الحرب توقفت... هل انفرجت أزمة شركات الشحن؟
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
مع انطلاق وقف إطلاق النار في لبنان، عمّت البلاد أجواء متباينة جمعت بين الفرح والسكينة. استقبل اللبنانيون هذه الخطوة ببعض من الارتياح، متشبثين بالأمل بأن تعود الحياة إلى طبيعتها بعد فترة طويلة من المعاناة. ومع ذلك، فإن تأثير الحرب العنيف لا يزال حاضرًا بقوة، يثقل كاهل الجميع، بدءًا من الأفراد وصولاً إلى المؤسسات التجارية.
واستعداداً لإعادة الحياة في لبنان، هل إنفرجت أزمة شركات الشحن والمستوردين؟هذا السؤال حملناه إلى رئيس احدى شركات الشحن "E.H.L.T" إيلي حنا، الذي قال ل "لبنان 24"، ان أصحاب المحال التجارية باتوا أكثر تفاؤلاً اليوم بعد وقف إطلاق النار، وبدأوا بالفعل في تجهيز طلباتهم لشحن البضائع إلى لبنان، استعداداً لاستقبال مواسم الأعياد التي يُعوَّل عليها لإعادة الحياة إلى الأسواق".
وفي الحديث عن الأزمة الّتي طالت شركات الشحن بعد أكثر من شهر على الحرب الموسعة والعنيفة الّتي طالت لبنان، أوضح أن "الشحن واجه تحديات كبيرة على مستوى حركة الاستيراد، فمثلاً "كانت البلاد تستقبل سابقًا حوالي 10 بواخر شهريًا، أصبحت في الحرب تستقبل نصف القيمة وأقل. فالمناطق الأكثر تضررًا، مثل الجنوب والبقاع وجزء من بيروت، شهدت توقفًا شبه كامل للحركة التجارية، حيث أغلقت العديد من المتاجر والمحال أبوابها. وحتى المناطق الأقل تضررًا عاشت حالة من القلق والخوف، ما انعكس بشكل واضح على التجار الذين قلصوا حجم استيرادهم أو تريثوا في قراراتهم، مما أدى إلى انخفاض كبير في حجم البضائع المستوردة، حيث قدرت نسبة التراجع بحوالي 60%".
وعن التأخر في وصول البضائع المستوردة الّتي يشكو منه العديد من أصحاب المحلات التجارية، أشار حنا لـ"لبنان 24" إلى أنّ "البواخر التي كانت تصل بشكل دوري إلى لبنان أصبحت تحمل كميات أقل من البضائع في وقت الحرب. ففي مثل هذا الوقت من السنوات الماضية، كنت أشحن ما يقارب 40 حاوية (كونتينر)، أما هذا العام بالكاد أتمكن من شحن 15 حاوية فقط، ما يعني أن عملي تأثر بنسبة تصل إلى 75%، والبضائع المستوردة لأنّها تعتبر كمية قليلة، يتم تجميعها بأحد البلدان لإكتمال الشحنة قبل إرسالها إلى لبنان".
تابع: "إضافة إلى ذلك، أثرت الظروف الصعبة على أنظمة التعامل التجاري بين الشركات والمستوردين. فالشركات التي كانت توفر تسهيلات مثل البيع بالدين أو نظام CAF (أي تسليم البضائع مقابل الدفع لاحقًا) أصبحت أكثر حذرًا، نتيجة ارتفاع نسبة المخاطر. وعلى سبيل المثال، لديّ شحنة كان من المقرر أن تصل بتاريخ 18 تشرين الأول 2024، لكنها تأجلت عدة مرات: أولاً إلى 24 تشرين الأول، ثم إلى 28، والآن تم تحديد موعد وصول جديد في 1 كانون الأول 2024. المشكلة أن هذه الباخرة نفسها تخضع لتحديث مستمر(UPDATE) في مواعيد الوصول، ما يسبب اضطرابًا كبيرًا في إدارة العمل".وفي ما يخص الشحن الجوي، أعلن حنا أنّ "أيضاً، تكاليف وأوضاع الشحن الجوي في لبنان شهدت تغيرات كبيرة في الآونة الأخيرة. سابقًا، كانت تكلفة شحن الكيلوغرام جوًا تبلغ حوالي 7 دولارات، أما الآن فقد ارتفعت إلى 15 دولارًا، ما جعل الشحن الجوي خيارًا للحالات الطارئة أو للأشخاص الذين لا يملكون بديلًا لإرسال بضائعهم".وأوضح أنّه: "إضافة إلى ذلك، تقلصت خيارات شركات الطيران المتاحة للشحن. فبعد أن كان هناك العديد من الشركات التي تقدم خدمات الشحن إلى لبنان، أصبحت الـ "ميدل إيست" الشركة الوحيدة التي تقوم بهذه العمليات، مع فرضها شروطا صارمة .على سبيل المثال، عند استيراد البضائع من الصين، لا توجد رحلات شحن مباشرة تابعة لـ"ميدل إيست". هذا يجبر المستورد على استخدام شركات طيران أخرى، مثل "الإماراتية" أو "القطرية"، لنقل الشحنات إلى منطقة وسيطة قبل تحويلها إلى الـ "ميدل إيست" للوصول إلى لبنان. وأكّد حنا أنّه "اليوم، كمكتب شحن، أعتمد على رأس المال الذي أستثمره في الشحن، مع توقع استعادته خلال شهر عند وصول البضائع إلى لبنان. لكن مع التأخيرات الحالية، أصبحت استعادة رأس المال تتطلب شهرين على الأقل، بين وصول البضائع، وتصريفها في السوق، وإعادة تدوير العائدات للشحن مجددًا. هذا التأخير أعاق حركة البيع ويُدخل الدورة المالية في حالة من الركود".
