تشتعل المعارك على مشارف مدينة حلب بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام والمليشيات الإيرانية الداعمة له في أكبر تحرك عسكري يشهد شمال غربي سوريا منذ سنوات، وذلك على وقع ضبابية في مواقف الدول الفاعلة بالملف السوري مثل تركيا وروسيا.

ففي حين تعد تركيا داعما رئيسيا لفصائل المعارضة في شمال غربي سوريا وضابطا لسلوك هذه الفصائل بموجب تفاهمات "أستانا"، تعتبر روسيا التي تدخلت بالملف السوري عسكريا عام 2015 حليفا لنظام بشار الأسد.



ولليوم الثاني على التوالي، تواصل "إدارة العمليات العسكرية" التي تضم فصائل معارضة أهمها "هيئة تحرير الشام"، خوض معارك ضارية مع قوات النظام السوري على محوري ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي.

وتحقق هذه الفصائل تقدما كبيرا على محاور القتال حيث سقطت عشرات القرى والوحدات العسكرية تحت أيديها بعد انسحاب قوات النظام والمليشيات الإيرانية.

وأشارت تقارير محلية إلى قطع فصائل المعارضة الطريق الدولي بين دمشق وحلب المعروف باسم "M5" بعد سيطرتها على قرية  الزربة وكتلة الشؤون الإدارية وعقدة عالم السحر في ريف حلب.


كما أظهرت لقطات مصورة وصول مقاتلي المعارضة إلى ما يقرب من 1 كيلو متر فقط عن مدينة حلب بعد بسط سيطرتهم على بلدة خان العسل في الريف الغربي لثاني أكبر مدينة في سوريا.

وتجري هذا المعارك في مناطق "خفض التصعيد" التي اتفقت كل من روسيا وتركيا على الإبقاء عليها في اتفاقية جرى توقيعها بين الجانبين عام 2019، ونصت على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 - 20 كيلومترا داخل منطقة خفض التصعيد، لكن الخروقات من قبل النظام السوري تسببت في تقويض جوانب من الاتفاق.

وبالرغم من هذه التطورات التي تعيد تشكيل خريطة المشهد السوري لأول مرة منذ سنوات من الجمود الذي طرأ على القضية السورية بسبب التوافقات الدولية، إلا أن موقف كل من تركيا وروسيا الذي وصف بـ"البارد" يثير العديد من التساؤلات حول أسباب التزام الدولتين الفاعلتين الصمت إزاء هذه التطورات.

ولا يمكن فصل هذه الأحداث عن التطورات التي شهدتها سوريا خلال الأشهر الأخيرة، حيث دأبت تركيا مؤخرا على توجيه رسائل إلى الأسد من أجل تطبيع العلاقات إلا أن المسار تعثر على وقع تعنت النظام بضرورة سحب القوات التركية في المقام الأول من شمال البلاد.

وأثار موقف النظام المتعنت استياء تركيا، التي أشارت على لسان وزير خارجيتها هاكان فيدان قبل أيام إلى عدم اضطلاع روسيا بالدور المطلوب لجلب الأسد إلى طاولة المفاوضات.

وقال فيدان في تصريحات صحفية إن "هذا الملف القضية ليست على جدول الأعمال الروسي"، معللا عدم اهتمام روسيا بدعم مسار التطبيع بين بلاده والنظام السوري بهدوء جبهات التماس بين الأخير والمعارضة، قائلا: "يوجد بالفعل وقف لإطلاق النار في المنطقة ولم يظهر أي تهديد خطير".

"مصلحة تركية"
نقل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني عن مصدر تركي وصفه بـ"رفيع المستوى" قوله إن "تركيا حاولت منع الهجوم لتجنب تصعيد التوترات في المنطقة بشكل أكبر، خاصة في ظل الحروب التي تخوضها إسرائيل في غزة ولبنان".

وأضاف أن "ما كان مخططا له في البداية كعملية محدودة توسع عندما بدأت قوات النظام (السوري) بالفرار من مواقعها"، مشيرا إلى أن العملية تهدف إلى استعادة حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب، التي تم الاتفاق عليها في الأصل عام 2019 بين روسيا وتركيا وإيران.


وفي السياق ذاته، قال مصدر أمني تركي لوكالة رويترز، إن "جماعات معارضة في شمال سوريا شنت عملية محدودة في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسعت عمليتها بعد أن تخلت القوات الحكومية عن مواقعها".

وأضافت المصدر التركي، أن "تحركات المعارضة ظلت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019".

