أين تقف روسيا وتركيا من التطورات العسكرية بين المعارضة والنظام السوري؟
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
تشتعل المعارك على مشارف مدينة حلب بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام والمليشيات الإيرانية الداعمة له في أكبر تحرك عسكري يشهد شمال غربي سوريا منذ سنوات، وذلك على وقع ضبابية في مواقف الدول الفاعلة بالملف السوري مثل تركيا وروسيا.
ففي حين تعد تركيا داعما رئيسيا لفصائل المعارضة في شمال غربي سوريا وضابطا لسلوك هذه الفصائل بموجب تفاهمات "أستانا"، تعتبر روسيا التي تدخلت بالملف السوري عسكريا عام 2015 حليفا لنظام بشار الأسد.
ولليوم الثاني على التوالي، تواصل "إدارة العمليات العسكرية" التي تضم فصائل معارضة أهمها "هيئة تحرير الشام"، خوض معارك ضارية مع قوات النظام السوري على محوري ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي.
وتحقق هذه الفصائل تقدما كبيرا على محاور القتال حيث سقطت عشرات القرى والوحدات العسكرية تحت أيديها بعد انسحاب قوات النظام والمليشيات الإيرانية.
وأشارت تقارير محلية إلى قطع فصائل المعارضة الطريق الدولي بين دمشق وحلب المعروف باسم "M5" بعد سيطرتها على قرية الزربة وكتلة الشؤون الإدارية وعقدة عالم السحر في ريف حلب.
كما أظهرت لقطات مصورة وصول مقاتلي المعارضة إلى ما يقرب من 1 كيلو متر فقط عن مدينة حلب بعد بسط سيطرتهم على بلدة خان العسل في الريف الغربي لثاني أكبر مدينة في سوريا.
وتجري هذا المعارك في مناطق "خفض التصعيد" التي اتفقت كل من روسيا وتركيا على الإبقاء عليها في اتفاقية جرى توقيعها بين الجانبين عام 2019، ونصت على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 - 20 كيلومترا داخل منطقة خفض التصعيد، لكن الخروقات من قبل النظام السوري تسببت في تقويض جوانب من الاتفاق.
وبالرغم من هذه التطورات التي تعيد تشكيل خريطة المشهد السوري لأول مرة منذ سنوات من الجمود الذي طرأ على القضية السورية بسبب التوافقات الدولية، إلا أن موقف كل من تركيا وروسيا الذي وصف بـ"البارد" يثير العديد من التساؤلات حول أسباب التزام الدولتين الفاعلتين الصمت إزاء هذه التطورات.
ولا يمكن فصل هذه الأحداث عن التطورات التي شهدتها سوريا خلال الأشهر الأخيرة، حيث دأبت تركيا مؤخرا على توجيه رسائل إلى الأسد من أجل تطبيع العلاقات إلا أن المسار تعثر على وقع تعنت النظام بضرورة سحب القوات التركية في المقام الأول من شمال البلاد.
وأثار موقف النظام المتعنت استياء تركيا، التي أشارت على لسان وزير خارجيتها هاكان فيدان قبل أيام إلى عدم اضطلاع روسيا بالدور المطلوب لجلب الأسد إلى طاولة المفاوضات.
وقال فيدان في تصريحات صحفية إن "هذا الملف القضية ليست على جدول الأعمال الروسي"، معللا عدم اهتمام روسيا بدعم مسار التطبيع بين بلاده والنظام السوري بهدوء جبهات التماس بين الأخير والمعارضة، قائلا: "يوجد بالفعل وقف لإطلاق النار في المنطقة ولم يظهر أي تهديد خطير".
"مصلحة تركية"
نقل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني عن مصدر تركي وصفه بـ"رفيع المستوى" قوله إن "تركيا حاولت منع الهجوم لتجنب تصعيد التوترات في المنطقة بشكل أكبر، خاصة في ظل الحروب التي تخوضها إسرائيل في غزة ولبنان".
وأضاف أن "ما كان مخططا له في البداية كعملية محدودة توسع عندما بدأت قوات النظام (السوري) بالفرار من مواقعها"، مشيرا إلى أن العملية تهدف إلى استعادة حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب، التي تم الاتفاق عليها في الأصل عام 2019 بين روسيا وتركيا وإيران.
وفي السياق ذاته، قال مصدر أمني تركي لوكالة رويترز، إن "جماعات معارضة في شمال سوريا شنت عملية محدودة في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسعت عمليتها بعد أن تخلت القوات الحكومية عن مواقعها".
وأضافت المصدر التركي، أن "تحركات المعارضة ظلت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019".
وتشير التصريحات المشار إليها إلى اطلاع تركي على خطط المعارضة السورية لشن هجوم ترددت أصداؤه محليا خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أن التطورات الميدانية بدأت في إلقاء ظلالها على مسار العملية.
