أطياف
صباح محمد الحسن
حرب النظام!!
طيف أول:في حقول الحلم
تختفي شمس الأمنيات
لكنها لا تنطفئ
تعتكف على صدر الوطن
وتقسم بأنها وإن كانت أول الغياب
لكنها لن تكون آخر الأصوات المؤذنة لفجر الخلاص!!
ويقول رأي العلماء حول اللعبة الشهيرة على الإنترنت (الحرب والنظام) إن كان فيها معاني الجندية المعتبرة، من الصبر والفداء والتضحية، والتخطيط، ولم يكن فيها محظور شرعي، فلا بأس بها، وقد تكون أولى من غيرها من الألعاب فارغة المضمون!!
وفي لعبة (حرب النظام) بين البرهان والدعم السريع ميدانيا من جهة، ومن فضاءالمنفعة من جهة أخرى بينه والفلول، يبدو أن خلاف المصالح البارد يسري دون أن يحدث صوتا ودون أن يؤثر على سير المعارك التي تحولت من ساحات المواجهة الي مسارح المنح والهبات في حفل التبرع بالمدن!!
ففي ظل ضباب هذا الزيف ومع قُرب الأجل تبدأ حرب النظام الخفية على ساحل البحر الأحمر فقرار رئيس المجلس الإنقلابي الخاص بتشكيل لجنة عليا برئاسة الفريق ابراهيم جابر لمتابعة إجراءات إستبدال العملة من فئتي الف جنيه وخمسمائة جنيه حسب ما أفاد موقع (أخبار السودان)،
اللجنة التي ضمت كل من وزير المالية، ومحافظ بنك السودان المركزي، والنائب العام، وحاكم اقليم دارفور، ومدير جهاز الأمن ومحافظ بنك السودان وغيرهم.
وقد يعني القرار أن البرهان اراد أن يعيد السيطرة على المال العام ليكون تحت تصرفه، وليس في قبضة الفلول التي تتحكم في تمويل الميدان مايكشف أن الجنرال الآن يبارح الأرض إلى (فضاء آخر)، ويبدأ بعملية التجفيف المتعمد الذي يحد من عملية سيطرة الفلول على الأرض المشتعلة، ومن لا يملك قوته لا يملك قراره
وفي قواعد (لعبة الحرب والنظام) أنه في حالة سوء السلوك الشديد أو سوء استخدام نظام الدعم، يُسمح لموظفي الدعم باستبعاد اللاعب المخالف
فمن زاوية أخرى فهذا القرار يأتي ايضا في محاولة تحكم وسيطرة الحكومة الأخيرة التي رممها البرهان على (قدر فساده)، على بواطن الإمور المالية، فمنذ أن شدت الحكومة رحالها الى بورتسودان تحدثنا انها حكومة ( شفشفة) لن يكون لها علاقة بالمواطن ولابقضاياه سيما أن نصف سكان البلاد نزحوا، وربعهم يعيشون اسوأ الظروف في مناطق النزوح، والربع الآخر اما قضى نحبه او ينتظر على حافة الجوع والبرد مصيره المجهول
فالبرهان اراد أن يجعل الأمن والعودة للديار أقصى أحلام المواطن حتى لايحق له أن يسأل او يهتم بمايجري من عمليات فساد مستمرة
وبهذا الجمع الكريم اعلاه يبدو انه يحاول إبعاد (اللاعب المخالف) بعض القيادات الإسلامية، ليس لممارسة سلوك جيد بينما لإيجاد مساحة أكبر لممارسة عمليات النهب للموارد والمال العام فكلما قلّ الشركاء تضاعفت الحصص!!
أما من زاوية ثالثة فإن كان القصد من القرار هو سيطرة حكومةالجنرال على العملة حتى تموت في المدن الأخرى التي تسيطر عليها الدعم السريع، فهذه للأسف اولى علامات العجز التي تكشف عن رفع يد سلطة الجنرال عن اجزاء ومدن من السودان والإكتفاء بالمدن التي يسيطر عليها الجيش!!
