شدد مدير الأبحاث في مجموعة "صوفان"، كولن كلارك، على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي فشلت في إنهاء قوة حزب الله في لبنان بعد عام من الحرب، إلا انه اعتبر أن المواجهة الأخيرة أحدثت تغييرات في الحزب وأضعفته.

وقال كلارك في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" وترجمته "عربي21"، إن الحروب تخلف تأثيرا تحويليا على الأطراف التي تخوضها.

وكان هذا هو الحال بالتأكيد في المرة الأخيرة التي انخرطت فيها إسرائيل وحزب الله في صراع شامل في تموز/ يوليو 2006.

وأضاف أن "حزب الله خرج من تلك المعركة ــ التي استمرت أكثر من شهر بقليل ــ منهكا ولكنه متحديا بعد أن صمد في وجه أقوى جيش في الشرق الأوسط. وقد مهدت هذه التجربة، إلى جانب الدعم الإيراني، الطريق لحزب الله لتحقيق خطوات عسكرية وسياسية كبيرة في السنوات التي تلت ذلك، وتحويله إلى منظمة عابرة للحدود الوطنية مجهزة بنحو 150 ألف صاروخ وقذيفة، في حين يمثله أيضا المشرعون في البرلمان اللبناني".

والآن، ومع التوصل إلى وقف إطلاق نار ناشئ يهدف إلى إنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله، بات من الواضح أن الجماعة تمر بمرحلة تطور من نوع مختلف، حسب الكاتب.


وأشار كلارك إلى أن "الأشهر الأولى من الحرب الحالية كانت عبارة عن تبادل للضربات المتبادلة، في حين ظلت غزة مركز الثقل. ولكن ابتداء من تموز/ يوليو، تصاعدت الحملة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية ضد حزب الله بشكل كبير. ومن خلال مزيج من الضربات بالمسيّرات والقوة الجوية والاستهداف عالي القيمة، تمكنت إسرائيل من تدمير القيادة العليا لحزب الله والبنية التحتية العسكرية. ونتيجة لهذا، وجد حزب الله، العضو الأقوى منذ فترة طويلة في محور المقاومة التابع لطهران، قدرته على العمل عبر الحدود مقيدة".

ورأى الكاتب أن "المرجح  على ما يبدو، هو ظهور حزب  أكثر محلية، يعمل بنفوذ إيراني أقل ــ قد يغير التوازن الأمني الإقليمي الذي دام عقودا من الزمان في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. لقد نجحت إسرائيل في إضعاف حماس وحزب الله على مدى العام الماضي ــ وإيران منافستها اللدودة في هذه العملية".

ولكن "إيران الضعيفة"، وفقا للمقال، لا تزال تشكل خطرا، وقد أعرب العديد من المراقبين عن مخاوفهم من أن يحاول المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، الاندفاع نحو إنتاج قنبلة نووية، والتي ينظر إليها الآن على نطاق واسع باعتبارها الرادع الوحيد الممكن ضد إسرائيل الصاعدة.

وقال الكاتب إنه "مع جفاف الحبر على اتفاق وقف إطلاق النار، ربما تكون إسرائيل في موقفها الاستراتيجي أكثر تميزا مما كانت عليه  في الذاكرة الحديثة: فقد قلصت من خصومها وتنتظر إدارة ترامب الثانية التي تبدو مستعدة لمضاعفة استراتيجية الضغط الأقصى التي ميزت نهج دونالد ترامب تجاه إيران خلال ولايته الأولى".

وأضاف أنه "في عام 2004، حذر الملك الأردني عبد الله الثاني من نمو الهلال الشيعي في الشرق الأوسط، الممتد عبر العراق وسوريا ولبنان باتجاه الخليج، والذي من شأنه أن ينشط السكان الشيعة العرب في البلدان ذات الأغلبية السنية ويزعزع استقرار هذه الحكومات".

بحسب الكاتب، فإن دولة الاحتلال قامت "بعد العام الأخير من الصراع المستمر، بدعم من الولايات المتحدة، بتفكيك القوة العسكرية التي كانت تدعم هذا الهلال بشكل منهجي. وعلى الصعيد الدبلوماسي، إذا استمر التطبيع الإسرائيلي السعودي، فسيؤدي ذلك إلى تعزيز التحالف المناهض لإيران في وقت تقترب فيه قوة طهران ونفوذها بالفعل من الحضيض".

وتابع الكاتب "أين يترك هذا طهران؟ مع تراجع التهديد الذي يشكله حزب الله، وخشية إيران من الرد الإسرائيلي الناتج عن دعمها المستمر لحزب الله وحماس، فإن طهران قد تحول تركيزها في الأمد القريب إلى تعزيز العقد الأخرى في شبكة وكلائها، بما في ذلك الحوثيون في اليمن أو الميليشيات الشيعية المختلفة في العراق".


