شهد اللواء هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، افتتاح مدرسة النور للمكفوفين بعد رفع كفاءتها بالتعاون بين مؤسسة صناع الخير وQNB مصر، وذلك في إطار إحياء التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي لليوم العالمي للإعاقة.

مبادرة «عينيك في عينيك»

وأوضح التحالف الوطني في بيان، أن شملت أعمال التطوير تجهيز 60 فصلًا دراسيًا، معمل حاسوب، معملين للتطوير، مكتبة، وغرف أنشطة ترفيهية وثقافية، إلى جانب تحسين البنية التحتية للمدرسة.

كما نُظمت قافلة طبية للكشف عن العيون ضمن مبادرة "عينيك في عينيك" لاكتشاف احتياجات طبية لطلاب المدرسة.

وخلال تفقده للأعمال، أكد محافظ أسيوط، أهمية هذه الشراكة بين صناع الخير وQNB مصر في دعم تعليم ذوي الإعاقة، معبرًا عن شكره للمؤسستين على جهودهما الكبيرة.

دعم التعليم الخاص لذوي الإعاقة

من جهته، أكد دكتور مصطفى زمزم رئيس مجلس أمناء مؤسسة صناع الخير أن رفع كفاءة المدرسة يأتي ضمن استراتيجية صناع الخير بالتعاون مع QNB لدعم التعليم الخاص لذوي الإعاقة، مشيرًا إلى أهمية هذا العمل في إطار جهود دعم التعليم بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة.

تجدر الإشارة إلى أن أعمال تطوير مدرسة النور تأتي ضمن استراتيجية مؤسسة صناع الخير و QNB مصر للمسؤولية المجتمعية، التي تهدف إلى تحسين الخدمات التعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التحالف الوطني مدرسة النور للمكفوفين أسيوط صناع الخیر

إقرأ أيضاً:

النور حمد (سوء الخاتمة وبئس المصير)!!

