في أحدث تقرير.. أزمة مياه عالمية غير مسبوقة ودول عربية في الخطر
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
بغداد اليوم- متابعة
كشف تقرير جديد أن العالم يواجه "أزمة مياه غير مسبوقة" مدفوعة بارتفاع الطلب على المياه الصاحلة للشرب وأزمة المناخ المتسارعة، ما قد يؤثر على توافر هذا المورد الحيوي خلال الفترة الممتدة لـ2050.
وبحسب التقرير الذي نشره، اليوم الأربعاء (16 آب 2023)، معهد "وورلد ريسورسز" فإن ربع سكان العالم حاليا يواجهون سنويا "إجهادا لمصادر المياه"، أو ما يصفه التقرير بـ"الإجهاد المائي المرتفع" ومن المتوقع أن يتأثر مليار شخص إضافي بحلول عام 2050.
ويعني الإجهاد المائي المرتفع، بحسب التقرير الذي يصدر كل أربع سنوات، أن البلدان تستخدم كل المياه التي لديها تقريبًا، أو على الأقل 80٪ من إمداداتها.
ما هي الدول المعنية؟
وجد التقرير أن 25 دولة، بما يمثل 25٪ من سكان العالم، تعاني من إجهاد مائي مرتفع للغاية كل عام، وكانت البحرين والكويت ولبنان وعمان، بالإضافة إلى قبرص، الأكثر تضررا.
وأكثر المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي هي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يتعرض 83٪ من السكان لإجهاد مائي مرتفع للغاية، بينما يتعرض سكان جنوب آسيا ، للظاهرة بنسبة 74٪.
وحتى الجفاف قصير المدى يمكن أن يعرض هذه الأماكن لخطر نفاد المياه. "لقد رأينا بالفعل هذا السيناريو في العديد من الأماكن حول العالم مثل إنكلترا والهند وإيران والمكسيك وجنوب إفريقيا" يقول التقرير.
شبكة أخبار (سي إن إن) نقلت عن سامانثا كوزما، واحدة من الباحثين الذين أعدوا التقرير قولها: "يمكن القول إن الماء هو أهم مورد لنا على هذا الكوكب، ومع ذلك فنحن لا نديره بطريقة تعكس أهميته".
وتابعت: "لقد عملت في الأبحاث حول المياه لما يقرب من 10 سنوات، ولسوء الحظ، ظلت القصة كما هي طوال السنوات العشر تقريبًا".
على الصعيد العالمي، زاد الطلب على المياه بأكثر من الضعف منذ عام 1960، ويتوقع التقرير أنه سيرتفع بنسبة 20 إلى 25٪ أخرى بحلول عام 2050.
تنبع زيادة الطلب على المياه من مجموعة من العوامل، بما في ذلك النمو السكاني ومتطلبات أخرى مثل الزراعة، إلى جانب سياسات الاستخدام غير الرشيدة للمياه والافتقار إلى الاستثمار في البنية التحتية.
في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، "أكثر مناطق العالم إجهادا مائيا"، وفق ذات التقرير، سيعيش جميع السكان مع إجهاد مائي مرتفع للغاية بحلول منتصف القرن الحالي، مما يؤثر على إمدادات مياه الشرب، ويضر بالصناعات ويحتمل أن يؤجج صراعات سياسية.
سيحدث أكبر تغيير في الطلب على المياه في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفقا للتقرير، والذي يتوقع زيادة بنسبة 163٪ في الطلب على المياه بحلول عام 2050.
وفي أمريكا الشمالية وأوروبا، استقر الطلب على المياه، بمساعدة الاستثمار في تدابير كفاءة استخدام المياه "لكن هذا لا يعني أن أجزاء من هذه المناطق لم تتأثر" يؤكد التقرير.
وست ولايات أمريكية من أصل سبع في حوض نهر كولورادو، بما في ذلك أريزونا ونيو مكسيكو، هي من بين أكثر 10 ولايات تعاني من الإجهاد المائي في الولايات المتحدة.
تدابير كبح أزمة المياه
يقترح التقرير تدابير مختلفة لمنع تحول الإجهاد المائي إلى أزمة عالمية.
وتشمل هذه التدابير الحفاظ على الأراضي الرطبة والغابات واستعادتها، واعتماد المزارعين تقنيات ري أكثر كفاءة مثل الري بالتنقيط، وتحول صناع السياسات إلى التركيز على مصادر طاقة لا تعتمد بشكل كبير على المياه، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
الإجهاد المائي أفق 2050
كتب مؤلفو التقرير، أيضا، أن أماكن مثل لاس فيغاس، وسنغافورة، أظهرت أنه من الممكن إدارة موارد المياه النادرة للغاية من خلال سياسات مثل معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها وإزالة النباتات المتعطشة للماء.
لكن على الصعيد العالمي، فإن العمل متباطئ، وفقا للتقرير ذاته.
وفي تعليقه على ما جاء في التقرير، قال ديتر جيرتن، رئيس مجموعة البحث في معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ، لشبكة "سي أن أن" إن النتائج تؤكد حجم التحدي الذي يواجهه العالم والحاجة إلى تنفيذ تدابير عاجلة لمعالجته.
