حرب التجويع الإسرائيلية تفاقم من معاناة سكان القطاع المنكوب
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
غزة - د.حكمت المصري: وصل قطاع غزة الي منحنى جديد من التدهور المعيشي، جراء الارتفاع الجنوني لأسعار السلع بالتزامن مع عدم السماح للمساعدات بالدخول، مما أدى إلى تفاقم معاناة مليونين ومئتي ألف فلسطيني يعيشون ظروف الحرب القاسية والصعبة.
إثر جولة على الأسواق، تتردد أحاديث عن اضطرار كثيرين لشراء أكياس الدقيق بأسعار متفاوتة، تراوحت ما بين 450 شيكل إلى 500 شيكل أي ما يعادل (150إلى 170) دولار، لكل 25 كيلو دقيق بدلاً من سعره الأساسي الذي كان 35 شيكل أي ما يعادل (10 دولارا) قبل الحرب.
تسير ماجدة ذات ال (50) عامًا في سوق مخيم خانيونس المكتظ بالنازحين بحثًا عن طعام، تتنقل من محل الي اخر ولكن دون جدوي. "ابحث عن خضار ولحوم او اي نوع من الفاكهه، ابنتي انجبت طفله وتحتاج الي طعام يساعدها على اعادة صحتها، لكن للاسف الاسواق فارغه ولم اجد شيئًا ملائم، غلاء الأسعار شيء لا يمكن تخيله وتحمله في ظل الظروف القاسية التى نعيشها جراء الحرب المستمرة والعدوان المتواصل علينا منذ أكثر من عام".
ثم اردفت قائله نعيشها ويلات ويلات، صباح هذا اليوم واجهت ابنتى إخلاص ذات (32) عامًا الآم المخاض، استيقضت صباحًا وعلى وجه السرعه وبصعوبة بالغة استطعنا نقلها من خلال عربه يجرها حمار الي قسم الولادة بمستشفي ناصر بخانيونس، هناك وضعت طفلتها، لكنها تعرضت الى نزيف حاد بعد الولادة وتم نقل وحدتين دم لها، غادرت المستشفى علي امل الحصول على طعام جيد لتعويض ما اصابها من نزيف ولكن للأسف كميات الطعام شحيحه نتيجه اغلاق المعابر وعدم السماح للمساعدات للدخول الى القطاع".
جاء صوتها متقطعًا عبر هاتف الجوال بعد انقطاع لمدة أسبوع، كانت تسأل بكثير من الخجل "عمتو عندكو خبز وأكل؟" كانت الدموع هى الإجابه، ماذا سنخبر طفلة لم يتعدى عمرها الخمس سنوات؟ كيف سنقول لها بأننا نملك كل شيء، طعام وشراب وبيت وكهرباء وماء، اننا نعيش الحياة بكل ترفها بينما هم لا يملكون قطعة خبز صغيرة يسدون فيها امعاءهم الخاوية منذ اكثر عام على الحرب، كان هذا رد ليلي الفلسطينية المتواجدة خارج قطاع غزة وهى تحدث ابنة اخاها في شمال قطاع غزة، واصلت البكاء وقالت ليتنى استطيع فعل شيء لهولاء الأطفال الذين أراهم مع كل نشرة اخبار يبكون من شدة الجوع والعطش وانتشار الأمراض وعدم توفر الادوية اللازمة لهم وانعدام الامن بسبب القصف الإسرائيلي العنيف، بكيت أكثر عندما سمعت تصريح مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور حسام أبو صفية وهو يقول، «نستقبل أطفالا يشكون من قلة الغذاء ويموتون وما زال هناك العديد من الأطفال داخل أقسام المستشفى يتلقون العلاج وهم في وضع صحي غاية في الصعوبه».
