«أبو صفية».. طبيب رفض التخلي عن المصابين بمخيم جباليا فقتلت قوات الاحتلال نجله وأصابته بـ«مسيّرة»
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
وسط ساحة مستشفى كمال عدوان فى بيت لاهيا، التى تبعد أمتاراً قليلة عن قلب مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، وبردائه الأبيض وسماعته الطبية ويدين مرفوعتين إلى الأعلى فى وضعية الاستسلام، وقف الدكتور حسام أبوصفية، داخل المستشفى الذى يديره، على مقربة من بوابة الدخول الرئيسية وبجواره اثنان من مساعديه بالهيئة ذاتها، ليكون ذلك المشهد رسالة إلى قادة الاحتلال والجنود المدجّجين بالسلاح بأنه لا نزوح أو إخلاء للصرح الطبى الوحيد الذى يعمل فى المنطقة المنكوبة التى تتعرّض لواحدة من أبشع جرائم وعمليات التطهير العرقى فى العصر الحديث.
«أبوصفية»، الذى تعرّض مشفاه لاستهدافات كثيرة سابقة لم يتخلَّ عن الجرحى والمصابين الذين لجأوا إلى المستشفى بعدما باغتتهم طائرات الاحتلال وهم آمنون فى بيوتهم ونالت الصواريخ من أجسادهم وأرواحهم، ولم يرضخ لأوامر القوات المحتلة ولم تُخِفه تهديداتهم، وواصل العمل تحت حصار الدبابات لأسوار المبنى لمدة شهر، بالتزامن مع أصوات القصف التى استهدفت المستشفى، مروراً باقتحامه من قِبل الجنود واعتقال الكوادر الطبية، وصولاً إلى قتل نجله إبراهيم، صباح يوم 26 أكتوبر الماضى، وإرساله إلى والده جثة هامدة، ليستقبلها الطبيب المرابط بصبر واحتساب وإصرار على مواصلة عمله، حتى إن لم يتبقَّ فى المستشفى سواه، ويقول: «عندما أتوقف عن استقبال الجرحى والمرضى، حينها يجب أن تتأكدوا بأننى إما أسير أو شهيد، ما عدا ذلك فأنا هنا مع الناس حتى النهاية».
يقول «أبوصفية»: إن هذه المرة ليست الأولى التى تستهدف فيها آلة القتل الإسرائيلية مستشفى كمال عدوان. ويتابع: «تعرضوا لعشرات الاقتحامات على مدار عام كامل من الحرب، ولكن هذه المرة هى الأقسى والأصعب، لأن الاحتلال يستخدم مؤخراً أسلحة دقيقة جداً، وتقوم بإحداث إصابات بالغة الخطورة، فى ظل نقص حاد وانعدام للمستلزمات الطبية التى لا بد من توافرها فى مثل تلك الحالات».
ولم يكتفِ الاحتلال بقتل نجل الطبيب المغامر، بل ذهب لأبعد من ذلك باستهدافه أثناء عمله، إذ استقرت طلقات إحدى الطائرات المسيرة داخل جسده ليسقط على الأرض غارقاً فى دمائه، قبل أن يسعفه الممرضون ليواصل مداواة الجرحى وهو ممسك بعكازيه بينما يتدلى ماسك الأكسجين على وجهه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مخـيــم جـبـالــيـا
إقرأ أيضاً:
«فتاة وبحيرتان».. رواية تُبحر فى أعماق النفس والقدر
فى عالم الأدب، هناك أعمال تأسر القارئ منذ الصفحة الأولى، تأخذه فى رحلة فريدة داخل عوالم الشخصيات، تضعه أمام مرآة ذاته، وتدفعه للتأمل فى حياته وخياراته..ومن بين هذه الأعمال البارزة تأتى الرواية الجديدة للكاتبة أمانى القصاص، «فتاة وبحيرتان»، التى لا تروى فقط قصة فتاة مصرية سافرت بين البحيرات والشعوب، بل تبحر فى أغوار النفس البشرية، وتكشف عن صراعاتها العميقة التى تحدد مصيرها.
