العفن اللذيذ.. الجبن الأزرق من الكهوف إلى موائد العالم
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
ظهور العفن على أي منتج غذائي يعد مؤشرا واضحا على عدم صلاحيته للاستهلاك، لكن ماذا عن الأغذية التي يتم تعفينها عمدا خلال عملية الإنتاج؟ هذا ما يحدث بالفعل في بعض أنواع الجبن المعفَّن الذي يعرف بالجبن الأزرق نظرا للخطوط الزرقاء أو الخضراء التي تميز هذا النوع، وهي عبارة عن مستعمرات فطريات تنمو داخل الجبن.
الجبن المعفن ليس وصفا سيئا وإنما إشارة لعملية طبيعية معقدة يتم خلالها إدخال فطر البنسليوم لإضفاء نكهة فريدة ولتحسين قوام الجبن.
فوائد البنسليومالبنسليوم لا يؤدي فقط إلى العفن، ولكنه يساعد أيضا في عملية التخمر ومنع نمو البكتيريا الضارة، مما يجعله آمنا للاستهلاك. والأنواع الشائعة من فطر البنسليوم المستخدم تشمل: البنسليوم روكفورتي وزُرق البنسليوم.
الجبن المعفن ليس مجرد منتج غذائي، وإنما هو جزء من التراث الثقافي والغذائي العالمي (بيكسلز) جبن الكهوفالجبن الأزرق ليس منتجا حديثا، بل له تاريخ طويل يعود إلى العصور الوسطى، وهناك بعض الروايات التي تشير إلى اكتشافه عن طريق الصدفة في كهوف رطبة حيث نمت الفطريات داخل الجبن بشكل طبيعي.
وفقًا للروايات التاريخية الفرنسية وتقارير منظمة الأغذية والزراعة "فاو" (FAO)، تُعد الكهوف المحيطة بقرية روكفور سور سولزون (Roquefort-sur-Soulzon) في فرنسا، المكان الذي يُعتقد أن الجبن الأزرق قد اكتُشف فيه للمرة الأولى. وقد عزز الملك شارل السادس هذه الأهمية من خلال إصدار قانون عام 1411 يمنح القرية حقوقا حصرية لإنتاج جبن الروكفور داخل هذه الكهوف الطبيعية. تعكس هذه الوثيقة التاريخية الدور المركزي للكهوف في نشأة هذا الجبن الفريد، مؤكدة على مكانتها كجزء لا يتجزأ من التراث الفرنسي.
أنواع الجبن الأزرقفي سياق استكشاف أصول الجبن المعفن، نجد أن الجبن الأزرق يتوفر في أشكال متنوعة، تجمعها العروق الزرقاء الناتجة عن العفن غير الضار، لكنها تختلف في نكهاتها المميزة. ورغم التشابه الكبير بين هذه الأنواع، خاصة عند رؤيتها في السوبر ماركت، فإن التذوق يكشف عن اختلافات واضحة في الطعم تجعل كل نوع تجربة فريدة بحد ذاته، مثل:
جبن الروكفور تم اكتشافه في كهوف جنوب فرنسا ويتميز بطعمه القوي. جبن الغورغونزولا تم اكتشافه في إيطاليا وله نكهة أقل حدة. جبن ستيلتون تم اكتشافه في إنجلترا وطعمه معتدل إلى حد ما. الدانش بلو أو الجبن الدانماركي الأزرق يتميز بقوام ناعم ونكهة غير حادة. جبن كابراليس يتم إنتاجه في إسبانيا ويعتبر من الأجبان الزرقاء ذات النكهة الحادة جدا. جبن الغورغونزولا تم اكتشافه في إيطاليا وله نكهة أقل حدة وقوام كريمي (بيكسلز) أنواع أخرى من الجبن المعفنبالإضافة إلى الأجبان الزرقاء، هناك أنواع أخرى من الأجبان التي تحتوي على صور مختلفة من العفن، مثل العفن الأبيض أو الأخضر، وتصنف ضمن الأجبان المعفنة لكنها تختلف عن الأجبان الزرقاء في نكهتها وقوامها، مثل
الأجبان البيضاء المعفنة:تُصنع باستخدام فطر البنسليوم كانديدوم (Penicillium candidum)، وأشهر أنواعه:
جبن البري (Brie): يتميز بقشرة بيضاء ناعمة ونكهة زبدية.
