كيف تعزز القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى من المنافسة في المنطقة؟
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
تدشين الآلية الجماعية لعمل دول الخليج في منطقة آسيا الوسطى، قد يحسن من ميزتها التنافسية في مواجهة لاعبين آخرين مهتمين بالمنطقة لأسباب جيوسياسية، خاصة روسيا والصين وتركيا والولايات المتحدة وإيران.
هكذا يعلق تحليل لمركز "أسباب"، عن القمة الأولى لدول مجلس التعاون الخليجي مع دول آسيا الوسطى، التي عقدت بمدينة جدة في 19 يوليو/تموز تؤكد أن "المنافسة على النفوذ والفوائد الاقتصادية في آسيا الوسطى، ستكون أكثر حدة في المرحلة المقبلة، مع احتدام التنافس بين القوى الدولية، وتزايد تأثير القوى المتوسطة الصاعدة".
وشهدت القمة التي مشاركة دول الخليج الست وهي السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت وعمان، مع دول آسيا الوسطى وهي كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان.
وركزت القمة على تطوير التعاون المشترك في النقل والأمن الغذائي وأمن الطاقة والمياه والاستثمار.
وأكد البيان الصادر عن القمة على أهمية تعزيز الحوار الاستراتيجي في إطار خطة عمل مشتركة تمتد إلى عام 2027، ودعم الجهود الإقليمية والعالمية لمكافحة الإرهاب والتطرف، كما أكد على عقد القمة القادمة في سمرقند بأوزبكستان في عام 2025.
وتقع آسيا الوسطى في قلب منطقة اعتبرها عالم الجغرافيا السياسية البريطاني "هالفورد ماكندر"، جزيرة العالم التي تتيح لمن يهيمن عليها السيطرة على العالم، حيث تحيط بها روسيا والصين وإيران وتركيا وأفغانستان وشبه القارة الهندية، وتُعد حاليا ساحة تنافس بين تلك الأطراف بالإضافة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضاً
التنافس الأمريكي الصيني وطالبان والحرب الأوكرانية وراء التعاون الخليجي مع دول آسيا الوسطى
وفضلا عن الموقع الجغرافي الذي تمر عبره خطوط النقل البرية بين أوروبا والصين، وتتميز منطقة آسيا الوسطى بتوافر الموارد الطبيعية، حيث تمتلك تركمانستان رابع أكبر احتياطيات الغاز في العالم، فيما كازاخستان من أكبر دول العالم إنتاجا لليورانيوم، ومصَدّره الأول إلى الاتحاد الأوروبي، فضلا عن وجود مساحات شاسعة صالحة للزراعة.
وبينما تظل روسيا هي الضامن الأمني للمنطقة، ولديها قواعد عسكرية في قيرغيزستان وطاجيكستان، أصبحت الصين هي الشريك الاقتصادي الأول بتبادل تجاري بلغ 70 مليار دولار في عام 2022، وباتت المنطقة في قلب مشروع الحزام والطريق، حيث يمر منها طريقان بريان: الخط الشمالي إلى موسكو عبر كازاخستان، والخط الرئيسي إلى قيرغيزستان وأوزبكستان، ثم إلى إيران، ثم تركيا ودول أوروبا.
في المقابل، والحديث للتحليل "تستهدف دول مجلس التعاون الخليجي الاستفادة من الفرص الاقتصادية بالمنطقة، خاصة في قطاعات البنية التحتية والزراعة والاتصالات، في تنويع الاستثمارات الخليجية استعدادا لعصر ما بعد النفط، ولتعزيز الأمن الغذائي في ظل استيراد دول الخليج 60% من غذائها من الخارج، وللوصول إلى أسواق جديدة واعدة تتسم بنمو سريع".
ويضيف: "كذلك تسعى دول الخليج إلى التنسيق مع دول آسيا الوسطى المنتجة للنفط، وبالأخص كازاخستان الدولة العضو في (أوبك+)، بخصوص كميات الإنتاج والأسعار، بالإضافة لتعزيز التعاون الأمني خشية صعود التيارات الإسلامية في آسيا الوسطى بعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان".
ويزيد: "كما تسعى دول الخليج لتأمين مصالحها في المنطقة التي تنشط فيها بجوار الدول الإقليمية الكبرى مثل تركيا وإيران، وهو ذات الهدف الذي دفعها للانضمام إلى منظمة (شنغهاي للتعاون)".
وبلغ حجم التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة ودول آسيا الوسطى 3.1 مليارات دولار في عام 2021، وهو مبلغ ضئيل عند مقارنته بنظيره بين الصين ودول آسيا الوسطى البالغ 70 مليار دولار، وحتى عند مقارنته مع نظيره بين هذه الدول وتركيا الذي تجاوز 12.8 مليار دولار عام 2022.
وأمام ذلك، تأمل دول الخليج في زيادة حجم التبادل التجاري عبر إيجاد منصات مؤسسية متعددة الأطراف للتنسيق، وهو ما توفره القمة الأخيرة، والتي سيتلوها منتدى استثماري، في السعودية أيضا، بين الطرفين، وفق التحليل.
