هل حقق بايدن انتصارا دبلوماسيا بوقف إطلاق النار في لبنان؟
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
واشنطن- بعد 5 أيام من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير/كانون الثاني 2025 رئيسا جديدا للولايات المتحدة، تنتهي فترة وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل المقرر لها 60 يوما.
وزعمت إدارة جو بايدن أن وقف إطلاق النار -الذي طال انتظاره- انتصار دبلوماسي تحقق تحت ضغط هائل منها خلال الأسابيع الأخيرة من حكم بايدن، التي تعرف في أميركا باسم "فترة البطة العرجاء".
ووصف بايدن الاتفاق بأنه "تاريخي"، وقال إنه "يذكرنا بأن السلام ممكن"، وأن "هذا الصراع لن يكون مجرد دورة أخرى من العنف"، بيد أن محللين يرون أن احتمال استئناف القتال في جنوب لبنان ما زال قائما.
من جهتها، رأت الدوائر الأميركية أن الاتفاق يعد تطورا إيجابيا ونصرا دبلوماسيا نادرا لفريق الرئيس المنتهية ولايته، بعد أكثر من عام من تبادل إطلاق النار، ونزوح أكثر من 1.2 مليون شخص من منازلهم في لبنان، إلى جانب ما لا يقل عن 60 ألفا من البلدات والقرى في شمال إسرائيل.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان -في حديث لشبكة سي بي إس- إن الأمر استغرق "أسابيع وشهورا من الدبلوماسية الأميركية التي لا هوادة فيها لإيجاد نهاية دائمة للحرب شمال إسرائيل".
وأضاف سوليفان أن فريقه كانت لديه "اتصالات جيدة" مع الإدارة المقبلة، وعبّر عن سعادته بدعم ترامب اتفاق وقف إطلاق النار.
خريطة توضح كيف يبدو وقف إطلاق النار على الأرض (الجزيرة) اتفاق معقدويؤكد الاتفاق مبادئ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية عام 2006، وقال إن حزب الله يجب أن يبقى شمال نهر الليطاني، على بعد حوالي 17 ميلا من الحدود مع إسرائيل.
وبموجب شروط الاتفاق، كان من المقرر أن ينتقل الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) إلى تلك المنطقة لإبعاد حزب الله منها.
وخلال الأيام الـ60 المقبلة، وبموجب شروط وقف إطلاق النار، سينقل الجيش الإسرائيلي قواته تدريجيا جنوب الحدود الإسرائيلية اللبنانية، مما يسمح للجيش اللبناني بالتحرك جنوب نهر الليطاني.
وأشارت تقارير أميركية إلى نص اتفاق جانبي بين الولايات المتحدة وإسرائيل تعترف واشنطن بموجبه بحق إسرائيل في الرد على أي تهديدات قادمة من الأراضي اللبنانية، في حال لم يقم الجيش اللبناني بدوره في هذا الشأن.
وأضافت التقارير أن واشنطن أكدت التزامها بالتعاون مع إسرائيل لوقف الأعمال المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران في لبنان، بما في ذلك منع تهريب الأسلحة، وأنهما ستتبادلان المعلومات الاستخباراتية بشأن انتهاكات حزب الله لوقف إطلاق النار، في حين قد تتبادل واشنطن المعلومات مع بيروت.
وقال داني سيترينوفيتش، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، إن الاتفاق يبدو "جيدا على الورق"، لكن حتى يتم تنفيذه "سيكون من الصعب معرفة إذا ما كان بإمكان إسرائيل البناء على هذا النوع من الضمانات الأميركية" يضيف سيترينوفيتش.
كذلك رأى ماكس بوت، الكاتب بصحيفة واشنطن بوست والباحث بمجلس العلاقات الخارجية، أنه "من الواضح أن حزب الله، على الرغم من تدهوره إلى حد كبير كقوة عسكرية، أبعد ما يكون عن الهزيمة، ناهيك عن القضاء عليه".
