جاءت هذه الرسائل ضمن حلقة جديدة من برنامج "حكم وحكمة" التي حملت عنوان "التفاعل مع الأديان"، وناقش عبد الكافي مع ضيوفه كيفية التعامل مع الآخر وفقا لمبادئ الإسلام، وما يتعلق بذلك من فقه الاغتراب في مجتمعات غير مسلمة.

وعرضت الحلقة آراء عدد من الأشخاص من دول عربية متنوعة، الذين تحدثوا عن حدود تعاملهم مع الآخرين، وما يقبلونه وما يرفضونه من قيم وسلوكيات، ومدى قبولهم للعلاقات الإنسانية مع أصحاب الديانات المختلفة.

وتباينت الآراء حول حدود المعاملة، وقد أشار بعضهم إلى أن التفاعل يجب أن يظل ضمن إطار يحفظ الهوية.

تلا ذلك حوار مفتوح أجراه عبد الكافي مع مجموعة من الشباب والفتيات العرب، الذين أعربوا عن تساؤلاتهم بشأن كيفية التعامل مع ثقافات ومعتقدات غير المسلمين في بيئات اجتماعية وتجارية مختلطة، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية.

الهجرة وتقارب الأديان

وألقى الدكتور عبد الكافي الضوء على ما يتداوله الناس عند الحديث عن الأديان ومصطلح "التقارب" بينها، وبيّن أن هذا المصطلح غير موجود في القرآن، وأكد أن الإسلام يقدم رؤية واضحة لتوجيه المسلمين في كيفية التعامل مع الآخرين.

وتناول عبد الكافي مسألة الجنسية والدين، مشيرا إلى أن تطور وسائل التواصل الاجتماعي وازدياد الهجرة جعلت المسلمين يتفاعلون بشكل متزايد مع ثقافات غير إسلامية، مما يطرح تساؤلات فقهية عن الغربة، وهل المسلم غريب في بلاد غير المسلمين، أم قد يكون غريبا في بلاده أيضا.

وأكد الداعية أن الإسلام لا يمنع من دراسة أدبيات الديانات الأخرى أو أفكارها الثقافية، بشرط أن تكون هذه الدراسة في سياق معرفي بحت، وليس بغرض التشبه، وقال إن المسلم يمكنه فهم الأفكار الأخرى دون التنازل عن قيمه.

وأشار عبد الكافي إلى أن الفقه الإسلامي يسمح بالتعامل مع غير المسلمين في مناسباتهم، لافتا في هذا السياق إلى ضرورة تقبل الآراء الفقهية المختلفة في الأمر، ويضرب مثالا على التسامح بين الصحابة، حيث كان ابن عمر يتمسك بشدة، في حين كان ابن عباس يميل إلى التسهيل، ولم ينكر أحدهم على الآخر.

وشدد الداعية على حرمة زواج المسلمة من غير المسلم، بينما يسمح الإسلام بزواج المسلم من "الكتابيات" أي من أتباع الديانات السماوية، وأكد أن التعامل التجاري مع غير المسلمين جائز طالما كانت الأمانة هي المعيار الأساسي، مستشهدا باستعانة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمشرك أمين في رحلة الهجرة.

التعايش أم الحرية

في الجزء الثاني من الحلقة، استضاف عبد الكافي الدكتور فداء المجذوب، أستاذ الدراسات الإسلامية، الذي تحدث عن التعامل مع الآخر، وقال إن العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين يجب أن تقوم على التعارف والأمان والاحترام المتبادل، مستشهدا بالآية الكريمة: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".

وأضاف الدكتور فداء أن التواصل السليم مع الآخر لا يعني الانصياع لتوجهاته، بل على الجميع السعي إلى تحقيق جو آمن يشعر فيه الجميع بحرية الاختيار، وأوضح أن الحرية هي أساس الحوار الصحي، بينما التعايش قد يكون استسلاما للآخر إن لم يتحقق ذلك على أسس الاحترام.

وأكد ضرورة الانفتاح الكامل في الحوار الفكري، حيث تسود روح التفاهم، مما يسهم في استقرار المجتمعات المختلطة التي تجمع مختلف الأديان والثقافات، مضيفا أن هذا النهج يسمح بخلق بيئة صحية تعزز الحياة المشتركة.