اقرأ أيضاً
لماذا اجتمعت دول آسيا الوسطى مع دول الخليج العربي؟
من جهة أخرى، فقد أثرت حرب أوكرانيا على دول آسيا الوسطى، حيث طالت حزم العقوبات الغربية بنوكا وشركات ورجال أعمال روس لهم استثمارات ومعاملات تجارية مع أسيا الوسطى.
وبدأت الدول الأوروبية في البحث عن طرق نقل للبضائع والمواد الخام بعيدا عن الأراضي الروسية، وهو مستجد يطال على سبيل المثال كازاخستان التي تُعد رابع أكبر مورد للنفط إلى الاتحاد الأوروبي، لكن طريق التصدير الرئيسي لنفطها يمر عبر روسيا، كما تسعى تركيا أيضا لتنفيذ مشروع طريق بري يربطها بدول آسيا الوسطى أو ما يطلق عليه "العالم التركي".
وبالتالي، ووفق التحليل، تبحث دول آسيا الوسطى عن مستثمرين دوليين لتمويل مشاريع البنية التحتية الضخمة التي تحتاجها، فانعقدت في مايو/أيار 2023 قمة الصين وآسيا الوسطى بالصين، وقمة الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى في يونيو/حزيران 2023 بقرغيزستان.
وتضيف: "تمثل الشراكة مع دول الخليج فرصة واعدة للتعاون الاقتصادي في ظل امتلاك دول الخليج وفورات مالية ضخمة، قد تساهم في موازنة النفوذ والتمويل الصيني في المنطقة".
ويتابع: "تظل فرص التعاون الثنائي بين دول الخليج ودول آسيا الوسطى أكثر احتمالية واستقرارا من فرص التعاون متعدد الأطراف، حيث توجد عدة عقبات أمام الشراكة المؤسسية الجماعية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى، من أبرزها أن كلا الجانبين لا يمثلان كتلة متجانسة".
ويستطرد التحليل: "مجلس التعاون الخليجي يمثل إطارا فضفاضا شهد أزمات متعددة، مثل أزمة حصار قطر، فضلا عن التوتر المتصاعد بين السعودية والإمارات، وتراجع الثقة بين قطر والإمارات".
ويختتم: "في المقابل، توجد خلافات بين دول آسيا الوسطى، مثل الخلافات على تقاسم موارد المياه وشبكات الطاقة الموروثة من العهد السوفيتي، والاشتباكات الحدودية المتكررة بين قيرغيزستان وطاجيكستان".
اقرأ أيضاً
ما هي أهمية التقارب الخليجي مع أسيا الوسطى بالنسبة للصين؟
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الخليج دول الخليج آسيا الوسطى تعاون اقتصادي دول مجلس التعاون الخلیجی مع دول آسیا الوسطى ودول آسیا الوسطى دول الخلیج بین دول
إقرأ أيضاً:
برلماني: القمة المصرية ـ الأردنية ترفض محاولات تصفية القضية الفلسطينية
أكد الدكتور أيمن محسب ، وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، على أهمية القمة المصرية-الأردنية التي عقدت أمس الاثنين بالقاهرة، وجمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، مشيرا إلى أن القمة تأتي في توقيت شديد الحساسية حيث تعيش منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن بسبب التطورات الإقليمية التي عصفت بأمن واستقرار المنطقة، مشيرا إلى أن القمة تناولت مناقشة العديد من القضايا الإقليمية ذات الأولوية وعلى رأسها القضية الفلسطينية واستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فضلا عن التوترات في سوريا ولبنان.
وقال "محسب"، إن كلا الزعيمين أكدا على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون قيود أو شروط، ورفض أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين، مع التمسك بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبارها البوابة الرئيسية لاستقرار المنطقة والعالم، فضلا عن تأكيد دعم الدولة السورية، والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها، مع التأكيد على ضرورة بدء عملية سياسية شاملة تضم جميع الأطياف السورية.
وأكد عضو مجلس النواب، على أهمية ما تناولته القمة بشأن ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، والحفاظ على أمن وسيادة واستقرار لبنان، ورفض أي اعتداء عليه، مشيرا إلى أن القمة المصرية ـالأردنية تعكس مستوى عالٍ من التنسيق والتشاور بين مصر والأردن، خاصة في ظل التحديات الإقليمية الراهنة، وتظهر أيضا التزام البلدين بالعمل المشترك لتحقيق الاستقرار في المنطقة، والدفاع عن القضايا العربية المحورية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وشدد النائب أيمن محسب ، أن التحركات الدبلوماسية التي تقوم بها مصر والأردن تعكس الدور المحوري الذي تلعبه كلا البلدين في تعزيز الأمن القومي العربي والتصدي للتحديات المشتركة، داعيا المجتمع الدولي بدعم هذه الجهود من أجل إيجاد حلول جذرية لقضايا المنطقة، ومن ثم استعادة الأمن والاستقرار .