والخطوة قد تدفع الدعم السريع بقيام عملية مماثلة لتغيير العملة في مناطق سيطرته، وهنا يكون البرهان سيطر على العملة لكنه خسر أرض وشعب
وهذا هو إعتراف ضمني من الجيش بعدم مقدرته على إسترداد المدن من قبضة الدعم السريع!! وتقليص مسؤوليته وتكاليفه حيث يصبح ربع من الميزانية يذهب لولايات بعينها وما تبقى الى جيوب المجموعة التي شكل منها اللجنة، وليس للبقية نصيب
لذلك طفقت المنابر المقربة للفئة “المُبعدة” عن المصلحة أو (اللاعب المخالف) تتحدث عن الفساد في مكاتب حكومة الجنرال ومعلوم عندما يتم فضح وكشف اسرار البيت الداخلي من أهله يعني أن هناك خلاف على المصالح
ففي آخر إجتماع لقيادات الحزب وقيادات الجيش قالت القيادات الإسلامية انها ترفض التفاوض لأن خساراتها الميدانية والمادية اكثر من القوات المسلحة وانها خسرت مليارات الدولارات في الحرب
ولكن احد القيادات العسكرية رد عليها (لأن كل اقتصاد البلد تحت ايديكم وتصرفكم) ومن هذا النقاش داخل الإجتماع يبدو أن القيادة العسكرية قررت فرض سيطرتها على الاقتصاد وسحب الكثير من الصلاحيات منهم
مع الحرص على إسقاط بند الصرف العام على الدولة وحصره على مناطق السيطرة
وهذا ما يعني أن لعبة (الحرب والنظام) اصبحت خالية من معاني الجندية المعتبرة، من الصبر والفداء والتضحية، والتخطيط، وباتت تحتوي على المحظور الشرعي، وهو التعدي على حقوق المواطن وهضم حقوق الذين يقعبون تحت رحمة قوات الدعم السريع فهل أطماع البرهان ستجعل فئة من الشعب منسية ومسقطة من حقوق المواطنة!!
طيف أخير:#لا_للحرب
تستعد مبادرة الأعلام البيضاء لإطلاق حملة (بطانية نازح) تهدف الى جمع وشراء 1000 بطانية للنازحين من ولاية الجزيرة وغيرها بولاية نهر النيل
انضم للحملة التي تبدأ مطلع ديسمبر.
الوسومأطياف الجيش صباح محمد الحسن ولاية نهر النيلالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أطياف الجيش صباح محمد الحسن ولاية نهر النيل الدعم السریع حرب النظام
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع … شبح الحكومة من أجل الشرعية
كارثة سقوط المدن عسكرياً تمهيد لفصل إداري للمدن وليس فصل سياسي للأقاليم (5)
مقدمة
في ظل الحرب في السودان المستمرة منذ أبريل 2023، أصبح الصراع على الشرعية السياسية أكثر تعقيدًا مع محاولات كل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني تشكيل حكومة مدنية في المناطق الخاضعة لسيطرتهما. وبينما يسعى الدعم السريع إلى فرض نفوذه من خلال حكومة مدعومة بتحالف سياسي منشّق، يتحرك الجيش السوداني لتشكيل حكومة أخرى تستمد شرعيتها من المؤسسات السيادية المتبقية. فكيف يمكن قراءة هذه الخطوات في ظل التنافس على الشرعية؟ وما تداعياتها على مستقبل السودان؟
خطوة الدعم السريع نحو تشكيل حكومة
أفادت تقارير بأن قوات الدعم السريع تخطط لإعلان حكومة مدنية هدّدت بها منذ أشهر طويلة في المناطق التي تسيطر عليها، مستندة إلى تحالف مع مجموعة منشقة عن تحالف "تقدم". هذه الخطوة تأتي في وقت يسعى فيه الدعم السريع إلى تقديم نفسه كقوة سياسية إلى جانب كونه قوة عسكرية، بعد أن تمكن من السيطرة على مساحات واسعة في غرب السودان.
مشروع متخيل للدعم السريع في بناء مؤسسات اقتصادية
قمت بطرح سؤال لـ محمد حسن التعايشي عبر لقاء في منصة الدكتور عزام عبد الله حول كيفية تشكيل مؤسسات في المناطق التي يقترحوا تشكيل حكومة فيها "حكومة متخيلة حسب تقديري" وكيف تنفيذ كل الأداء بما فيها إنشاء قطاع مصرفي. أوضح التعايشي أن خطتهم تشمل إنشاء بنك مركزي ونظام مصرفي جديد، وصرّح بسخرية أن الإيرادات التي يوفّرها وزير المالية جبريل إبراهيم من مناطق سيطرة الجيش تجعل من السهل جذب إيرادات من مناطق سيطرة الدعم السريع
مستقبل المناطق الجغرافية لوضع حكومة الدعم السريع
بعد التقدمات التي أحرزها الجيش في ولاية الجزيرة ومحلية بحري في العامة الخرطوم، أصبحت فكرة إعلان حكومة من الخرطوم شيئًا من ضرب الخيال. بات الجيش قريبًا من تحقيق النصر داخل ولاية الخرطوم، مما عقد على الدعم السريع المضي قدمًا في فكرة تشكيل الحكومة وفق الحدود الجغرافية التي كانت محددة قبل ثلاثة أشهر. ربما باتت القيمة الاستراتيجية الأهم للدعم السريع الآن هي إسقاط ولاية شمال دارفور، وخاصة الفاشر، التي حشد لها أكبر القوات من الجنود لإسقاطها، حتى يتمكن من فرض سيطرته الكاملة على الإقليم. في حال تحقق ذلك، فإن الدعم السريع قد يسعى إلى تقديم نفسه كإدارة إقليمية ذات مشروعية عسكرية، مدعومًا بحدود مشتركة مع أربع دول يمكنه استخدامها لتعزيز موقفه سياسيًا ودبلوماسيًا.