وتشير التصريحات المشار إليها إلى اطلاع تركي على خطط المعارضة السورية لشن هجوم ترددت أصداؤه محليا خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أن التطورات الميدانية بدأت في إلقاء ظلالها على مسار العملية.

ويرى الباحث التركي علي أسمر أن تركيا تراقب عن كثب تطورات المعارك بين المعارضة السورية وقوات النظام شمال غربي سوريا، حيث يعكس موقفها حالة من الحذر والترقب تجاه التصعيد الحالي.

ويوضح أسمر في حديثه لـ"عربي21" أن أنقرة ترى في هذه العملية هجوما محدودا في إطار مناطق خفض التصعيد، لكن المعارضة توسعت بعدما انسحبت قوات النظام من مواقعها، مشيرا إلى أن "بعض المصادر الأمنية التركية عبرت عن أن العملية بدأت كتحرك محدود، لكن المعارضة استغلت تراجع قوات النظام لتوسيع نطاق عملياتها".

ومع ذلك، تركيا جاهزة لأي سيناريو ميداني محتمل على وقع تواصل المعارك بين الجانبين، بحسب أسمر الذي أوضح أن التصريحات التركية حذرة في هذه المرحلة، لكنها قد تتصاعد مع تطورات الوضع الميداني على الأرض.

وبحسب الباحث التركي، فإن "هذا الهجوم يعكس ثلاثة عوامل رئيسية؛ الأول هو جمود المسار السياسي بين أنقرة ودمشق، وخاصة مسار التطبيع. الثاني هو التصعيد الكبير من قبل قوات النظام وحلفائه في مناطق المعارضة. أما الثالث فهو فشل قمة أستانا الأخيرة التي عُقدت قبل أيام".
من جانبه، يرى الباحث في مركز أبعاد للدراسات فراس فحام أن تركيا لديها مصلحة واضحة في تقويض النفوذ الإيراني في شمال غربي سوريا.

ويقول في حديثه لـ"عربي21"، إن "هذا النفوذ يشكل تهديدا مباشرا لتركيا، إذ يوفر دعما لعناصر حزب العمال الكردستاني (قسد) التي تنشط في المنطقة الممتدة من باشمرا وتل رفعت والشيخ عيسى ومرعناز".

"هذه العناصر كانت ولا تزال تشكل خطرا على القواعد العسكرية التركية المنتشرة في شمالي حلب، إضافة إلى قصفها للمدنيين في مدن مثل أعزاز والباب ومناطق أخرى من ريف حلب"، يقول فحام.

وتعد المليشيات الموالية لإيران داعما رئيسيا لنظام بشار الأسد، لاسيما في مناطق ريف حلب الجنوبي حيث تشير تقارير محلية إلى وجود تجمعات حاشدة لهذه المليشيات.

وبحسب فحام، فإن "استمرار نشاط الميليشيات الإيرانية في المنطقة قد يؤدي إلى تدخلات غربية وإسرائيلية أوسع نطاقا، ما يهدد الاستقرار النسبي في المنطقة. كما أن هناك محاولات من قسد للترويج لدورها في تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، على أمل كسب موقع استراتيجي في السياسة الأمريكية الجديدة، خصوصا مع التوقعات بأن إدارة ترامب ستركز على تحجيم دور إيران الإقليمي".

الموقف الروسي: رسالة ضغط للنظام السوري
على الجانب الروسي، يبدو أن موسكو تتبنى موقفا مختلفا في التعامل مع التطورات الميدانية، خصوصا بعد غياب دور قوتها الجوية في التصدي لفصائل المعارضة المتقدمة على محاور القتال نحو حلب.

ومنذ تدخلها عام 2015، شكلت القوة الجوية الروسية عاملا مهما في مواجهة فصائل المعارضة السورية عبر القصف الكثيف واستهداف المنشآت المدينة والأحياء السكنية.

ويوضح أن السلوك الروسي قد يكون مرتبطا بالتقارب الإيراني مع النظام السوري خلال الأشهر الأخيرة، مشيرا إلى أن موسكو كانت تسعى إلى إدخال النظام في مسار سياسي برعايتها مع تركيا، لكنها اصطدمت بتعنت النظام واستمراره في تعزيز علاقاته مع إيران.


ويضيف أن "روسيا ترى في تركيا منفذا اقتصاديا يمكن للنظام أن يعتمد عليه بدلا من إيران، لكن زيارات المسؤولين الإيرانيين الأخيرة إلى دمشق، مثل زيارة علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني، أثارت انزعاج موسكو".

