تعالت الأصوات الإسرائيلية الرافضة لرؤية الوزير المتطرف بحكومة الاحتلال بيتسئيل سموتريتش، والذي يتولى وزارة المالية، ويدعي أن الحرب "ستجلب الهدوء والازدهار"، إلى جانب ترويجه للحكم العسكري في قطاع غزة وإعادة المستوطنين، مع تجاهل تفكك المجتمع الإسرائيلي، والتهديد الاستراتيجي المحيط به.

وفي هذا الصدد، قال المراسل الاقتصادي لموقع "زمن إسرائيل" العبري عيران هيلدسهايم، إنّ "سموتريتش يواصل بث أكاذيبه للجمهور الإسرائيلي من خلال الادعاء بأنه إذا تحققت أهداف الحرب، وهزم الأعداء، فإن السلام والأمن سيعودان للمنطقة، جالباً معه ثقة المستثمرين، والدفع بالنمو الاقتصادي، ويبدو أن هذه الرواية تهدف بالأساس لإعداد الرأي العام لاستمرار الحرب، وفي الوقت نفسه الترويج لرؤية الاستيطان في غزة، وهو الهدف المركزي لسموتريتش ومؤيديه، مع أن التاريخ يقدم للإسرائيليين قصة مختلفة تماماً، ويثبت عكس ذلك".



وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "التجربة التاريخية القصيرة للاحتلال تُظهر أن الحروب المطولة فرضت عليه ثمناً اقتصادياً باهظاً، ولم تساهم في النمو، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك حرب 1973، ورغم أنها انتهت بما يمكن وصفه اليوم بـ"النصر الشامل"، لكن إسرائيل سقطت بعدها في أزمة اقتصادية عميقة، من حيث التضخم الجامح، والعجز الكبير في الميزانية، والنفقات الدفاعية لأكثر من ربع الميزانية، وتخفيض قيمة العملة، وكل ذلك يعانيه الاقتصاد الاسرائيلي اليوم، وعلى حساب الإسرائيليين أنفسهم".

وأشار إلى أن "الاحتلال دخل حرب يوم الغفران خلال فترة من الازدهار الاقتصادي، وهي واحدة من أهم الفترات في تاريخه، لكنه في 2023، كان اقتصاده يعاني بالفعل من تراجع سريع، ويرجع ذلك أساسًا للمخاوف من تنفيذ الانقلاب القانوني، حيث استمرت الاحتياطيات التي تركتها حكومة لابيد-بينيت في الخزينة العامة للدولة في النفاد حتى اندلاع الحرب، ثم أصبحت عجزا كبيرا".

واستدرك بالقول إنه "فيما بدأ وزير المالية في 1973 يهوشاع رابينوفيتش سلسلة من البرامج الاقتصادية المصممة لتحقيق الاستقرار في اقتصاد الاحتلال، نجح في بعضها، وفشل في البعض الآخر، فإن المشكلة أن سموتريتش يمتنع اليوم عن تنفيذ ولو خطة واحدة أو إصلاح واحد من شأنه أن يهيئ اقتصاد الاحتلال لمواجهة التحديات المتوقعة بعد الحرب، وبدلا من ذلك، يظهر حرصه على عدم القيام بتحركات قد تثير غضب شركائه في الائتلاف، وبالتالي تعرض الاقتصاد الاسرائيلي للخطر من أجل الحفاظ على بقائه السياسي".



وأوضح أن "مناداة سموتريتش الدائمة بالسيطرة على غزة من خلال الحكم العسكري تعتبر وصفة للفشل الاقتصادي، لأن دعواته تتضمن الاستيلاء على مساحات واسعة في القطاع، فهو يدعو في المرحلة الأولى لإشراف الجيش على توزيع المواد الغذائية على الفلسطينيين، وبعد قبول هذه الخطوة من الجمهور الإسرائيلي، يخطط للانتقال للمرحلة التالية بتطبيق الحكم العسكري الكامل في القطاع، وإدارة حياة الفلسطينيين بشكل مباشر، مع أن الهدف النهائي لهذه الخطة هو إعادة الاستيطان في قطاع غزة".

وأكد أن "هذه الخطط والدعوات تعني وضع عبء اقتصادي ثقيل لا يطاق على كاهل دولة الاحتلال،
لأنها ستضطر لتمويل الرعاية الصحية والتعليم وخدمات البنية التحتية لنحو مليوني فلسطيني، والاحتفاظ بأربعة أقسام في قطاع غزة، في وقت يفتقر فيه بالفعل للقوى العاملة، مما يعني تدهور الدولة لحفرة اقتصادية عميقة بتكلفة إضافية تقدر بعشرين مليار شيكل سنويا، وهو مبلغ لا تملكه الدولة، وكل ذلك دون الأخذ بعين الاعتبار التكلفة القاتلة في حياة الجنود".

وأشار إلى أن "وصف سموتريتش القضاء على حماس بأنه يوفر للاحتلال حلاً طويل الأمد، واستعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد الإسرائيلي، كلام غير دقيق، لأنه لن يغير الوضع الاستراتيجي، ولن يحول إسرائيل إلى "سويسرا الشرق الأوسط"، فحماس ليست التهديد الوجودي، بل إيران، التي لم تعمل حكومة سموتريتش شيئاً لوقف تمدد خطرها".

