خالد فضل

هل يستبطن الذكور في اللاوعي تفوقهم على الإناث، ويشعرون بميزة عليهن؟ وهل يقبلون عفويا بفرضية المساواة؟ وهل تشعر معظم النساء حقيقة بأنهن يجب أن يكنّ مساويات للرجال إن لم يتفوقن عليهم؟ فهل المسألة المتعلقة بالتركيب الجسدي للرجال تمنحهم أفضلية؟ في المقابل هل احتواء جسد المرأة على الرحم كأهم عضو لمنح الحياة نفسها؛ يعتبر منقصة عند النساء؟ أذكر على أيام استنساخ النعجة دوللي في أواخر التسعينات من القرن الماضي، وتزامن معها إنتاج عقار يحقق المتعة الجنسية للمرأة؛ قالت عالمة أحياء أمريكية: لم يعد للنساء حاجة إلى الرجال بعد الآن.

فهل كان موقفا متطرفا، أم يعبر عن عين من التمييز ضد النساء؟

إذا افترضنا أنّ للقوة البدنية أو وظائف الأعضاء دوراً في شعور الأفضلية والنقصان؟ فهل إذا انتفت الحاجة إلى هذه القوة، أو تفوقت المرأة فيها على الرجل يتحول ميزان الأفضلية إليها؟ هذه بعض الأسئلة التي تكتنف تلك العلاقة الشائكة بين النوعين، وتتجلى في الممارسات اليومية لأوجه الحياة في أوقات السلم والحرب. وقد لاحظ بعض المراقبين أنّ سيدتين أمريكيتين من الحزب الديمقراطي خسرتا الفوز بنتائج الانتخابات الرئاسية هناك أمام رجل واحد في المرتين، هما هيلاري كلينتون وكامالا هاريس، إذ فاز عليهما دونالد ترامب في المسابقتين، وعزاه بعضهم ضمن أسباب أخرى؛ إلى نوع المرشحة! بينما في بعض البلدان الأوروبية والآسيوية والإفريقية حازت النساء على ثقة الناخبين، ويتبوأن منصب الرئاسة، ويحققن فيها نجاحات كبيرة. فهل هذا مؤشر تقدّم اجتماعي ووعي مستبطن بالمساواة متجاوز لمحطة النوع؟

وفي السودان، بطبيعة تركيبته البشرية المتعددة الثقافات بما في ذلك المعتقدات الدينية، هل تجد المساواة تطبيقها الفعلي في الحياة أم تظل سمات التناقض واضحة، استنادا على النوع؟ فمثلا نجد في بعض الثقافات السودانية أنّ المرأة تقوم بالأعمال الشاقة بدنيا مثل العمل في الأسواق، وعمليات البناء، والرعي والزراعة وجلب الماء والعشب والوقود من مناطق بعيدة، ويستلم الرجل عائدات جهدها وصرفه حسب تقديراته هو، بل ويستخدمه في الزواج بأخريات في بعض الأحيان، أليس هذا من ضروب العنف المستند إلى موروث ثقافي؟ تدعمه في سطوته تلك بعض النصوص الدينية التي يتم تفسيرها لمصلحة الرجل غالبا، ويتم غض الطرف عن المقاصد الكلية لتلك التوجيهات الدينية المرتبطة ببعضها، وقد أشار بيان الحزب الجمهوري في السودان الصادر مؤخرا بمناسبة اليوم العالمي لإنهاء العنف ضد المرأة 25 نوفمبر إلى التفسير القاصر لبعض تلك النصوص في القرآن الكريم بالنسبة للمسلمين. ولكن نجد أنّ هذا العنف ضد المرأة لا يقف فقط عند المسلمين وحدهم، ففي بعض مجتمعاتنا السودانية غير المسلمة لا تزال وضعية المرأة متدنية، والعنف ضدها ممارسة ثقافية اجتماعية مقبولة، ولا تشكل أي حرج. مثل عادات تزويج القاصرات، الختان، الحرمان من التعليم، التعددية المفرطة، توريث الزوجات ضمن ميراث المتوفى… إلخ.

إنّ ممارسة العنف وخاصة العنف الجنسي ضد النساء في الحروب السودانية الداخلية ظلّ عملا مستمرا باستمرار تلك الحروب، وهنا نلمح البعد الثقافي الاجتماعي بشكل واضح، في الواقع هناك ظلال ثقافية وراء تلك الممارسات. تتعلق بالنظرة من جانب بعض المكونات السودانية لرصيفاتها، فهناك موروث يمتد من عهود الاسترقاق وما تمنحه النصوص الإسلامية من حقوق للرجال من التمتع بالإماء والجواري وملك الإيمان، وظاهرة ما كان يسمى (السراري) . هذه الممارسات شكّلت وعيا ثقافيا بأنّ ممارسة الجنس مع النساء من هذه الفئات يعتبر أمرا مباحا، وفي ذلك تنتشر روايات وقصص كثيرة، بل وطرائف ونكات. المعني بها النساء من الإثنيات التي عانت الاسترقاق تحديدا، ومن بعض جهات السودان على وجه خاص. ولا داعي لذكر تفاصيل قد تكون مؤلمة حقا، ولكن يمكن لكل قارئ/ة لهذه الكلمة أن يستعرض خبرته في هذا المضمار، ويقف سرّا مع نفسه، ويكاشفها بحقيقة ما تنطوي عليه. وبربط ذلك مع وقائع انتشار هذه الظاهرة بصورة مفزعة في الحرب الراهنة، ويطرأ السؤال هنا، هل ممارسة العنف الجنسي كأداة حربية ظاهرة جديدة؟ أم أنّ الجديد هو انتقال الحرب إلى مناطق جديدة في وسط السودان انطلاقا من العاصمة، وبالتالي تأثر مجتمعات هذه المناطق مباشرة بهذه الانتهاكات؟ هلا استرجعنا أحداث الحرب في دارفور وما ورد فيها من إفادات مرعبة حول العنف الجنسي كسلاح استخدم بضراوة ضد بعض المكونات هناك، ما هي ردة فعل معظم مجتمعات الوسط تجاه تلك التقارير والإفادات الكريهة، وهل تمت إدانتها بشكل واضح وفعّال أم تمّ التشكيك فيها إن لم يعتبرها البعض (شرفا) لتلك المرأة التي تعرّضت للانتهاك!!

