لماذا هذا الاتفاق مختلف؟
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
لماذا هذا الاتفاق مختلف؟.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
لماذا عُقدت القمة العربية
آخر تحديث: 6 مارس 2025 - 11:01 صبقلم: فاروق يوسف بعد أن طرد الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي من البيت الأبيض عقب توبيخ علني أمام عدسات التصوير صار العالم يضع يده على قلبه خوفا مما ينتظره إذا خانته الظروف وقُدر له التصادم مع رجل لا يملك أحد القدرة على مجاراته في تركيبته التي يمتزج فيها السياسي بالتجاري بطريقة تسمح للفكر التجاري باستغلال منافذ العمل السياسي لحسابه. ليست إيران وحدها خائفة. لقد جسدت قمة لندن التي حضرها زيلينسكي ذلك الخوف وصارت تفكر بطريقة مختلفة عن الطريقة التي كانت تفكر بها قبل واقعة البيت الأبيض. ذلك مصارع قوي لا يمكن أن يُغلب ما دامت تقف وراءه آلة عنف دقيقة العمل في حساب أرباحها. ترامب رئيس الولايات المتحدة التي يخشى غضبها الجميع غير أنه في الوقت نفسه صنيعة ذات لا تملك خلفية أخلاقية سوية، على الرغم من أن سلوكه الفضائحي لا يمكن أن يكون سببا للإعلاء من شأن مَن سبقه من الرؤساء الأميركان على المستوى الأخلاقي. لم تكن لدينا نحن العرب مشكلة مع ترامب الذي لا يعترف مثل سواه من الرؤساء الأميركان بحقوقنا العادلة وبالأخص في فلسطين. العكس هو الصحيح. لقد خدمنا ترامب حين اتخذ قراره باغتيال قاسم سليماني، زعيم فيلق القدس السابق الذي كان يدير شؤون الميليشيات التي عاثت في المنطقة العربية فسادا. ذلك كلام منصف. وإيران اليوم خائفة على الرغم من أنها تملك قوى ضغط في واشنطن بإمكانها أن تغري الرئيس الأميركي المعروف بجشعه بالمزيد من الاستثمارات الإيرانية داخل الأراضي الأميركية، غير أن ذلك لن ينفع لأن الوجه السياسي لترامب مرتبط بما تقرره إسرائيل. ولقد قررت إسرائيل أن تضع إيران في محلها الحقيقي بعيدا عنها. تلك ليست مشكلة عربية بل هي خدمة قُدمت للعرب بعد دفع ثمنها القاسي. وإذا كان هناك عرب مستاؤون من تلك الخدمة فهم بالتأكيد أولئك العرب الذين لم تعد العروبة بالنسبة إليهم لازمة عيش ووجود. كل ذلك لا يعني أن ترامب كان منصفا في النظر إلى قضية الشعب الفلسطيني. أنا على يقين من أن الرجل على الرغم من عظمة منصبه لا يعرف أشياء كثيرة عن تلك القضية التي هي قضيتنا. ولا شك أن الرجل كان من كبار الداعمين لحرب الإبادة التي شُنت على أهل غزة. وهو ما دفعه إلى أن يكون متأكدا من أن مشروعه إقامة ريفييرا جديدة على أرض غزة التي سيُطرد منها أهلها سيكون رابحا. ولكن كيف سيُطرد أهل غزة الذين لم يغادروها على الرغم من كل العنف الذي تعرضوا له؟ لا أعتقد أن ترامب كان أو سيكون معنيا بذلك السؤال. فكرة ألا تكون على أرضك هي الأهم. لا يهتم ترامب كثيرا بالحقيقة. الحقيقة بالنسبة إليه هي نوع من الزيف. تلك معادلة غريبة سيضطر العالم إلى التعايش معها عبر السنوات الأربع القادمة. كان المتوقع أن يتعلم العرب الدرس جيدا بعد الكارثة التي اضطرتهم إلى أن يعقدوا قمة استثنائية في القاهرة. كان المطلوب من تلك القمة أن تخرج بموقف عربي أكثر وضوحا في مواجهة المزاج أو المزاح الترامبوي وكلاهما صحيح. فليس رفض مخطط ترامب يكفي لإفشاله. كل هذا كلام إنشائي لا يرصف حجرا على حجر في مواجهة الريح. التزام غزة عربيا هو ما ينقذ الموقف وما يمنع التداعيات الخطيرة التي يمكن أن تنتج فيما إذا وجد ترامب أن عراء أهل غزة سيكون هو القاعدة وأن الاستثناءات العربية لا تشكل شيئا ذا قيمة. ما حدث في القمة العربية لا يرقى إلى مستوى التحديات. من جهة هناك الكارثة التي ضربت غزة وأهلها وهي ذات وجوه عديدة ومن جهة أخرى هناك ترامب الذي يتحين الانقضاض مثل ذئب على فريسته. في الاتجاهين فشلت القمة في الوصول إلى برنامج عمل واضح. وكما أرى فإن الوضع سيستمر على ما هو عليه؛ بمعنى أن الكارثة ستتعمق وتزداد تجلياتها سوءا؛ بمعنى أن غزة ستبقى مهدمة، يقيم أهلها في الخيام فيما يقدم المسلحون استعراضاتهم بين حين وآخر من أجل أن تجدد إسرائيل أسباب شعورها بالقلق فتقتل كما تشاء وحين تريد ولا أحد في العالم يلومها ما دام سيد البيت الأبيض يقف وراءها وهو الأكثر رغبة في الانقضاض على غزة. في حالة من هذا النوع لا أحد في إمكانه أن يفسر لماذا عُقدت القمة العربية؟