إبادة غزة تحت أنظار العالم.. شهادة الطبيبة العائدة من الجحيم في مجلس الأمن (فيديو)
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
في لحظة فاصلة من تاريخ الصراع الفلسطيني وجرائم الاحتلال الإسرائيلي، شهدت قاعة مجلس الأمن الدولي يومًا لا يُنسى، حيث وقفت الدكتورة تانيا حسن، الطبيبة الفلسطينية التي عادت مؤخرًا من غزة، لتدلي بشهادتها أمام العالم عن فظائع الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في القطاع المحاصر. شهادتها، التي ألقتها بحزن وألم، كان لها صدى عالمي قوي، حيث وصف البعض ما حدث في غزة خلال الأسابيع الأخيرة بأنه إبادة جماعية لم تُقابل بمواقف حاسمة من المجتمع الدولي، بل بمحاولات لتبرير ما يحدث.
قالت الدكتورة تانيا حسن في شهادتها المؤثرة: "سيسجّل التاريخ أن الفلسطينيين وثقوا إبادة جماعية لشعبهم قوبلت بمحاولات لتبريرها بدلًا من العقوبات"، مضيفة: "أنا هنا اليوم لأحدثكم عن واقع مرير عشته بنفسي، وشاهدت على الأرض كيف يتم قتل الأبرياء، كيف تُدمَّر البيوت على رؤوس أصحابها، وكيف يعاني الأطفال والنساء والشيوخ تحت قصف لا ينتهي. غزة كانت لا تزال على قيد الحياة، لكن الموت كان يلاحق كل نفس فيها".
الدكتورة تانيا التي عملت في أحد مستشفيات غزة خلال أسوأ موجات التصعيد، أكدت أن ما تعرض له القطاع هو هجوم ممنهج على المدنيين، مُبينة أن الأعداد الهائلة من الشهداء كانت أكثر من أن تُحصى، ووصفت مشاهد الجثث المتناثرة في الشوارع بأنها "أرقام لا تنتهي" وعرفت أن "العدد يتزايد، ولكن الحقيقة هي أننا لا نعرف حتى من هم هؤلاء الأشخاص الذين قُتلوا".
وأضافت بعيون دامعة: "هناك أطفال كانوا ينتظرون الطعام في مستشفى، وها هم الآن يقبعون في أكياس الموت. ماذا يمكن أن نقول للعالم الذي يكتفي بالتصريحات الباهتة بينما نحن نغرق في بحر من الدماء؟".
View this post on InstagramA post shared by قناة الجزيرة مباشر (@aljazeeramubasher)
التبريرات بدل العقوبات.. دعوات للعالم للتحركالدكتورة تانيا لم تقتصر شهادتها على وصف المعاناة فقط، بل دعت بقوة العالم إلى تحمل مسؤوليته الأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني، قائلة: "أطالبكم بأن لا تكونوا شهودًا فقط على المجزرة، أطالبكم بأن تتحركوا وتوقفوا هذه الإبادة. كفى تبريرات!".
ووجهت حديثها للمندوبين في مجلس الأمن: "إن السكوت على الجرائم لن يجعلها تختفي، بل سيزيد من دماء الأبرياء التي تسيل على الأرض. هناك حقيقة واحدة يجب أن يعرفها العالم، وهي أن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية، وإذا كان المجتمع الدولي فعلًا يلتزم بالقيم الإنسانية التي يدعيها، فإنه يجب أن يتخذ إجراءات فورية توقف هذا القتل المتعمد".
صمت المجتمع الدولي.. محاولات التبرير بدلًا من المعاقبةوأضافت الطبيبة، التي شغلت منصبًا في أحد المستشفيات التي استقبلت آلاف الجرحى، أن ما زاد الطين بلة هو الصمت المخزي للمجتمع الدولي: "أشعر بخيبة أمل عميقة من العالم الذي يقف متفرجًا على هذه المذبحة. لا توجد عقوبات على إسرائيل، بل نسمع فقط تبريرات مستمرة لما يحدث. العالم يعلم ماذا يحدث، ومع ذلك يبدو أن هناك من يحاول تبرير القتل الجماعي، مما يجعلنا نتساءل: هل أصبح قتل الفلسطينيين أمرًا مقبولًا؟".
