“رجال الله… أبناء العزّة والصمود”
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
بقلم : سمير السعد ..
في فجرٍ تغشاه أصوات الانفجارات، وتكتنفه رائحة البارود، عند الرابعة بتوقيت الرجولة، أطلّت الإجابة التي انتظرتها طويلاً. كان السؤال في داخلي منذ سنوات، سؤالاً يتردّد في أعماق قلبي البائس ذات يوم: “من لكم يا أبناء فاطمة؟”
لكنّ التاريخ لا ينسى، والإرادة لا تُهزم. عندما وقف رجال الله، أبناء المقاومة، في الميدان، أدركتُ أن العزة والكرامة لها رجال صدقوا عهدهم مع الله.
لولا قوّتهم وإرادتهم، لَما ردعوا عدوّاً لا يعرف رحمة، عدوّاً يقتلع كل جميل في طريقه. لكنّهم كانوا هناك، رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانوا حُصوناً من الكرامة، وشُعلة أمل تتّقد بين الظلام.
إنّهم أبناء نصر الله الشهيد، شهيد الإسلام وعزّته. منهم تعلمنا معنى التضحية، وأدركنا أن العزّة لا تُشترى، بل تُنتزع بدماء الأحرار.
في لحظات الفجر تلك، بين أزيز الطائرات ودوي المدافع، ولدت الإجابة: “لنا رجال إذا قالوا فعلوا، وإذا وُعدوا وفوا، وإذا حملوا الراية لم يتركوها حتى يرتفع نداء النصر”.
هكذا، أنتم يا أبطال ، منارة المجد وشمعة الأمل في عتمة الأيام.
في كلّ معركة، يُسطّر أبنائه ملاحم البطولة والصمود، يكتبون تاريخاً يُخلّد في ذاكرة الأجيال. هم ليسوا مجرّد مقاتلين، بل رمزٌ لحكاية أمةٍ ترفض الذل، وأسطورة مقاومةٍ لا تُهزم أمام الطغيان.
بينما كان العالم يتفرّج، وبينما كانت العواصم تتواطأ بالصمت أو التشفي، وقفوا هم وحدهم في وجه آلة القتل والتدمير. لم يهابوا قصفاً ولا حصاراً، ولم تثنِهم خسارة الأحبة ولا ألم الجراح. فقد أدركوا أنّ المعركة ليست مجرّد حرب على الأرض، بل معركة وجود، معركة قيم، معركة بقاء أمة بأكملها.
أبنائك لم يحملوا السلاح فقط، بل حملوا في قلوبهم يقيناً أنّ النصر وعدٌ من الله للصابرين. كانوا يعلمون أنّ الدم الذي يُراق على الأرض لن يذهب سدى، وأنّ كل قطرة منه ستزهر كرامةً وعزاً وصموداً للأجيال القادمة.
هذه هي الحقيقة التي تُرعب العدو، الحقيقة التي لا يستطيع كسرها أو تطويعها. لأنّها ليست مجرّد قوة سلاح، بل قوّة إيمان، قوّة أمة نهضت من تحت الركام لتقول: نحن هنا، نحن باقون.
في لحظة الانتصار، حين تعالت أصوات التكبيرات وزُرعت رايات النصر في أرض المعركة، شعرت بأنّني وجدتُ الإجابة كاملةً. “من لكم؟” لكم الله الذي وعدكم بالنصر، ولكم رجال صدقوا العهد، ولكم إرادة لا تُقهر، وكرامة لا تُشترى.
أبناء نصر الله، أنتم عنوان الفخر والكرامة، أنتم الأمل في زمنٍ اشتدّت فيه المحن، أنتم الأوفياء لدماء الشهداء، وأنتم من سيكتب للأمة فصلاً جديداً من المجد والانتصار. سلامٌ عليكم يوم وقفتم، ويوم صمدتم، ويوم انتصرتم.