واستدرك بالقول "لكن من الصعب أن نتخيل أن إيران ستتخلى عن حزب الله بالكامل. وهذا ليس مجرد نتيجة لمغالطة التكلفة الضائعة، بل إنه اعتراف بعلاقة طويلة الأمد ذات جذور أيديولوجية وسياسية وعسكرية عميقة. وإذا كان ينظر إلى إيران على أنها تتخلى عن حليف قديم لحماية نظامها، فقد يدفع هذا وكلاء آخرين  لفقدان الثقة في طهران وتتحرك نحو موقف أكثر استقلالية، مما يقلب قواعد اللعبة السياسة الخارجية القديمة رأسا على عقب".

وأشار الكاتب إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "قدم عدة أسباب لقبوله وقف إطلاق النار، بما في ذلك رغبته في التركيز بشكل أكثر مباشرة على التهديد الذي تشكله إيران".

وفي حديثه الثلاثاء، قال نتنياهو: "لم يعد حزب الله نفسه. لقد أعدناه إلى الوراء عقودا من الزمن". لكن هذا النوع من الخطاب يشير إلى مستوى من الغطرسة قد يكون سابقا لأوانه.

فقد بدا نتنياهو، في المحصلة، متفائلا قبل 7 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بأن حماس راضية عن الوضع الراهن - وهو افتراض ثبت أنه خاطئ تماما، حسب الكاتب.

وأشار المقال إلى أن "السجل التاريخي يثبت أن الجماعات المتمردة والإرهابية من الصعب القضاء عليها بالكامل، وحزب الله ليس استثناء. فبعد أن خرج واثقا من معركته مع إسرائيل في عام 2006، أصبح حزب الله لاعبا رئيسيا في الحرب الأهلية في سوريا، حيث ساعدت قواته في دعم الديكتاتور المحاصر بشار الأسد. وهناك، اكتسب آلاف مقاتلي حزب الله خبرة قتالية قيمة من خلال إجراء عمليات عسكرية غير تقليدية وتقليدية والقتال جنبا إلى جنب مع مجموعة من القوات، من المرتزقة الروس إلى مدربي الحرس الثوري الإسلامي".


وقال الكاتب إنه "لا شك أن إسرائيل شنت حملة عسكرية مثيرة للإعجاب ضد المجموعة على مدار العام الماضي، بما في ذلك عملية على غرار هوليوود حيث انفجرت أجهزة النداء واللاسلكي، ما أسفر عن مقتل وإصابة مقاتلي حزب الله وبعض المدنيين. كما اغتالت زعيم المجموعة لفترة طويلة، حسن نصر الله، ودمرت بنيتها التحتية العسكرية القوية ذات يوم، والتي تضم قاذفات الصواريخ ومستودعات الأسلحة والذخيرة وشبكة أنفاق تحت الأرض واسعة النطاق".

وأضاف "لكن إسرائيل ألحقت الضرر أيضا بأجزاء كبيرة من لبنان أثناء الحرب، الأمر الذي ضمن فعليا استفادة حزب الله من موجة جديدة من المجندين الأصغر سنا بسبب المستويات العالية من الضحايا والمعاناة بين المدنيين. وتشير التقديرات إلى أن قوة المجموعة المسلحة التي بلغت خمسين ألف رجل اعتبارا من وقت سابق من هذا العام تعني أن جزءا كبيرا من صفوفها سيعيشون للقتال في يوم آخر".

وأشار الكاتب إلى أن "هناك مقولة متداولة منذ فترة طويلة مفادها أنه في حين يمكن هزيمة جماعة إرهابية، فمن المستحيل قتل فكرة. فحزب الله ليس مجرد جماعة، وهو أكثر من مجرد فكرة. وعلى النقيض من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، فإن حزب الله راسخ بعمق في الجسم السياسي اللبناني، وهو جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي للبلاد".

واختتم الكاتب بالقول "طوال هذا العام من الحرب، قال المراقبون مرارا وتكرارا إن الشرق الأوسط وصل إلى لحظة محورية. وتشعر إسرائيل وحلفاؤها بالتفاؤل بأن التحولات الأخيرة في ميزان القوى سوف تستمر. ولكن بالنسبة لأولئك الذين يتابعون المنطقة عن كثب، قد تكون هذه النظرة قصيرة النظر. وعلى حد تعبير الدبلوماسي الأميركي السابق ريتشارد هاس، الذي قضى جزءا كبيرا من حياته المهنية يعمل على قضايا تتعلق بالشرق الأوسط: إن الأمور غالبا ما تسوء، ليس قبل أن تتحسن، بل قبل أن تسوء أكثر".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال حزب الله لبنان الإيراني إيران لبنان حزب الله الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط وحزب الله حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

طرد وزيرة خارجية إسرائيل السابقة من منتدى أممي

سرايا - نجح الوفد الجزائري المشارك في النسخة الـ10 لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات من طرد وزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبي ليفني.

وقالت وكالة الأنباء الجزائرية، إن وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف والوفد المرافق له، تمكن من إبلاغ الجهات المنظمة بضرورة مغادرة ليفني لقاعة الاجتماع وعدم المشاركة في أشغال المنتدى الجارية بمدينة كاشكايش البرتغالية.

