تشاد تلغي اتفاقية تعاون أمني مع فرنسا والسنغال تتجد لإنهاء تواجد القواعد العسكرية الفرنسية
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
قررت الحكومة التشادية وضع حد للعمل باتفاقية التعاون الدفاعي الموقعة مع فرنسا، منذ صيف العام 2019.
وذكرت الحكومة في بيان لوزير الخارجية والمتحدث باسم الحكومة عبد الرحمن كلام الله، أن « هذا القرار الذي اتخذ بعد تحليل معمق »، يشكل « نقطة تحول تاريخي بعد 66 عاما من استقلال تشاد ».
وقال « حان الوقت لكي تؤكد تشاد سيادتها الكاملة، وتعيد تحديد شراكاتها الاستراتيجية بما يتماشى مع الأولويات الوطنية ».
واعتبر البيان أن « هذا القرار لا يشكك بأي حال من الأحوال في العلاقات التاريخية والروابط الودية بين البلدين »، حيث تظل تشاد مصممة على الحفاظ على علاقات بناءة مع فرنسا في المجالات الأخرى ذات الاهتمام المشترك، لما فيه مصلحة الشعبين ».
ضمن نفس السياق، أعلن الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس الخميس، أن فرنسا ستضطر إلى إغلاق قواعدها العسكرية في السنغال معتبرا أن وجودها يتعارض مع سيادة بلاده.
وقال « السنغال دولة مستقلّة. إنّها دولة ذات سيادة، والسيادة لا تتّفق مع وجود قواعد عسكرية أجنبية ».
وأكّد الرئيس السنغالي، أنّه تلقّى من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة تعترف فيها باريس بمسؤوليتها عن « مجزرة » ارتكبتها قواتها الاستعمارية، في ثياروي قرب دكار في الأول من ديسمبر 1944.
وقال: « لقد تلقّيت اليوم (الخميس) من الرئيس إيمانويل ماكرون، رسالة يعترف فيها بأنّها كانت مجزرة، بشكل واضح جدّا، دون أي لبس في المصطلحات ». ورحّب فاي بهذا الاعتراف، معتبرا إياه « خطوة كبيرة » من جانب ماكرون.
وأكد فاي رغبته في تنويع شركاء بلاده. ويأتي ذلك في وقت انفصلت فيه دول في منطقة الساحل عن فرنسا فجأة وتقاربت مع روسيا. وقال فاي: « تظل فرنسا شريكا مهما للسنغال من ناحية مستوى الاستثمارات ووجود الشركات الفرنسية، وحتى المواطنون الفرنسيون الموجودين في السنغال ».
وأكد فاي أنّه « يتعيّن على السلطات الفرنسية أن تفّكر في إقامة شراكة مجرّدة من الوجود العسكري، وقال؛ إنّ « وجودا عسكريا أو عدم وجود عسكري، لا ينبغي أن يعني قطيعة ».
ووضح أنّ بلاده تربطها علاقات وطيدة مع دول عدة مثل الصين وتركيا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، و »كلّ هذه الدول ليس لديها أيّ قاعدة عسكرية في السنغال ».
وأضاف: « الصين اليوم هي شريكنا التجاري الأول من حيث حجم الاستثمارات والتجارة. هل للصين وجود عسكري في السنغال؟ كلا. هل نتحدث عن قطيعة؟ ».
وتعرضت فرنسا إلى عدة ضربات دبلوماسية، عندما شهدت مستعمراتها السابقة النيجر ومالي وبوركينا فاسو سلسلة انقلابات منذ عام 2020.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: فی السنغال
إقرأ أيضاً:
أفريقيا تنقلب على فرنسا.. وإيطاليا تضيع فرصة ملء الفراغ
نشر موقع "إنتليجنس جيوبوليتيكا" الإيطالي تقريرا سلّط فيه الضوء على قرار السنغال وتشاد برحيل القوات الفرنسية عن أراضيها، معتبراً ذلك ضربة موجعة للمصالح الفرنسية وخسارة لنفوذها في منطقة الساحل الأفريقي لفائدة قوى أخرى.
وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن طرد القوات الفرنسية من السنغال وتشاد، بعد طردها سابقا من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، يؤكد عجز باريس عن الحفاظ على دورها التاريخي في القارة التي شكلت لأكثر من قرنين محور سياستها الخارجية وحضورها العسكري خارج حدودها.