جبن الكامامبير (Camembert): مشابه للبري لكن بنكهة أكثر حدة.
أجبان مختلطة العفن:تجمع هذه الأجبان بين العفن الأبيض والأزرق، مثل: جبن بلو بري (Blue Brie): خليط بين جبن البري والجبن الأزرق.
أجبان ذات عفن طبيعي خارجي:مثل جبن المونت دور (Mont d’Or) وجبن التيلسيت (Tilsit)، التي تحتوي على عفن طبيعي في قشرتها.
أجبان مغسولة القشرة:يتم غسلها بمحلول ملحي أو كحول لتنمية أنواع معينة من البكتيريا أو العفن، مثل: جبن المونستر (Munster)، وجبن إيبويس (Époisses).
الحليب المثالينوع الحليب المستخدم في تصنيع الجبن الأزرق يعتمد على التقليد المحلي في البلد المنتِج والنكهة المرغوبة. وكل نوع من الجبن الأزرق يكتسب تميزه من خصائص الحليب المستخدم ومصدره.
ينص القانون الفرنسي على استخدام حليب الأغنام فقط في تصنيع جبن الروكفور، حيث يعطي قواما كريميا دسما ونكهة قوية، وهو مثالي لنمو فطر البنسليوم روكفورتي (Penicillium roqueforti) المستخدم في هذا النوع.
يستخدم حليب البقر في تصنيع جبن الغورغونزولا والبلو دانماركي، الذي يوفر قواما ناعما ونكهة أكثر اعتدالا مقارنة بحليب الأغنام، وكذلك جبن الستيلتون الذي يتم تصنيعه في إنجلترا بمواصفات صارمة. أما جبن كابراليس فيتم استخدام خليط من حليب الأبقار والأغنام -بما فيها الماعز- في تصنيعه.
الفوائد الصحية للجبن المعفنمصدر غذائي غني: يحتوي على نسب عالية من البروتين والكالسيوم، مما يدعم صحة العظام والأسنان.
دعم الجهاز الهضمي: يحتوي على بكتيريا البروبيوتيك المفيدة لتحسين صحة الأمعاء.
فيتامينات ومعادن: مثل فيتامين "بي 12" (B12) والزنك، الضروريين للصحة العامة.
مضاد للالتهابات: يحتوي على مركبات طبيعية قد تساعد في تقليل الالتهابات.
ولكن رغم فوائده الصحية، ينصح بتناوله بحذر للأشخاص الذين يعانون من الحساسية أو ضعف جهاز المناعة.
مدة تصنيع الجبن الأزرقتختلف مدة وظروف إنتاج كل نوع من أنواع الجبن الأزرق؛ الأجبان مثل روكفور وكابراليس تعتمد بشكل أساسي على الكهوف التقليدية لأنها جزء من التراث المحلي، وتتراوح مدة الإنتاج من 3 إلى 6 أشهر.
توفر الكهوف بيئة طبيعية مع توازن مثالي بين الرطوبة والهواء البارد، ما يساعد في عملية النضج البطيء وتطوير النكهة القوية.
أما أجبان مثل الغورغونزولا والبلو دانماركي فتُصنع في معامل حديثة لتلبية الطلب الكبير مع ضمان الجودة، وتتراوح مدة التصنيع من شهرين إلى 4 أشهر.
وسواء تم إنتاجه في الكهوف أو المعامل، فإن الجودة تعتمد على المهارة في التحكم في الظروف البيئية واختيار الفطر المناسب.