وألمح بوت إلى دراسة لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي تشير إلى فقدان حزب الله ما مجموعه 2450 مقاتلا، لكن يبقى لديه عشرات الآلاف من الصواريخ والمقاتلين الذين يقدرون بنحو 40 إلى 50 ألفا، لإعادة بناء قدراته العسكرية، وأنه من المرجح أن يعود إلى جنوب لبنان بغض النظر عما ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار.
جدوى الاحتفال المبكرفي المقابل، قلل عدد من المعلقين من حجم الإشادة بنجاح بايدن، وأقروا بسهولة التوصل للاتفاق، خاصة مع عدم وجود أي محتجزين إسرائيليين لدى حزب الله، مما جعل المفاوضات أسهل.
في حين أن حركة حماس لديها العشرات من المحتجزين، وهي غير مستعدة لإطلاق سراحهم حتى يتم الوفاء بشروطها التي لا يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تلبيتها.
An Israeli-Hezbollah cease-fire would be a significant and welcome success. But it’s a transaction not a transformation. We’d all be well advised to withhold judgment until we’re well into the 60 day clock. Irony of ironies it might well fall apart on Trump’s watch.
— Aaron David Miller (@aarondmiller2) November 26, 2024
وغرد آرون ديفيد ميلر، والمسؤول السابق بعدة إدارات أميركية في ملف مفاوضات الشرق الأوسط، محذرا من المبالغة في الاحتفاء بالاتفاق. وقال في مشاركة له على موقع إكس إن "وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله سيكون نجاحا كبيرا ومرحبا به، لكنه صفقة وليس تحولا. ومن الأفضل لنا جميعا أن نمتنع عن الحكم حتى نصل إلى نهاية مهلة الـ60 يوما. ومن المفارقة أن الاتفاق قد ينهار في عهد الرئيس دونالد ترامب".
في حين اعتبر برايان كاتوليس، مدير الأبحاث بمعهد الشرق الأوسط، والمسؤول السابق بإدارة باراك أوباما، أن "صفقة إنهاء القتال بين حزب الله وإسرائيل هي نتيجة مهمة، ولكنها لن تترجم بسهولة إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة أو تهدئة التوترات الأوسع في المنطقة، لأن كلا من هذه الصراعات قد اتخذت مسارات خاصة بها".
من جانبها، رأت جينا وينستانلي، السفيرة الأميركية السابقة، والخبيرة بالمجلس الأطلسي، أن الاتفاق أنتج بدوره تغييرين مهمين، أولهما شعور إيران بفرصة سانحة لتخفيف عزلتها مع الرئيس المنتخب ترامب، الذي يصف نفسه بأنه رئيس "سلام". والثاني أن نتنياهو قد يشعر بأنه مقيد، إذ لن يبادر بإحراج إدارة ترامب الجديدة كما فعل مع بايدن على الرغم من التزام الأخير تجاه إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار حزب الله فی لبنان
إقرأ أيضاً:
حزب الله» يهدد إسرائيل ونعيم قاسم يبشر بعافية المقاومة
وسط تواصل الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار بين الدولة العبرية و«حزب الله»، وعودة الطيران الحربي إلى التحليق الكثيف في أجواء لبنان، استهل الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، العام الجديد، الأربعاء، بالإعلان عن «إعطاء فرصة للدولة اللبنانية لتثبت نفسها» و«تحمل مسؤولية» خروج إسرائيل من لبنان، مؤكداً في المقابل أن «المقاومة استعادت عافيتها».
وقال قاسم، في كلمة له خلال مؤتمر لتكريم رجل الدين محمد تقي مصباح يزدي في طهران، بثت بتقنية الفيديو: «الاعتداء الذي حصل في جنوب لبنان هو اعتداء على الدولة (اللبنانية) والمجتمع الدولي». وأضاف: «المقاومة مستمرّة، وقد استعادت عافيتها، ولديها من الإيمان والثّلة المؤمنة ما يمكّنها من أن تصبح أقوى».