رحلة نداء: من الدلتا إلى جنيف
تدور الرواية حول نداء، الفتاة المصرية التى نشأت فى إحدى القرى الساحلية شمال الدلتا، حيث البحيرات المتصلة بالبحر المتوسط كانت تشكل عالمها الأول، تفوقها الدراسى فتح لها أبواب الإسكندرية، ثم حملها طموحها العلمى إلى جنيف بسويسرا، حيث عاشت وسط أرقى المجتمعات وأكثرها حضارة ورفاهية، ورغم هذا الثراء الثقافى والمادي، ظلت روحها تبحث عن شيء ما، عن اكتمال مفقود لم تحققه المدن الراقية ولا النجاحات الأكاديمية.
قصة حب ليست كأى قصة
تبدأ رحلة نداء نحو السعادة حين تلتقى حسين، الرجل الذى تراه فارس أحلامها، والذى يجعلها تشعر لأول مرة بجمال الحياة. ورغم الفارق الكبير فى السن والثقافة والتجربة الحياتية، وجدت فى حبها له مرسى وأمانًا. لكن سرعان ما تتحطم سفينتها على صخرة الواقع، حينما يتحول الأمان الذى شعرت به معه إلى وهم، ويدخل زواجهما فى منعطف غامض يجعلها تتساءل: هل كانت مخدوعة فى حبها؟ أم أنها كانت تهرب من شيء أعمق بداخلها؟
صراع الذات.. والهروب إلى العلاج
تجد نداء نفسها عالقة فى دوامة من الاكتئاب، تلجأ إلى الطعام العاطفى كمهرب، وتعانى من نوبات هلع تدفعها للانسحاب من حياتها بالكامل، وعندما تقرر أخيرًا البحث عن حل، تتجه إلى طبيبة نفسية لمساعدتها فى فهم ما حدث لها، معتقدة أن مشكلتها الوحيدة تكمن فى زواج خذلها..لكن المفاجأة تأتى حينما تقرر الطبيبة أن تعود بها إلى طفولتها، إلى ذكرياتها الأولى، إلى علاقة والديها بها، إلى الجروح القديمة التى ظلت حية رغم مرور السنين.
رحلة التعافي.. واكتشاف الذات
تدرك نداء، من خلال العلاج، أن المشكلة لم تكن فى زواجها فقط، بل فى ماضيها الذى ظل يطاردها دون أن تدرك. تكتب خطابات لكل من آلمها، تواجه مخاوفها وكوابيسها، وتبدأ فى فهم نفسها من جديد. تدرك أن الألم ليس مجرد حدث يمر، بل هو درس يجب أن يُفهم، وأن السعادة الحقيقية لا تأتى من الخارج، بل من السلام الداخلى والوعى بالذات.
رواية للروح.. وليست فقط للقلب
ما يميز «فتاة وبحيرتان» ليس فقط حبكتها القوية وأسلوبها السلس، بل العمق النفسى الذى تطرحه الكاتبة أمانى القصاص. إنها رواية تمزج بين السرد الروائى والتحليل النفسي، تأخذ القارئ فى رحلة تأملية تجعله يعيد التفكير فى اختياراته وعلاقاته، وتطرح تساؤلات جوهرية حول الحب، القدر، والذات.
إنها ليست مجرد قصة حب، بل حكاية تعافٍ ونضج، حكاية فتاة لم تكن تبحث فقط عن فارس أحلامها، بل عن ذاتها الضائعة بين البحيرات. إنها دعوة لكل قارئ ليغوص فى أعماق نفسه، ويعيد اكتشاف ماضيه، ويفهم كيف تشكلت اختياراته، وكيف يمكنه أن يصنع سلامه الداخلى ليعيش الحياة التى يستحقها.