وإعتبر أن "لا شك أن هذه التأخيرات كانت نتيجة مباشرة للحرب التي ألقت بظلالها الثقيلة على مختلف الجوانب، من الوظائف إلى حركة المبيعات والأرباح. ومع ذلك، نحن اليوم نتطلع بترقب كبير إلى استعادة ثقة الشركات الخارجية بلبنان، بالإضافة إلى تجديد الأمل لدى اللبنانيين، وخصوصاً أصحاب المحال التجارية، لتمكينهم من شحن البضائع وتلبية احتياجات المواطنين. كما أن عودة شركات الطيران إلى العمل في لبنان تُعد خطوة أساسية لتسهيل عمليات الشحن وتحريك عجلة الاقتصاد، بهدف إعادتها إلى مسارها الطبيعي الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب".
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: شرکات الشحن العدید من إلى لبنان فی لبنان
إقرأ أيضاً:
بعد رد الصين وكندا| تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي.. ماذا يحدث؟
للرد على بدء سريان رسوم جمركية أمريكية فرضها الرئيس دونالد ترامب، أعلنت الصين الثلاثاء فرض رسوم على مجموعة من السلع الأمريكية.
وأوضح بيان لوزارة التجارة الصينية بأن رفع الرسوم بنسبة 15% سيفرض على منتجات بينها الدجاج والقمح والذرة والصويا وستكون رسوما جديدة على منتجات أخرى بنسبة 10%. فيما أكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن بلاده ستفرض بدروها رسوما جمركية بنسبة 25% على ما قيمته 155 مليار دولار من البضائع الأمريكية.
أثر تصاعد الحرب التجارية بين أمريكا والصين وكندا والمكسيك على الاقتصاد العالميقال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن تصاعد الحرب التجارية وفرض الصين رسوم جمركية إضافية على بعض السلع الأمريكية بنسبة 15%, وإدراج 10 شركات على قائمة الكيانات غير الموثوقة, إضافة لإعلان الرئيس الكندي عن اعتزامه فرض رسوما جمركية بنسبة 25% على واردات أمريكية بقيمة 155 مليار دولار كندي, واتجاه المكسيك لفرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية خلال أيام, ردا على فرض الرئيس الأمريكي رسوم جمركية على السلع الصينية والكندية والمكسيكية، فإن هذه الحرب التجارية ستؤثر بالسلب على الاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد، ما يؤدي لتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، إضافة لخلق حالة من الصراع التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الاقتصادية الكبرى العالمية .
وأضاف غراب، أن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات الكندية والمكسيكية و10% على واردات الصين لأمريكا، تؤدي لزيادة تكلفة استيراد السلع الوسيطة والمواد الخام التي تستوردها الولايات المتحدة الأمريكية ما يؤدي لرفع تكاليف إنتاج الشركات العاملة في أمريكا وسيكون التأثير أكبر على وجه الخصوص الشركات التي تعتمد على الصلب المستورد، موضحا أنه وفقا لدراسة صادرة عن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن هذه التكاليف الزيادة في الإنتاج تمثل عائقا أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تفتقر للموارد المالية لتحمل هذه الأعباء وهذا قد يدفعها لتقليص نشاطها أو رفع أسعار منتجاتها، موضحا أن زيادة تكلفة هذه السلع يضطر الشركات التي تستوردها إلى إضافة تلك الزيادة إلى المستهلكين ما يكلف الأسرة الأمريكية المتوسطة نحو 2600 دولار سنويا وفقا للدراسة .