ويرى الباحث التركي علي أسمر أن تركيا تراقب عن كثب تطورات المعارك بين المعارضة السورية وقوات النظام شمال غربي سوريا، حيث يعكس موقفها حالة من الحذر والترقب تجاه التصعيد الحالي.
ويوضح أسمر في حديثه لـ"عربي21" أن أنقرة ترى في هذه العملية هجوما محدودا في إطار مناطق خفض التصعيد، لكن المعارضة توسعت بعدما انسحبت قوات النظام من مواقعها، مشيرا إلى أن "بعض المصادر الأمنية التركية عبرت عن أن العملية بدأت كتحرك محدود، لكن المعارضة استغلت تراجع قوات النظام لتوسيع نطاق عملياتها".
ومع ذلك، تركيا جاهزة لأي سيناريو ميداني محتمل على وقع تواصل المعارك بين الجانبين، بحسب أسمر الذي أوضح أن التصريحات التركية حذرة في هذه المرحلة، لكنها قد تتصاعد مع تطورات الوضع الميداني على الأرض.
وبحسب الباحث التركي، فإن "هذا الهجوم يعكس ثلاثة عوامل رئيسية؛ الأول هو جمود المسار السياسي بين أنقرة ودمشق، وخاصة مسار التطبيع. الثاني هو التصعيد الكبير من قبل قوات النظام وحلفائه في مناطق المعارضة. أما الثالث فهو فشل قمة أستانا الأخيرة التي عُقدت قبل أيام".
من جانبه، يرى الباحث في مركز أبعاد للدراسات فراس فحام أن تركيا لديها مصلحة واضحة في تقويض النفوذ الإيراني في شمال غربي سوريا.
ويقول في حديثه لـ"عربي21"، إن "هذا النفوذ يشكل تهديدا مباشرا لتركيا، إذ يوفر دعما لعناصر حزب العمال الكردستاني (قسد) التي تنشط في المنطقة الممتدة من باشمرا وتل رفعت والشيخ عيسى ومرعناز".
"هذه العناصر كانت ولا تزال تشكل خطرا على القواعد العسكرية التركية المنتشرة في شمالي حلب، إضافة إلى قصفها للمدنيين في مدن مثل أعزاز والباب ومناطق أخرى من ريف حلب"، يقول فحام.
وتعد المليشيات الموالية لإيران داعما رئيسيا لنظام بشار الأسد، لاسيما في مناطق ريف حلب الجنوبي حيث تشير تقارير محلية إلى وجود تجمعات حاشدة لهذه المليشيات.
وبحسب فحام، فإن "استمرار نشاط الميليشيات الإيرانية في المنطقة قد يؤدي إلى تدخلات غربية وإسرائيلية أوسع نطاقا، ما يهدد الاستقرار النسبي في المنطقة. كما أن هناك محاولات من قسد للترويج لدورها في تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، على أمل كسب موقع استراتيجي في السياسة الأمريكية الجديدة، خصوصا مع التوقعات بأن إدارة ترامب ستركز على تحجيم دور إيران الإقليمي".
الموقف الروسي: رسالة ضغط للنظام السوري
على الجانب الروسي، يبدو أن موسكو تتبنى موقفا مختلفا في التعامل مع التطورات الميدانية، خصوصا بعد غياب دور قوتها الجوية في التصدي لفصائل المعارضة المتقدمة على محاور القتال نحو حلب.
ومنذ تدخلها عام 2015، شكلت القوة الجوية الروسية عاملا مهما في مواجهة فصائل المعارضة السورية عبر القصف الكثيف واستهداف المنشآت المدينة والأحياء السكنية.
ويوضح أن السلوك الروسي قد يكون مرتبطا بالتقارب الإيراني مع النظام السوري خلال الأشهر الأخيرة، مشيرا إلى أن موسكو كانت تسعى إلى إدخال النظام في مسار سياسي برعايتها مع تركيا، لكنها اصطدمت بتعنت النظام واستمراره في تعزيز علاقاته مع إيران.
ويضيف أن "روسيا ترى في تركيا منفذا اقتصاديا يمكن للنظام أن يعتمد عليه بدلا من إيران، لكن زيارات المسؤولين الإيرانيين الأخيرة إلى دمشق، مثل زيارة علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني، أثارت انزعاج موسكو".
"هذه الزيارات أكدت أن النظام السوري يميل إلى تعزيز تحالفه مع إيران بدلا من تبني نصائح موسكو" بشأن التطبيع مع تركيا، وفقا للباحث التركي.
وفي السياق ذاته، يشدد فحام على أن روسيا تحاول تذكير النظام السوري بأهميتها كضامن رئيسي لبقائه، ويقول إن "الزيارة الأخيرة لعلي لاريجاني جاءت بعد نصائح واضحة من بوتين للأسد بضرورة الابتعاد عن إيران، لكن النظام لم يأخذ بهذه النصائح".
