وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان.. نظرة تحليلية
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
يوم الأربعاء (27 تشرين الثاني/ نوفمبر) أُعلن عن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان، وقد اختلفت الآراء حول من المستفيد الأكبر من هذا الاتفاق، وهناك حوار بين السياسيين والإعلاميين، في حرب قائمة على تسجيل النقاط؛ فمن حقق النقاط الأكبر في مرمى خصمه؟ نحاول هنا أن نجيب عن هذا السؤال.
يفكر كثيرون في نتائج الحرب كنصر وهزيمة، وأن غرض الحرب هو تحقيق النصر العسكري، وهذا التصور ليس دقيقا بل هو بعيد عن الحقيقة.
ولو نظرنا لأحد أكبر الحروب الحالية وأكثرها أهمية، وهي حرب روسيا وأوكرانيا، وحاولنا الإجابة على سؤال من المنتصر حتى الآن، لما وصلنا لإجابة واضحة. أوكرانيا حمت عاصمتها وأغلب أرضها من الاحتلال، هذا صحيح، ومنعت الروس من التوغل في كثير من الأراضي الأوكرانية التي ظن بوتين أنه سيستولي عليها في أسابيع قليلة، وهذا يعتبر نصرا لا شك فيه للأوكران. لم يحقق أي طرف كافة أهدافه من الحرب، وكل طرف حقق جزءا يسيرا مما كان يأمل فيه ويرجوهفي المقابل، روسيا حققت غرضها الأساسي بمنع امتداد حلف الناتو لأوكرانيا، بل إنها أرهقت الداعمين الغربيين لاستقلال أوكرانيا، وجعلت عددا غير قليل من المواطنين الأوروبيين والأمريكيين يرغبون في إنهاء الحرب أيا كانت النتيجة.
لو انتهت الحرب الآن وفق الوضع الحالي على الأرض، فمن سيكون الفائز؟ الجواب لا أحد، فلم يحقق أي طرف كافة أهدافه من الحرب، وكل طرف حقق جزءا يسيرا مما كان يأمل فيه ويرجوه.
لو أسقطنا هذا التحليل على حرب لبنان، فيمكن القول بوضوح أن لبنان حقق عددا كبيرا من أهدافه في الحرب؛ الأول كان مساندة غزة وقد تحقق هذا بجلاء، والثاني كان تدمير قدر من الأهداف العسكرية للكيان، وما حدث في المقرات المختلفة للوحدة 8200 والدمار الذي لحق بكثير من المنشآت العسكرية وغيرها يشير بوضوح لتحقق هذه الأهداف.
من الناحية العسكرية أيضا، فقد أصيب الكيان بالصدمة حين وجد قواته عاجزة عن التوغل في جنوب لبنان، وأصيب عدد كبير من الدبابات والأفراد في جيش الكيان. ومع معرفة أن الكيان كثيرا ما يخفي خسائره ولا يعلنها إلا بعد سنوات طويلة، يمكن استنتاج أن الأرقام التي أعلنها الكيان في إصاباته سواء بين الجنود أو المعدات أكبر كثيرا مما هو معلن، ومع جيش صغير كالكيان تصبح هذه الأرقام كارثية.
لكن لو نظرنا من الجهة المقابلة، فقد توقف لبنان ولو بصورة مؤقتة عن إسناد غزة، وهو ما يعني أن الكيان أمامه شهران كي يقوم بكل جرائمه الممكنة التي لم تكن متاحة سابقا بسبب وجود عدد كبير من قواته في الشمال. تعتبر هذه النقطة تحديدا أهم نقطة تستند لها الحكومة الإسرائيلية في بيان أنها حققت نصرا كبيرا. النقطة الأخرى هي تدمير قدر من القدرات العسكرية لحزب الله، وهذا صحيح بصورة ما، لكن لا يمكن قبوله بإطلاق، فقد استمر الحزب في إطلاق صواريخه على الكيان حتى الساعات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار.
عودة للسؤال الأول: من المنتصر؟ الإجابة أن كل طرف حقق قدرا معقولا من أهدافه، لكن لا يوجد نصر واضح لأي من الطرفين المتقاتلين. الكيان سيأخذ راحة لالتقاط الأنفاس وإعادة تأهيل جنوده للمرحلة الثانية من الحرب في لبنان، وسيتلقى مزيدا من السلاح والذخائر من مختلف الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة.
