إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
مخيف هذا الواقع اللبناني الذي يتميز برفض أخذ العلم بما حصل في الشهرين الماضيين، خصوصاً لجهة حجم الدمار الذي لحق بالبلد...
ليس في لبنان من يريد أن يحاسب ويسأل، في ضوء التوصّل إلى اتفاق وقف النار، عن ربط مصير البلد بمصير غزّة ومغامرة «طوفان الأفصى» ذات النتائج المعروفة سلفاً. يبدو الوضع اللبناني مخيفاً إلى درجة تجعل صعباً، إلى حدّ كبير، تحويل اتفاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل إلى فرصة تمكن من البناء عليها لبنانياً، بما يجعل الدولة تستعيد دورها الطبيعي بعد سنوات طويلة من سيطرة «حزب الله» على البلد، بصفة كونه لواء في «الحرس الثوري» الإيراني ليس إلّا.منذ شهرين تفرّغت آلة الحرب الإسرائيلية لجبهة لبنان. قرّرت حكومة بنيامين نتانياهو الردّ على القرار الإيراني بفتح جبهة جنوب لبنان. عملياً، دمّرت إسرائيل عشرات القرى القريبة من الحدود معها واستطاعت اغتيال معظم قيادات «حزب الله» بدءاً بالأمين العام حسن نصرالله.
ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما فرضت حصاراً على لبنان وباشرت إجراءات تستهدف قطع الطريق على نقل السلاح الإيراني وغير الإيراني إلى الحزب انطلاقاً من الأراضي السوريّة.
ليس ما يشير، أقلّه إلى الآن، إلى أنّ لدى «حزب الله» رغبة في تنفيذ القرار الرقم 1701 في ضوء الاتفاق اللبناني - الإسرائيلي، برعاية أمريكيّة وفرنسيّة، على وقف للنار.
من الواضح أنّ شيئاً لم يتغيّر بالنسبة إلى الحزب الذي يرى في التوصّل إلى اتفاق النار الذي في أساسه القرار 1701 انتصاراً كبيراً له رغم كلّ ما حلّ به وبتركيبته وبنيته التحتية... ورغم كلّ ما لحق بلبنان من خسائر.
من يقرأ نص القرار 1701 الذي صدر في أغسطس من العام 2006 يكتشف أنّ تطبيقه يعني، أول ما يعني، وجود منطقة عمليات في جنوب لبنان خالية من سلاح «حزب الله». لم يصدر عن الحزب إلى يومنا هذا، ما يؤكّد استعداده للتخلي عن سلاحه لمصلحة الدولة اللبنانية.
يقرأ الحزب اتفاق وقف النار من كتاب خاص به، هو كتاب الأجندة الإيرانيّة لا أكثر. لا يزال يرفض الإطلاع على نص القرار، لا يزال في الواقع يعتقد أنّ لا شيء تغير بين العامين 2006 و2024.
لا يزال وقف النار فرصة كي يلتقط الحزب أنفاسه ويعزز وضعه اللبناني. عندما لا يستطيع الحزب تحقيق انتصار على إسرائيل، لديه في كلّ وقت بديل آخر هو الانتصار على لبنان.
توجد فوارق كبيرة بين حرب صيف 2006 التي افتعلها «حزب الله» لأسباب داخلية لبنانية مرتبطة أساساً باستكمال السيطرة الإيرانية على البلد في ضوء الانسحاب العسكري السوري منه نتيحة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه.
وفّر صدور القرار 1701، قبل ما يزيد على 18 عاماً، فرصة كي ينصرف «حزب الله» إلى التركيز على لبنان. لم يتلق الحزب في الماضي ضربات قويّة كما حصل في 2024. لم يحترم أي بند من بنود القرار الصادر عن مجلس الأمن.
لم تكن إسرائيل بعيدة بدورها عن تأييد هذا التوجه، خصوصاً أنّ بقاء الحزب مسيطراً على جنوب لبنان يخدم مصالحها من منطلق أنّ الجنوب الخالي من الجيش اللبناني يمثل صندوق بريد متعدد الاستخدامات بالنسبة إلى الدولة العبريّة.
لا يقتصر التغيير الكبير في 2023 و2024 على فشل رهان السياسة الإسرائيلية على «حماس» في غزّة و«حزب الله» في جنوب لبنان فحسب، بل إنّ «طوفان الأقصى» خلق أيضا خطراً وجودياً على الدولة العبريّة، تماما مثل الخطر الوجودي الذي ظهر من خلال صواريخ الحزب ومسيراته.
هاجمت «حماس» مستوطنات غلاف غزّة. قتلت نحو 1200 إسرائيلي وآخرين من جنسيات أخرى. أخذت رهائن أيضاً. أمّا «حزب الله» فقد جعل نحو 70 الف إسرائيلي خارج المستوطنات التي يقيمون فيها في الجليل.
لم يكن في متناول نتانياهو غير الوحشية يلجأ إليها، لكنّ الجديد في الأمر أن إسرائيل اثبتت أنّها تمتلك معلومات كثيرة عن الحزب وعن وجوده في لبنان وسورية، خلافاً لما تمتلكه عن «حماس» التي كانت محاصرة في غزّة والتي ارتضت بالحصار كونه يخدم مشروع استمرار سيطرتها على القطاع، بحيث لا يعني لها المشروع الوطني الفلسطيني شيئاً.
في انتظار استيعاب «حزب الله» أبعاد ما لحق به واكتشاف أن لا عودة إلى تجربة ما بعد حرب صيف 2006، سيكون سهلاً عليه إعادة توجيه سلاحه إلى الداخل. سيستفيد في ذلك من ضعف الأطراف اللبنانيّة الأخرى، ممثلة بمؤسسات الدولة التي تعاني من اهتراء ليس بعده اهتراء. يضاف إلى ذلك كلّه حال الضياع لدى السنّة والمسيحيين والدروز.