ويلفت الباحث إلى أن "روسيا تريد من خلال موقفها تجاه عملية المعارضة أن تؤكد للأسد أن إيران لا تستطيع حمايته كما تفعل موسكو"، مشددا على أن موسكو تظهر أيضا "مرونتها تجاه عدم عرقلة الجهود الإقليمية والدولية لإضعاف حضور إيران في سوريا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية المعارضة النظام سوريا تركيا روسيا سوريا تركيا روسيا المعارضة النظام المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منطقة خفض التصعید المعارضة السوریة شمال غربی سوریا فصائل المعارضة النظام السوری قوات النظام فی المنطقة فی شمال ریف حلب إلى أن
إقرأ أيضاً:
الرئيس التركي يلتقي نظيره السوري في أنطاليا غربي تركيا.. هذه محاور اللقاء
التقى الرئيس السوري أحمد الشرع مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش أعمال في منتدى أنطاليا الدبلوماسي المنعقد تحت شعار "التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم".
وأفادت وزارة الخارجية السورية، الجمعة، بعقد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني لقاء مع الرئيس التركي ووزير خارجيته هاكان فيدان، مشيرة إلى أنه تم التأكيد خلال اللقاء على الدعم التركي للشعب السوري في إعادة الإعمار، ورفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.
كما تناول اللقاء بين الجانبين "تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مختلف القطاعات"، حسب بيان الخارجية السورية عبر منصة "إكس".
رئاسة الجمهورية: رئيس الجمهورية العربية السورية السيد #أحمد_الشرع ومعالي وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني يلتقيان رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب #أردوغان ووزير الخارجية التركية السيد هاكان فيدان، على هامش #منتدى_أنطاليا_الدبلوماسي في نسخته الرابعة.#سانا pic.twitter.com/oX6s5QLi1K — الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@SanaAjel) April 11, 2025
في المقابل، أشارت دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية إلى أن أردوغان أكد خلال لقائه الشرع على ترحيب بلاده "بعدم منح الفرصة لمن يريدون عودة الفوضى في سوريا"، لافتا إلى أن "السنوات المقبلة ستكون سنوات الاستقرار والازدهار والسلام في سوريا".
وشدد أردوغان على أن تركيا "ستواصل تقديم الدعم لسوريا لاستعادة الاستقرار"، مؤكدا ضرورة تكثيف الجهود لإحياء التعاون التجاري والاقتصادي بين مع سوريا.
وكان الشرع وصل إلى تركيا صباح الجمعة مع زوجته لطيفة الدروبي للمشاركة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، في ثاني زيارة يجريها الرئيس السوري إلى تركيا منذ شباط /فبراير الماضي.
وفي السياق، استضافة أمينة أردوغان، عقيلة الرئيس التركي، لطيفة أردوغان، زوجة الرئيس السوري، في مركز نيست للمؤتمرات والمعارض على هامش منتدى أنطاليا الذي يستمر 3 أيام.
وقال أمينة أردوغان في تدوينة عبر منصة "إكس"، "سعدت كثيرا بلقاء السيدة الفاضلة لطيفة الدروبي زوجة رئيس الجمهورية العربية السورية التي زارت بلادنا في إطار منتدى أنطاليا الدبلوماسي الرابع".
Dördüncü Antalya Diplomasi Forumu kapsamında ülkemizi ziyaret eden Suriye Arap Cumhuriyeti Cumhurbaşkanı’nın değerli eşi Latife El Durubi Hanımefendi ile bir araya gelmekten büyük bir memnuniyet duydum.
Görüşmemizde, Suriye’de kadınların ve çocukların yaşamına dokunacak ortak… pic.twitter.com/dcPzwxu2rt — Emine Erdoğan (@EmineErdogan) April 11, 2025
وأضافت "خلال اجتماعنا، ناقشنا المشاريع المشتركة التي من شأنها أن تؤثر على حياة النساء والأطفال في سوريا"، لافتة إلى أنهما تطرقتا إلى "أهمية الجسور التي ستبنيها النساء من خلال الحوار والتضامن في عملية إعادة الإعمار".
الجمعة، انطلقت أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي الذي يعقد في مركز "نيست" للمؤتمرات بولاية أنطاليا جنوبي تركيا، بنسخته الرابعة، تحت رعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويستضيف المنتدى أكثر من 4 آلاف مشارك، بينهم أكثر من 20 رئيس دولة وحكومة، وما يزيد على 70 وزيرا بينهم أكثر من 50 وزير خارجية، إلى جانب نحو 60 ممثلا رفيع المستوى عن مؤسسات دولية، حسب وكالة الأناضول.
ومن المقرر أن تتناول فعاليات المنتدى، التي تستمر 3 أيام، العديد من الموضوعات بما في ذلك تغير المناخ ومكافحة الإرهاب والمساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى الرقمنة والأمن الغذائي والذكاء الاصطناعي.