على المواقع التعدينية بمختلف مناطق المملكة خلال ديسمبر 2024
وأكّد الدكتور العيسى أنَّ دين الإسلام دعا إلى التعارُف بين الأُمَم والشعوب، واحترام كرامة الإنسان، والتعايُش معه بسلام، شارحًا معالمَ رئيسة في “وثيقة المدينة المنورة” و”وثيقة مكة المكرمة”.
وشكرَ فضيلتُه لفخامته موقفَه العادلَ من الحقّ الفلسطيني، ولا سيّما تأييد الخيار الحتميّ لحلّ الدولتين.
وأشار إلى ما لمسهُ من قيادات المُكَوِّن الإسلاميّ الإيطاليّ من عُمق الوعي الديني والفكري، الذي يعكس حقيقة الإسلام، مُشيدًا باعتزازهم بهويتهم الوطنية، واحترام دستورها، وتعايُشهم المثالي في إطار وَحدة المجتمع الإيطالي ومفاهيم دولة المواطنة الشاملة، مع احترام الخصوصية الدينية.
وقد ثمّن فخامةُ الرئيس الإيطالي جهودَ رابطة العالم الإسلامي بقيادة أمينها العام؛ من أجل تعزيز السلام الديني والحضاري، مُشيدًا بقِيَم الإسلام في ذلك، ومؤكِّدًا أن التطرف -أيًّا كان مصدره- لا يمثِّل إلا نفسه، ولا يمثِّل القيم الحضارية التي تدعو لها الأديان.