"هذه الزيارات أكدت أن النظام السوري يميل إلى تعزيز تحالفه مع إيران بدلا من تبني نصائح موسكو" بشأن التطبيع مع تركيا، وفقا للباحث التركي.

وفي السياق ذاته، يشدد فحام على أن روسيا تحاول تذكير النظام السوري بأهميتها كضامن رئيسي لبقائه، ويقول إن "الزيارة الأخيرة لعلي لاريجاني جاءت بعد نصائح واضحة من بوتين للأسد بضرورة الابتعاد عن إيران، لكن النظام لم يأخذ بهذه النصائح".

ويلفت الباحث إلى أن "روسيا تريد من خلال موقفها تجاه عملية المعارضة أن تؤكد للأسد أن إيران لا تستطيع حمايته كما تفعل موسكو"، مشددا على أن موسكو تظهر أيضا "مرونتها تجاه عدم عرقلة الجهود الإقليمية والدولية لإضعاف حضور إيران في سوريا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية المعارضة النظام سوريا تركيا روسيا سوريا تركيا روسيا المعارضة النظام المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منطقة خفض التصعید المعارضة السوریة شمال غربی سوریا فصائل المعارضة النظام السوری قوات النظام فی المنطقة فی شمال ریف حلب إلى أن

إقرأ أيضاً:

ملامح شراكة إستراتيجية بين سوريا وتركيا

جاءت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أنقرة في الرابع من فبراير/شباط الجاري واجتماعه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  في سياق محلي وإقليمي حساس جدا، فهذه الزيارة الأولى التي يقوم بها الشرع لدولة غير عربية، وتكتسب الزيارة أهميتها من حجم الملفات التي تهم البلدين وعلى رأسها التعاون العسكري والاقتصادي.

وتشمل هذه الملفات العقوبات المفروضة على سوريا، وإعادة الإعمار، وملف اللاجئين السوريين في تركيا، والتحديات الأمنية المتعلقة بسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على مناطق شمالي شرقي سوريا بدعم أميركي، ونشاط تنظيم الدولة الإسلامية في البادية السورية، ومحاولة التنظيم إعادة ترتيب هياكله التنظيمية بعد سقوط نظام بشار الأسد.

يناقش هذا التقرير أهمية الملفات التي تجمع بين البلدين وانعكاس الشراكة على أوضاعهما الداخلية وعلاقتهما مع المحيط الإقليمي في مرحلة تتم فيها إعادة ترتيب المحاور الإقليمية بعد الانكفاء الإيراني عن سوريا ولبنان، ومسارعة الكثير من الدول الإقليمية لشغل الفراغ الإستراتيجي في سوريا.

من المتوقع أن يشكل الطريق الدولي الواصل بين سوريا وتركيا معبرا جديدا للتجارة بين الدول الخليجية وتركيا (شترستوك) أولويات الشراكة

تضع القيادتان السورية والتركية في حسابهما ترتيبا دقيقا لخطوات محسوبة ومنسقة تجاه بناء الشراكة بينهما، فهناك العقبات القانونية المتمثلة في العقوبات الدولية والأميركية التي بقيت من تركة نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، والتحديات الأمنية المتمثلة ببقاء منطقة شمالي شرقي سوريا خارج سيطرة دمشق.

ومن الأولويات أيضا العمل على مسار رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا من خلال استثمار العلاقات الجيدة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره التركي، ودور تركيا الدولي والإقليمي في حشد مواقف الدول في الأمم المتحدة للتصويت على رفع العقوبات، وهذه العقبة إن تم تجاوزها سيشرع البلدان في بحث قضية إعادة الإعمار التي سيكون لتركيا دور رئيسي فيها.

وكذلك يأتي توحيد الجغرافيا السورية على رأس التحديات الأمنية المتمثلة في مشروع قوات "قسد"، ويبدو أن دمشق وأنقرة تتبادلان الأدوار في معالجة الملف، فبينما ترفع أنقرة العصا الغليظة وتهدد بعمل عسكري ضد قسد، ترفع دمشق الجزرة وتعرض خارطة طريق سياسية لحل ملف شرق الفرات سلميا من خلال المفاوضات، وإقناع الولايات المتحدة برفع الغطاء عن قسد.

إعلان

يبدو أننا هنا أمام حل مركب يمزج بين الضغط السياسي والعسكري مع إعطاء قسد قاربا للنجاة ينهي هذا الملف الذي تحاول إسرائيل وإيران الاستثمار فيه للتأثير في المعادلة الداخلية السورية، لكن مع تعثر المفاوضات بين دمشق وقسد فإن اللجوء إلى الخيار العسكري لحسم الملف بات هو الأقرب لخيارات دمشق وأنقرة.

