دخل إتّفاق وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل حيز التنفيذ، بعد وساطات وضغوطات فرنسيّة وأميركيّة لإنهاء العدوان الإسرائيليّ على لبنان، فبدأ الجيش بالإنتشار في المناطق الحدوديّة وعاد العديد من النازحين إلى قراهم ومنازلهم، ما يُؤشّر إلى مرحلة جديدة بعد المعارك الداميّة التي طالت لأكثر من سنة، على اثر هجوم "طوفان الأقصى" في غزة.


 
في المقابل، لا يُعوّل البعض على استدامة هدنة وقف إطلاق النار، مُرجحين أنّ يواصل العدوّ الإسرائيليّ خروقاته، على الرغم من الضمانات الأميركيّة والضغوطات التي مُورِسَت ولا تزال على حكومة بنيامين نتنياهو. وباعتقاد هذا البعض أنّ "حزب الله" سيُعيد تنظيم صفوفه مُستفيداً من الإستقرار في الجنوب، وسيجلب المزيد من الصواريخ والطائرات المسيّرة لتعويض ما استخدمه في الحرب وما دمّره العدوّ خلال القصف، الأمر الذي قد يدفع إسرائيل إلى التحرّك من جديد ضدّ مصالح "الحزب".
 
غير أنّه يتبيّن أنّ هناك مصلحة كبيرة لكلّ من "حزب الله" وإسرائيل على نجاح الهدنة واتفاق وقف إطلاق النار واستقرار الوضع الأمنيّ على الحدود الجنوبيّة لعدّة أسباب. فـ"الحزب" خسر في هذه الحرب كثيراً ،من استشهاد أمينه العام حسن نصرالله ورئيس مجلسه التنفيذيّ هاشم صفي الدين، إلى تدمير القرى والمدن والبلدات المحسوبة على "الثنائيّ الشيعيّ" وقطع طرق الإمداد بالسلاح والمُساعدات من سوريا إلى لبنان.
 
كذلك، فإنّ "الحزب" وافق على فصل الساحات بعدما ظلّ لأكثر من سنة يُشدّد على "إسناد غزة"، لأنّه لم يكن يتوقّع أنّ تتمادى إسرائيل بقصفها واغتيالاتها، ووافق على وقف إطلاق النار من باب إنهاء الأعمال العدائيّة على لبنان وكيّ يُعيد تنظيم نفسه عسكريّاً وسياسيّاً وشعبيّاً. وكل هذه الأسباب التي ذُكِرَت تدلّ على أنّ "حزب الله" سيتمسّك بوقف إطلاق النار ولن يُقدم على خرق الإتّفاق إلّا إذا قام العدوّ بعملٍ عسكريّ خطيرٍ ما، أو خرج عن الـ1701.
 
أمّا من ناحية إسرائيل، فقد أعلن نتنياهو أنّ أبرز إنجاز تحقّق هو فصل "حزب الله" عن "حماس"، فبهذه الطريقة يستطيع الجيش الإسرائيليّ إكمال مهمّته حتّى النهاية في غزة وتحرير المحتجزين الإسرائيليين أو فرض تسويّة على الفصائل الفلسطينيّة بعد خروج "الحزب" في لبنان من معادلة "الإسناد".
 
وأيضاً، تُعوّل حكومة نتنياهو على الإتّفاق في لبنان لإعادة المستوطنين إلى بلداتهم الشماليّة، وإحياء القطاعات الإقتصاديّة التي تضرّرت بشدّة بسبب قصف "حزب الله". وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ سندات إسرائيل بالدولار ارتفعت بعد وقف إطلاق النار مع "الحزب".
 
ولا يختلف إثنان أنّ حرب إسرائيل على غزة ولبنان أدّت إلى زيادة عزلتها الدوليّة، فقامت العديد من البلدان بمنع تصدير السلاح إلى تل أبيب، بينما أصدرت المحكمة الجنائيّة مُذكّرة إعتقال بحقّ نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت لارتكابهما جرائم ومجازر. فالحكومة الإسرائيليّة ستعمل على تقييم وتعزيز علاقاتها الديبلوماسيّة مع الخارج بهدف تلقّي السلاح في المستقبل، والدعم للدفاع عن نفسها.
 