29/11/2024

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات غیر المسلمین غیر المسلم عبد الکافی

إقرأ أيضاً:

أمين عام علماء المسلمين: اختيار الشرع رئيسا لسوريا خطوة في الطريق الصحيح

أكأكد الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محمد الصلابي، أن القرارات التي اتخذتها الإدارة السورية بخصوص تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد، الذي أعلن بدوره عن خارطة طريق للتعامل مع المرحلة الانتقالية، هو خطوة في الطريق الصحيح وتلبية لطموح السوريين في الأمن والاستقرار والحرية التي دفعوا ثمنها غاليا.

وقال الصلابي في تصريحات خاصة لـ "عربي21": "نبارك للشعب السوري انطلاق مرحلته الجديدة في تاريخه الحديث التي خطها بدمائه وتضحيات العظيمة بعد توفيق الله له".

وأضاف: "لقد دفع السوريون مهر حريتهم غاليا، وهم يستحقون أن يترجموا ذلك إلى واقع عملي على الأرض لا يضمن لهم الحق في الحياة الحرة الكريمة على أرضهم فقط، وإنما أيضا يضمن لهم التمكين لنظام حكم يمكنهم من الإسهام في تقرير مصيرهم، والحفاظ على وحدتهم وسيادة بلادهم، وجذزرهم الحضارية والثقافية والدينية والتاريخية".

وأشار الصلابي إلى "أن خطوة تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد، بما يحمله من قبول واسع لدى السوريين على اعتبار أنه مثل الرمز الذي سقط على يديه صنم الاستبداد ودحر الغزاة وأنهى بتجربته في إدلب ثم بزحفه باتجاه دمشق عقودا من الاستبداد وحكم الفرد، خطوة ضرورية من أجل رسم معالم المرحلة الانتقالية وقيادة الثورة السورية إلى بر الأمان.. كما أنني أشيد بقادة الفصائل الذين فضلوا مصالح شعبهم ودولتهم على المصالح الضيقة واستجابوا لمشروع الدولة والاندماج في مؤسساتها وتوافقوا على اختيار الرئيس الجديد".

وأضاف: "سوريا جريحة وهي تحتاج أن تستعيد عافيتها أولا ويعود المهاجرون إلى ديارهم، ويلملم الناس جراحهم، من أجل بناء دولتهم المدنية بمؤسساتها القوية.. ولا شك أن خطوة توحيد السلاح وحل جميع الفصائل العسكرية هو الخطوة الأولى الضامنة لوحدة السوريين وحمايتهم من الانزلاق نحو الحرب الأهلية، طبعا دون أن ننسى مؤسسة الحوار الوطني التي بدأت عمليا في إجراء مشاةرات موسعة ومكثفة من أجل سوريا الجديدة".

وثمن الصلابي عاليا الدور الإقليمي المساند والمرحب بالتطورات السورية، وخص بالذكر دور كل من قطر وتركيا لوقوفهما الثابت والدائم مع حق الشعوب العربية في تقرير مصيرها، ودعمهما لحق الشعب السوري تحديدا في الحرية والكرامة.  وأشاد بدور السعودية الداعم للشعب السوري ولقيادته الجديدة

وقال: "المطلوب اليوم من النظام العربي الرسمي ومن المجتمع الدولي، ليس فقط أن يحترم حق السوريين في بناء دولتهم المدنية الحديثة، وإنما أن يدعمهم من خلال إلغاء العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على بلادهم بسبب المظالم التي ارتكبها نظامهم السابق، ومد يد العون إلى تجربة جديدة فتية تؤمن بالعدل والشورى والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان المستمدة من القرآن الكريم وهدي النبي صلى الله عليه وسلم".

وأضاف: "المتميز في التجربة السورية، أن من يقودها هم جيل من الشباب الذي نشأ وفقا لقيم سوريا الأصيلة ولتاريخها الثقافي والحضاري والإسلامي العريق مستفيدا من المنجز الإنساني في كل المجالات".

وحول المخاوف من أن تكون هذه القرارات التي تم الإعلان عنها مقدمة لصناعة ديكتاتورية جديدة وتغييب الإرادة الشعبية، قال الصلابي: "ما جرى من خطوات كان ثمرة لحوارات طويلة ولدماء زكية، ثم إنه يجري والعالم كله يراقب، هذا فضلا عن أن السوريين يستصحبون تجارب ثورات الربيع العربي المتعثرة حتى الآن التي لا بد بإذن الله تعالى أن تنجح في النهاية كما نجحت الثورة السورية، لأن إرادة الشعبوب تنتصر على إرادة الطغاة وهذا من سنن الله التي لا تتبدل ولا تتغير، بالإضافة إلى الأخطار الإقليمية التي تواجهها سوريا، وهذه كلها عوامل تزيد من حكم التفاؤل بنجاح السوريين في حماية تجربتهم وبلادهم".