يشكل الدعم الذي قدمته تركيا لفصائل المعارضة أساسا لتعاون عسكري أوسع في العهد الجديد (الفرنسية) التعاون العسكري والأمني

لدى تركيا 129 نقطة عسكرية وأمنية داخل سوريا، وبدأت بالانتشار في عام 2016 مع إطلاق عملية درع الفرات ضد تنظيم الدولة، تنتشر هذه القواعد على امتداد مناطق الشمال والشمال الغربي لسوريا، وفي مدينة تل أبيض ورأس العين.

حاولت تركيا سابقا تشريع وجودها العسكري من خلال مساعي التطبيع مع النظام السوري، وتعديل اتفاقية أضنة بحيث يتجاوز الوجود العسكري حدود 5 كلم إلى 30 كلم داخل الأراضي السورية، والآن أصبحت الفرصة مواتية لدمشق وأنقرة كي تبحثا التعاون العسكري برؤية أكثر شمولية.

بحسب ما نقلت وكالة بلومبيرغ عن مصادر تركية، تسعى أنقرة مرة أخرى إلى تثبيت وجودها العسكري في سوريا من خلال السعي لإبرام اتفاقية للدفاع المشترك، يفضي لإعادة الانتشار العسكري التركي في سوريا بناء على التحديات الأمنية التي تهدد البلدين، والتي تتضمن نشاط تنظيم الدولة وفلول النظام السوري التي تحاول زعزعة الاستقرار في سوريا.

وأفادت وكالة رويترز في تقرير لها سبق زيارة الشرع إلى تركيا بأنه من المخطط أن يناقش مع الجانب التركي إنشاء قواعد دفاع جوي وسط البلاد لحماية الأجواء السورية من أي نشاط معاد يمكن أن يستهدف سيادة البلاد، وذكر وزير الدفاع التركي يشار غولر في وقت لاحق بعد الزيارة أن وزارته أعدّت خططا في هذا الصدد، لكنه نفى حصول اتفاق وقال إنه من المبكر الحديث عن ذلك.

إعلان تحالف إقليمي

ومع أهمية الدور التركي في مواجهة تنظيم الدولة، يبدو أن أنقرة راغبة في تشكيل تحالف إقليمي يضم كلاً من الأردن والعراق وسوريا وتركيا لمواجهة التنظيم، وعدم حصر ورقة مكافحة الإرهاب بيد قسد والولايات المتحدة التي تتخذها ذريعة لاستمرار تقديم الدعم والحماية لها.

وفي السياق كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن مبادرات إقليمية ستطلقها بلاده لمكافحة تنظيم الدولة، "واتخاذ خطوات تهدف إلى إنشاء آلية مشتركة بين تركيا والعراق وسوريا والأردن"، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأناضول.

وفي ظل رغبة دمشق في تنويع مصادر تسليح الجيش السوري وعدم الاكتفاء بالتسليح الروسي، تبدو تركيا المتقدمة في مجال التصنيع العسكري وبوصفها دولة في حلف الناتو وحليفا للثورة السورية، وجهتها المناسبة.

وكشف تقرير لوكالة رويترز أن الاتفاقية الدفاعية قيد النقاش بين الجانبين ستمنح سوريا الدعم التركي إذا تعرضت لتهديد مفاجئ، كما ستشمل تدريب الجيش السوري وتزويده بمعدات عسكرية متطورة.

كما أن العلاقات العسكرية التي نسجتها فصائل المعارضة السورية مع الجيش التركي، وخوض العديد من المعارك معا، وإشراف تركيا على تقديم التدريب لبعض الفصائل، يمكن أن يؤسس لهذا التعاون.

هذا التعاون العسكري محفوف بالكثير من التحديات التي تتمثل في احتمال معارضة الولايات المتحدة، وتحوّل سوريا إلى ساحة تنافس عربي تركي، لكن يمكن في النهاية للوجود التركي والعربي أن يشكل ضمانة لعدم عودة إيران لشغل الفراغ الجيوإستراتيجي في سوريا.

وسيمكن ذلك أنقرة من مساعدة دمشق في بناء مؤسسة أمنية احترافية قادرة على التعاون وتبادل المعلومات الأمنية مع دول المنطقة لمواجهة الأخطار المشتركة، خصوصا مع توجه دمشق لتنويع تحالفاتها الإقليمية واعتبار علاقتها بمحيطها العربي هي نقطة الارتكاز التي تنطلق منها لصياغة علاقاتها الدولية والإقليمية الأخرى.