abdullahaliabdullah1424@gmail.com

بسم الله الرحمن الرحيم
وجود النور حمد وسط قطيع نيروبي، الذي حشدته الامارات لتدارك هزائم المليشيا الاخيرة. شكل صدمة للكثير ممن احسن الظن به، وحسبه من رواد الوعي والاستنارة، واكثر من ذلك، من القابضين علي جمر الاستقامة الاخلاقية. اي بمقاربة للذين وصفهم الشهيد محمود مستندا علي حديث للرسول (ص) بالغرباء، الذين يحيون سنة اداء الامانة العامة (في الساحة السياسية المحتشدة بالانتهازية) بعد اندثارها، كما ينبقي للاصلاء.
إلا ان اختيار النور بمحض ارادته، ان يصبح مطية يعتليها مجرم الحرب الجاهل المغرور عبدالرحيم دقلو! وواجهة مدنية لتبيض وجه المليشيا الملطخ بالانتهاكات، وتسويق بربريتها وهمجيتها في العالمين، بما لايمكن هضمه مهما كانت المبررات، يضع مئات علامات الاستفهام والتعجب؟!
بل باخذ الامور علي ظاهرها، تكشف هذه المشاركة الوجه الآخر للنور، والذي لطلما احتجب بسبب الهالة الاخلاقية التي تضفيها الفكرة الجمهورية علي انصارها، والتي بناها الشهيد محمود بدمائه وصلابته الذاتية واحتقاره لمغريات الحياة الدنيا، وبتوفيق من رب العالمين.
والمثير للضحك كنت احسب ان الاستاذ خالد الحاج عبد المحمود تجنى علي النور حمد وهو يجرده من بعض الادعاءات والتواضع في حضرة المجتمع السوداني، عبر لائحة اتهامات من كتابات ومواقف النور، دون ان يقوى الاخير للرد عليها. ولكن بعد حضوره الفضيحة في نيروبي، وتحوله منظر للمسخ المليشياوي والوباء الحضاري الضاري، تكشفت كل الحقائق وازيلت كافة الاقنعة. خاصة وان الموقف من المليشيا الاجرامية القذرة هو اخلاقي قبل ان يكون سياسي او اي شئ آخر.
اما تبرير ذلك باصلاح اعطاب الدولة الملازمة لها منذ الاستقلال، او التصدي للفلول او غيرها مما يسرده محتشدي المنبر الضرار، فهو يجسد الاستهبال عينه! لانه من جهة، المليشيا التي يحاولون شرعنتها هي صنيعة الاسلامويين ، بل تخلقت باسوأ اخلاقياتهم السيئة! ومن جهة، ترعرعت تحت رعاية قادة الجيش، ومن ثمَّ اكتسب قائدها واخوه، كل اساليب مرواغاتهم وكذبهم ونفاقهم ودمويتهم، وخلاصة ذلك عبادة السلطة وذبح الدولة بما فيها ومن فيها علي مذبحها! ومن جهة، المليشيا كتكوين وممارسة هي ضد الدولة مبدئيا، ناهيك ان تتجرأ علي معالجة قصورها.
وعموما، منذ ظهور النور العلني في زفة نيروبي، غض النظر عن الدور الذي يلعبه، فقد اصبح حليف للمليشيا، اذا اراد ذلك او لم يرد، طالما هي صاحبة الفرح والقائمة علي نفقاته واختيار مشاركيه، والمستفيد الاول من مخرجاته!والحال كذلك، منذ تلك اللحظة، وتجاوزا عن ازوراره طوال الفترة الماضية عن ادانة انتهاكات المليشيا بالفم المليان، فقد اصبح شريك في هذه الانتهاكات ويتحمل كامل وزرها، شأنه شأن بقية شلة نيروبي من كل الاتجاهات السياسية والفجج التي اتوا منها خماصا وعادوا اليها بطانا! وعلي راسها استهداف البنية التحتية بطريقة متعمدة (محطات الكهرباء في ام دباكر ومروي) وما يترتب علي ذلك من اضرار تحاكي الابادة الجماعية للسكان المدنيين في تلك المناطق. والاسوأ من ذلك ما توارد من تواصل نهج الانتهاكات الممنهج للمدنيين، ولو انه اصبح يتخذ سمة الانتقام والتشفي، كما حدث في شرق النيل والديوم وجنوب الخرطوم. وبالقطع لا يمكن ان يكون المبرر ان الجيش يمارس انتهاكات مقابلة، لان هكذا مبرر يدين الجيش ولكنه لا يعفي من المسؤولية او يعمل علي كف الاذي عن الابرياء ويرد الاعتبار لمعاناتهم والانتصاف لما اصابهم من اضرار.