والأربعاء، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تعيين الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب قرارات أخرى منها حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية القائمة في العهد السابق، ومجلس الشعب، وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود، وإلغاء العمل بالدستور السابق.

ومساء أمس الخميس أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، خريطة طريق للبلاد في المرحلة القادمة بعد سقوط نظام الأسد، بما يشمل تشكيل لجنتين لاختيار برلمان مصغر والتحضير لمؤتمر حوار وطني، بجانب تشكيل حكومة انتقالية شاملة.

جاء ذلك في أول خطاب للشعب السوري بعد توليه منصب الرئاسة لمرحلة انتقالية الأربعاء، أكد خلاله عزمه فرض سيادة سوريا تحت سلطة واحدة وعلى أرض واحدة.

وقال الشرع إن إدارته "ستعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة (عوضا عن الحكومة المؤقتة الحالية)، تعبر عن تنوع سوريا برجالها ونسائها وشبابها، وتتولى العمل على بناء مؤسسات سوريا الجديدة حتى نصل إلى مرحلة انتخابات حرة نزيهة".

وأضاف: "استنادا لتفويضي بمهامي الحالية وقرار حل مجلس الشعب (البرلمان السابق) فإنني سأعلن عن لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغر يملأ هذا الفراغ في المرحلة الانتقالية".

واستطرد: "سنعلن في الأيام القادمة عن اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، والذي سيكون منصة مباشرة للمداولات والمشاورات واستماع مختلف وجهات النظر حول برنامجنا السياسي القادم".

ومضى الشرع قائلا: "بعد إتمام هذه الخطوات، سنعلن عن الإعلان الدستوري ليكون المرجع القانوني للمرحلة الانتقالية".

وبشأن أولويات الفترة المقبلة، قال الشرع: "سنركز على تحقيق السلم الأهلي، وملاحقة المجرمين الذين ولغوا في الدم السوري، وارتكبوا بحقنا المجازر والجرائم، سواء ممن اختبؤوا داخل البلاد، أو فروا خارجها، عبر عدالة انتقالية حقيقية".

وأضاف أن إدارته ستركز كذلك على "إتمام وحدة أراضي سوريا، وفرض سيادتها تحت سلطة واحدة، وعلى أرض واحدة"، و"بناء مؤسسات قوية للدولة تقوم على الكفاءة والعدل، حيث لا فساد فيها ولا محسوبية ولا رشاوى".

كما أكد أن إدارته ستعمل على "إرساء دعائم اقتصاد قوي يعيد لسوريا مكانتها الإقليمية والدولية، ويوفر فرص عمل حقيقية كريمة لتحسين الظروف المعيشية واستعادة الخدمات الأساسية المفقودة".

ووجه الشرع دعوة إلى جميع السوريين "للمشاركة في بناء وطن جديد يُحكم فيه بالعدل والشورى".

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وفي اليوم التالي، تم تكليف محمد البشير بتشكيل حكومة مؤقتة للبلاد.

وفي 29 يناير/ كانون الثاني الجاري، تقرر عقب اجتماع موسع للفصائل العسكرية والثورية بقصر الشعب الرئاسي في دمشق أن يتولى الشرع رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية، وإلغاء العمل بدستور سنة 2012، فضلا عن حل حزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس الشعب والجيش والأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد.د.

إقرأ أيضا: في أول خطاب للشعب.. أحمد الشرع يعلن الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية

مقالات مشابهة

  • كيف تتأثر الأديان بقدرات الذكاء الاصطناعي الفائقة؟
  • 1669 معاملة ينجزها مركز شرطة حتا.. و100 % نسبة التغطية الأمنية
  • مناخ بورسعيد يواصل المرحلة الثانية لرفع أكوام الرتش باللنش والحرية
  • الوجه الحقيقي لجيش الإخوان المسلمين
  • شرايين الأمل ..!
  • الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثيوبيا
  • قوة شعب وحكمة قيادة
  • تسجيل صوتي.. ماذا حدث لمراقب الحركة الجوية أثناء حادث طائرة أمريكا؟
  • تسجيل صوتي يوثق لحظة صراخ مراقب الحركة الجوية في حادث طائرة أمريكا
  • أمين عام علماء المسلمين: اختيار الشرع رئيسا لسوريا خطوة في الطريق الصحيح