واستدرك بالقول إن "سموتريتش ينشغل بالمخاطر الخارجية، وأثرها على اقتصاد الاحتلال، ويتناسى التهديد الداخلي، ويتجاهل تفكك المجتمع الإسرائيلي، وهو التهديد الذي يقوض القدرة على الصمود القومي أكثر من أي عدو خارجي، حيث يقع معظم العبء الاقتصادي والخدمة في الجيش على عاتق أقلية من الإسرائيليين، معظمهم من العلمانيين، الذين يشعرون بالاستغلال والإحباط في مواجهة سياسة اقتصادية تعمق الفجوات، وتترك قطاعات بأكملها خارج دائرة الاقتصاد، خاصة الحريديم الذين يدعمهم سموتريتش".

وأكد أن "هذا السلوك من قبل سموتريتش يعني استمرارا لسياسة تمييزية ستؤدي لتفاقم الصدع الاجتماعي، وتعزيز الخطر الوجودي من الداخل الإسرائيلي، كما يشكل التفكك الاجتماعي تهديدًا خطيرًا للاقتصاد، وحينها لن يتمكن من تحقيق أي انتصار، كلياً أو جزئياً، وبالتالي تمهيد الطريق لرحيل العديد من الطبقة الإسرائيلية المنتجة للخارج، وخوف المستثمرين من الاستثمار في دولة منقسمة، وهروب مليارات الشواكل من الاقتصاد الإسرائيلي".

وختم بالقول إن "ادعاء سموتريتش بأن النصر في غزة سيجلب الأمن، وسيؤدي للنمو الاقتصادي، يتجاهل كل هذا الواقع المعقد، لأن الأمن الاقتصادي والاجتماعي لا يتحقق من خلال الحروب التي لا نهاية لها والحكم العسكري، بل من خلال الاستقرار الإقليمي، والاستثمار في الطبقة المتوسطة، والمساواة في الأعباء، واستعادة الثقة العامة، وكل هذا يتعارض مع الهدف الرئيسي الذي يسعى سموتريتش لتحقيقه من خلال إعادة الاستيطان في قطاع غزة، مما يعني أنه يواصل الاستمرار في بيع الأوهام للجمهور الإسرائيلي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية سموتريتش الحرب غزة الاستيطان الميزانية غزة الاستيطان الحرب الميزانية سموتريتش صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی قطاع غزة من خلال

إقرأ أيضاً:

جيش الاحتلال يسجل ألف مصاب شهريا جراء استمرار الحرب

أكدت هيئة البث الإسرائيلية اليوم الثلاثاء تسجيل نحو ألف جريح شهريا في قسم إعادة التأهيل بوزارة الدفاع جراء استمرار الحرب على قطاع غزة، فضلا عن الحرب في لبنان التي انتهت في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأفادت هيئة البث بأن أكثر من 13 ألفا و500 جريح إسرائيلي سُجلوا في قسم إعادة التأهيل بوزارة الدفاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأوضحت الهيئة أن 51% من الجرحى تقل أعمارهم عن 30 عاما، مشيرة إلى أن 43% من المصابين يعانون من صدمات نفسية.

وفي أغسطس/آب الماضي وصل عدد المعاقين في الجيش الإسرائيلي الذين تلقوا العلاج بقسم إعادة التأهيل التابع لوزارة الدفاع من جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل إلى 72 ألفا و56 جنديا وضابطا معاقا يعانون اضطرابات عقلية ونفسية وصدمات، بينهم أكثر من 10 آلاف أضيفوا خلال الحرب على غزة.

وحينها، قدّرت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنه بحلول نهاية العام الجاري سيتعين على قسم إعادة التأهيل الاعتناء بنحو 82 ألف معاق من الجيش، مما يعني إضافة أكثر من 20 ألف جريح ومعاق جراء الحرب المستمرة على غزة.

واعترف الجيش الإسرائيلي -حسب موقعه الإلكتروني- بإصابة 5550 جنديا وضابطا فقط منذ بدء الحرب، منهم 2504 أصيبوا منذ بدء العملية البرية في قطاع غزة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، دون إشارة إلى عدد المصابين في الحرب على لبنان الذي لم ينسحب الاحتلال من جنوبه حتى الآن.

إعلان

وأقر الاحتلال بمقتل 825 جنديا وضابطا منذ بدء الحرب، لكن وسائل إعلام ومستشفيات إسرائيلية تؤكد أن الأعداد الحقيقية للقتلى والمصابين في الجيش تفوق المعترف به بكثير.

مقالات مشابهة

  • تحذير إسرائيلي من استمرار العيش في نموذج الفيلّا في الغابة‎‎
  • وزارة الصحة بغزة: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي لأكثر من 45 ألف شهيد
  • إعلام إسرائيلي: 891 عسكريا قتلوا خلال الحرب الأخيرة على غزة
  • سموتريتش: تصويت بن جفير ضد قانون الميزانية كان مشينا
  • إصابة ومقتل 10 آلاف.. الإرهاق يضرب الجيش الإسرائيلي
  • يديعوت أحرونوت: الجيش الإسرائيلي مرهق بسبب استمرار الحرب
  • تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة.. قصف مكثف وأزمة إنسانية متفاقمة
  • ‏مكتب الإحصاء الإسرائيلي: نحو 82 ألف إسرائيلي هاجروا خلال عام 2024 بسبب الحرب والضغوط المترتبة عليها
  • هذه الإحصائية الإجمالية لإصابات جيش الاحتلال جراء استمرار الحرب
  • جيش الاحتلال يسجل ألف مصاب شهريا جراء استمرار الحرب