وهكذا، يبقى أبناء نصر الله الشهيد السعيد شعلةً مضيئة في درب الحق، مسيرتهم مرصّعة بوهج العقيدة الحسينية ووهج كربلاء المقدسة. لقد ورثوا من الإمام الحسين عليه السلام معنى الصمود في وجه الطغيان، ودرسوا في مدرسة أهل البيت عليهم السلام كيف تكون التضحية هي درب الخلود.
إنّ كل قطرة دم أُريقت على أرض المعركة كانت تروي شجرة الولاء، وكل صرخة “لبيك يا حسين” كانت تُعيد للأذهان ذلك النداء الخالد الذي صدح به سبط الرسول في يوم عاشوراء: “هيهات منّا الذلّة!”
بإيمانهم العميق، وصمودهم الذي لا يلين، أثبت أبنائك أنّ كربلاء ليست ذكرى تنطوي مع الزمن، بل هي منهج حياة، ونبراس يقودهم نحو الانتصار في كل ميدان. لقد وقفوا على خطى الشهداء الأوائل، عاهدوا الله والإمام الحسين بأنّهم لن يفرّطوا بالحق مهما اشتدّت الخطوب، ولن ينكسروا مهما تعاظم الطغيان.
سلامٌ على تلك القلوب المؤمنة التي لا تعرف الخوف، وسلامٌ على تلك السواعد التي تحمل سلاح العزة كما تحمل عقيدة الولاء. إنّهم بحق أبناء نصر الله الشهيد، أبناء كربلاء، حماة العقيدة، وصنّاع النصر في زمان الذل والخضوع. سيبقون أوفياء للعهد، حاملين راية الإسلام المحمدي الأصيل، حتى يُكتب لهذا العالم نصرٌ جديد يعيد للحق مجده، وللإنسانية كرامتها. سمير السعد
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات أبناء نصر الله
إقرأ أيضاً:
المعركة القادمة من أجل الذكاء الاصطناعي
في يناير (كانون الثاني) الماضي، أذهلت الصين العالم بالكشف عن شركتها الجديدة للذكاء الاصطناعي "ديب سيك"، التي ظهرت كمنافس رئيس في هذا المجال بقدرات عالية وتكاليف أقل.
التحدي الأكبر قد يتمثل في فقدان عدد كبير من الوظائف نتيجة الأتمتة
وفي هذا الإطار، قال الباحث رونان وودورث، في تحليل بموقع "جيوبولتيكال فيوتشرز" إن هذا الحدث أثار قلقاً واسعاً في واشنطن، حيث أدركت النخب السياسية هناك أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر تأثيره في التكنولوجيا فقط، بل سيمتد ليشمل جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية. التنافس في البنية التحتيةوأضاف الباحث: يتطلب التفوق في الذكاء الاصطناعي توافر موارد ضخمة على مستوى البنية التحتية، بما في ذلك القوة الحوسبة العالية والطاقة الكبيرة اللازمة لتشغيل مراكز البيانات العملاقة.
كما تحتاج الدول إلى رأس مال بشري ذي كفاءة عالية لتطوير نماذج متقدمة ومبتكرة من الذكاء الاصطناعي. لهذا السبب، بدأت الحكومات في ضخ استثمارات هائلة في بناء بنية تحتية متطورة للذكاء الاصطناعي.
The rise of Artificial General Intelligence (AGI) — an AI system with superhuman intelligence that can perform well at almost all intellectual tasks — is now a matter of when, not if … https://t.co/2CmO285omn
— @[email protected] (@IanYorston) March 9, 2025على سبيل المثال، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بداية ولايته الثانية عن مشروع "ستارغيت" بقيمة 500 مليار دولار لدعم القطاع الخاص في بناء بنية تحتية قوية للذكاء الاصطناعي.
كما ضخت فرنسا في فبراير (شباط) الماضي استثمارات كبيرة بلغت 112 مليار دولار، منها 20 مليار من استثمارات كندية، وما يقارب 50 مليار دولار من دولة الإمارات لدعم إنشاء مراكز بيانات جديدة. وتعد الصين متفوقة في هذا المجال، حيث تمتلك فائضاً في مراكز البيانات، فضلاً عن استثمارات ضخمة من شركات مثل "بايت دانس".