جودة الجبن الأزرق تعتمد على المهارة في التحكم في الظروف البيئية واختيار الفطر المناسب (بيكسلز) سياحة الروكفورهي نوع من السياحة الغذائية والثقافية المتمحورة حول زيارة منطقة روكفور سور سولزون في جنوب فرنسا، المشهورة عالميا بإنتاج جبن الروكفور المميز. هذه التجربة السياحية تجمع بين استكشاف تاريخ الجبنة وطريقة إنتاجها، بالإضافة إلى التمتع بجمال الطبيعة في المنطقة. ويعد فصل الصيف (من شهر يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول) هو الأفضل للزيارة، حيث يكون الطقس مناسبا للأنشطة الخارجية.
الجبن المعفن ليس مجرد منتج غذائي، بل هو جزء من التراث الثقافي والغذائي العالمي. بفضل تاريخه العريق وطريقة إنتاجه التقليدية، يظل هذا الجبن رمزًا للتنوع الغذائي والتقاليد المرتبطة بالمطبخ الأوروبي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات من التراث فی تصنیع
إقرأ أيضاً:
منظمة الهجرة: نزوح أكثر من 14 ألف أسرة من ولاية النيل الأزرق جراء النزاع المستمر
منظمة الهجرة الدولية تكشف عن نزوح أكثر من 14 ألف أسرة من ولاية النيل الأزرق جراء النزاع المستمر منذ أبريل 2023، وتذكر أن العديد من الأسر لجأت إلى مناطق داخلية أو عبر الحدود إلى جنوب السودان..
التغيير: الخرطوم
أعلنت منظمة الهجرة الدولية، عن نزوح أكثر من 14 ألف أسرة من ولاية النيل الأزرق، الواقعة في جنوب شرق السودان، نتيجة للنزاع المستمر في البلاد منذ منتصف أبريل 2023.
وأوضحت المنظمة، في بيان لها الخميس، أن هذا النزوح جاء جراء التصعيد المستمر للعنف بين الأطراف المتنازعة في المنطقة.
وفقاً للبيان، فإن حوالي 14 ألفاً و100 أسرة نزحت من بلدتي قلي وبوط في ولاية النيل الأزرق في 26 نوفمبر 2024، بسبب النزاع المستمر في هذه المناطق.
وأشارت المنظمة إلى أن نحو 8 آلاف و100 أسرة نزحت من بلدة قلي، بينما نزح حوالي 6 آلاف أسرة من بلدة بوط، وذلك بسبب تزايد المخاوف الأمنية التي فرضها النزاع.
وذكر البيان أن الأسر النازحة، التي فقدت بيوتها ومصادر رزقها، بحثت في المقام الأول عن مأوى في المناطق القريبة مثل منطقتي التضامن وباو بولاية النيل الأزرق، فضلاً عن التوجه إلى ولاية النيل الأبيض جنوب السودان، وكذلك عبر الحدود إلى جنوب السودان، حيث يستمر تدفق اللاجئين السودانيين إلى هناك نتيجة لاستمرار الصراع.
ندرة الخدماتوأفادت المنظمة بأن الوضع الإنساني في المنطقة يتفاقم بسبب تدمير البنية التحتية وندرة الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم، بالإضافة إلى صعوبة توفير المساعدات الإنسانية في المناطق المتأثرة بالنزاع.
ويستمر النزاع في السودان في التأثير على المدنيين، مما يؤدي إلى تدهور الوضع الإنساني في العديد من المناطق، بما في ذلك ولاية النيل الأزرق، حيث يواجه النازحون تحديات كبيرة في تأمين المأوى والغذاء والمياه، وسط ظروف شديدة القسوة.
وتعمل المنظمات الإنسانية على توفير المساعدة للمتضررين، ولكن الوصول إلى المناطق المنكوبة ما زال يشكل تحدياً كبيراً بسبب صعوبة التنقل والتهديدات الأمنية المستمرة.
وتتواصل معاناة المدنيين في السودان مع استمرار النزاع الذي بدأ منتصف أبريل 2023، مما يهدد المزيد من الأرواح ويزيد من أعداد النازحين داخل البلاد وعبر حدودها.
الوسومالأوضاع الإنسانية السودان منظمة الهجرة الدولية