وهذا غير ان السبب من قيام تظاهرة نيروبي، لا يستهدف السلام او الديمقراطية او المدنية او علاج امراض الدولة السودانية المزمنة (كبرت كلمة تخرج من افواههم)، ولكن جلب مزيد من الاسلحة لتعديل ميزان المعركة الذي مال للجيش في الفترة الاخيرة. وهو ما يعني المزيد من الدمار الممنهج للبنية التحتية والانتهاكات المتعمدة في حق المدنيين. وتاليا اظلام مستقبل الدولة اكثر مما هو مظلم، وتعذيب اهلها اضعاف ما تعذبوا طوال الفترة الماضية التي تذوقوا فيها طعم العلقم.
وكان يمكن تقبل هذه التظاهرة المخطط لها والمدعومة اماراتيا، وتصديق دعاويها عن السلام، لو اعلنت من طرف واحد، عن وضع السلاح والتخلص من مجرمي آل دقلو، ومن ثمَّ التحول لكيان سياسي يتعاطي صراع السلطة من منصة مدنية وباساليب سلمية. ولكن ان تستمر المليشيا بذات القيادات والممارسات الهمجية، وتمتين الصلات بدول الجوار المعادية، والهرولة لجهة تنفيذ المخططات الخارجية المشبوهة. فعندها لا يقع اللوم علي المليشيا فهذا ديدنها، ولكن علي من يقوم بتقديم كل انواع الدعومات والخدمات مدفوعة الاجر لتمرير مشاريعها! بل يتعدي الامر اللوم الي الوصم بالسقوط من حالق في بئر العمالة المكشوفة (عديمة الحياء). كما يتعدي النور حمد ليشمل كل من شارك في هذه التظاهرة التآمرية من موقع سياسي اومدني او عسكري او حتي تعاطفي.
وما يحير ان افراد المليشيا من الجرأة بمكان بحيث يُفاخرون بجرائمهم وانتهاكاتهم وحيازاتهم المنهوبات، عكس المستشارين والانصار الذين يكذبون ويغالطون بطريقة اصبحت مصدر تندر وتسلية لمقدمي برامج القنوات العربية، رغم جهل الاوئل وتعلُم الاخيرين (وهذا اذا كان العلم حقا يزيل بلم)! مع ان المصداقية اكبر مورد للاحترام، قبل ان تؤكد جدية وشفافية وتمكاسك ما يطرحونه من مشاريع يتطلعون لاقناع الآخرين بجدواها. ولكن الاسوأ من الاثنين، الذين صمتوا علي انتهاكات المليشيا وهم يدعمونها في الخفاء (جنجويد مستترين)! وهؤلاء من عبروا عن انفسهم دون حياء في نيروبي بعد دخول الحرب منعطف، يصعب مسك العصا فيه من المنتصف، او بسبب ضغوطات وتهديدات من الجهات الداعمة والراعية لهم، وإلا يتعرضون للتشهير وكشف الحال، بما هو اسوأ من المجاهرة بدعم المليشيا، وعندها تصبح المسألة من جنس مكرها اخاك لا بطل.
ورغم انه يصعُب تصنيف النور من هذا الصنف الردئ، ولو ان المقربين والعالمين ببواطن الامور ادري منا بالطبع! إلا ان استعلاء النور علي المجتمع وما يستتبعه من تخفيض لقيمة المواطن، وتاليا عدم الاكتراث لما يصيبه من عنف المليشيا، لا تخدم النور في اخراجه من هذا التصنيف! وفوق كل ذلك يصعب تصديق دوافع النور المعلنة، طالما حليفته المليشيا تعمل عكس ذلك، وبما فيه رد الاعتبار للاسلاموين وتدشين عودتهم المظفرة (بدعاوي الدفاع عن المدنيين والدولة وقتالهم الي جانب الجيش) بعد انكسارهم علي ايام الثورة! اي منحهم قبلة الحياة، وكل ذلك بسبب الفظائع الرهيبة والجرائم المهينة التي الحقتها المليشيا بالمدنيين العزل، والتدمير الممنهج للدولة (سواء علي مستوي الاستقرار اوالمباني اوالنظم اوالسجلات اوالمقتنيات الاثرية او او او!) اي تحويل الدولة الي اثر بعد عين في كل اماكن سيطرتهم التتارية.
