إيران تعلق لأول مرة على معارك سوريا.. والمعارضة تصل إلى ضواحي مدينة حلب
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
علق وزارة الخارجية الإيرانية على تطورات المعارك بين فصائل المعارضة السورية من جهة، وقوات النظام السوري والمليشيات الموالية الإيرانية له من جهة أخرى، في حين أفادت مصادر سورية بوصول الاشتباكات إلى الضواحي الغربية لمدينة حلب.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في اتصال هاتفي مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب؛ إن "هذه الأحداث (معارك سوريا) هي جزء من مخطط أمريكي-صهيوني، يهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وأمنها، بعد إخفاقات وهزائم الكيان الصهيوني أمام المقاومة".
وشدد عراقجي على "ضرورة التصدي الفعال لظاهرة الإرهاب المشؤومة، حسب تصريحات نقلتها عنه وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، مساء الخميس.
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي؛ إنه "بموجب الاتفاقيات القائمة بين الدول الثلاث، الضامنة لعملية أستانا (إيران وتركيا وروسيا)، تعد منطقة أطراف حلب وإدلب جزءا من مناطق خفض التصعيد".
إظهار أخبار متعلقة
وأضاف أن "هجوم الجماعات الإرهابية على هذه المناطق، يشكل أيضا انتهاكا صارخا لاتفاقات عملية أستانا، ويعرض الإنجازات الإيجابية لهذه العملية إلى خطر جاد"، حسب تعبيره.
وعدّ المتحدث الإيراني، أن أي تأخير التصدي لما قال إنه "حركات إرهابية في سوريا"، سيعرّض "كل منجزات مكافحة الإرهاب في السنوات الماضية لخطر دخول المنطقة، إلى حقبة جديدة من انعدام الأمن والاستقرار".
وكانت المعارك المتواصلة لليوم الثالث على التوالي في شمال غربي سوريا بين النظام والمليشيات الإيرانية وفصائل المعارضة السورية، أسفرت عن مقتل المستشار في الحرس الثوري الإيراني كيومارث بور هاشمي في محافظة حلب.
السيطرة على ريف حلب
وأعلنت "إدارة العمليات العسكرية"، التي تضم فصائل معارضة بينها "هيئة تحرير الشام"، عن مد سيطرتها على ريف حلب الغربي بشكل كامل بعد معارك عنيفة مع النظام السوري.
وقال الناطق باسم "إدارة العمليات العسكرية"، حسن عبد الغني، في بيان فجر الجمعة: "نعلن عن تحرير ريف حلب الغربي بشكل كامل بفضل الله، بعد معارك ضارية وعنيفة جدا مع قوات النظام المجرم، استمرت لأكثر من 36 ساعة متواصلة ضمن عملية ردع العدوان".
وبث الإعلام العسكري التابع للمعارضة مقاطع مصورة، تظهر مشاهد من المعارك التي دارت في ريف حلب الغربي مع قوات النظام.
Direct clash between Syrian opposition forces & Assad regime forces in western Aleppo. pic.twitter.com/y5Lf38rrWe — Clash Report (@clashreport) November 29, 2024 Latest Situation Map in Syria by Clash Report
Syrian opposition forces have seized the entire western Aleppo countryside, capturing over 50 settlements and 15 military points in 48 hours.
They now stand just 1.5 km from Aleppo city centre. pic.twitter.com/U2TTYZVESQ — Clash Report (@clashreport) November 29, 2024
وأفادت وسائل إعلام محلية، بامتداد سيطرة المعارضة إلى قرية البوابية بريف حلب الجنوبي، في حين أسفرت المعارك المتواصلة على محور ريف إدلب الشرقي عن السيطرة على قريتي الطلحية وأبو قنصة.
كما أفادت مصادر محلية بسيطرة المعارضة على منطقة البحوث العلمية في ضواح مدينة حلب الغربية، في حين أظهرت لقطات مصورة مقاتلين المعارضة خلال معارك على محور الراشدين.
الثوار أصبحوا الآن داخل حلب بعد سيطرتهم على البحوث العلمية#إدارة_العمليات_العسكرية pic.twitter.com/oL4koe3FgZ — قتيبة ياسين (@k7ybnd99) November 29, 2024
BREAKING — Syrian rebels claim to have seized Scientific Research Center near Aleppo after intense clashes, HTS official channels report.