أما الشاب محمود (21) عاما تغيرت ملامحه كثيرًا بسبب الحرب فقال "لقد فقدت أكثر من 17 كيلوجرام من وزني منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر، المواد الغذائية غير متوفرة داخل الاسواق، نعتمد على الأعشاب البرية في طعامنا ثم أشار الى بعض الطعام وقال هذا هو خبزنا في غزة، مكون دقيق ابيض يحتوي على حشرات صغيرة بسبب سوء تخزينه، نحن جوعى وعطشى ولا أحد يكثرت لنا، نراقب كل شيء ونترصد الأخبار وفعل السياسيين ومواقفهم لكننا لن تسامح أحدا".
يعاني سكان غزة من حصار إسرائيلي فرض عليهم منذ عام 2006، ويواجهون اليوم حصاراً أشدّ في ظل عرقلة دخول المساعدات عبر معبر رفح، ناهيك بتعليق تمويل الأونروا، لكن هناك حلقة ناقصة مجهولة ومظلمة ولكن لم يكشف عنها الغطاء، وهي احتكار السلع في السوق السوداء من قبل متنفذين داخل القطاع.
يشتكي تيسير عبيد، أب لأربعة أطفال، من ارتفاع أسعار المواد التموينية داخل الأسواق، والتي تضاعفت بمقدار خمسة أضعاف إلى عشرة أضعاف عن سعرها الأصلي قبل الحرب، يأتي ذلك في إثر الاحتكار وغياب حضور لأي مرجعية رسمية تعمل على ضبط الأمر. إذ يشير صافي إلى أنه أجبر على شراء كيس من الطحين بسعر 150 شيكل من أحد التجار أي ما يعادل 50 دولار. وجد تيسير نفسه مضطراً لدفع هذا المبلغ الطائل على اعتبار أن تواجد الطحين سينقذ عائلته من خطر الموت جوعاً، بعدما انتظر أسابيع على أمل تسليم الأونروا للدقيق، لكن هذا الانتظار لم يجد نفعاً، نتيجة بيروقراطية الأونروا في التوزيع، وعدم تواجد أي بديل أمامه سوى الشراء بهذا السعر.
وبسبب الوضع الإنساني الكارثي بغزة صرحت وكالة هيومن رايتس ووتش": ان الاحتلال لم يلتزم بأمر محكمة العدل الدولية المتعلق بتقديم المساعدات في غزة، وقد انخفض المتوسط اليومي لعدد الشاحنات التي تدخل القطاع في الأسابيع التي تلت قرار المحكمة بنسبة 30%".
اما اليونيسف فلم يكن تصريحها هذا هو الأول بل تكرر نداءها اكثر من عشرات المرات الي "ضرورة إيصال المساعدات لان ذلك يعتبر مسألة حياة أو موت بالنسبة للأطفال في قطاع غزة وان الاحتياجات في غزة عاجلة وهائلة خصوصًا المياه والغذاء والدواء والوقود وان وقف إطلاق النار الإنساني الفوري بغزة يوفر أفضل فرصة لإنقاذ الأرواح وإنهاء المعاناة".
هذا وقد صرحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا:" أن واحدة من كل أربع أسر على الأقل في غزة تواجه الآن مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي أو ظروفا شبيهة بالمجاعة".
فيما اكدت منظمة العفو الدولية: "ان إسرائيل تتحدى حكم محكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية بعرقلة وصول المساعدات إلى غزة وانها فشلت في اتخاذ الحد الأدنى من التدابير المؤقتة لحماية الفلسطينيين، وفشلت أيضًا في ضمان وصول ما يكفي من المساعدات للسكان المعرضين للإبادة الجماعية والمجاعة".
بدوره قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن الجميع تقريباً في قطاع غزة يتضورون جوعاً، وأن هذا وضع "غير إنساني". وفي منشور على منصة "إكس"، أوضح غيبريسوس، أن التقييمات الأخيرة تشير إلى أن الجميع تقريبا في غزة يتضورون جوعا.
