أوضاع إنسانية صعبة داخل مخيمات شمالي مدينة شندي بولاية نهر النيل
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
أوضاع إنسانية صعبة داخل مخيمات شمالي مدينة شندي بولاية نهر النيل شمالي البلاد.. مأساة النازحين في #السودان تتجدد مع استمرار فصول الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع: | تقرير: أسامة سيد أحمد – الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
تجربة إعادة تشييد مدينة الخرطوم ( 2 /2)
تجربة إعادة تشييد مدينة الخرطوم ( 2 /2)
الفترة: ( 1898- 1956)
بقلم : تاج السر عثمان
1
بعد الحرب العالمية الثانية اصبحت الانتماءات القبلية القديمة تذيل لتحل محلها الانتماءت العصرية
حسب مدارسها المختلفة وألوانها وأنماطها كنقابات العمال وهيئات العاملين وفرق الكرة المدرسية والمدارس الفكرية وغيرها ( ابو سليم ، ص 163).
كما حافظت أم درمان على طابعها القومي، اضافة لازدهار الصناعات الحرفية في اسواقها، وقامت بها أندية الخريجين والأندية الرياضية والثقافية، ونشأت فيها الحركة الوطنية وحركة الفن الحديث وغير ذلك.
كانت الخرطوم ( العاصمة المثلثة) من أكبر المراكز الحضرية والتجارية في السودان، ونشأت فيها أسواق كبيرة تُعرض فيها المواد الغذائية والفواكه، الحبوب ، اللحوم، ومنتوجات الإنسان والمصوغات الأجنبية والمحلية، وغير ذلك.
بلغ اعداد سكان العاصمة المثلثة ( الخرطوم، الخرطوم بحرى، أم درمان) حوالي 81880 نسمة في عام 1904، وكان هذا التوسع السكاني المتزايد نتيجة لتزايد الطلب للعمالة لمقابلة التوسع في إدارة الحكم الثنائي، وتنفيذ مشروعاتها الاجتماعية والاقتصادية ، فقد كان حجم القوى العاملة في العاصمة المثلثة حوالي 15,000 في عام 1908، وكمذ ذلك الوقت ظل يرنفع حتى وصل الي 90,000 في احصاء 1956.
وكان من الطبيعي أن تلعب هذه القوى التي تتحصل على مرتبات نقدية كل شهر دورا هاما في جذب صغار المنتجين في الأرياف الي نطاق اقتصاديات السوق والتعامل مع المراكز الحضرية مثل العاصمة المثلثة ( تيم نبلوك ، صراع السلطة والثروة في السودان، ترجمة محمد على جادين والفاتح التيجاني، دار جامعة الخرطوم 1990).
مع توسع النشاط التجاري وانتشار التعامل النقدي تمكنت طبقة التجارمن تحقيق أرباح وفوائد كبيرة.
2
في الخرطوم كان يسكن الإداريون الانجليز والتجار الأجانب وقلة من أثرياء التجارالسودانيين في أحياء خاصة، فكان الانجليز يسكنون في الحى الشرقي ذى المبانى الجميلة المزودة باثاث الراقىوالحدائق الغناء والملاعب والاستراحات، وهذا الحى يقع على النيل الأزرق مباشرة ولا يسكنه من غير السودانيين سوى عبد الرحمن المهدي، وعلى الميرغني ولكل منهما قصر فيه، ويوجد خارجه ميدان لسباق الخيل.وهذا الحى بالخرطوم احتوى على المتاجر الواسعة التي يرد اليها كل مايوجد في العالم الممتدين من صناعات استهلاكية ومعلبات ومأكولات وغيرها ( للمزيد من التفاصيل ، انظر، صحيفة جريدة صوت السودان، 6 / 7 / 1947، وهيكل : عشرة أيام في السودان ص 51- 55).
وتصف جريدة صوت السودان أحد بيوت التجار الأجانب الفاخرة وهو "جون قهواني" ومحتوياته التي تتكون من أثاث فاخر من راديو فيلبس وثلاجة كهربائية ( وقتها كانت سلع سلع كمالية نادرة)، وسيارة فورد، وطقم غرفة نوم ، وطقم غرفة سفرة، وطقم غرفة استقبال، وفاترينة هائلة بمرايات بلجيكي، ومكتب وطقم كراسي قش، وتربيزات وسرائر " وعنقريبات" ومراوح سقف وسجاجيد كبيرة’ ( صوت السودان (3 / 6 / 1947).
في حين أن الأحياء الشعبية كانت من الجالوص ، اضافة لعدم الخدمات الصحية فيها وغير ذلك.
