ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني لمجمع البحوث الإسلامية ودار موضوعها حول "وصايا النبي في التعامل مع قضايا العصر". 

وقال الدكتور محمود الهواري، منذ الأزل والسؤال عن طريق السعادة والنجاة يقلق الإنسان، وفي عالم اليوم ونحن نعيش عالما غارقا في الضوضاء، والمشتتات، والتغيير المستمر، والضغوط الحياتية المتزايدة، يبدو هذا السؤال أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، لأن الفطرة البشرية تتوق إلى السكينة والسلام، وقد رسم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم خريطة شاملة للسلام النفسي والمجتمعي، لأن السلم النفسي هو حجر الزاوية في بناء مجتمع سوي، لهذا حرص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن يضع الضوابط التي تهذب النفس البشرية على أكمل وجه بما يضمن لها السلام الداخلي.

وأكد الهواري أن الالتزام بتطبيق تعاليم النبي هو السبيل لتحقيق السلام النفسي والأمن المجتمعي، من خلال البعد عن كل ما يفسد القلوب والتوبة من الذنوب والبعد عن تنازع الدنيا، وهو ما بينه في حديثه الشريف عندما سأله عقبة بن عامر ما النجاة؟ فقال: «أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك»، فهذه الكلمات النبوية الشريفة هي مفتاح السعادة والنجاة التي نبحث عنهما جميعًا في كل شيء، ولو بحثنا في سنة النبي عنهما لوجدناهما دون عناء ومشقة، ونحن اليوم في زماننا أكثر حاجة لأن نطبق هذه التعاليم لأن فيها نجاتنا ونجاة المجتمع، لأن هذه التعاليم هي الضمانة الوحيدة لتحقيق سعادتنا واستقرارنا، لأن الفوضى والتشتت هي مهلكة الأمم.

وبين الهواري أن تحقيق أسباب الأمن والاستقرار، هي ضرورة واجبة على عاتق كل فرد في أي زمان ومكان، فالبحث عن هذه القيم هو شرط لابد منه لإعمار الأرض، فالمجتمعات المضطربة لا تستطيع تحقيق أي تقدم، كما لا يستطيع أي فرد أن يزدهر في بيئة مليئة بالتوتر، وقد حثنا النبي على تحقيق السالم النفسي كأول خطوة نحو السلام المجتمعي، لأن المشكلات الكبيرة في المجتمعات في الأصل هي نتاج سلوك غير منضبط للأفراد، فالسلوك المنضبط للأفراد هو الفيصل في رقي وتقدم المجتمعات ولا يكون هذا السلوك منضبطًا مالم يتحقق لصاحبه السلام النفسي الداخلي.

وحذر الهواري من الاستهانة بالأقوال مظنة أنها صغيرة، ورب كلمة صغيرة تكون سببًا في هلاك صاحبها أو في فساد مجتمع بأكمله، لهذا كان نهي النبي ﷺ أن يتحدث الإنسان بما لا يفيد، ففي الحديث الشريف عندما سأله معاذ بن جبل رضي الله عنه، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فيقول رسول الله ﷺ: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟" ففي هذا الحديث تأكيد على خطورة الكلمة سواء تكلم الإنسان بهذه الكلمة مباشرة أو مكتوبة أو عبر التكنلوجيا التي اتيحت إليه اليوم، فلنحرص أن تكون كلماتنا ذات معنى راق يتسق مع كوننا أتباع النبي ﷺ.


وأوصى الهواري بضرورة أن تنصرف غايتنا إلى بيوتنا ليبدأ الإنسان أمنه وأمانه من داخلها لأن الأسرة المستقرة تشكل مجتمعًا آمنًا، وما يحاول أن يبثه أعداء أمتنا من أفكار تتعلق بالأسرة إنما هي بذرة لفوضى المجتمعات لأن توتر الأسر يخرب أركان المجتمعات، بالإضافة إلى دوام الإنسان على محاسبة نفسه على كل شيء مهما صغر لأن الله سيحاسبه.