إعلان

التعاون الاقتصادي

ساهم وجود عدد كبير من اللاجئين السوريين في تركيا، الذين يتجاوز عدد 3 ملايين لاجئ، في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الشعبين السوري والتركي، فقد لعبت العمالة السورية دورا محوريا في الاقتصاد التركي.

فقد دخل كثير من المستثمرين السوريين إلى سوق العمل التركي، كما لعبت المدن الصناعية التي أسستها الحكومة المؤقتة في الشمال السوري بالتعاون مع تركيا دورا مهما في تدوير عجلة الإنتاج في الشمال السوري.

لكن مع سقوط النظام السوري، والبدء بترسيخ الاستقرار الأمني، ورفع العقوبات عن سوريا، يمكن للتعاون الاقتصادي بين دمشق وأنقرة أن يشمل العديد من المجالات التي تفتح مسار التعافي المبكر الذي يدعم إصلاح البنية التحتية وتدوير عجلة الإنتاج ليلبي طلب السوق الداخلية.

كما تسعى تركيا من خلال شركات الإنشاءات المحلية لدخول مسار إعادة الإعمار إذا تم رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.

معبر تجاري

بعد سقوط نظام الأسد وانتهاء النفوذ الإيراني، تستعيد سوريا أهميتها بوصفها معبرا تجاريا يصل بين الخليج العربي وبين تركيا وأوروبا، ويكتسب الطريق الدولي "إم 5" الواصل بين معبر باب السلامة على الحدود التركية السورية ومعبر نصيب على الحدود الأردنية السورية أهمية إستراتيجية ربما تدفع تركيا ودول الخليج العربي للاستثمار بتأهيل الطريق بدلاً من الاعتماد على طريق التنمية العراقي بسبب بعد المسافة، ومن المتوقع أن يسهم الشحن البري عبر سوريا في اختصار المدة وتخفيف تكاليف النقل الجوي والبحري إلى دول الخليج.

ومن المتوقع أن يزداد حجم التبادل التجاري بين البلدين، مع توقعات بزيادة الصادرات التركية إلى سوريا، مع الإشارة إلى حذر دمشق من علاقة تجارية غير عادلة تحول سوريا لمجرد سوق مستهلك للبضائع التركية على حساب نشاط التجارة الداخلية والقطاع الصناعي والزراعي في سوريا.

إعلان

وفي الرؤية الإستراتيجية لمشاريع الطاقة في المنطقة، يشكل خط الغاز القطري التركي الذي يعبر من السعودية والأردن وسوريا أهمية كبيرة على مستوى التعاون بين دمشق وأنقرة، والذي يهدف لربط قطر مباشرة بأسواق الطاقة الأوروبية.

وكان من المقرر أن يمتد إلى الحدود السورية التركية وينضم إلى شبكة أنابيب الغاز المارة في تركيا. ومن تركيا، يتم بعد ذلك ربط خط أنابيب الغاز الطبيعي بخط أنابيب نابوكو.

ويتوقع أن تقوم أنقرة ودمشق بإعادة تفعيل اتفاق الربط الكهربائي بين سوريا وتركيا، لكن هناك الكثير من التحديات التي تحول دون تحقيق ذلك، وأبرزها الدمار الواسع في البنية التحتية للشبكة في سوريا، مما يدفع لتنفيذ مشاريع التعافي المبكر في إصلاح البنية التحتية لشبكات الطاقة والكهرباء.

مقالات مشابهة

  • ملامح شراكة إستراتيجية بين سوريا وتركيا
  • روسيا تتباحث مع تركيا بشأن الأوضاع في سوريا
  • لا أعداء دائمون في السياسة..وزير الدفاع السوري يؤكد الانفتاح على التعاون مع روسيا
  • وزير الدفاع السوري يحدد شرطاً لبقاء قواعد روسيا في بلاده
  • وزير الدفاع السوري: روسيا يمكنها البقاء في سوريا بشرط واحد
  • وزير الدفاع السوري يتحدث عن موقف دمشق إزاء روسيا.. لا أعداء دائمين
  • قيصر يكشف هويته.. أطالب برفع العقوبات التي ساهمت صوري بفرضها
  • تركيا ستطوّر قدرات الجيش السوري الجديد
  • لجنة أممية توثق نهبا "منهجيا" لممتلكات نازحين خلال النزاع السوري  
  • تركيا تكشف أولوياتها في سوريا: استقرار وأمن دون تحديد تفاصيل القواعد العسكرية