كما تصف صوت السودان 7 /4/ 1947 مدينة أم درمان وتقول: إنها مدينة وطنية بجميع مظاهرها، شوارع منظمة وغير مسفلتة ، ولا توجد بها مجارى، وكانت( الادبخانات) الموجودة غير صحية، لذلك اصبحت بعض الأحياء مليئة بالذباب خاصة وأن عمال الصحة كانوا لا يهتمون برش المبيدات القاتلة للذباب.
3
كما تركزت في العاصمة المثلثة مقر المصالح الحكومية والإدارات المركزية والحاكم العام ، وفيها المعاهد والمدارس والمستشفيات والمتاحف ودور العرض ، كما كان بالخرطوم الأندية والحدائق والمقاهي ودور اللهو والبارات وآماكن ممارسة البغاء.
ضمت العاصمة خليطا من السكان المنتمين الي الجنسيات المختلفة مثل: الاوربيين وخاصة الانجليز واليونانيين، والمصريين، والسوريين، وكان طابع المدينة اوربيا حتى شوارعها حملت أسماء انجليزية مثا : استاك ، غوردون، ستيوارت، ونجت، وفكتوريا.
(للمزيد من التفاصيل، راجع ، زكي البحيري: التطور الاقتصادى والاجتماعى في السودان، دار النهضة المصرية 1988 ، ص 428).
كانت أمدرمان عاصمة وطنية، وبالمدينة أزقة ضيقة وحرف وطنية بسيطة طابعها افريقي بحت، وبها مسجد الخليفة وقبر المهدى الذي أعاد البريطانيون بناءه بعد هدمه. وقد عانت أم درمان من أزمة المساكن بعد الحرب العالمية الثانية، ولذلك أُعيد تخطيط المدينة تمهيدا لإعادة بناء الدكاكين وآماكن الصناعات المحدودة، وخُصص للصناعات الخفيفة حيا خاصا، وكان من ضمن المناطق التي أُعيد تخطيطها حى الملازمين والعرضة وبانت( زكي بحيري، مرجع سابق، ص 429).
كانت أمدرمان تسكنها قطاعات من قبائل مختلفة، كما كان بها سوقها المشهور الذي يأتي اليه البدو لبيع مواشيهم وأغنامهم وجمالهم، وبها تجار الجملة، وبعض الأجانب (حى المسالمة)، كما يسكنها صغار موظفي الحكومة وعمال السكة الحديد والحرفيون والمهاجرون من الغربيين، وفيها مقار مشايخ الطرق الصوفية والزعماء الدينيين.
وجدت مدينة الخرطوم دفعة معمارية بعد انقشاع الأزمة الاقتصادية في عام 1938 تمّ تشييد 1405 كلم من الطرق المعبدة ، واربعة كلم من الطرق المسفلتة، و258 لمبة كهربائية في الطرقات، و4500 شجرة ، وميادين خضراء لكرة القدم والبولو والتنس.
للمزيد من التفاصيل راجع ، د. محمد سعيد القدال، تاريخ السودان الحديث، القاهرة 1993، ص 280).
هذا وقد بلغ سكان العاصمة المثلثة عام 1955 حوالي 207 الف نسمة منهم 114 الف من أمدرمان والباقي في الخرطوم والخرطوم بحري ( زكى بحيري، 429).
هكذا تم إعادة تشييد مدينة الخرطوم في فترة الحكم البريطاني، ومع التطورات التي حدثت في ميادين الزراعة والتجارة والصناعة والأسواق ، اضافة للعاصمة المثلثة الخرطوم ، حدثت تطورات بقيام مدن أخرى جديدة ، اضافة للمدن التاريخية، مثل: عطبرة التي نشأت مع قيام سكك حديد السودان عام 1906، وميناء بورتسودان التي تم بناءها عام 1909 لتحل محل سواكن، ومدينة الأبيض المشهورة بسوقها الكبير للصمغ العربي، ومدينة وادي مدني التي اتسعت مع قيام مشروع الجزيرة حتى اصبحت ثالث مدينة من حيث حجم السكان والأهمية بعد العاصمة والأبيض، وسنار التي كانت مركز تلاقى خطوط السكك الحديدية والطرق البرية وبها خزان سنار، وكوستي التي كانت مدينة حديثة ربطت جنوب السودان بشماله عن طريق النقل النهري اضافة لأهميتها التجارية، وغير ذلك من المدن المشهورة مثل: كسلا، القضارف، حلفا، الفاشر، . الخ.التي تطورت في الفترة قيد الدراسة.
وأخيرا تجربة إعادة تشييد مدينة الخرطوم تفيدنا في إعادة إعمارها مع بقية المدن التي دمرتها الحرب اللعينة الجارية حاليا.
alsirbabo@yahoo.co.uk