ورداً على هذه القيود، فرضت الصين بدورها قيوداً على تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهي الموارد الأساسية في تصنيع الرقائق وأشباه الموصلات، حيث تسيطر الصين على نحو 70% من عمليات تعدين العناصر الأرضية النادرة، وتتحكم في أكثر من 90% من عمليات معالجتها.
هذه الخطوة أثارت قلق واشنطن، خاصة أن الولايات المتحدة تعتمد على الصين في عمليات استخراج هذه المعادن. أهمية تايوان والمعادن النادرة في الصراع
وأدركت واشنطن أن ضعفها في سلسلة إمداد المعادن النادرة يشكل تهديداً كبيراً على قدرتها التنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي. ولهذا السبب، يقول الباحث، بدأت الولايات المتحدة في السعي لتعزيز استخراج هذه المعادن محلياً، بالإضافة إلى استغلال الضمانات الأمنية المقدمة لتايوان، التي تُعد قوة عظمى في تصنيع أشباه الموصلات، من أجل جذب استثمارات جديدة إلى الأراضي الأمريكية.
الذكاء الاصطناعي والجغرافيا السياسيةوأوضح الكاتب أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إعادة تشكيل النظام الجيوسياسي العالمي. فعلى مر التاريخ، كانت القوة الجيوسياسية تعتمد على السيطرة على الأرض والجو والبحر، ومع مرور الوقت أضيف الفضاء والمجال السيبراني كمجالات أخرى للتنافس. لكن الذكاء الاصطناعي يتميز بقدرته على التأثير في جميع هذه المجالات، مما يخلق فرصاً وتحديات جديدة للحكومات.
وتابع الباحث: قد تسام النماذج المتقدمة للذكاء الاصطناعي في زعزعة استقرار النظام العالمي الحالي، وتوسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، فضلاً عن منح بعض الدول تفوقاً كبيراً في المجال السيبراني.
وقد تؤدي هذه التحولات إلى تغيير كيفية ممارسة القوة السياسية والاقتصادية، مع بروز تكنولوجيات جديدة تستفيد من الذكاء الاصطناعي في تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.
The Coming Battle for AI https://t.co/aKMf0A69Av via @Geopolitical Futures
— Alan M Bevin (@AlanMBevin) March 7, 2025 التحولات الاقتصادية والاجتماعيةوعلى الجانب الاقتصادي، يُتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين العديد من المجالات الحيوية مثل سلاسل الإمداد، وتنبؤ الاتجاهات الاقتصادية الكليّة، واكتشاف عمليات الاحتيال في الخدمات المصرفية، وزيادة إنتاجية الشركات.
بالإضافة إلى ذلك، قد يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في بعض الصناعات، مثل الزراعة وإدارة الطاقة.
ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر قد يتمثل في فقدان عدد كبير من الوظائف نتيجة الأتمتة. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي اعتماد القيادة الذاتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى فقدان ملايين الأشخاص لوظائفهم، مثل سائقي الشاحنات في الولايات المتحدة.
هذا التحول قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية واجتماعية إذا لم تتم معالجة هذه القضايا بشكل فعّال، حسب الكاتب.
ويقول الكاتب: أصبح الذكاء الاصطناعي حاضراً في الاستخدامات السياسية، خاصةً في حملات التضليل والدعاية. فالتقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تجعل من الممكن إنتاج محتوى مُضلِّل بشكل أسرع وأكثر فعالية. هذه التقنيات تمثل تهديداً كبيراً للحركات السياسية، وتساهم في زعزعة الاستقرار الداخلي للدول عبر الحملات الموجهة.
وبالإضافة إلى التهديدات السياسية، يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز قدرات الحكومات على مراقبة مواطنيها والسيطرة الاجتماعية. والقدرة على معالجة كميات هائلة من البيانات ستجعل من السهل على الحكومات السيطرة على المعارضين وقمع أي تهديدات للسلطة.