This is basically outskirts of Aleppo pic.twitter.com/bn5FVh594k — Ragıp Soylu (@ragipsoylu) November 29, 2024
وقالت "إدارة العمليات العسكرية"، إن "الميدان تقدما واسعا للثوار وسط تخبط وانهيار كبير في صفوف العدو، وخلال الساعات القليلة الماضية".
وأضافت "أحكمت قواتنا السيطرة على كل من خان طومان وجب كاس والطلحية وتل الكراتين والبوابية وأبو قنصة وزيتان والصالحية بريفي حلب وإدلب".
الآن الثوار على محور الراشدين داخل حلب#إدارة_العمليات_العسكرية #ردع_العدوان pic.twitter.com/wAHneVAoc2 — قتيبة ياسين (@k7ybnd99) November 29, 2024
وكانت فصائل المعارضة قطعت الطريق الدولي بين دمشق وحلب المعروف بـ"M5"، بعد سيطرة فصائل المعارضة على بلدة الزربة في ريف حلب الجنوبي بشكل كامل.
وفي السياق: تحدثت وسائل إعلام تركية، عن قيام القوات الروسية بإخلاء مواقعها ونقاطها العسكرية في منطقة تل رفعت بريف حلب الشمالي، بالتزامن مع تكثيف قوات ما يعرف بالجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا تعزيزاته العسكرية على خطوط التماس.
وبحسب بيانات المعارضة، فإن العملية العسكرية التي تعد أول اختراق لخطوط التماس منذ اتفاق وقف إطلاق النار في آذار /مارس عام 2020، أدت إلى السيطرة على عشرات القرى في ريف حلب الغربي بمساحة إجمالية تبلغ ما يزيد على 200 كم مربع.
إظهار أخبار متعلقة
في المقابل، أفادت وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري "سانا"، باستمرار قوات النظام في تصديها لفصائل المعارضة على محاور القتال في ريفي حلب وإدلب.
وأضافت، أن "القوات المسلحة تكبد الإرهابيين خسائر فادحة بالعتاد والأرواح"، في إشارة إلى فصائل المعارضة.
وتحدثت الوكالة عن تعرض موقعها الإلكتروني إلى "محاولات اختراق وعمليات إغراق من جهات مجهولة المصدر منذ حوالي ثلاث ساعات"، وذلك في الوقت الذي يتعذر فيه الوصول إلى الموقع الإلكتروني.
وعلى الصعيد الميداني، فقد شنت الطائرات الحربية التابعة للنظام السوري ورسيا غارات على مدينة الأتارب غربي محافظة حلب، ما أسفر عن إصابتين في صفوف المدنيين.
إصابة مدنيين اثنين إحداهما طفل بقصف جوي لطيران حلف النظام وروسيا استهدف الأحياء السكنية لمدينة الأتارب، قبل منتصف ليلة اليوم الجمعة 29 تشرين الثاني. #العدوان_الروسي #الأسد_قاتل_السوريين #الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/1dLYmJHC4A — الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) November 28, 2024
وأفاد الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، بإصابة اثنين إحداهما طفل في الأتارب، بعد تعرضها إلى القصف بعد منتصف ليلة اليوم الجمعة.
والخميس، لقي 15 مدنيا بينهم 4 أطفال وامرأتان حتفهم، فيما أصيب 5 مدنيين بينهم طفلان؛ جراء شن الطائرات الحربية التابعة للنظام وروسيا غارة على أحياء سكنية ومحلات تجارية في مدينة الأتارب، حسب الدفاع المدني.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية الإيرانية المعارضة النظام السوري حلب سوريا إيران سوريا حلب المعارضة النظام السوري المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إدارة العملیات العسکریة فصائل المعارضة ریف حلب الغربی قوات النظام السیطرة على pic twitter com فی ریف
إقرأ أيضاً:
الإعلان الدستوري السوري.. قراءة تحليلية لفلسفة السلطة في سوريا الجديدة (2)
في هذه الحلقة الثانية من الدراسة التي كتبها خصيصًا لـ"عربي21"، يواصل الدكتور عبد العلي حامي الدين، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، قراءته في الإعلان الدستوري الذي قدمته السلطات السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع لإدارة المرحلة الانتقالية. يتناول الباحث في هذه الحلقة نظام الحكم المؤقت، مشيرًا إلى أن المقتضيات الواردة في الباب الثالث من الإعلان تعكس تصورًا رئاسيًا واضحًا للسلطة التنفيذية.