وبعد وقف إطلاق النار في لبنان، يبقى هناك مشكلة تُواجه إسرائيل وهي تتمثّل بوقوف الحوثيين وفصائل عراقيّة مع "حماس" في الحرب، فالجيش الإسرائيليّ تحرّر من الضغوطات على الحدود الشماليّة، وهو قد يستعدّ لتوجيه ضربات مؤلمة ضدّ شخصيّات وأهداف في العراق واليمن داعمة لغزة، كيّ يُخرج الجميع من "حرب الإسناد" ويُحقّق مشروعه الإستيطانيّ في كلّ من غزة والضفة الغربيّة بغطاء أميركيّ.
 
إذا، يتّضح أنّ "حزب الله" والحكومة الإسرائيليّة لديهما مصالح كبيرة لإنجاح الهدنة واتّفاق وقف إطلاق النار، وقد لا تحصل مُواجهة بينهما خلال السنوات المُقبلة، بينما يُعوّل الغرب والبلدان العربيّة على أنّ تكون الحرب الأخيرة خاتمة الحروب بين لبنان وإسرائيل، من خلال تعزيز دور الجيش ودعمه وتسليحه، كيّ يكون قادراً على ضبط الحدود مع فلسطين المحتلة، وأيضاً مع سوريا لمنع تهريب السلاح وغيرها من الممنوعات إلى داخل الأراضي اللبنانيّة.
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فاق وقف إطلاق النار حزب الله

إقرأ أيضاً:

حزب الله» يهدد إسرائيل ونعيم قاسم يبشر بعافية المقاومة

 

وسط تواصل الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار بين الدولة العبرية و«حزب الله»، وعودة الطيران الحربي إلى التحليق الكثيف في أجواء لبنان، استهل الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، العام الجديد، الأربعاء، بالإعلان عن «إعطاء فرصة للدولة اللبنانية لتثبت نفسها» و«تحمل مسؤولية» خروج إسرائيل من لبنان، مؤكداً في المقابل أن «المقاومة استعادت عافيتها».

 

وقال قاسم، في كلمة له خلال مؤتمر لتكريم رجل الدين محمد تقي مصباح يزدي في طهران، بثت بتقنية الفيديو: «الاعتداء الذي حصل في جنوب لبنان هو اعتداء على الدولة (اللبنانية) والمجتمع الدولي». وأضاف: «المقاومة مستمرّة، وقد استعادت عافيتها، ولديها من الإيمان والثّلة المؤمنة ما يمكّنها من أن تصبح أقوى».

 

وأوضح أنَّ «(حزب الله) قرر في مرحلة ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار إعطاء الفرصة، وأن تتحمل الدولة مسؤوليتها، وأن تكون راعية للاتفاق، والمسؤولية تقع عليها وعلى الدول الراعية للاتفاق حتى خروج إسرائيل من لبنان». وتابع: «أثبتنا بالمقاومة أننا لم نمكن العدو من التقدم، والآن الفرصة للدولة اللبنانية لتثبت نفسها».

 

وفي الإطار نفسه، أشار عضو كتلة الحزب البرلمانية، النائب حسين الحاج حسن إلى «قيام العدو منذ وقف الأعمال العدائية بخروقات يومية لهذا الاتفاق، وبأشكال كثيرة، بالاغتيال والعنف والقتل، وتجريف البساتين والبيوت والتوغل».