والحال انه اذا صحت دعاوي التخلص من الكيزان سواء لمصلحة عامة او لمجرد فش غبينة او غيرة لما حازوه من امتيازات مغتصبة. إلا ان العبرة ليست في الكيزان كافراد وبشر، ولكن في استبدادهم بالسلطة وفسادهم الشامل وجرائمهم الي لا تغتفر في حق الدولة والمواطنين. وما يدهش هنالك مقولة ذكرها وعاشها فارس الشهداء محمود طه، في موضع السؤال عن كائن بشري في تكوين شيطاني كالترابي، والاجابة بما معناه انه كشخص موضع احترامه ولكن كسلوك وممارسة موضع نقده والتصدي له. فكيف والحال كذلك لا يتأسي من تربي في كنف الشهيد محمود بقيم مربيه؟ والمقصود اذا كان المعيار هو شكل الجرائم وطبيعة الانتهاكات وتخريب الدولة، فمليشيا الجنجويد تفوق الكيزان بعشرة اضعاف، وكما سلف كانت سبب في عودتهم للساحة والعمل مجددا علي تسميم البيئة السياسية. وعليه المليشيا احق عشر مرات بادانة النور حمد، وليس التحالف معها سواء بصورة سافرة او خفية. وبعيدا عن كل ذلك كيف تسني لشخصية مثل النور بكل تاريخها،ان تنحدر لتحالف يقف علي راسه امثال طه عثمان وفي رفقة شخصية مثل تراجي مصطفي وغيرهم من متسكعين وعطالة يعيشون عالة علي الآخرين؟! الا يعلم النور ان الطيور علي اشكالها تقع، ولا عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه؟!
كما ان الحرب نفسها اذا كانت في بدايتها قتال سلطة بين جنرالين موتورين ومن يقف خلفهما، بما يفسح المجال لمرواحة من الخيارات مع او ضد او في الحياد، إلا انها تحولت الي حرب علي المواطن والدولة من قبل المليشيا، ويُقال ذلك بتوجيه مباشر من عبد الرحيم دقلو (قائد قافلة كينيا الآن!!). عندها اصبح الامر مختلف. وبعيدا عن المغالطات والفذلكات والتنظيرات الفطيرة، واذا كان المقياس رغبة المواطن وما تحيطه من مقومات وجود الدولة. اظهرت الحرب وبصورة عملية ان اماكن سيطرة المليشيا هي عينها اماكن غياب الدولة وتشريد المواطنين واستباحتهم، واماكن سيطرة الجيش هي اماكن توافر الدولة والحماية والاستقرار ولو في ادني مستوياتها. وهذا بالطبع اذا ما استبعدنا مخاطر هجمات المليشيا وتربصها بالمواطنين والبنية التحتية في الاماكن المستقرة. وذات الامر ينطبق علي مناطق دحر المليشيا ليعقبها دبيب الحياة بعد طول هجران في عتمة الخراب ورحابة الانتهاكات.واذا تغاضينا عن كل ذلك فكيف نتغاضي عن تدخل دولة الامارات التخريبي، او كممثل المصالح والنفوذ الخارجي للهيمنة علي الدولة ونهب مواردها، بعد اعادة هندستها جغرافيا وديموغرافيا، وراس الرمح في ذلك هذه المليشيا المنبتة؟ فاذا كان كل ذلك لا يعني شيئا للنور وامثاله فكيف نرتجي منهم خيرا، ولو تسربلوا بلباس المفكرين والناصحين؟! ناهيك عن تنفيذ وعود يعلمون قبل غيرهم انها كاذبة، ومشاريع اقرب لشطحات المراهقين؟!