وكانت الوفود المشاركة قد تفاجأت امس الثلاثاء بتواجد ليفني داخل قاعة الاجتماعات تحسبا لحضور الجلسة الافتتاحية للمنتدى، الأمر الذي دفع بالجزائر وعدد من الدول العربية والإسلامية وغيرها من البلدان الداعمة للشعب الفلسطيني إلى اشتراط منعها من حضور الأشغال.

وحسب وكالة الأنباء الجزائرية، فإن مساعي الوفد الجزائري تكللت باعتذار الجهات المنظمة للمنتدى والطرد النهائي لوزيرة خارجية الكيان السابقة من المنتدى وسحب الدعوة الموجهة إليها.

إقرأ أيضاً : قائد الحرس الثوري الإيراني في رسالة إلى قاسم: "حزب الله" انتصرإقرأ أيضاً : بعد اتفاق لبنان .. مظاهرات في القدس تطالب بصفقة في غزةإقرأ أيضاً : جيش الاحتلال "يزعم" إحباط محاولة تهريب أسلحة من مصر



تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #مصر#لبنان#الجزائر#الله#القدس#الاحتلال#أحمد



طباعة المشاهدات: 1091  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 28-11-2024 11:25 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
وفاة صاحبة إحدى أشهر الصور في تاريخ الحرب العالمية الثانية مركبة شرطة تصدم سيارة رئيس وزراء نيوزيلندا جريمة تهز العراق .. أستاذ جامعي يفرغ الرصاص برأس زميلته مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ(إطالة عمر الأثرياء) رئيس جامعة آل البيت يوضح عبر "سرايا"... رئيس الوزراء يوعز بتأمين مسكن للحاجة وضحى ..... خمسيني يقع ضحية احتيال على يد خطّابة السعيدات لـ "سرايا": الحكومة اطلقت رصاصة... مهم من "التربية" بشأن نظام التوجيهي... قائد الحرس الثوري الإيراني في رسالة إلى قاسم:...بعد اتفاق لبنان .. مظاهرات في القدس تطالب بصفقة في...جيش الاحتلال "يزعم" إحباط محاولة تهريب...إنذار جوي بعموم أوكرانيا بسبب صواريخ روسيا الباليستيةإعلام عبري يكشف عن "بنود سرية" في اتفاق...مسؤول إسرائيلي: نتنياهو سيطعن بمذكرة اعتقالهتعزيزات عسكرية سورية إلى ريف حلبأميركا: التوصل إلى صفقة مع حماس أمر ممكنحزب الله : أيدي مجاهدينا ستبقى على الزناد محمد منير يوجه رسالة لـ أنغام .. والأخيرة ترد بعد خلافهما: رامي صبري يبادر بالصلح مع ويجز بسبب المخدرات .. السجن 10 سنوات لمغني المهرجانات... وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين وفاء موصللي: تعرضت للضرب بمطار بيروت وسأقاضيهم جماهير ريال مدريد غاضبة .. ووسم "مبابي" يعتلي منصات التواصل الاجتماعي ريال مدريد يسقط في معقل ليفربول بدوري الأبطال اللاعب يزن نعيمات يطمئن الجماهير بعد خروجه مصاباً: الحمد لله الإصابة بسيطة الحسين يفرط بصدارته الآسيوية بعد خسارته من شباب الأهلي يزن النعيمات يخرج مصابًا من مباراة العربي والاتفاق مليارديرات يطوِّرون حبوباً لإطالة عمر الأثرياء القبض على شخص بأريزونا هدد بقتل ترامب بسلسلة مقاطع فيديو على فيسبوك "بصمة إصبع" تكشف هارباً فلبينياً متورطاً في احتيال بقيمة 67 مليون دولار مجهول ينقذ قاصراً من زواج غير قانوني في مصر .. ما القصة؟ أجبر طالباً على السير كالكلب .. فيديو لأستاذ جامعي يثير غضباً واسعًا لن تصدق .. 7 عناصر غذائية تقوي البصر الضعيف غلبته الدموع .. فيديو لوزير ينهار باكياً على الملأ سمعوا أصوات تصدح من قبر .. مغربي يحتجز أطفاله عراة في ضريح إقليم سويسري يوزع فائض الميزانية على السكان مصر .. إنقاذ فنلندي قضى 30 ساعة في البحر بعد غرق مركب سياحي

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تزعم قتل أكثر من 2500 عنصر بحزب الله في الشهرين الماضيين
  • إسرائيل تحذر سكان أكثر من 60 قرية بجنوب لبنان من العودة للمنازل
  • لماذا استهدف الاحتلال الجسور التي تربط لبنان بسوريا؟
  • طرد وزيرة خارجية إسرائيل السابقة من منتدى أممي
  • دبلوماسيون: الهدنة خطوة إيجابية لوقف عمليات التدمير والقتل التي تمارسها إسرائيل
  • وزير الإسكان يشدد على ضرورة إنهاء المشروعات فى مواعيدها.. والإسراع في صرف التعويضات
  • المقاومة أكثر تصميمًا من أي وقت مضى.. إيران عن وقف إطلاق النار في لبنان
  • اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و"إسرائيل" يدخل حيز التنفيذ
  • عاجل - إيران ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان ودولة الاحتلال وتدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة