زيارة تاريخية بين بلدين تاريخيين
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
د. أحمد بن علي العمري
زيارة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى الجمهورية التركية، ليست كباقي الزيارات، حتى وإن أُعلن عنها كزيارة دولة أو زيارة سياسية أو زيارة اقتصادية، وهي بلا شك تحمل كل هذه المضامين والدلائل والوقائع.
لكنها زيارة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ فهي زياره سامية وذات بُعد تاريخي وتعكس المجد المرموق بين الدولتين، ولكلاهما سلاطينها وأمجادها وعراقتها وإرثها التاريخي.
هنا تسكت كل مكونات الأرض ليتكلم التاريخ والعراقة والأصالة والأحداث والوقائع، وحتى الدول التي تدّعي هيمنتها على العالم وأنها مُتسيِّدة العالم، لا تقدر أن تتقدم عُمان في أمجادها ولا تركيا في تاريخها.
ولربما ارتأت الإرادة السامية لمولانا جلالة عاهل البلاد المفدى- أعزه الله- أن تبدأ الزيارة السامية يوم الخميس 28 نوفمبر 2024، وهي في أواخر عام 2024، ولهذا مدلوله حتى نستشرف عام 2025 بمدلول أوضح وفهم لا لبس فيه.
370 عامًا من العلاقات العُمانية التركية، شملت مجالات التجارة والصناعة ومؤخرًا المناطق الصناعية والاقتصادية وحتى المجال التعليمي والثقافي وتقنية المعلومات والتسهيلات، كما إن حجم التبادل التجاري بين البلدين ناهز المليار دولار، إضافة إلى المواد الغذائية والأدوية وحتى تصنيع الأسلحة. وقد بلغت الصادرات العُمانية إلى تركيا 216 مليون ريال عُماني، كما إن هناك 36 شركة عُمانية تعمل في تركيا
إن المواقف السياسية للبلدين العريقين تكاد تكون متشابهة ومتفقة تمامًا وفي نفس التوجه؛ حيث إن الطرفين ملتزمان بمكافحة الإرهاب، وموقفهما من القضية الفلسطينية متقارب إلى حد كبير.
هذه الزيارة التاريخية تعد الأولى من نوعها لسلطان عُماني، لكن العلاقة المتجذرة بين البلدين تمتد إلى 3 قرون.
ولا شك أن ما شهدته هذه الزيارة المباركة من توقيع عدد من الاتفاقيات في مختلف المجالات ستدفع علاقات البلدين إلى آفاق أرحب.
وسلطنة عُمان وجهة سياحية للمواطن التركي مثل ما هي تركيا قبلة للسياح العُمانيين.
ولا يفتوني أن أشير هنا إلى أن تركيا تملك 208 جامعات، وهذا يشجع على زيادة التعاون في المجال التعليمي والأكاديمي، إلى جانب التعاون في المجال التقني وفي الابتكارات والذكاء الاصتناعي.
وأخيرًا.. إنَّ سلطنة عُمان والجمهورية التركية تتفقان تمامًا في توجيه البوصلة نحو إعمال المنطق والواقع.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية تختتم الزيارة الثانية إلى أفغانستان
اختتمت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، زيارة لأفغانستان استغرقت 3 أيام حيث التقت السلطات الفعلية في البلد ومسؤولي الصحة والشركاء في المجال الإنساني لمناقشة الأولويات الصحية الحرجة.
وكان من الأمور المحورية في المناقشات جهود أفغانستان لاستئصال شلل الأطفال، وتعزيز الإتاحة المنصفة للرعاية الصحية الجيدة، والتصدي للاضطرابات الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان، والاستثمار في قوى عاملة صحية مستدامة.
وسافرت الدكتورة حنان خلال زيارتها إلى مزار شريف في المنطقة الشمالية من البلاد، حيث افتتحت مركز بلخ لعلاج إدمان المخدرات للنساء والأطفال الذي يضم 50 سريرًا، وهو أحد 12 مركزًا لعلاج إدمان المخدرات ويتلقى دعمًا حيويًا من منظمة الصحة العالمية والشركاء. وزارت أيضًا مستشفى الأمراض المُعدية الذي يضم 50 سريرًا، وتفاعلت مع المرضى والعاملين الصحيين، وشددت على مدى أهمية تعزيز قدرات الموظفين الطبيين وتحسين إمكانية حصول الفئات السكانية الضعيفة والمعرضة للخطر على خدمات الرعاية الصحية في جميع أنحاء أفغانستان.
ويُعد تعاطي مواد الإدمان أحد التحديات المتنامية في مجال الصحة العامة في إقليم شرق المتوسط، وفي أفغانستان على وجه الخصوص. وفي ظل معاناة أكثر من 4 ملايين شخص في البلد من الاضطرابات الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان، فإن هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات مركَّزة وتقديم الدعم العالمي في هذا الشأن. وللتصدي لهذه المشكلة المُلحَّة، تهدف المنظمة بالتعاون مع شركائها إلى الحد من المراضة والوفيات والتكاليف الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان، من خلال تدخلات الصحة العامة المحددة السياق والمسندة بالبيِّنات.