ورغم وجاهة هذا التوجه في تحقيق السرعة والفعالية، إلا أنه يثير تساؤلات حول مخاطر تركيز السلطة وتأثيره على مبدأ الفصل بين السلطات، وهو ما يضع تحديات كبيرة أمام تحقيق توازن مؤسساتي حقيقي في سوريا الجديدة.
مبدأ الفصل بين السلطات بين التصور النظري والملاءمة الدستورية..
لقد جاء الباب الثالث من الإعلان الدستوري تحت عنوان نظام الحكم خلال المرحلة الانتقالية، وتعكس المقتضيات الواردة في هذا الباب المنظور الذي يؤطر فلسفة السلطة في المرحلة الجديدة، كما يعكس بشكل استباقي الملامح الرئيسية للدستور الدائم، وهي ملامح تبدو مطبوعة بالتصور الرئاسي للسلطة التنفيذية، وهو أمر مفهوم في سياق البحث عن الأسلوب الملائم لتحقيق الفعالية والسرعة في إصدار القرارات، ولكنه محفوف بمخاطر تركيز السلطة وإفراغ مبدأ الفصل بين السلطات من وظائفه المعروفة كما تطورت في الممارسة العملية لأنظمة الحكم في العالم.
يعتبر مبدأ الفصل بين السلطات القاعدة الأساسية التي تقوم عليها الأنظمة الدستورية في الديموقراطيات العريقة، مع ضرورة الإشارة إلى اختلاف تنزيل هذا المبدأ تبعا لاختلاف مكونات وخصائص النظام الدستوري من دولة إلى أخرى، وذلك راجع إلى اختلاف السياقات الفكرية والسياسية للأنظمة الدستورية التي تختلف بحسب شخصية الأمة ودرجة تمدنها ومكوناتها الثقافية وموروثها الحضاري وتاريخها السياسي إلى جانب عوامل أخرى كثيرة.
لكن نشأة هذا المبدأ تظل مرتبطة بنشأة الفكر الدستوري الحديث الذي اهتم بإنتاج بعض المبادئ والمفاهيم التأسيسية التي يبقى لها دور حاسم في فهم طبيعة النظم السياسية.
بحيث استقرت آراء العديد من المفكرين على أن كل إنسان يتولى السلطة محمول على إساءة استعمالها، "ولكي لا نسيء استعمال السلطة يجب بحكم طبيعة الأشياء أن توقف السلطة’ السلطةَ" كما قال المفكر الفرنسي مونتيسكيو (1689/1755) في كتابه روح القوانين.
وبالتالي فإن فلسفة هذا المبدأ تتجاوز اعتماد الفصل الشكلاني بين وظائف الدولة، إلى محاربة كل نزعة استبدادية وإطلاقية في الحكم، وعليه فإن الحل يكمن في إيجاد "سلطات مضادة" تقف في وجه بعضها البعض، وذلك عن طريق إيجاد التقنيات المناسبة لكسر هيمنة السلطة ووحدتها ومن تم إضعافها لمنعها من التعدي على الحريات.
لقد كان لهذا المبدأ أثره الواضح في معالجة ظاهرة الاستبداد وصيانة الحريات وإرساء نوع من التوازن السياسي بالشكل الذي يجعل حدود كل واحدة واضحة ومعروفة ومحترمة.
الإعلان الدستوري يكرس سلطة تشريعية بدون أدوات رقابية..
لقد جرى تخصيص الباب الثاني لتنزيل مبدأ الفصل بين السلطات كما ورد في المادة الثانية من الإعلان الدستوري، وهي مادة من المفروض أن تؤطر جميع مواد الباب الثاني. وهكذا يمارس السلطة التشريعية مجلس الشعب، لكن السؤال يبقى مطروحا حول مصدر مشروعية هذا المجلس، ففي غياب انتخابات تشريعية لانتخاب أعضاء مجلس الشعب، جعل الإعلان الدستوري مبادرة تشكيل هذا المجلس بيد رئيس الجمهورية الذي يعين لجنة عليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب وتقوم هذه اللجنة بالإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة، وتقوم تلك الهيئات بانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب، بينما يعين رئيس الجمهورية ثلث أعضاء مجلس الشعب، الذي يستمر في عمله إلى حين اعتماد دستور دائم وإجراء انتخابات تشريعية جديدة وفقاً له، وتبقى مدة ولاية مجلس الشعب ثلاثون شهراً قابلة للتجديد، ويمارس المجلس اختصاصات تشريعية عادية كما يتوفر على بعض الصلاحيات الرقابية المنحصرة في الاستماع إلى الوزراء.