وما ينطبق علي النور ينسحب علي علاء نقد الذي خذلني بعد ان رفعته مثل النور، مكان عليا من الاحترام والتقدير. وهي مناسبة للاعتذار عن كل مديح غير مستحق سبق وان كيلته له بلا حساب، مما ينم عن سذاجة مبعثها حسن الظن بكل من يتصدي للعمل الثوري، او يتعرض للاعتقال من استخبارات الجيشاو البطش من جهاز الامن (كل مدردم خلناه ليمون ثوري دون التفطن لمذاقه)! المهم السيد نقد برر في لقاء تلفزيوني حرصهم عي قيام حكومة موازية بسبب رفض الجيش كل منابر السلام، وبعيدا عن حديثه المضحك (للمفرفشين) او يثير الرثاء (للجادين) حول تقديم حكومتهم المرتجاة للخدمات للمواطنين، فيما يفترض انها مناطق سيطرة المليشيا! إلا ان تبرير رفض الجيش لمنابر السلام، للتحالف مع جهة حربية ووحشية ولا تتقيد بتقاليد الحروب وقوانينها بعد ان صوبت تاتشراتها مباشرة تجاه المدنيين (مجازر ود النورة السريحة الكاملين الهلالية ..الخ ومسلسل المجازر الذي لم يتوقف في الفاشر وام درمان). لهو اقرب لاطفاء الحريق بصب المزيد من البنزين عليه! اما محاولاتهم المستميتة لتحويل المليشيا الي حكومة ناهيك عن دولة، فهو يحاكي طموح الجمل ان يصبح بشر! وهو في المحصلة يدل علي غيبوبة اذا ما احسنا الظن واستهار وعمالة رخيصة اذا ما اسئنا الظن. وهذا غير انه من السذاجة بمكان تصديق ان المليشيا راغبة في السلام، رغم ان رفض الجيش مُستنكر، اقلاه مشاركته كفيلة بكشف زيف واكاذيب المليشيا وسحب البساط من تحت انصارها الظاهرين والمستترين. اي بوصف المليشيا تشكيل ارتزاقي حربي، ومن ثمَّ ينمو ويزدهر وتنتعش مصالحه في اجواء الحرب والفوضي، وهو ما يناقض اي رغبة حقيقية في الاستقرار والسلام. وللمفارقة هذا ما يجعل استخدام المليشيا حتي من قبل اطراف خارجية ناهيك عن حلفاء داخليين، لهو امر محفوف بالمخاطر، لصعوبة السيطرة عليها، لجهة عدم تقيُّدها باي مرجعية او معايير تتعدي شهوة جنودها للنهب والسلب والقتل والضرب (وعلمت معلومة ان هتلر نفسه استعان بها ووجد صعوبة في التخلص منها، كتاب صدام مر من هنا)!
والكل يعلم ان رغبة المليشيا في تاييد منابر السلام، نابع من تفوقها العسكري الكاسح في تلك الفترة، مما يجعل مكاسبها وتمكين بقاءها ورعاية مصالها في الدولة متاح باوسع فرص، عكس الجيش المتقهقر. بدليل عدم تقيُّد المليشيا كما الجيش بمبادئ المنبر الوحيد (جدة) الذي التقيا فيه، بل حتي الهدن البسيطة (يوم او يومين) فشلا في ابرامها. واهم من ذلك ان سلوكيات المليشيا علي ارض الواقع لا تشي باي رغبة في السلام، وان قبول دعوات منابر السلام لا تتعدي حرصها علي تحسين صورتها الخارجية، للتغطية علي فظائعها وانتهاكاتها الداخلية.
وعلي كلٍ، الموقف من المليشيا البربرية الهمجية يحدد معدن السياسي والناشط المدني. وعليه اي تقارب منها او دعم لنشاطاتها الهدامة ومخططاتها الشريرة، اوعدم التصدي لها بالموقف الصارم، وذلك اضعف الايمان، يعني فيما يعني التحالف معها بشكل او آخر. ومن هذه الوجهة فهم لا يختلفون عن الاسلامويين الذين سبقوهم علي ذات التحالف الشيطاني، وما توَّلد عنه من كوارث اصابت البلاد والعباد بما لا قبل لهما بها. ولذلك ليس بمستغرب انهم يكرهون الاسلامويين (ضُرتهم) اكثر من حبهم للبلاد او خوفهم علي سلامة العباد. رغم ان الدولة والمواطن هما (عدة الشغل) او العملة التي يتداولونها في سوق المزايدة السياسية! ولكن عندما تحضر الامارات بخيلها وعتادها واموالها ووعودها، يركع الجميع علي ركبهم صاغرين.