توقيع الهدنة بحد ذاته يعني أن الطرفين أنهكا تماما ولم يعد لدى أي منهما ما يقدمه من الناحية العسكرية، وحان وقت البحث عن طرق أخرى
حزب الله كذلك سيتلقى مزيدا من السلاح والذخائر من إيران وربما أيضا من الصين وروسيا، فكل هذه الأطراف لا تريد انتصارا حاسما للكيان. وقد أثبتت هذه الحرب ما قيل سابقا ورأيناه جميعا بأعيننا، أن الكيان هو في حقيقته لا يزيد عن كونه "دولة وظيفية"، بلفظ الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله، فقد وضعها الغرب بين بلادنا للقيام بوظيفة محددة هي تخريب المنطقة وإفسادها، ومنع قيام كيانات عربية قوية فيها.
توقيع الهدنة بحد ذاته يعني أن الطرفين أنهكا تماما ولم يعد لدى أي منهما ما يقدمه من الناحية العسكرية، وحان وقت البحث عن طرق أخرى.
يبقى السؤال الأخير: هل سيفي الكيان بما تعهد به؟ هل سيستمر وقف إطلاق النار فعلا لشهرين مقبلين؟ التجارب السابقة تقول "لا" واضحة، فالكيان يضرب إذا كان قادرا، بغض النظر عن أي روادع أخلاقية أو سياسية. أغلب الظن أن هذا ما سيحدث بالفعل، خاصة أن رئيس وزراء الكيان هو ملك الهروب للأمام، ولو ضاق الخناق عليه داخليا ربما يقوم بعمل إجرامي آخر كمهاجمة لبنان بسبب أو بدون سبب، فقد لتخفيف الضغط عن نفسه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان غزة الإسرائيلية حزب الله الهدنة لبنان إسرائيل غزة حزب الله هدنة مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
الحوثي: مستعدون لاستئناف عملياتنا لمواجهة خروقات إسرائيل بغزة
صنعاء (الجمهورية اليمنية)- توعدت جماعة الحوثي اليمنية، الثلاثاء، بأن قواتها "مستعدة لاستئناف" عملياتها العسكرية لمواجهة خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال المكتب السياسي للحوثيين في بيان، إن "إمعان العدو الإسرائيلي في اختراق وقف إطلاق النار وصولا إلى الإغلاق التام لمعابر قطاع غزة أمام المساعدات هو تصعيد خطير".
وحذر من استعداد الجماعة لـ"استئناف عملياتها في مواجهة الخروق الصهيونية"، انطلاقا من "موقف اليمن الثابت في إسناد فلسطين ومقاومتها والقوات المسلحة اليمنية (التابعة للحوثيين)".
وأضاف البيان الذي نشرته وكالة أنباء "سبأ" التابعة للجماعة، أن "الشعب الفلسطيني له الحق في مقاومة الصلف الصهيوني وكل جرائم الحرب التي ترتكب بدعم وتشجيع من الإدارة الإرهابية الأمريكية".
ومنتصف ليل السبت/ الأحد الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار رسميا والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب، وفي ظل إعلان "حماس" جاهزيتها للمضي قدما وفق بنود الاتفاق الساري منذ 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.
ويعرقل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذلك، إذ كان يريد تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.
فيما ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام إسرائيل بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.
وفي السياق، دعا المكتب السياسي للحوثيين القمة العربية الطارئة على "إعلان موقف حازم تجاه جرائم الحرب الصهيونية في فلسطين المحتلة، واتخاذ خطوات عملية لإنقاذ المدنيين وكسر الحصار".
وفي وقت لاحق الثلاثاء، تنطلق في العاصمة المصرية القاهرة القمة العربية الطارئة بشأن قطاع غزة.
وتبحث القمة "الوصول لقرار وموقف عربي موحد يرفض التهجير، ويؤكد على الإجماع العربي لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية ودولية لوقف محاولات إخراج الفلسطينيين من أراضيهم، وخطط إعادة إعمار غزة دون إخراج الفلسطينيين من أراضيهم، كما ستدعم استكمال اتفاق وقف النار ومنع أي خروقات"، وفق هيئة الاستعلامات المصرية (رسمية)، الاثنين.
ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، يروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
وفي المقابل، بلورت مصر خطة عربية شاملة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، خشية تصفية القضية الفلسطينية، وتعتزم عرضها على القمة.
وارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
Your browser does not support the video tag.