شهادات مثل شهادة تانيا حسن تعد بمثابة صفعة في وجه المجتمع الدولي الذي بقي يتفرج على معاناة الشعب الفلسطيني، حيث إن الحقائق التي سردتها الطبيبة العائدة من غزة كانت بمثابة دافع يدعو لإعادة النظر في مواقف الدول الكبرى.
غزة ما بين الإبادة والمقاومةوفي كلمة أخرى في شهادتها، قالت الدكتورة تانيا إن "غزة ليست مجرد صورة مروعة من الماضي، بل هي تاريخ شعب يرفض الانكسار"، مؤكدة أن الفلسطينيين رغم جميع الفظائع التي يتعرضون لها، لا يزالون يقاومون، مؤمنين بحقهم في الحياة والحرية.
وأوضحت: "الضحايا لا يفقدون أملهم، بل يواصلون الكفاح بكل الوسائل. هناك أطفال يولدون في المخيمات، وينشأون وسط المعاناة، لكنهم ما زالوا يأملون في غدٍ أفضل، بينما العالم يقف متفرجًا على هذا الواقع المرير".
رسالة للعالم.. غزة تستحق العدالةوفي ختام شهادتها، ختمت الطبيبة تانيا حديثها برسالة إلى العالم قائلة: "غزة تستحق العدالة، وفلسطين تستحق السلام، والشعب الفلسطيني يستحق الحياة الكريمة كما يستحق كل شعوب الأرض. وعلى مجلس الأمن أن يتوقف عن التبرير ويتحرك من أجل وقف هذه الإبادة".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: غزة إبادة غزة مجلس الأمن فلسطين جرائم الحرب الحرب على غزة حصار غزة حقوق الإنسان المقاومة الفلسطينية قتل المدنيين المجتمع الدولي محاكمة مجرمي الحرب العدالة الدولية شهادات مؤلمة المجتمع الدولی مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
صرخة في وجه العالم .. لا للإبادة
لم تكن ساحة السفارة الألمانية في وسط رام الله، عصر السادس والعشرين من أبريل 2025، مجرد مساحة حجرية باردة، بل تحولت إلى بركان يغلي غضبًا ووجعًا. وقف الفلسطينيون هناك، يحملون جراح غزة في عيونهم، وأحلام الحرية في أكفهم المرفوعة. توافدوا من أزقة المدينة وضواحيها، يحملون معهم صوت الأمهات الثكالى والأطفال الجوعى تحت ركام المنازل في قطاع غزة.
مع كل خطوة كانت تهدر الأرصفة تحت أقدامهم،كأن الأرض نفسها تصرخ احتجاجًا على المجازر التي لم تتوقف منذ السابع من أكتوبر 2023. لم يعد الألم الفلسطيني محصورًا في حدود غزة المحاصرة، بل سال عبر الجدران والحواجز ليصل إلى قلب الضفة، إلى رام الله التي ما تزال تنبض رغم كل محاولات الإخماد.
في عيون المتظاهرين، كانت تتجلى صورة واحدة: «شعب يُذبح كل يوم أمام أعين العالم، وسط تواطؤ دولي مشين، ودعم سافر من حكومات ادعت يومًا أنها تحمل قيم العدالة وحقوق الإنسان». وفي مقدمة هذه الحكومات، وقفت ألمانيا، بثقلها المالي والسياسي، تدعم آلة الحرب الإسرائيلية بلا هوادة.
ومن رحم هذا الإحساس بالخيانة والخذلان، ولدت هذه التظاهرة. لم تكن فقط وقفة احتجاج، بل كانت صرخة كونية تقول للعالم: «الدم الفلسطيني ليس رخيصًا.. دماء الفلسطينيين ليس صفقة سياسية».