يجعل تحكّم هذه الذهنيّة بالحزب وقف النار اتفاقاً هشّاً، رغم الرعاية الأمريكية له ورغم أنّه جاء نتيجة اتصالات بين واشنطن وطهران.
هناك مصادر أمريكيّة عدة كشفت أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» أعطت ضوءاً أخضر سمح بالوصول إلى اتفاق لوقف النار.
هذا لا يمنع طرح أسئلة من نوع هل يعود ذلك إلى شعور إيران بقوة الضربات التي تلقاها الحزب الذي يعتبر أحد خطوط الدفاع عن نظامها... أم كل ما في الأمر أنّها تعدّ لوظيفة جديدة لسلاح الحزب وتريد أخذ وقتها في ذلك؟
في النهاية، لا يمكن تجاهل أنّ حرب لبنان الأخيرة ستكشف هل يستطيع هذا البلد البقاء على قيد الحياة أم لا... ما دام سلاح «حزب الله»، الذي تعدّ له «الجمهوريّة الإسلاميّة» وظيفة جديدة، موجوداً ولا قدرة لدى الدولة على جعله تحت سيطرتها.
يحصل كلّ ذلك رغم كل النيات الطيبة لرئيس حكومة تصرف الأعمال نجيب ميقاتي الذي اثبت مرّة أخرى قدرة كبيرة على التعاطي مع كلّ العقد الصعبة!
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله جنوب لبنان وقف النار حزب الله
إقرأ أيضاً:
إيران تعلق على وقف إطلاق النار في لبنان
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الأربعاء، إن بلاده "ترحب" بوقف إطلاق النار في لبنان، بين إسرائيل وجماعة حزب الله المدعومة من طهران.
ونقلت وكالة رويترز تصريح بقائي الذي جاء في بيان، بعد أن دخلت الهدنة في لبنان حيز التنفيذ، في الساعة الرابعة من فجر الأربعاء بتوقيت بيروت.
وأعلن بايدن في كلمة، الثلاثاء، توصل إسرائيل ولبنان إلى وقف لإطلاق النار، معتبرا أنه "يدعم سيادة لبنان ويشكل بداية جديدة له".
وبدوره، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، التزام حكومته بتطبيق القرار الدولي رقم 1701، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، والتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة.
وبعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، الثلاثاء، رحبت ردود فعل دولية واسعة بالقرار، باستثناء المعارضة الإسرائيلية التي هاجمت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقف إطلاق النار في لبنان يدخل حيز التنفيذ وقبل ساعات من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، شنت إسرائيل غارات على بلدات لبنانية، قابلتها هجمات من حزب الله اللبناني.ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالقرار، وعبر عن أمله في أن يؤدي الاتفاق إلى "وضع حد للعنف والدمار والمعاناة التي يعاني منها شعبا البلدين".
ووصف مفوض السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاتفاق بأنه "يشكل ارتياحاً للوضع المدمر" في الشرق الأوسط.
وقالت رئيسة المفوضية الأوربية أورسولا فون دير لاين: "ستتاح للبنان فرصة لتعزيز الأمن والاستقرار الداخلي بفضل تراجع نفوذ حزب الله".
وفي رسالة مصوّرة على حسابه بموقع "أكس" قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن "الاتفاق دليل على شجاعة سياسية يمكن لوحدها أن توفر للجميع في الشرق الأوسط، السلام والأمن على المدى الطويل".
من جانبه، هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، نتانياهو بشدة، بعد موافقته على اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، وقال: "في عهد نتانياهو، حدثت أكبر كارثة في تاريخنا، ولن يؤدي أي اتفاق مع حزب الله إلى محو الفوضى".
ترحيب دولي باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وهاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، بشدة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، بعد موافقته على اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، وقال: "في عهد نتانياهو، حدثت أكبر كارثة في تاريخنا، ولن يؤدي أي اتفاق مع حزب الله إلى محو الفوضى".وبعد سريان الهدنة، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرا لسكان مناطق جنوبي لبنان من العودة إلى منازلهم، في الوقت الذي بدأت فيه بالفعل سيارات تقل نازحين بالتوجه إلى الجنوب.
وجاء في بيان نشره المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي: "إنذار عاجل إلى سكان جنوب لبنان.. مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وبناء على بنوده، يبقى جيش الدفاع منتشرًا في مواقعه داخل جنوب لبنان".
وأضاف: "يحظر عليكم التوجه نحو القرى التي طالب جيش الدفاع بإخلائها أو باتجاه قوات جيش الدفاع في المنطقة"، لافتا إلى أن الجيش الإسرائيلي "سيبلغ" السكان عن "الموعد الآمن للعودة" إلى منازلهم.
بعد سريان الهدنة.. الجيش الإسرائيلي يحذر نازحين من العودة إلى جنوبي لبنان مع دخول الهدنة في لبنان حيز التنفيذ، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرا لسكان القرى الجنوبية من العودة إلى منازلهم، في الوقت الذي بدأت فيه بالفعل سيارات تقل أهالي المنطقة بالتوجه إلى هناك.
ما أفادت مراسلة الحرة بأن جماعة حزب الله، المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، طالبت المواطنين بعدم التحرك إلى المناطق الجنوبية حتى يتم الإعلان عن ذلك.
وأوضحت أن سكان مناطق جنوبية يتحركون منذ ساعات الصباح الأولى، الأربعاء، للعودة إليها، بعد أن نزحوا بسبب الغارات الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية.
وتُسجل حركة عودة للنازحين إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، وصور، والنبطية، وغيرها من البلدات جنوبي لبنان، وفق مراسلة الحرة.