اما السيد الحلو وحركته الشعبية فامرهما عجبا، قبل ان يعكسا واحدة من اهم مهالك الدولة السودانية. وهي اختراع تسميات رنانة (انقاذ وشعبية ووطنية واسلامية وقومية وديمقراطية وثورية) او تبني ايدولوجيات خلاصية وشعارات جوفاء (السودان الجديد) و(المشروع الحضاري)، ومن ثمَّ استغلالها للتلاعب بالعواطف وتحشيد البسطاء وتجييش الشباب وتجيير الفضاء السياسي واحتكار القيم (امتلاك حق صناعتها وتاويلها) واصطفاء القيادة (تصنيهما ومن ثمَّ سيطرتها علي كل شئ). وما يعقب ذلك من صراعات صفرية وحروبات لاتنتهي وفيضانات من الدماء والدمار الشامل. والحال كذلك، تتمخض هذه المشاريع النخبوية القاصرة، عن سلطات دموية ودكتاتوريات فاسدة واستبداد مستديم يلقي بكاهله علي كامل توجه الدولة وانشطة المجتمع، والاصح يستنزفهما اما لحماية السلطة او الصراع ضدها.
واكبر دليل علي خواء كل من المشروع الحضاري في الشمال والسودان الجديد في دولة الجنوب الوليدة، رغم كم النثر والحماس والتضحيات والخسائر والدعومات الي تلقاها المشروعان. هو واقع الحال سواء في الشمال والذي يخوض حرب وجودية لمجرد الحفاظ علي الدولة، او في الجنوب الذي تمخض عن اسوأ وافسد حكومة موجودة علي ظهر البسيطة، ودون تتلقي كلمة نقد واحدة من انصار الحركة الشعبية في الشمال! بل الاسوأ من ذلك، يتم استعادة ذات الادبيات بواسطة ذات الشخصيات، لاعادة انتاج تجربة الجنوب في الشمال، بعد سوق البسطاء والفقراء والجهلاء لمحارق الحرب من اجل مكاسب آل دقلو وحليفهم الحلو حصريا، بعد دفع الثمن للرعاة الخارجيين! وليس مصادفة ان كل الحركات الحاملة للسلاح او تتبني العنف كوسيلة وصول للسلطة، بل حتي حركات التحرير الوطنية ضد الاستتعمار، ينتهي بها المطاف الي سلطات باطشة للمقربين قبل الاباعد، ومن بعدها العمل بكل السبل للبقاء في السلطة الي الابد.
وكل ذلك يقول امرا واحدا، لابد من ايجاد وصفة لإيقاف هذه الحرب المدمرة بطريقة تمنع رجوعها. ولن يتم ذلك إلا بعد اخراج السلاح نهائيا من صراع السلطة، ومن ثمَّتحريرها من الاستبداد والفساد. وهذا بدوره يقود لمراجعة شاملة للطريقة الي تمت بها معالجة اوضاع البلاد في السابق ولم تؤدِ لنتاج مرضية. والمقصود الطريقة التي لا تتعامل مع الواقع كما هو، وانما عبر الشعارات المجردة والمشاريع الفوقية المسكوكات المتداولة. وهو ما يغرقها اما في واقع متخيل او يرتفع بها الي احلام ليس لها جذور في الارض، او يعرضها لاستغلال المخططات الخارجية.
وبمراجعة بسيطة لتاريخ بلادنا والمنطقة من حولنا، نجد ان القاسم المشترك للدمار الذي طال كثير من البلدان او اقلاها حرمها فرصتها للنهوض والتقدم، يرجع لتبني ايدولوجيات مفارقة وخطابات سياسية عاطفية ومشاريع هلامية تم فرضها عبر فوهة البندقية. ودونما مراعاة لمرحلة التطور التاريخية او قدرة المجتمعات علي التحمل او احترام خياراتها ورغباتها.