اصطف العشرات أمام بوابة السفارة الألمانية تحت أعلام فلسطين المرفرفة، والهتافات المدوية. كانت الرايات السوداء المرفوعة ترمز إلى الحداد المستمر، واللافتات المرسومة بعجالة تحمل عبارات الغضب والرفض. صدحت الحناجر بنداءات واضحة: «ألمانيا بترعى الإرهاب. بركان الشعب ما كلّ. يلا سوا للنضال.. لازم نسقط الاحتلال».
فرضت أجهزة الأمن الفلسطينية طوقًا أمنيًا محكمًا حول المتظاهرين، في مشهدٍ بدا وكأنه محاولة لعزل الأصوات الحرة، بدلاً من حمايتها. انتشرت الكاميرات بين الأيدي الأمنية، تسجل الوجوه، تحصي الأنفاس، في إشارة مبطنة بأن التعبير عن الغضب قد تكون له عواقب لاحقة.
رغم ذلك، تحدى المتظاهرون الطوق الأمني بالهتاف أعلى وأقوى. لم تمنعهم نظرات رجال الأمن ولا عدساتهم المتطفلة من ترديد شعارهم الأبدي: «فلسطين حرة حرة..». كانت كلماتهم قذائف حرة تنطلق في وجه صمت العالم المخزي.
طالب المشاركون السلطة الفلسطينية علنًا بالكف عن قمعهم، والانحياز إلى معركة غزة بدلًا من الوقوف عائقًا أمام نصرتها. قال أحدهم بصوت متهدج أمام الجميع: «من المفترض أن تكونوا معنا، لا علينا».
صوت المرأة في وجه القمع
وسط الاحتجاجات، ارتفعت فجأةً صرخة أنثوية شقت هدير الهتافات. كانت علا الصرفندي ناشطة شابة تندفع إلى مقدمة الحشد، تواجه رجال الأمن بشجاعة نادرة. أشارت إليهم بعنفوان، وهتفت بصوت عالٍ مفعم بالمرارة: «شغلكم مش تصوير.. شغلكم تحموا شعبكم! تساندوا شعبكم! هذا شغل الشرطة.. هل الحكومة الألمانية التي ترعى جرائم الحرب في غزة هي شعبكم؟!».
لم تكن كلماتها مجرد احتجاج، بل كانت صفعة على وجه السلطة التي تحولت من راعٍ لشعبها إلى كابح لغضبه. حاول بعض أفراد الأمن تهدئتها، لكن صوتها كان قد انفجر كقنبلة في الساحة، وانعكست صرختها في وجوه الجميع، لتكشف الغطاء عن السياسات التي تحاول خنق كل صوت حر يدعم غزة والمقاومة.
كانت الواقعة دليلاً حيًّا على سياسة إسكات الأصوات، تلك السياسة التي لم تكتفِ بالتضييق على المسيرات بل امتدت لمحاولة تفريغ كل فعل مقاوم من محتواه الوطني الحقيقي، حيث بدا واضحًا أن السلطة الفلسطينية باتت تخشى صدى الكلمات أكثر مما تخشى بنادق الاحتلال.
في قلب ساحة التظاهر، وقف الناشط الفلسطيني المخضرم عمر عساف، يلقي بكلماته كالرصاص في وجه داعمي الاحتلال: «كفى إجرامًا، الحكومة الألمانية تدعم الاحتلال بالمال والسلاح؛ بأموالهم، بقنابلهم، بطائراتهم؛ تُرتكب الجرائم بحق أبناء شعبنا في غزة، وتُدمر مخيمات شمال الضفة الغربية».
يقول، في تصريح لـ«عُمان»، موضحًا خطورة أفعال الحكومة الألمانية ضد الشعب الفلسطيني: «ألمانيا واحدة من الدول التي تحركت في الثامن من أكتوبر بأساطيلها لحماية العدوان، وألمانيا اليوم تزود الاحتلال بكل وسائل الإبادة، جريمة الإبادة التي يتعرض لها شعبنا».