وهكذا يمكن أن نلاحظ بشكل سريع أن الاختصاصات الرقابية لمجلس الشعب تبقى محدودة ومنحصرة فقط فيما سمي بالاستماع إلى الوزراء الذي يستلزم المزيد من التدقيق في إجراءاته ومآلاته، وهو ما ينبغي أن يتضح أكثر في النظام الداخلي للمجلس الذي من المفترض أن يتم التعجيل بصياغته والمصادقة عليه، لكن مع ذلك، يمكن القول بأن الإعلان الدستوري لا يتيح لأعضاء مجلس الشعب الآليات الدستورية للقيام بالرقابة الضرورية على عمل السلطة التنفيذية، من قبيل غياب الآليات الدستورية التي تسمح للمجلس بتشكيل لجان لتقصي الحقائق أو عقد جلسات علنية لمساءلة الوزراء أو تنظيم زيارات استطلاعية للمؤسسات العمومية وغيرها وإعداد تقارير حولها ومناقشتها داخل المجلس، فضلا عن إمكانية سحب الثقة من الحكومة، وهو ما يجعل عملية التوازن بين السلطات تميل لفائدة السلطة التنفيذية.
أحادية السلطة التنفيذية تكريس للطابع الرئاسي للنظام خلال المرحلة الانتقالية..
تتولى السلطة التنفيذية حسب مقتضيات المادة 42 "تنفيذ القوانين والخطط والبرامج المعتمدة وإدارة شؤون الدولة وتنفيذ السياسات العامة ، وإعداد مشروعات القوانين لرئيس الجمهورية لاقتراحها على مجلس الشعب، وإعداد الخطط العامة للدولة، وإدارة الموارد العامة للدولة وإعادة بناء المؤسسات العامة وتعزيز سيادة القانون والحكم الرشيد، وبناء المؤسسة الأمنية وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم، وبناء جيش وطني احترافي مهمته الدفاع عن حدود البلاد وسيادتها، وتعزيز العلاقات الدولية والتعاون مع المنظمات الدولية لتحقيق المصالح الوطنية".
أما الوزراء فيتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية، وهو الذي يعفيهم من مناصبهم ويقبل استقالتهم، وللمزيد من فعالية السلطة التنفيذية، يصدر رئيس الجمهورية اللوائح التنفيذية والتنظيمية ولوائح الضبط والأوامر والقرارات الرئاسية وفقاً للقوانين.
وعلى غرار الأنظمة الدستورية في العالم، يمثل رئيس الجمهورية الدولة، ويتولى التوقيع النهائي على المعاهدات مع الدول والمنظمات الدولية، كما يقوم بتعيين رؤساء البعثات الدبلوماسية لدى الدول الأجنبية وإقالتهم، ويقبل اعتماد رؤساء البعثات الدبلوماسية الأجنبية لدى الجمهورية العربية السورية.
وبالإضافة إلى هذه الصلاحيات التنفيذية، فإن رئيس الجمهورية يتمتع أيضا بصلاحيات ذات طابع تشريعي، بحيث له حق اقتراح القوانين، كما يُصدر القوانين التي يقرها مجلس الشعب، وله الاعتراض عليها بقرار معلل خلال شهر من تاريخ ورودها من المجلس الذي يعيد النظر فيها، ولا تقر القوانين بعد الاعتراض إلا بموافقة ثلثي مجلس الشعب، وفي هذه الحالة يصدرها رئيس الجمهورية بالضرورة.