أوضح غراب، أن الحرب التجارية تصاعدت بين أمريكا والصين خاصة بعد فرض الصين رسوم جمركية على السلع الأمريكية, إضافة لاتجاه المكسيك وكندا لفرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية، وهذا سيؤدي لتقليص مبيعات المصدرين الأمريكيين كما حدث عام 2018 بعد تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، مؤكدا أن ذلك سيضر بمبيعات المنتجات الأمريكية في السوق الصينية مسببا خسائر كبيرة للشركات الأمريكية بسبب تراجع مبيعاتها، موضحا أن ذلك يتسبب في فقدان وظائف في قطاعات تعتمد على التجارة، وفي تحليل للفيدرالي الأمريكي جاء به أن هذه السياسة الجمركية تخفض التوظيف الصناعي بنسبة 1.4% نتيجة زيادة تكاليف الإنتاج، كما أظهرت دراسة معهد بيترسون أن سياسة ترامب التجارية أسفرت عن خسائر 245 ألف وظيفة في أمريكا خلال السنوات الأولى من تطبيق سياسته الجمركية .
وأكد غراب، أن تصاعد الحرب التجارية بالطبع سينتقل أثرها السلبي على الأسواق الدولية والأسواق الناشئة، ما يتسبب في اضطراب سلاسل التوريد وتباطؤ معدل النمو الاقتصادي وتزايد معدل التضخم عالميا وتقليص حركة التجارة الدولية، مشيرا أن الشركات الأمريكية المتضررة قد تبحث عن مواقع جديدة للإنتاج خارج السوق الأمريكي، إضافة لتقليل الجاذبية الاستثمارية للسوق الأمريكي بالنسبة للشركات الصينية وغيرها، موضحا أن سياسة ترامب التجارية قد تؤثر على دول الخليج لأن التأثير على الاقتصاد الصيني يقلل من طلبه على النفط لأن الصين ودول أسيا الناشئة الأكثر طلبا على النفط، موضحا أن الصين ستضطر البحث عن أسواق بديلة لتصدير منتجاتها إليها وهذا قد يؤدي لتوافر المنتجات الصينية بالدول الناشئة بأسعار أقل من السابق ما يعود بالفائدة على الدول الناشئة .
وأشار غراب، إلى أن تصاعد الحرب التجارية عالميا تدفع المستثمرين إلى الاستثمار في الأصول الأكثر أمانا مثل السندات الأمريكية والدولار، وذلك يؤثر بالسلب على تدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات إلى الأسواق الناشئة، وهذا يقابله زيادة في قيمة الدولار مقابل سلة العملات الأخرى، موضحا أن فرض تعريفات جمركية على الأسواق الناشئة يخفض الطلب على منتجاتها وهذا يقابله ضعف في العملات المحلية، لأن تراجع الطلب على صادرات الأسواق الناشئة يخفض من قيمة عملتها مقابل الدولار، موضحا أن الدولار قد ارتفع خلال الأسابيع الأولى بعد فوز ترامب وهذا راجع عن ارتفاع عوائد سندات الخزانة، ما يعكس التوقعات بأن سياسات ترامب قد تزيد التضخم، رغم قوة الاقتصاد الأمريكي وهذا قد يغير من سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن تخفيض سعر الفائدة .
وتابع : أن تصاعد الحرب التجارية وسياسة ترامب الجديدة والتي تعتمد على العقوبات والتهديد وفرض الرسوم الجمركية تهدد العملة الأمريكية أكبر من احتمال تخلي دول تجمع بريكس عن الدولار، مضيفا أن تهديد ترامب قد يجعل دول تجمع بريكس تتحرك بجدية لطرح عملة موحدة بديلا للدولار في التبادل التجاري بينهم، مضيفا أن استمرار استخدام ترامب سياسة الحرب الاقتصادية على بعض الدول يجعلها تتحرك لإيجاد عملة بديلة للدولار، موضحا أن زيادة الرسوم الجمركية قد يجعل الدولار قوي لكنه يصبح مصدرا لعدم الاستقرار المالي العالمي لأنه سيسبب خسائر اقتصادية للاقتصادات الأخرى ومنها الدول الأوروبية الحليفة لأمريكا، وذلك بخفض نمو التجارة العالمية وإضعاف قدرة الدول النامية من الوصول للأسواق الدولية، وتأثيره على الدول التي ستضعف عملاتها من السيطرة على التضخم، وهذا يسرع من عملية إزالة الدولرة العالمية .