الانقسام داخل تحالف تنسيقية تقدم
شهد تحالف "تقدم" انقسامًا داخليًا حادًا بين جناحين رئيسيين بعد أن حاول رئيس التحالف حمدوك توسيع الجبهة السياسية لمقاومة خطاب الحرب عبر اجتماعات نهاية شهر يناير، إلا أن الانقسام قد حدث فعليًا داخل التحالف
1-الجناح المؤيد للتفاوض السلمى و تكوين الجباه السياسية الفاعلة بقيادة د عبد الله حمدوك رئيس تقدم و المؤتمر السوداني و التجمع الاتحادي و حزب الامة كقوى بارزة مكتفية بالحياد من موقف الحرب و محاولة نزع فتيل الازمة العسكرية بالضغط علي الاطراف وهي مجموعة مخالفة تماما للمبدأ حول تشكيلة حكومة منحازة لاحدي الطرفين .
2- الجناج المنشق من تقدم الداعم للدعم السريع : و يتكون من اعضاء الجبهة الثورية مثل نائب كتلة تقدم "الهادي ادريس" و الجناح المنشق من العدل و المساوة بقيادة " صندل" و شخصيات بارزة مثل محمد حسن التعايشي عضو مجلس السيادة السابق .
هذا الانقسام ...و بالرغم من انه سيضعف تحالف تقدم الا انه قد حدد بشكل قاطع وضع القوى السياسية من الاطراف , و هو أمر مؤسف رغم التفاهمات التي قادها رئيس التحالف "حمدوك" الا ان الأمر قد يبدو مجهزاً له , فهذا الانقسام اتاح للدعم السريع غطاء سياسي حقيقي لتقديمه للمجتمع الدولي لدعم اكبر في تشكيل الحكومة في مناطق السيطرة , وهو امر سيتفيد منه " محمد حمدان دقلو" بالتأكيد ان يجد مجموعة من السياسين ان يدعموه , الا انني برأيي الجزرى حول معارضتي للفكرة فقد و وصفتها ب(الانتحار السياسي).
محاولة استنساخ النموذج الليبي في أقليم دارفور
الإعجاب الشديد بالنموذج الليبي جعل التعايشي (منظَر حكومة الدعم السريع) ، المنظّر لحكومة الدعم السريع ومستشاريه، يتجاهلون الأهمية الاستراتيجية لمدينة بنغازي، التي تمثل مركزًا اقتصاديًا ومحورًا لتحالفات قوية تميز الإدارة المدنية هناك فعندما ضرب التعايشي مثالًا بالانقسام الحكومي في ليبيا، سعى إلى تبرير فكرة الحكومة التي يطمحون إلى تشكيلها، مدعيًا أنها لن تؤدي إلى تقسيم السودان، بل ستساهم في فرض التوازن داخل البلاد غير أن هذا الطرح يتجاهل التناقضات التاريخية العميقة بين السودان وليبيا، فضلًا عن المغالطات التي تجعل الاستشهاد بالتجربة الليبية أمرًا صعب التطبيق.
في ليبيا، ورغم الانقسام السياسي، لا تزال هناك قوة اقتصادية كامنة ومصادر تمويل محلية يمكنها دعم الإدارات المتنافسة، فالوضع مختلف تمامًا فالإقليم مثل دارفور عانى من حروب مستمرة لأكثر من 17 عامًا، أفقدته القدرة على المساهمة التمويلية مما يجعله بحاجة إلى موارد مالية ضخمة لإدارة شؤونه أو حتى مجرد التفكير في مشاريع استثمارية داخل الإقليم. وبالتالي، فإن محاكاة التجربة الليبية في السودان، وبالأخص في دارفور، ليست سوى طرح نظري يفتقد للواقعية.
أما في السودان، فإن فكرة "الانفصال الإداري" لن تؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد، نظرًا للطبيعة الخاصة للإنفاق العام والانتشار الجغرافي الواسع، إضافةً إلى التأثير السلبي على الحركة الاقتصادية والأسواق الكبرى في محليات دارفور حيث تركيبة و طبيعة السلع فيها نوع من الصعوبة ان تسوق في مناطق جديد باختلاف طبيعة العلاقات التجارية للاقليم , مما سيسبب اعتراضات كبيرة من التجارة المستوردين و المصدرين .