ويتابع عساف بكلمات مفعمة بالغضب: «ألمانيا ترعى الاحتلال، وتدعمه بالأسلحة والاقتصاد، وبالقنابل التي تحصد أرواح الأبرياء. كما تقمع أبناء شعبنا، وتقمع أيضًا أبناء الشعوب العربية وأصدقاءنا الألمان الذين يخرجون في فعاليات احتجاجية دعمًا لفلسطين».
ويعبر عن موقفه الرافض بقوة للسياسة الألمانية الداعمة لنازية الاحتلال: «لذا جئنا هنا لنقول: لا للنازية. لا لحكومات تدعم الإرهاب وجريمة الإبادة الجماعية وتجويع شعبنا وتهجيره». مؤكدًا في كلماته على كرامة الدم الفلسطيني: «دم الشعب الفلسطيني ليس مادة للمساومة بين الدول، ولا وسيلة لتعويض أي دولة عن جرائمها تجاه غيرنا».
ويشيد عساف أخيرًا بالمواقف الدولية الشريفة، التي رفضت الاستمرار في دعم جرائم الاحتلال: «أشيد بالجهود الدولية الداعمة لحقوق شعبنا، والتي تعبّر عن رفضها للإجرام الإسرائيلي في فلسطين. وأوجه تحية خاصة للحكومة الإسبانية على إلغائها عقد بيع أسلحة مع حكومة الاحتلال».
بالأرقام: دعم ألماني للإبادة
وفي خضم التظاهرة، استند المتظاهرون إلى أرقام رسمية كشفت بوضوح حجم التواطؤ الألماني مع الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة المستمرة ضد غزة.
فقد أظهرت تقارير صحفية موثوقة، نقلًا عن بيانات حكومية ألمانية، أن برلين صدّرت أسلحة ومعدات عسكرية إلى إسرائيل بقيمة 326.5 مليون يورو خلال عام 2023، وهو ما يمثل زيادة ضخمة بلغت نحو عشرة أضعاف مقارنة بالعام السابق عليه (2022).
وقد شملت هذه الصادرات معدات عسكرية متنوعة، من بينها مكونات لأنظمة الدفاع الجوي، وأجهزة اتصال متقدمة، ومعدات دعم لوجستي، أسهمت بشكل مباشر في تعميق آلة القتل الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية.
وفي عام 2024، وعلى الرغم من الانتقادات الدولية العارمة والدعاوى القضائية التي اتهمت الحكومة الألمانية بالتواطؤ في جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، لم توقف برلين دعمها، بل واصلت تصدير السلاح، وإن بوتيرة أقل.وفقًا ما نقلته وكالة «رويترز(Reuters)»، فقد تراجعت قيمة صادرات ألمانيا العسكرية إلى إسرائيل إلى 161 مليون يورو حتى نهاية عام 2024، أي ما يقارب نصف القيمة المسجلة في العام الذي سبقه.ويُعزى هذا الانخفاض إلى الضغوط الدولية المتزايدة، إضافة إلى دعوى قضائية رفعتها دولة نيكاراغوا أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها ألمانيا بالمشاركة الفعلية في دعم الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين.
ورغم هذا التراجع النسبي، إلا أن استمرار تدفق السلاح الألماني نحو تل أبيب يُعد، بنظر المتظاهرين «مشاركة مباشرة في جريمة الإبادة الجماعية»، التي باتت مشهودة أمام العالم كله في شوارع غزة المنسوفة ومخيمات اللاجئين المدمّرة.
صوت رام الله.. صدى غزة
لم تكن تظاهرة السفارة الألمانية حدثًا عابرًا، بل كانت محطة جديدة من محطات الرفض الشعبي، حيث يصر الفلسطينيون على أن يقولوا للعالم إن كل رصاصة تنطلق نحو غزة لها شريك، وكل دمعة تسيل من طفل فقد أمه لها داعم في العواصم الغربية.
في شوارع رام الله، كما في أزقة غزة، لا تزال القلوب تنبض بإرادة الصمود. لا تزال الحناجر تصرخ بأن فلسطين ليست للبيع، وأن الألم مهما طال عمره لن يُخضع شعبًا تربى على أن الكرامة لا تعترف بالهزيمة.