إنّ معالجة ممارسة العنف ضد المرأة تبدأ من نقطة البدء، التنشئة الاجتماعية للطفل، والمقررات الدراسية، والإعلام، ودور العبادة، والوسط الاجتماعي لتأتي النصوص الدستورية والقانونية كتتويج لذلك الوعي، صحيح لا يغالط أحد في جدوى تلك الاستحقاقات الدستورية والقانونية، لكن إذا كان المجتمع المعني بتلك التشريعات يمارس عكسها في حياته اليومية، ويتم الخضوع الفعلي لقوانين عرفية وثقافية واجتماعية ستظل تلك الحقوق معلّقة في الهواء، ويتم اللجوء إليها فقط في بعض الحالات، ودوننا ما تتوصل إليه معظم التقارير والدراسات حول العنف الجنسي في الحرب الراهنة من أنّ معظم الحالات لا يتم الإبلاغ عنها خشية الوصمة الاجتماعية، ويتم التعامل مع الناجية باضطهاد في بعض الحالات ليس من جانب الغرباء، بل من أقرب الأقربين، وفي بعض مظان كفالة العدالة وتطبيق القوانين مثل مكاتب الشرطة والنيابة، وربما ساحات القضاء

الوسومخالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: خالد فضل العنف ضد المرأة العنف الجنسی فی بعض

إقرأ أيضاً:

أمل عمار: المرأة لها دور عظيم في ممارسة العمل الخيري بمختلف صوره

استقبلت المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومي للمرأة، الدكتورة أماني الشريف مدير حاضنة رواق القاهرة بجامعة الأزهر، والمدير الإقليمي لاتحاد الجامعات الأفريقية، ونائب رئيس جامعة عموم افريقيا بالاتحاد الأفريقي، بهدف تبادل الخبرات وبحث سبل التعاون بين الجانبين.

وشهد اللقاء حضور الدكتورة نسرين البغدادي نائبة رئيسة المجلس، و جيهان توفيق رئيسة الإدارة المركزية لشئون مكتب رئاسة المجلس ، و مي محمود مدير عام إدارة تنمية مهارات المرأة.

ورحبت المستشارة أمل عمار بالدكتورة أماني شريف بمقر المجلس، وأشادت بجهودها المتميزة في حاضنة الأعمال، مؤكدة أن المرأة لها دور عظيم في ممارسة العمل الخيري بمختلف صوره وأشكاله، وذلك بما تمتاز به من قدرات وإمكانات، وسمات شخصية ونفسية وعاطفية، لافته إلى أن الدكتورة أماني الشريف تعد رمز نسائي مشرف في عمل الخير.

كما استعرضت المستشارة أمل عمار، أنشطة ومشاريع المجلس ضمن المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، و"المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية" ومنها تحويشة في بنك، والاطار الوطني للاستثمار في الفتيات "نورة"، وحملات طرق الأبواب، وأنشطة القيادات الدينية.

فيما أكدت الدكتورة نسرين البغدادي، نائبة رئيس المجلس، أهمية العمل الخيرى في تعزيز التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.

معالجة الدوافع الاقتصادية للهجرة الغير شرعية

وتحدثت مي محمود عن دور المشاغل والوحدات الإنتاجية بالمجلس، وتطرقت إلى مشروع معالجة الدوافع الاقتصادية للهجرة الغير شرعية الذي يعمل علي التشجيع على تنمية المشروعات وإيجاد فرص عمل للمرأة والشباب بمحافظات البحيرة والغربية والأقصر والمنيا، كما أشارت إلي الأنشطة التوعوية التي تعمل علي تسليط الضوء على المخاطر المرتبطة بالهجرة غير الشرعية.

وعرضت الدكتورة أماني شريف، أعمال حاضنة رواق القاهرة، وشرحت خطوات الانضمام اليها ، و استعرضت بعض أفكار المشروعات الرائدة، مؤكدة أن حاضنة الأعمال تضم  أفكار رائدة سوف تنعكس بالإيجاب على تمكين المرأة اقتصاديا.

مقالات مشابهة

  • جامعة حلوان تطلق قافلة توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة
  • في مجموعتها القصصية أمهليني صيفا آخر للفلسطينية شيخة حليوي: فن الكتابة
  • نساء أفغانستان مع العام الجديد.. طالبان تقرر إنشاء المباني بدون نوافذ لإخفاء المرأة تمامًا!
  • 3 أسباب تفسر قوة تحمل المرأة في منافسات التحمل الفائق
  • أمل عمار: المرأة لها دور عظيم في ممارسة العمل الخيري بمختلف صوره
  • قومي للمرأة يفتتح وحدة المرأة الآمنة بمستشفى سوهاج الجامعي
  • قضايا الدولة تصدر الدليل التوعوي عن مناهضة العنف ضد المرأة
  • المجلس القومي يفتتح وحدة المرأة الآمنة بمستشفى سوهاج الجامعي
  • رعاية طبية آمنة للنساء تطالب بصدور القانون الموحد لتجريم العنف ضد النساء
  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (78)