 

وقال: «المناطق التي لم يستطع الوصول إليها خلال العدوان، يصل إليها اليوم في قرى كثيرة بعد وقف إطلاق النار، تحت مرأى اللجنة الخماسية والرأي العام الدولي، وعلى مرأى من مدَّعي السيادة، الذين لم ينطقوا بحرف أو بيان واحد، وقد صمّوا آذانهم حول السيادة الوطنية والمجتمع الدولي الحامي والمتواطئ مع العدو، خصوصاً أميركا واللجنة الخماسية (لمراقبة وقف النار). التواطؤ واضح ومعروف، رغم الشكاوى اللبنانية، وأميركا وفرنسا والأمم المتحدة والمجتمع الدولي لا يسمعون».

 

وقال الحاج حسن: «إن المقاومة تراقب وتتابع ما يجري من خرق للسيادة، فالـ(يونيفيل) الذي من المفترض أن يكون له دور بتطبيق القرار (1701) تلقّى تهديدات من العدو. من الأفضل للدول العظمى التي يثق بها مدَّعو السيادة تفسير ما يحصل من خروقات واعتداءات. وما يجري يُعزز منطقنا بأن المجتمع الدولي متواطئ ولا يحمي، أما المقاومة فهي تتابع وتراقب، وسيكون لديها الموقف والرد بالشكل المناسب، وفي الوقت المناسب».

 

عودة الطيران الإسرائيلي

إلى ذلك، نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي جولة جديدة من التحليق الكثيف في أجواء العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية، بعد انقطاع دام أياماً. كما حلّق الطيران الإسرائيلي على علو منخفض في أجواء صيدا وشرقها.

 

استعداد لانسحاب كبير للجيش الإسرائيلي

وتتواصل الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف النار في لبنان، رغم الإعلان عن استعداد الجيش الإسرائيلي إلى الانسحاب من جنوب لبنان.

 

وكانت هيئة البث الإسرائيلية (كان)، قد كشفت أنه بعد شهر من إبرام اتفاق وقف النار مع لبنان، يستعدّ الجيش الإسرائيلي لانسحاب كبير من جنوب لبنان.

 

ووفق «كان»، سيجري بناء معسكرات للجيش قرب المستوطنات الملاصقة للشريط الحدودي. وقالت أيضاً: «إنّ الانسحاب يأتي بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية».

 

استهداف عناصر لـ«حزب الله» ومستودع أسلحة

ورغم الحديث عن انسحاب الجيش الإسرائيلي، نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، صباح الأربعاء، مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، قال إنه يعود لـ«عناصر (حزب الله) وهم ينقلون وسائل قتالية من مستودع للأسلحة في جنوب لبنان إلى مركبة قريبة».

 

وأضاف: «في عملية رصد واستهداف سريعة، تمت مهاجمة المركبة ومستودع الأسلحة من الجو لإزالة التهديد».

 

وأشار إلى أنّ «الجيش الإسرائيلي يبقى ملتزماً بالتفاهمات التي جرى التوصل إليها بين إسرائيل ولبنان، وهو منتشر في منطقة جنوب لبنان، ليعمل على إزالة أي تهديد ضد إسرائيل».

مقالات مشابهة

  • لأول مرة.. الجيش الإسرائيلي يتوغل في "بيت ليف" جنوبي لبنان
  • نبيه بري يبحث مع مسئول أمريكي مواصلة إسرائيل خرق اتفاق وقف النار
  • حزب الله» يهدد إسرائيل ونعيم قاسم يبشر بعافية المقاومة
  • إسرائيل تخرق الهدنة في جنوب لبنان.. تحركات دولية وسط أزمة سياسية خانقة
  • أمين عام حزب الله: الاعتداء الإسرائيلي على جنوب لبنان اعتداء على الدولة والمجتمع الدولي
  • زعيم حزب الله: المقاومة استعادت عافيتها وعلى لبنان متابعة وقف إطلاق النار
  • نعيم قاسم: المقاومة مستمرة وعلى الدولة متابعة وقف إطلاق النار
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد للانسحاب من القطاع الغربي لجنوب لبنان
  • إعلام عبري: إسرائيل مستعدة لكل الاحتمالات بعد تمديد وجود قواتها في لبنان
  • تملص “إسرائيل” من وقف إطلاق النار ومخطط تقسيم سورية