واعتبر الموقع أن إيطاليا أضاعت فرصة تاريخية لملء الفراغ الذي تركته فرنسا على وجه التحديد، والغرب بشكل عام، فيما استطاعت الصين وروسيا وتركيا أن توسع نفوذها في القارة الأفريقية اعتمادا على مشاريع متكاملة.
استعادة السيادة
في 27 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو إغلاق القواعد العسكرية الأجنبية الموجودة في البلاد. وعلّق الرئيس باسيرو ديوماي فاي على هذا القرار باعتباره خطوة نحو استعادة البلاد سيادتها الكاملة قائلاً: "يجب على السنغال إدارة شؤونها الدفاعية دون تأثيرات خارجية".
وأوضح الموقع أن هذا القرار يستهدف فرنسا بشكل أساسي، حيث إنها الدولة الوحيدة التي لديها وجود عسكري ثابت في السنغال، وهي إشارة جديدة إلى تزايد الاستياء من دور فرنسا في القارة.
وأضاف الموقع أنه ليس من باب الصدفة أن تبحث السنغال، على غرار دول أفريقية أخرى، عن شركاء استراتيجيين جدد، وتتوجه بشكل متزايد نحو روسيا والصين وتركيا، وهي دول تقدم نماذج تعاون أقل تدخلًا في الشؤون الداخلية مقارنة بالنهج الفرنسي ما بعد الاستعمار.
ضربة قوية
اعتبر الموقع أن القرار السنغالي مثّل ضربة رمزية، لكن قرار تشاد يعدّ هزيمة حقيقية لفرنسا، حيث اعتُبرت تشاد لسنوات الحليف الأكثر ولاءً لباريس في أفريقيا، لكنها أعلنت في تشرين الثاني/ نوفمبر إنهاء التعاون العسكري مع فرنسا، مطالبة باريس بسحب قواتها بحلول 31 كانون الثاني/ يناير 2025.
وكان هذا البلد الذي يتمتع بموقع استراتيجي في منطقة الساحل، آخر معقل للوجود الفرنسي في المنطقة بعد الطرد من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وهي دول فتحت أبوابها لروسيا والصين.
ووفقا للموقع، فإن انسحاب فرنسا من تشاد، والذي يشمل تفكيك قواعدها في "فايا لارجو" و"أبشّي" ورحيل حوالي 1000 جندي، يُبرز فشل سياسة ماكرون في أفريقيا ويأتي كنتيجة لتراجع النفوذ السياسي والعسكري الفرنسي والعجز عن التكيف مع التوازنات الجيوسياسية الجديدة.
فرصة ضائعة
كما ذكر الموقع أن طرد القوات الفرنسية من القارة الأفريقية ليس حالة معزولة، بل يندرج ضمن ظاهرة أوسع تشمل الغرب بأكمله، فقد تقلص حضور القوات الأمريكية والألمانية بشكل كبير خاصة في منطقة الساحل.
ورأى الموقع أن إيطاليا، رغم احتفاظها بوجود عسكري في النيجر، تبدو غير قادرة على استغلال هذا الفراغ، موضحا أن خطة "ماتي" التي تم الترويج لها كركيزة للسياسة الإيطالية في إفريقيا، تبدو غير كافية لمعالجة الأولويات الحقيقية للقارة، وهي الأمن والدفاع.
وتركز الخطة الإيطالية على المشاريع الإنسانية والبنية التحتية، وتفتقر -وفقا للموقع- إلى عنصر استراتيجي وهو التعاون العسكري، مما يحد من قدرة إيطاليا على تقديم نفسها كبديل موثوق به للقوى الغربية المتراجعة.
التغلغل الروسي والصيني
وسلط التقرير الضوء على تنامي نفوذ روسيا والصين في أفريقيا من خلال مشاريع متكاملة تجمع بين المساعدات الاقتصادية والبنية التحتية والتعاون العسكري.
وحسب الموقع، فقد تمكنت موسكو على وجه الخصوص من استغلال الاستياء الأفريقي من الغرب، وقدمت نموذجًا يشمل التدريب والتسليح والدعم عبر شركات المرتزقة مثل مجموعة فاغنر.
كما واصلت الصين من جانبها توسيع نفوذها الاقتصادي، مع وجود عسكري متزايد، كما يظهر من خلال القاعدة البحرية في جيبوتي. أما تركيا فتسعى إلى أن تشغل مساحة أكبر معتمدة على تعاون عملي يمتد من الدفاع إلى مشاريع البنية التحتية.