هذا السيناريو يكشف حقيقة واضحة: الميليشيات ليست مؤهلة لبناء دولة في السودان، بل تمثل نموذجًا لدولة غارقة في الفوضى، تنهكها الصراعات الداخلية والانقسامات المتزايدة.
إلى أين يتجه الصراع على الشرعية؟
-تفتيت السلطة والانقسامات بدلًا من توحيدها
الصراع المستمر بين الجيش والدعم السريع حول الشرعية لا يسهم في إنهاء الأزمة، بل يدفع نحو تفتيت السلطة وانقسامها، مما يفتح الباب أمام تعدد الحكومات بدلًا من توحيدها. إن وجود حكومتين متنافستين لن يؤدي فقط إلى تعقيد المشهد السياسي، بل سيدفع السودان نحو مرحلة أكثر خطورة من الانقسام، قد تتطور مستقبليًا إلى بوادر أزمة تتعلق بنواة للانفصال السياسي.
هذا السيناريو لا يعزز الاستقرار، بل يساهم في إفقار البلاد نتيجة سوء الإدارة وضعف الموارد. فتعدد السلطات وتنازع الشرعيات لن يكون مجرد أزمة سياسية، بل سيمتد ليؤثر على الاقتصاد الوطني، حيث سيؤدي انعدام التنسيق الحكومي إلى تدهور الخدمات، ضعف الاستثمارات، وزيادة الأعباء المالية، مما يسرّع من انهيار الدولة بدلًا من تحقيق أي توازن سياسي أو إداري.
-التأثير على الحل السياسي والتفاوض
إذا نجح الدعم السريع في تشكيل حكومة وتحالف سياسي، فقد يتمكن من كسب دعم أطراف دولية وإقليمية لديها مصالح في السودان أو المنطقة، وترى فيه جهة يمكنها تنفيذ أجنداتها. هذا الدعم المحتمل قد يمنح الدعم السريع شرعية دبلوماسية محدودة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويعزز حالة الانقسام بدلًا من دفع الأطراف نحو حل شامل للأزمة.
في المقابل، يسعى الجيش بقيادة البرهان إلى تعزيز موقعه عبر تحركات دبلوماسية نشطة منذ بداية العام، شملت زيارات إلى دول مؤثرة داخل الاتحاد الإفريقي في محاولة لإعادة السودان إلى المنظمة بعد تعليقه في أعقاب انقلاب أكتوبر 2021. ويراهن الجيش على المؤسسات الحكومية عبر (حكومة الأمر الواقع) كأداة ضغط لدفع الدول إلى إعادة الاعتراف بحكومته داخل الاتحاد الإفريقي، أو على الأقل منع الاعتراف بحكومة الدعم السريع في حال تشكيلها.
هذا التجاذب بين الطرفين حول الشرعية الدولية والإقليمية قد يؤثر بشكل مباشر على مسار الحل السياسي والتفاوض، حيث سيؤدي إلى تعقيد أي جهود وساطة ويعزز حالة الاستقطاب الإقليمي بين القوى الداعمة لكل طرف او الاطراف المحايدة و الطارحة للحلول ، مما يجعل الحلول السياسية أكثر بعدًا عن التحقيق و ستكون معقدة للغاية .
خاتمة: السودان إلى أين؟
إن تشكيل حكومة من قبل قوات الدعم السريع قد يؤدي إلى إضفاء طابع سياسي على الصراع العسكري، في حين أن مساعي الجيش لإنشاء حكومة موازية قد تعمّق الانقسام بدلًا من معالجته. في ظل هذه التطورات المتسارعة، يبقى السودان أمام مفترق طرق خطير إما الانزلاق نحو مزيد من التفكك والانقسام، أو البحث عن حلول وسط تضمن الاستقرار وإعادة بناء الدولة.
لكن السؤال الأهم :هل يدرك الطرفان أن الصراع على الشرعية قد يدفع السودان إلى حالة دائمة من الانقسام والتشرذم؟ لقد حذّرتُ شخصيًا من هذه السيناريوهات منذ نوفمبر 2023، عندما أطلقت على هذا المشهد مصطلح "الانفصال الاداري" , حيث رصدتُ بوادره المبكرة و نظَرت إمكانية حدوثه ضمن سياق صراع الشرعية والشرعية المتخيلة.
اليوم، نحن أمام حقبة جديدة من التاريخ السياسي، أفرزتها الحرب، وأعادت رسم معادلات السلطة والنفوذ، لتجعل من إعادة توحيد السودان سياسيًا وإداريًا تحديًا أكبر مما كان متوقعًا.
dr_benomer@yahoo.com