ولئن كانت صلاحيات الرئيس في المجال التنفيذي هي الأهم، فإن دائرة تدخله حينما امتدت لتشمل دائرة التشريع أيضا عن طريق اقتراح القوانين، فقد مثلت استثناء بالمقارنة مع باقي الأنظمة الرئاسية، حيث لا يسمح للرئيس بممارسة الاختصاصات ذات المنحى التشريعي إلا بشكل محدود جدا على غرار إثارة انتباه الكونغرس إلى بعض التدابير التشريعية اللازمة لسير البلاد بالنسبة للنموذج الأمريكي، ويتم ذلك في شكل توصيات تشريعية تتضمنها خطابات الرئيس الموجهة، من حين لآخر، إلى الكونغرس أو الخطاب السنوي للرئيس حول حالة الاتحاد، الذي أصبح تقليدا سائدا في هذا البلد، وفي ذلك نصت الفقرة الثالثة من المادة الثانية من الدستور الأمريكي على أنه "للرئيس من وقت لآخر أن يبلغ الكونغرس معلومات عن حالة الاتحاد ويوصيه بأن يبحث الإجراءات التي يراها ضرورية وناجحة". مع العلم أن هذه الرسائل لا تلقى دائما تجاوبا معها من طرف الكونغرس.
ومن جهة أخرى، يتمتع الرئيس السوري بصلاحيات استثنائية تتمثل في إعلان التعبئة العامة والحرب بعد موافقة مجلس الأمن القومي، كما يمكنه أن يعلن حالة الطوارئ جزئياً أو كلياً لمدة أقصاها ثلاثة أشهر بعد موافقة مجلس الأمن القومي واستشارة رئيس مجلس الشعب ورئيس المحكمة الدستورية، وذلك في حالة قيام خطر جسيم وحال يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة واستقلال أرض الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن مباشرة مهامها الدستورية، كما يعتبر رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة، والمسؤول عن إدارة شؤون البلاد ووحدة أراضيها وسلامتها، ورعاية مصالح الشعب، ويقوم رئيس الجمهورية بتسمية نائب له أو أكثر ويحدد اختصاصاتهم ويعفيهم من مناصبهم ويقبل استقالتهم، وفي حال شغور منصب الرئاسة يتولى النائب الأول صلاحيات رئيس الجمهورية.
والخلاصة،
أننا أمام إعلان دستوري يكرس أحادية السلطة التنفيذية، وتعني أحادية السلطة التنفيذية ببساطة أن رئيس الدولة هو نفسه رئيس الحكومة، حيث لا يتطلب الأمر، كما هو الأمر في النظام البرلماني وشبه الرئاسي، وجود سلطة تنفيذية برأسين، وهذا الأمر يجعل من رئيس الدولة المالك الوحيد للسلطة التنفيذية، وبالتالي الرجل الأقوى في الدولة، حيث أراد واضعوا الإعلان الدستوري أن يكون قويا من خلال سلطاته واختصاصاته الدستورية خلال المرحلة الانتقالية، مما قد يثير مخاوف بشأن تركز السلطة، ناهيك عن "تعيين ثلث" أعضاء مجلس الشعب، ومع ذلك يمثل الإعلان الدستوري الجديد خطوة ضرورية نحو الديمقراطية رغم غياب حضور كلمة الديمقراطية في هذا الإعلان، ولكنه يحتاج إلى متابعة دقيقة لضمان تطبيقه بشكل كامل وعادل، وهو ما يستدعي يقظة المجتمع المدني وحضوره المسؤول في دعم مسار بناء مؤسسات سوريا الجديدة والخروج من حالة الاستبداد إلى حالة الاستقرار السياسي والمؤسساتي، مع مراقبة تنفيذ الإعلان الدستوري وإنشاء آليات لمراقبة وتقييم تنفيذ الإعلان الدستوري، مرفوقة بإعداد تقارير دورية حول التقدم المحرز ، وتقديم الدعم الفني للمؤسسات ورصد أي انتهاكات للحقوق والحريات. مع التركيز على المصالحة الوطنية في إطار تبني مقاربة مبتكرة للعدالة الانتقالية تتلاءم وطبيعة الانتهاكات الجسيمة التي عاشتها سوريا خلال المرحلة السابقة، وهو ما سيكون موضوع نقاشنا في الحلقة الثالثة.
*أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس
إقرأ أيضا: الإعلان الدستوري.. قراءة تحليلية لفلسفة السلطة في سوريا الجديدة (1)