وأردف "يُذكرنا هذا التقرير مرة أخرى بأن الإجهاد المائي الحاد والمزمن والذي أضحى يؤثر الآن على أجزاء كبيرة من الأرض وعلى حياة مليارات البشر، يمكن أن يقودنا إلى حافة أزمة مياه عالمية".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الطلب على المیاه
إقرأ أيضاً:
هل يدفع العالم ثمنَ غطرسة أمريكا والكيان الإسرائيلي؟ بابُ المندب خطُّ نار عالمي
بقلم ـ عبدالملك محمد عيسى*
تتصاعدُ حدةُ الصراع في المنطقة مع كُـلّ يوم جديد، حَيثُ تتشابك المِلفات السياسية والعسكرية والاقتصادية في معركة إقليمية مفتوحة بين محور المقاومة من جهة وأمريكا والكيان الإسرائيلي وحلفائهما الإقليميين من جهة أُخرى.
وبينما تلوّح واشنطن بالمزيد من التصعيد سواء ضد غزة أَو ضد اليمن، على خلفية استهداف السفن في البحر الأحمر، تبدو المنطقة والعالم بأسره على شفا أزمة اقتصادية غير مسبوقة عنوانها الأبرز: (باب المندب خط نار عالمي).
ففي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتهديد ترامب المباشر لحركة حماس بإجبارها على إطلاق الأسرى الصهاينة لديها بالقوة، جاءت الضربة اليمنية الحاسمة بإسقاط طائرة أمريكية من طراز MQ-9 في أجواء الحديدة بأسلحة محلية الصنع لتؤكّـدَ أن اليدَ اليمنية باتت على الزناد في البحر والجو معاً، ولم يكن هذا التطور منفصلاً عن السياق العام، بل جاء في ضوء زيارة وزير الدفاع السعوديّ خالد بن سلمان إلى واشنطن، حَيثُ بحث مع نظيره الأمريكي بيت هيغسيث سبل تعزيز التعاون الدفاعي والتطورات الإقليمية، هذا التنسيقَ العسكري السعوديّ الأمريكي في ظل استهداف اليمن وتصنيفه “إرهابياً”، يعكس بوضوح أن واشنطن تفكّر في مغامرة عسكرية ضد صنعاء بمباركة الرياض.
الرسالة اليمنية واضحة إما وقف العدوان الإسرائيلي الأمريكي على غزة ورفع اليد الأمريكية عن اليمن أَو دخول العالم في أزمة اقتصادية كبرى تبدأ من باب المندب، هذا المضيق الاستراتيجي الذي يمر عبره نحو 12 % من حجم التجارة العالمية وتحمل مياهُه إمدَاداتِ الطاقة والبضائع نحو أُورُوبا وآسيا وأمريكا؛ فإغلاق باب المندب -ولو مؤقتاً- يعني ارتفاعًا صاروخيًّا في أسعار النفط والغاز وقفزة جنونية في تكاليف الشحن البحري؛ ما سيؤدي إلى موجة تضخُّم عالمية غير مسبوقة، وخَاصَّة أن الاقتصاد العالمي أصلاً هشٌّ بعد سلسلة من الأزمات، منها العقوبات الأمريكية على روسيا والصين وأُورُوبا وكندا والمكسيك والحرب في أوكرانيا، وتداعياتها على الطاقة والغذاء واضطراب سلاسل التوريد منذ أزمة كورونا.
أزمة باب المندب إذَا انفجرت ستضع الاقتصاد العالمي أمام سيناريو ركود تضخمي كارثي، حَيثُ ترتفع الأسعار بينما تتراجع معدلات النمو والإنتاج، وهذا يعني زيادة كلفة الطاقة على الصناعات في أُورُوبا وآسيا وارتفاع أسعار الغذاء والنقل والشحن عالميًّا وانخفاض القدرة الشرائية لدى المستهلكين واضطراب أسواق المال وتهاوي العملات.
ما لا تدركُه واشنطن أن سلاح العقوبات الذي تستخدمه ضد الصين وروسيا واليمن وإيران وغيرها يرتد عليها اليوم بشكل أقسى؛ إذ لم يعد العالم أحادي القطبية خاضعاً بالكامل للإملاءات الأمريكية، بل أصبحنا أمام تعددية قطبية اقتصادية تلعب فيها المقاومةُ دوراً جديدًا، لا يقتصرُ على الرد العسكري بل يمتد إلى الردع الاقتصادي عبر التحكم بمفاصل التجارة العالمية.
أي تصعيد أمريكي إضافي ضد غزة أَو اليمن، سيؤدي إلى خلط الأوراق في الاقتصاد العالمي وإجبار الأسواق على دفع ثمن غطرسة واشنطن وحمايتها المطلقة لجرائم الكيان الإسرائيلي، وَإذَا كانت الإدارة الأمريكية تعتقد أن اليمن دولة معزولة ضعيفةٌ فَــإنَّ باب المندب وحدَه كفيلٌ بإثبات العكس، وبأن اليد التي أسقطت MQ-9 قادرة على إغلاق المضيق وتحويله إلى ساحة لهب عالمي، وقد تم تجريبه طوال عام كامل.
بين صراع السياسة وصراع الاقتصاد سيدرك العالم أن الهيمنة الأمريكية باتت تهديداً مباشراً لاستقرار التجارة والاقتصاد الدوليين، وأن مشروع المقاومة الذي يدافع عن سيادة الشعوب وكرامتها أصبح صمامَ الأمان الحقيقي لاستقرار المنطقة والعالم لا العكس.
* أُستاذ عِلم الاجتماع السياسي المشارك جامعة صنعاء