وفي ختام الخطبة أشار الهواري إلى أن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الأزهر الشريف اليوم من قبل العدو الصهيوني، والتي تركز على إسكات صوته ليجعلوه يتخلى عن دوره في الدفاع عن الحق والعدل، لهي خير دليل على قوة الكلمة وأثرها على كل شيء، الكلمة التي أرهبت الكيان الصهيوني ويحاول أن يسكتها لكي يلتهم فرائسه في صمت، رسالة لنا جميعًا أن الكمة لها أثر كبير حتى على أشد عصابات الأرض شراسة وهمجية، لهذا يجب أن تكون كلماتنا بناءة وأن يكون لها أثر إيجابي في المجتمع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطبة الجمعة محمود الهواري الجامع الأزهر المزيد المزيد

إقرأ أيضاً:

ما هدي النبي في إقامة الشعائر والتخفيف عن الناس؟ دار الإفتاء تكشف عنه

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما هو هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إقامة الشعائر والتخفيف عن الناس ومراعاة أحوالهم؟

حكم أخذ مصحف موقوف من المسجد .. الإفتاء تجيبمظاهر التسامح الديني قبل الهجرة النبوية وبعدها.. الإفتاء توضحهاالتخفيف على الناس

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إنه كان من هَدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يقيم الشعائر مع مراعاة مشاعر الناس وأحوالهم؛ فكان يقول: «إنِّي لأَقُومُ في الصَّلاةِ أُرِيدُ أَن أُطَوِّلَ فيها، فَأَسمَعُ بُكاءَ الصَّبِيِّ، فأَتَجَوَّزُ في صَلاتِي؛ كَراهِيةَ أَن أَشُقَّ على أُمِّهِ».

واستدلت دار الإفتاء بما روي وعن أَبِي مَسعُودٍ الأَنصارِيِّ رضي الله تعالى عنه قال: قال رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، لا أَكادُ أُدرِكُ الصَّلاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بنا فُلانٌ، فما رَأَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم في مَوعِظةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِن يَومئذٍ، فقال: «أيُّها النَّاسُ، إنَّ منكم مُنَفِّرِينَ، فمَن صَلَّى بالنَّاسِ فليُخَفِّف؛ فإنَّ فيهم المَرِيضَ والضَّعِيفَ وذا الحاجةِ».

أخلاق النبي مع الأطفال والخدم

وعن انس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم - رواه البخاري واللفظ له ومسلم، كما كان صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الصبي فيسرع في الصلاة مخافة أن تفتتن أمه، وكان صلى الله عليه وسلم يحمل ابنة ابنته وهو يصلي بالناس إذا قام حملها وإذا سجد وضعها وجاء الحسن والحسين وهما ابنا بنته وهو يخطب الناس فجعلا يمشيان ويعثران فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما حتى ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله ورسوله(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (لأنفال:28) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.

وكان خلق النبي مع الصبيان إنه كان إذا مر بالصبيان سلم عليهم وهم صغار وكان يحمل ابنته أمامه وكان يحمل أبنه ابنته أمامه بنت زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس وكان ينزل من الخطبة ليحمل الحسن والحسين ويضعهما بين يديه.

ومع هذه الشجاعة العظيمة كان لطيفا رحيماً فلم يكن فاحشاً ولا متفحشا ولا صخاباً في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح.

وعن أنس رضي الله عنه قال" خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا" - رواه الشيخان وأبو داود و الترمذي.

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله.
وفي رواية ما ضرب رسول الله شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله - رواه مالك والشيخان وأبو داود.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم.
 

طباعة شارك دار الإفتاء هدي النبي التخفيف على الناس الصلاة بكاء الصبي صلاة المرأة

مقالات مشابهة

  • علماء الأزهر في ندوة بالأسبوع الدعوي: النبي وأصحابه تحملوا الأذى من أجل العقيدة الخالصة
  • الشيخ قاسم: معركة الإسناد نتيجة طبيعية لطوفان الأقصى وحزب الله لا يسكت على الضيم
  • الرئيس المشاط: حرية الملاحة مكفولة للجميع ما عدا الكيان الصهيوني وداعميه في العدوان
  • الرئيس المشاط يؤكد الالتزام بحرية الملاحة للجميع باستثناء الكيان الصهيوني
  • أمينة الإفتاء: هذه وصية سيدنا النبي بأهل مصر
  • فضل الصلاة على النبي في إجابة الدعاء.. سر عجيب
  • ما هدي النبي في إقامة الشعائر والتخفيف عن الناس؟ دار الإفتاء تكشف عنه
  • الكيان الصهيوني يُصدر ويجدد أوامر “الاعتقال الإداري” بحق 66 فلسطينياً
  • “البحوث الإسلامية” يفتتح الأسبوع الدعوي الثامن في الجامع الأزهر
  • سكرتير نقابة الصحفيين: النقابة تحظر كل أشكال التعاون مع الكيان الصهيوني منذ الثمانينيات