وأوضح أنَّ «(حزب الله) قرر في مرحلة ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار إعطاء الفرصة، وأن تتحمل الدولة مسؤوليتها، وأن تكون راعية للاتفاق، والمسؤولية تقع عليها وعلى الدول الراعية للاتفاق حتى خروج إسرائيل من لبنان». وتابع: «أثبتنا بالمقاومة أننا لم نمكن العدو من التقدم، والآن الفرصة للدولة اللبنانية لتثبت نفسها».
وفي الإطار نفسه، أشار عضو كتلة الحزب البرلمانية، النائب حسين الحاج حسن إلى «قيام العدو منذ وقف الأعمال العدائية بخروقات يومية لهذا الاتفاق، وبأشكال كثيرة، بالاغتيال والعنف والقتل، وتجريف البساتين والبيوت والتوغل».
وقال: «المناطق التي لم يستطع الوصول إليها خلال العدوان، يصل إليها اليوم في قرى كثيرة بعد وقف إطلاق النار، تحت مرأى اللجنة الخماسية والرأي العام الدولي، وعلى مرأى من مدَّعي السيادة، الذين لم ينطقوا بحرف أو بيان واحد، وقد صمّوا آذانهم حول السيادة الوطنية والمجتمع الدولي الحامي والمتواطئ مع العدو، خصوصاً أميركا واللجنة الخماسية (لمراقبة وقف النار). التواطؤ واضح ومعروف، رغم الشكاوى اللبنانية، وأميركا وفرنسا والأمم المتحدة والمجتمع الدولي لا يسمعون».
وقال الحاج حسن: «إن المقاومة تراقب وتتابع ما يجري من خرق للسيادة، فالـ(يونيفيل) الذي من المفترض أن يكون له دور بتطبيق القرار (1701) تلقّى تهديدات من العدو. من الأفضل للدول العظمى التي يثق بها مدَّعو السيادة تفسير ما يحصل من خروقات واعتداءات. وما يجري يُعزز منطقنا بأن المجتمع الدولي متواطئ ولا يحمي، أما المقاومة فهي تتابع وتراقب، وسيكون لديها الموقف والرد بالشكل المناسب، وفي الوقت المناسب».
عودة الطيران الإسرائيلي
إلى ذلك، نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي جولة جديدة من التحليق الكثيف في أجواء العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية، بعد انقطاع دام أياماً. كما حلّق الطيران الإسرائيلي على علو منخفض في أجواء صيدا وشرقها.
استعداد لانسحاب كبير للجيش الإسرائيلي
وتتواصل الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف النار في لبنان، رغم الإعلان عن استعداد الجيش الإسرائيلي إلى الانسحاب من جنوب لبنان.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية (كان)، قد كشفت أنه بعد شهر من إبرام اتفاق وقف النار مع لبنان، يستعدّ الجيش الإسرائيلي لانسحاب كبير من جنوب لبنان.
ووفق «كان»، سيجري بناء معسكرات للجيش قرب المستوطنات الملاصقة للشريط الحدودي. وقالت أيضاً: «إنّ الانسحاب يأتي بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية».
استهداف عناصر لـ«حزب الله» ومستودع أسلحة
ورغم الحديث عن انسحاب الجيش الإسرائيلي، نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، صباح الأربعاء، مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، قال إنه يعود لـ«عناصر (حزب الله) وهم ينقلون وسائل قتالية من مستودع للأسلحة في جنوب لبنان إلى مركبة قريبة».
وأضاف: «في عملية رصد واستهداف سريعة، تمت مهاجمة المركبة ومستودع الأسلحة من الجو لإزالة التهديد».
وأشار إلى أنّ «الجيش الإسرائيلي يبقى ملتزماً بالتفاهمات التي جرى التوصل إليها بين إسرائيل ولبنان، وهو منتشر في منطقة جنوب لبنان، ليعمل على إزالة أي تهديد ضد إسرائيل».