وسلَّطت الدكتورة حنان الضوء على التزام المنظمة بتقديم الدعم للأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان، وضمان إدماجهم الكامل في المجتمع.
وقالت الدكتورة حنان: "إن قضية الإدمان في أفغانستان قضية كبيرة للغاية. ووفقًا لأولوياتي الإقليمية، سنواصل العمل مع شركائنا لضمان تقديم المساعدة والدعم اللازمين للتأكد من أن هؤلاء المرضى لديهم مسار آمن للعودة إلى الحياة الطبيعية وأنهم مندمجون تمامًا في مجتمعاتهم."
وأضافت قائلةً: "يمكننا تحقيق ذلك وضمان حياة أفضل وأوفرَ صحة لشعب أفغانستان بالتعاون مع السلطات الصحية في البلد وشركائنا."
وأشارت الدكتورة حنان إلى أن معظم المرضى الذين زارتهم في مستشفى الأمراض المُعدية في بلخ يعانون من أمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل التيتانوس والتهاب السحايا والسل، والفشل الكبدي وتَشَمُّع الكبد بسبب التهاب الكبد B، ويقتضي ذلك بذل جهود أكبر لضمان زيادة أخذ اللقاح والتغطية بالبرنامج الموسع للتمنيع. ولتحقيق هذه الغاية، فقد دَعَت الدكتورة حنان إلى زيادة التوعية والدعوة بين المرضى الذين يزورون المستشفى ومجتمعاتهم الأوسع نطاقًا بشأن أهمية البرنامج المُوسَّع للتمنيع الروتيني.
وخلال مشاركاتها بشأن استئصال شلل الأطفال، أكدت الدكتورة حنان وممثلون آخرون من المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال على الالتزام العالمي بالقضاء على شلل الأطفال، وشددت على الحاجة إلى تجديد الالتزامات السياسية والإدارية وتوثيق أواصر التعاون لوقف سراية فيروس شلل الأطفال البري بشكل نهائي.
وقالت الدكتورة حنان: "تتيح هذه الزيارات القُطرية المهمة فرصةً فريدةً للقادة العالميين والإقليميين لتعزيز الشراكات مع البرامج الوطنية لشلل الأطفال، وتعزيز المساءلة، وإثبات أن الاستئصال العالمي لشلل الأطفال بات في المتناول. ويكتسي التزام أفغانستان بوقف فاشية شلل الأطفال الحالية في الجنوب وتحسين التطعيم أهميةً بالغةً لتحقيق هذا الهدف".
وإدراكًا منها لأهمية التنسيق الوثيق بشأن استئصال شلل الأطفال بين أفغانستان وباكستان، اللتين تُشكلان كتلةً وبائيةً واحدةً، والحاجة إلى تعاون ثنائي أوسع نطاقًا بشأن الأولويات الصحية الأخرى، تتولى الدكتورة حنان تيسير إجراء حوار صحي بين البلدين بمشاركة ودعم القيادة الوطنية الحيوية في كلا البلدين.
وأكَّدت الدكتورة حنان، في اجتماعها مع ممثلي وكالات الأمم المتحدة في أفغانستان، على «الصحة في جميع الوكالات» وعلى الإدماج الاستراتيجي للصحة في جهود التنمية، مُسلِّطةً الضوء على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات موحَّدة للتصدي للتحديات الصحية الحرجة التي تواجهها أفغانستان. وتأتي هذه المشاركة في إطار التزام منظمة الصحة العالمية بتعزيز الشراكات التي تسعى إلى تحقيق حصائل صحية مستدامة ومؤثرة للمجتمعات المحلية في جميع أنحاء البلد.
وإدراكًا من الدكتورة حنان للقلق البالغ إزاء تأثير القيود المفروضة على حصول العاملات الصحيات على التعليم الرسمي على القدرة على مواصلة تقديم الخدمات الصحية، فقد أكدت من جديد عزمها النشط على الدعوة إلى تعليم الإناث وحقوقهن في إطار الجهود الشاملة الرامية إلى النهوض بخطة الصحة في أفغانستان.
يُذكر أن الأزمة الإنسانية في أفغانستان واحدة من أشد الأزمات عالميًا؛ فالبلد يعاني أحد أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم. وتستمر موجات الجفاف والنزوح ووطأة الفقر، وفوق ذلك كله تزيد الكوارث الطبيعية من تفاقم الوضع. ولذا ارتفعت الاحتياجات الإنسانية ارتفاعًا كبيرًا، ومن ذلك مثلاً زيادة عدد المحتاجين من 18.4 مليون شخص في منتصف عام 2021 إلى ما يقرب من 23.7 مليون شخص في عام 2024. ويحتاج نحو 17.9 مليون شخص منهم إلى المساعدة الصحية العاجلة.