وبمقارنة ببلاد لم تفارق اسلوب الحكم التقليدي الذي ورثته، اي لم تتعرض لانقطاعات عنيفة (انقلابات ثورات) كدول الخليج. نجد هنالك مكاسب لا يمكن انكارها سواء علي مستوي تقدم الدولة اورعاية المواطنين. وصحيح ان مداخيل البترول ومصلحة القوي الكبري في استقرار المنطقة، لعبت دور في ذلك. وان ما ينقصها تحوًّل الملكيات العائلية الي ملكيات دستورية تتضمن حقوق سياسية لكافة المواطنين. ولكن المؤكد ان قابلية الاخيرة للتحول لنظم دستورية، يصبح اكبر مقارنة بدول تحكمها الانظمة العسكرية. لارتباط الاخيرة بمتلازمة الاستبداد الفساد من جهة، ولمفارقتها حقائق الواقع او العيش في حقائق بديلة من جهة! وميلها للمغامرات العسكرية المكلفةمن جهة! ولانتقاصها من مكانة الدولة(تتقلص لتصبح دولة الفرد) وقيمة المواطنين من جهة. بمعني اذا كانت دول الخليج تعاني غياب الحريات السياسية والحقوق الدستورية، فالحكومات العسكرية تصادر كل شئ.
وبما ان الاخطاء القاتلة للكيزان وخضوع الجيش لرغبات ونزوات ومصالح قادته الانقلابيين الفاشلين، اوصلتنا الي الكارثة الماثلة الآن، والتي تهدد بقاء الدولة وحياة المواطنين، ولا يُعرف كيفية الخلاص منها بعد دخول المليشيا الاجرامية علي الخط وتحولها لمخلب قط لمخططات الخارج؟ كل ذلك جعل الخروج من هكذا نفق مظلم باقل الخسائر في حكم احلام ظلوط. ليس لان الحل مستحيل، ولكن لان الحل يتطلب خروج الاقوياء من المشهد وهو الامر غير الممكن او غير الواقعي. بتعبير آخر حسم المعركة عسكريا غير ممكن، وكما ان استمرار الحرب بهذه الاكلاف الباهظة يعني ذهاب ريح الدولة. ولكن قبول المليشيا بعد هذه الفظائع في اي حل مستقبلي هو ايضا غير ممكن. وعليه، يصبح الحل الاسطوري (اقلاه كفرصة اخيرة) الذي يجب ان تتركز عليه الجهود والضغوط والمبادرات، ورغم صعوبته/طوباويته، هو تبني شعار الثورة (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل). اي الحل يمر عبر تقديم تنازلات من الكافة لصالح دولة المستقبل. مع العلم ان هذه التنازلات هي في الاصل مكاسب طالما استبقت الدولة، لان في ذهاب الاخيرة خسارة للجميع. وتقوم المقايضة علي خروج الجيش فعليا من السلطة مع استمتاعه بنصيب مُرضٍ من مكاسبه الاقتصادية، مع خضوعه دستوريا لسلطة مدنية. وتُسلم المليشيا والحركات المسلحة السلاح، نظير استمتاعها هي الاخري بقدر معتبر من المكاسب الاقتصادية والسياسية والمناطقية. وكذلك خروج الطبقة السياسية من المشهد السلطوي، بعد ايلولة الامر لحكومة انتقالية ممثلة من كل المكونات والمناطق، وكل ذلك تحت رعاية وضمانة ومساعدة الامم المتحدة علي الانتقال.
واخيرا
ما زال الغموض يكتنف مجريات الحرب القذرة، بسبب وجود نفس الزول، وطالما هنالك غموض يعني ان النهايات لا تبشر بخير. ودمتم في رعاية الله.

   

مقالات مشابهة

  • مدير تعليم الفيوم يفتتح البرنامج التدريبي"الذكاء الاصطناعي في التعليم"
  • النور حمد (سوء الخاتمة وبئس المصير)!!
  • كيفية استخراج كارت الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة
  • 150 مشاركا في ختام المهرجان الرياضي لذوي الإعاقة بمدارس مسقط
  • بسبب التقييمات الأسبوعية.. إحالة 7 معلمين بأسيوط للتحقيق
  • "القومي لذوي الإعاقة" يطلق الدورة الثانية من مسابقة الأسرة المثالية لعام 2025
  • القومي لذوي الإعاقة يطلق الدورة الثانية من مسابقة الأسرة المثالية
  • مركز الملك سلمان يوزع 39 سماعة رقمية لذوي الإعاقة بوادي حضرموت
  • تشغيل مدرسة السعديين الابتدائية.. ومتابعة مكثفة لضمان جودة التعليم
  • مميزات كارت الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة وطريقة استخراجه