ويأمل الفلسطينيون ان يتم تدشين جسر اغاثي بري وجوي وبحري متواصل لإغاثة الفلسطينيين في قطاع غزة مع التركيز علي ضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية وخاصة الدقيق وباقي المواد الأساسية لسكان شمال غزة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الزنانة.. عين إسرائيل على غزة ونذير شؤم للفلسطينيين
يُعاني الفلسطينيون في قطاع غزة من أصوات طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، المعروفة لدهم باسم الزنانة. وتحلق هذه الطائرات على مدار الساعة، منذ أعوام على ارتفاعات منخفضة، وتحدث أصواتا تسبب القلق والأرق، وتمثل مصدر إزعاج بسبب صوتها الذي لا يغادر سماء قطاع غزة.
تحليق الطائرات المسيرة في سماء القطاع يعتبره السكان نذير شؤم عليهم كون تحليقها يعني وجود هجوم وشيك عليهم وبرز استخدامها بشكل كبير خلال الحرب الدائرة حاليا في قطاع غزة.
ويرتكز الجيش الإسرائيلي في استخدام هذه الطائرات في التجسس حيث يوجد منها أربعة عشر نوعا من الطائرات الاستخباراتية، وتقسم هذه الطائرات إلى نوعين أساسيين : الطائرات المأهولة بالأفراد والطائرات غير المأهولة.
وتمثل هذه الأنواع من الطائرات سلاحا استراتيجيا في الحرب في قطاع غزة حيث تشرف على إدارة المعارك على الأرض بشكل كبير، من حيث حركة القوات البرية على الأرض ومناوراتها، وتصميم الأحزمة النارية وقصف المنازل كما تشرف على رماية وضربات الطيران الحربي.
وتعتبرها إسرائيل عينها في سماء قطاع غزة ويرتكز الجيش الاسرائيلي عليها بشكل كبير في جمع المعلومات ورصد الأهداف وتحولها لطائرة انتحارية عند تنفيذ عمليات الاغتيال وطائرات هجومية في تدمير البيوت.
يذكر أن حركة حماس اشترطت عدم تحليق هذه الطائرات في سماء قطاع غزة عندما تم الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين من القطاع في الهدنة الإنسانية الأسبوعية في نوفمبر من العام الماضي.
سر التسمية
ويسمي الغزيون طائرات الاستطلاع هذه بدون طيار "الزنانة" بسبب صوتها الصاخب. وهي تحلق على ارتفاع منخفض في أجواء قطاع غزة ويمكن رؤيتها بالعين خصوصا في المناطق المفتوحة.
وفي أذهان الغزيين، ترتبط طائرات الاستطلاع هذه وهي بدون طيار، باغتيال عشرات القادة والنشطاء الذين سقطوا بصواريخها.
ومنذ عقد ونصف العقد، تفرض إسرائيل حصارا مشددا برا وبرا وجوا على القطاع الذي تبلغ مساحته نحو ثلاثمئة وستين كيلومترا مربعا، ويسكنه 2,3 مليون فلسطيني يشكّل اللاجئون نحو ثلثيهم.
وبعيدا عن أوقات الحرب والتصعيد، تحوم المسيّرات الإسرائيلية في المتوسط حوالي أربعة آلاف ساعة شهريًا فوق القطاع، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وأسفر هجوم حماس على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر 2023 عن مقتل 1207 أشخاص معظمهم مدنيون، بحسب تعداد استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية. وتشمل هذه الحصيلة رهائن قتلوا أو لقوا حتفهم أثناء الاحتجاز في القطاع الفلسطيني.
وخطف أثناء الهجوم 251 شخصا من داخل الدولة العبرية. ولا يزال 97 من هؤلاء محتجزين في القطاع، بينهم 34 شخصا أعلن الجيش الإسرائيلي أنهم قتلوا.
وفي الجانب الفلسطيني، قتل 44330 شخصا على الأقل، معظمهم مدنيون، منذ بدأت العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة ردا على هجوم السابع من أكتوبر العام الماضي، وفق بيانات لوزارة الصحة التابعة لحماس تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.